هل هناك أمل؟ (3-3)

Sunday 16th of January 2022 11:14:26 PM ,
العدد : 5106
الصفحة : آراء وأفكار ,

 فوزي عبد الرحيم

لقد بينت في الجزء الأول المقدمات والظروف التي أدت للوضع الحالي ألذي قمت بتوصيفه سياسيا في الجزء الثاني وفي هذا الجزء سأحاول إستكشاف إمكانيات التغيير للوضع والواقع الحالي والأساليب والادوات الواجب إتباعها لذلك..

في الوقت ألذي يعاني المجتمع من قطع مع تاريخه النضالي بكل ماتعنيه من ممارسات وتقاليد وقيم واساليب عمل،فإن عدد من الأحداث خلال السنين الماضية أثبتت إن ذلك الميراث الوطني لم ينتهي وإن إستعادته ممكنة فبعد عقود من حكم نادر في قسوته وتعارضه من كل القيم الإنسانية وقضائه على كل مظاهر المعارضة وتقاليد الحياة السياسية العريقة والأفكار الإنسانية،وبعد حرب طائفية هتكت النسيج الوطني العراقي وغيبت الوطنية العراقية أعاد لنا الشباب العراقي اليافع الوطنية العراقية ورتق جزءا كبيرا من نسيج المجتمع ويحاول الآن وصل ما إنقطع مع ميراث الماضي النضالي عبر بعض الممارسات واهمها عودة تقاليد العمل الجماعي متمثلة بمحاولات لتشكيل تنظيمات تأخذ على عاتقها قيادة النضال الوطني في إتجاهاته الصحيحة في قطيعة مع ميراث القمع والعنصرية والطائفية،ورغم أن تقدما حقيقيا على الارض لم يحصل بعد بل أن مؤشرات قوية تفيد بتراجع الأمور ومصادرة إنتفاضة تشرين والإلتفاف على الوعي النسبي المتحقق بعد تجربة عقدين من حكم الإسلام السياسي وتهافت إدعاءاته ومبرراته للحكم لكن الحقيقة أن النظام السياسي وقوى الإسلام السياسي المؤسسة لها في ممارساتها وفضائحها المرئية والمسموعة لا تعكس القوة ولا حتى الاستهتار بالشعب بقدر ماتعكس العجز ونفاذ الذخيرة الفكرية والقدرة على التكيف وإجتراح الحلول وإنتهاء حقبة الإسلام السياسي نظريا رغم أنها ستبقى لبعض الوقت لإعتبارات لا علاقة لها بأسباب موضوعية سياسية وفكرية تبرر دوره في حياة هذا الشعب..

إن العراق دولة مهمة وفيها شعب رغم أنه يمر بظروف بالغة الصعوبة ورغم التشكيك المستمر بمنطقية وجود هذه الدولة وحقيقة وجود شعبها فإن العراقيين يستعيدون وإن ببطء وصعوبة بالغة هويتهم الوطنية ويدافعون عن كيان دولتهم ضد محاولات التذويب الخارجية والداخلية وسوف تعزز أهمية العراق الجيو سياسية وقدراته وتاريخه الحديث وارثه الحضاري تمسك العراقيين بكيانهم..

أمام العراقيين فرصة جديدة لحياة كريمة في ظل حكم يعبر عن حقائق الحياة العراقية التي لم تحترم يوما واهمها تنوعه الثري،فرصة يوفرها الفشل المدوي للإسلام السياسي وقبله لكل أشكال الحكم الأحادي، التي تفسح الطريق لعقليات وأفكار واساليب للحكم عصرية تناسب بلدا كالعراق وعصرا كالذي نعيش فيه..إن الظروف مهيئة جدا للتغيير،ليس آنيا لكن البيئة السياسية والإجتماعية تتغير بإتجاه إيجابي ففشل المشاريع القومية والدينية وإيصالها بلدا كبيرا وغنيا ومهما كالعراق إلى الفقر والتفكك يساهم في قفزة في الوعي يجب العمل عليها للوصول لمرحلة من الإستعداد والتنظيم يكون الحديث عن التغيير معها هو في الأساليب وليس في المبدأ..التغيير ممكن واساسه موجود هو صعب نعم،وإن الفرصة المتاحة ليست مطلقة ولا مفتوحة بل هي معرضة للسرقة من الآخرين كما حدث أكثر من مرة في تاريخنا..

إن آفاق التغيير موجودة ومفتوحة ويمكن الحديث مفصلا عنها في مقالة خاصة لكني هنا لا أتحدث عن حتميات وعن تاريخ هذه البلاد وحضاراتها التي تفرض بقاءها،أنا أتحدث عن مقومات مادية وسياسية وبشرية إن جرى التعامل معها بشكل صحيح وعلمي ناضج ستتحقق الأهداف المزمنة التي يأسنا بعد إنتظارها طويلا..

إن وجود تنظيم سياسي يعبر عن مطالب وحاجات الشعب يتعاطى مع الاحداث بإيجابية ومرونة وحكمة وفهم هو حجر الزاوية في مشروع التغيير الإيجابي حيث يقوم هذا التنظيم بتحديد الاهداف والتكتيكات المرحلية والأساليب السياسية والنضالية،ورغم الإيمان أن لكل مرحلة أساليبها النضالية وقياداتها المختلفة لكن إستعادة الميراث الوطني السابق من تنظيم وطرق عمل أمر ضروري لوضع النضال الوطني الراهن في سياقه المنطقي كجزء من عملية طويلة ومصيرية تستهدف إستعادة الوطن والشعب من حكامه ومن الاجانب الطامعين به أو المعادين له..