حزمة ضوء على الحدث الرياضي..غياب التخطيط المُمنهج أبرز مشاكل الكرة فـي العراق

Saturday 15th of January 2022 11:36:59 PM ,
العدد : 5105
الصفحة : رياضة ,

 يُسلّطها / علي المعموري

من الأمور المهمّة التي يجب أن تحضَر في ذهنيّة المسؤول قبل اتخاذ القرار هو التخطيط العلمي المستند الى الواقع بعد تحديد الأهداف ومُراعاة عوامل الخبرة والامكانيّات البشريّة والماديّة، إذ أثبتت التجارب السابقة أن أنسب طريقة لتحقيق الأهداف هي في كيفيّة معرفة الوصول اليها بعيداً عن العواطف ومن دون التعكّز على الماضي وغيره من الأمور التي يعتمد عليها المسؤول وحاشيته قبل الدخول في المنافسات الفعليّة.

فالتخطيط المُمنهج الذي يسبق المشاركة في أيّة فعّاليّة كرويّة أو رياضيّة بشكل عام يحتاج الى القراءات الدقيقة للأهداف، ويستند الى الاحتمالات العلميّة المشخّصة في الواقع.

قراءة مبرّرات الفشل

اعتدنا دائماً على قراءة مبرّرات الفشل ورمي أغلب مسبّباته في خانة الفوضى والارباك، وهي قراءات واقعيّة دقيقة نظراً لغياب المنهجيّة العلميّة عن الذهنيّة المنفّذة لمشاريعنا الكرويّة، ونظراً للاعتماد على الماضي والدفع بالعواطف والأماني كعناوين للمساعدة في الوصول الى الأهداف الكبرى، وهكذا وبسبب تلك المعضلة التي استوطنت في العقول الإداريّة المحليّة اعتدنا على الفشل مثلما اعتدنا سماع ذات المبرّرات التي تساق في كل مرّة تخفق فيها منظومتنا الكروية ليزداد التراجع وندخل في نفق النتائج السلبيّة، ونواجه مزاجيّة التحليل والتشخيص الذي كثيراً ما يتجاهل الأسباب الفعليّة، نظراً لانشغال الجميع بالنتائج فقط، وهذه أهم مشكلات العقل الإداري في بلدنا، وربّما في البلدان القريبة منّا أيضاً.

ولكي نقرّب الصورة أكثر، نأخذ أقرب نموذج ممّا تم تشخيصه، هو المشاركة في تصفيات مونديال 2022 بينما يُخطّط العالم المتقدّم للوصول الى النهائيّات بطريقة علميّة ممنهجة تراعي جميع عناصر التفوّق وتستحضر أسس النجاح لإعداد منتخباتها بطريقة مثاليّة، لازلنا نحن وقبل 4 جولات من النهائي تائهين غير مستقرّين نجرّب العنصر تلو الآخر، ثم نحلم بالوصول الى النهاية التي تسعدنا من دون أن نجهد النفس في البحث عن عوامل تحقيق النجاح فتغرق كما في كلّ المرّات سفينة أحلامنا قرب شواطئ اليقظة لنعود نبحث عن مُذنب يحمِل جُرمنا!

التمسّك بشرف المحاولة

يعتقد البعض أن واقعنا الكروي بإطاره الحالي هو أقصى حدّ مُمكن الوصول اليه، عازياً ذلك الى الظروف العامّة ونقص الموارد وقلّة المواهب أو خلل في استثمارها - إن وجدت - وهذا كلام واقعي الى حدّ ما، لكنّه لا يعني الركون الى الفشل، وتجميد المحاولة، فجُزء مهمّ من أجزاء التخطيط العلمي هو المحاولة وعدم اليأس والاقتناع بالقدر لأن قدرات الانسان مفتوحة وبحاجة الى التوجيه ليُزيد فعّالياتها.

على الرغم من وجود إمكانية للتأهّل الى نهائيات كأس العالم على الأقل في أحلامنا وعلى أوراق الطاولة إلا أن الواقعيّة التي ننظّر بها الى هذا الهدف لا تدعم الفرصة نظراً للكثير من الأسباب التي شخّصت سابقاً أو تلك التي ظهرت حالياً أو قد تظهر مستقبلاً، ولكن ماذا نفعل؟ هل نسلّم الأمر الى القدر وننتظر فرصة أخرى قد لا تختلف عن سابقتها؟ أبداً لابدّ من التمسّك بشرف المحاولة وتوسيع النظر الى مستقبل أوسع لأن كرة القدم من الفعّاليات التي استوطنت عقول وقلوب المعمورة وقارّتنا كما القارّات الأخرى مليئة بالفعّاليات الكروية، الأمر الذي يحتمّ علينا أن نستمرّ بالتواجد في الأحداث ونركن الى التخطيط المعتمد على التنبّؤ لأنّنا نمتلك جميع مقوّمات النجاح، فلدينا المواهب ولدينا الموارد ولدينا البُنى التحتية الملائمة، وكلّ ما ينقصنا هو العقل الإداري المُنتج القادر على قراءة الواقع وتشخيص العِلل فيه ومن ثم وضع الحلول لمشاكله.

الحل ضمن إطار الوطن

ومن العِلل الأخرى التي تعاني منها المنظومة الكروية هي أننا نعلم ولا نعمل، ننّتقِد ولا نُعالج الخلل، فمعالجة مشاكل الكرة في العراق يجب أن تتمّ ضمن إطار وطني تحدَّد فيه الأدوار وأعداد المشاركين، فلا يستطيع اتحاد الكرة بكونه المسؤول المباشر عن رسم وتنفيذ المنهاج الكروي لوحده أن يعالج مشاكل متجذّرة إنما يحتاج الى جهد سياسي يقدّم الدعم الخارجي، وجهد حكومي يوفّر السيولة النقديّة اللازمة لتنفيذ المنهج الكروي المطلوب، ثم بقيّة مكوّنات المنظومة الكرويّة الأخرى المُباشرة منها، كاللاعبين والحُكّام والمدرّبين أو الساندة كالإعلام الرياضي والجمهور.

بصريح العبارة : نحن نؤمِن بعمق أن كرتنا قادرة على النهوض وتجاوز كبوتها مع الوقت، مثلما نؤمن بضرورة التواصل مع العالم المتطوّر والاستفادة من الخبرات الأجنبيّة في مجالات التخطيط والتدريب ورسم الستراتيجيّات بعيدة المدى والاهتمام بالكفاءات المحليّة وتنمية قدراتها، كل ما نحتاج اليه هو الإرادة الممزوجة بالصبر.