نافـذة من موسـكو..الشركات الاجنبية في العراق على خلفية تشكيل سلطات تشريعية وتنفيذية جديدة

Sunday 16th of January 2022 11:12:08 PM ,
العدد : 5106
الصفحة : آراء وأفكار , د. فالح الحمراني

 د. فالح الحمـراني

تترك تحركات الكتل البرلمانية في العراق بعد انتخابات 10 تشرين الأول انطباعا لدى المتابع، بان ممتهني السياسة في البلاد، يعيشون في كوكب آخر، وليس على أرض وطن له جغرافية محددة، ومشاكل مملموسة، وسكان لهم خصوصيتهم وتطلعاتهم وحقوقهم المشروعة.

ان التحركات تجري وراء الكواليس، من دون شفافية كافية، وبيانتهم متناقضة ذات صفة انشائية، لا عملية، ولا يعرف الناخب، الذي جاء بهم لعتبة البرلمان إلا القليل عن قرارتهم، وهناك تدور المساومات والمقايضات على كراسي السلطة حتى كما اشير بوساطات اجنبية، وكل يطمح بالحصول على المناصب التي تدر الأموال، وتُرسخ النفوذ، والحصانة القانونية، التي تجنبه التعرض مستقبلا للمسائلة، وبعضهم حتى لتأمين مصالح اجنبية لقاء عمولات ما، ويجري توزيع رئاسات السلطات التشريعية والتنفيذية للعراق على أساس المحاصصة الذي يقول منتقدو هذا النموذج، الذي روجت له الولايات المتحدة بعد إحتلالها للبلاد، بأنه عزز الانقسامات العرقية والدينية في جميع أنحاء العراق، وأدى إلى مستويات واسعة النطاق من الفساد في جميع أنحاء اجهز الدولة. علما ان القوى التي تطالب بتصفية الوجود الأمريكي تماما، تصر اليوم بشدة القوى على تسيير العملية السياسية وفق النموذج الأمريكي المقيت هذا!.

ويلوح للمتابع ان هؤلاء الساسة غير معنيين بأن الوضع الأقليمي المتأزم، والمواجهات الخطرة بين روسيا والغرب، التي تضع احدى خيارتها العالم أمام حرب ساخنة أم غير ساخنة، لا بد أن تكون لها انعكاسات مهلكة على الجميع، ولم نسمع عن الاستعدادات لمواجهة التطورات الماساوية المحتملة، التي تستدعي وحدة وطنية فعلية، لرجال دولة شرفاء يهمهم مصير البلاد، وأصحاب برامج واضحة ومفهومة لإنعاش الاقتصاد وترتيب البيت العراقي ككل، وليس فقط لبيت طائفة، يدعون ظلما! انهم يمثلونها، ولا برامج تؤمن الحياة الكريمة للمواطن وأمنه وسيادة البلاد المنتهكة، وتعزيز اركان الدولة، وتصفية بدائلها متعددة الاشكال. وعلى خلفية ذلك تجري عمليات اقتصادية في البلاد، ربما تشكل نقطة انطلاق نحو الأتجاه الصحيح، بيد انها بحاجة الى قاعدة سياسية داعمة لها، لدفعها لتصب في مصلحة البلاد. وليس من الواضح هل إن هذه التطورات الاقتصادية، تتم ضمن اطاراستراتيجي هادف، ام انها تجري بشكل عشوائي، بما يلائم مصالح جماعات داخلية، وقوى خارجية؟ وهل الذين يمتهنون السياسة على دراية بها، ام انهم غير معنيون بها؟.

والحدث الأكبر في هذا السياق كان الأسبوع الماضي الممثل بحذف العراق من القائمة الأوروبية للدول التي يتم من خلالها غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، مما قد يساعد على تعزيز الاستثمار الأجنبي في البلاد. وأجرى سفير الاتحاد الأوروبي في العراق فيل وارجولا محادثات مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في 8 كانون الثاني وأبلغه بـ “بشرى سارة”، قائلا إن هذه الخطوة “ستمهد الطريق لتعميق التعاون المالي والاستثماري”. ولم يوضح الدبلوماسي الأوروبي الأسباب التي دعت للتغيير، لكن معايير تصنيف دولة ما على أنها ذات سلطة قضائية ذات مخاطر عالية تشمل عدم منع غسل الأموال من التجريم، وفشل البنوك في الإبلاغ عن المعاملات المشبوهة والفشل في إنفاذ العقوبات المستهدفة.. ورحب السيد الكاظمي بالقرار، مغردا على تويتر أنها “خطوة مهمة لضمان فعالية الدبلوماسية العراقية لخدمة مصالح البلاد. وتتواصل الجهود الحكومية والدبلوماسية على مختلف المستويات لخدمة مصالحنا الوطنية وتحقيق مكانة العراق التي يستحقها “. وادرج العراق إلى القائمة السوداء منذ ست سنوات، ومنذ ذلك الحين دعا المسؤولون في بغداد الاتحاد الأوروبي إلى التراجع عن القرار. وفي عام 2019، ووصف الاتحاد الأوروبي قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في العراق بأنها تنطوي على “نقاط ضعف إستراتيجية”. وقالت وزارة الخارجية العراقية إن قرار الاتحاد الأوروبي سيمهد الطريق لـ “شراكات اقتصادية تحرك عجلة إعادة الإعمار وتجلب الاستثمار”. يمثل خروج العراق من قائمة الدول ذات المخاطر العالية نجاحًا مهمًا للدبلوماسية العراقية، وخاصة للمؤسسات الدولية التي تشعر بالقلق من مدى مراعاة العراق لمعايير القانون الدولي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف إن الإرهاب وتمويل الإرهاب قضية دولية، وبالنسبة للعراق فإن الوفاء الناجح بمعايير هذا الحكم يعكس ثقة المجتمع الدولي في الحكومة العراقية. وقال مسؤولون في إقليم كردستان العراق: إن الخطوة ستساعد في إقامة من التعاون الاقتصادي بين العراق وبقية العالم. “في السنوات الأخيرة، تعاونت حكومة إقليم كردستان والحكومة الفيدرالية في بغداد مع شركائنا في المجتمع الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب والشبكات الإجرامية، بما في ذلك مزادات العملة غير القانونية وشركات خدمات الأموال غير الرسمية. وقال رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني في بيان إن النجاح الذي حققناه جنبًا إلى جنب مع مساهمة أوروبا يجب أن يحفز التعاون لضمان مستقبل اقتصادي مشرق لأجيالنا.

في غضون ذلك، ثمة احتمال ان فرنسا وقفت وراء التغيير في موقف بروكسل فيما يتعلق بالمطالب على بغداد. لقد اجتذبت بغداد سلسلة من الاستثمارات الأجنبية في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك في ايلول 2021 عندما وقعت أربعة عقود بقيمة 27 مليار دولار مع شركة توتال الفرنسية متعددة الجنسيات لتنفيذ مشاريع في مجالات النفط والغاز الطبيعي والطاقة الشمسية والمياه في محافظة البصرة الجنوبية. ان شركة النفط الوطنية مدفوعة بتوقيع عقد مع شركة توتال محكوم عليها الآن بأن تكون رائدة في الشراكة مع الشركات الأجنبية ولكنها بحاجة إلى موطئ قدم أقوى في بغداد، الذي وضع على المحك بسبب الخلافات في إدارتها وإطارها القانوني الهش. ليس أقلها في هذا الوضع غير المستقر كانت العقوبات المحتملة من زاوية مزاعم غسل الأموال. وتم رفع الكثير من ضغوط العقوبات على شركة النفط الوطنية العراقية، التي شكلت شراكة رئيسية في تشرين الأول الماضي مع شركة توتال إنرجي للمشاركة في مشروع الشركة الفرنسية في البصرة وشلمبرجير لحفر 96 بئراً في غرب القرنة 1، بالقرب من البصرة. وبالإضافة إلى ذلك، فتح العراق أيضًا حسابا لدى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية المدعوم من الصين وأودع حوالي 100 مليون دولار في الحساب للمدفوعات المستقبلية المحتملة لمشاريع البنية التحتية. في الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أن الصين تتطلع إلى أصول الطاقة العراقية، لكن الإخفاقات السابقة تجبرها على التصرف بحذر. ولتكوين الانطباع الصحيح، تركز بكين على عقود بناء المدارس الجديدة التي يسّرها تشين شيان تشونغ، رجل الأعمال الصيني الذي عاش في العراق لسنوات عديدة. وكانت الصين، أكبر مستورد للنفط العراقي في العالم، منفتحة للغاية بشأن طموحاتها في مجال الطاقة في العراق، خاصة منذ انضمام البلاد إلى مبادرة الحزام والطريق في عام 2019. ومع ذلك، وفي محاولة لتجنب العواقب السلبية المحتملة بسبب الضغط الأمريكي المحتمل على العراق، حولت الصين اهتمامها الآن إلى البنية التحتية التعليمية. وفي أواخر العام الماضي، حصلت Sinotec و PowerChina على عقود لبناء 1000 مدرسة في العراق في صفقة تندرج ضمن اتفاقية النفط مقابل البناء الموقعة في عام 2019. ويمكن منح عقد لبناء 7000 مبنى مدرسي آخر إلى الصين بموجب اتفاقيات 2019 PowerChina، وحصلت شركة للبنية التحتية للنفط والغاز والكهرباء التي تبني حالياً محطة للطاقة في الرميلة، جنوب العراق، على عقد لبناء 679 مدرسة في جميع أنحاء البلاد. الشركة، وهي المقاول الرئيسي لصفقة المدرسة، تعرف المنطقة جيدًا ولديها مكتب في دبي حيث يشرف الرئيس التنفيذي الإماراتي طارق البهندي على العقود العراقية.