تصريحات العسكري تثير أزمة سياسية جديدة..طالباني: الصمت على الاستفزازات لم يعد ممكناً

Friday 16th of November 2012 08:00:00 PM ,
العدد : 2651
الصفحة : سياسية ,

عبّر رئيس الجمهورية جلال طالباني عن انزعاجه جرّاء صمت رئيس الوزراء نوري المالكي على إساءات قياديين في ائتلافه للرئيس، محذرا من "أنّ الصمت على ذلك لم يعد ممكناً لأنه يشكل خطرا على العملية السياسية"، بينما انتقدت أطراف في التحالف الوطني ما يجري في الساحة السياسية من سجالات قد تفضي إلى تأزم خطير في أوضاع البلاد.
وفي ردّ على تصريحات للقيادي في ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي النائب سامي العسكري قال فيها إن التحالف الشيعي الكردي "أكذوبة"
 ذكر بيان صدر عن مكتب رئيس الجمهورية إن الرئيس طالباني "يعتبر أن هذه التصريحات ليست مجافية للحقيقة والواقع فحسب، بل إنها تمثل عن قصد أو من دونه مسعى لفك عرى ترابط لعب ويلعب دوراً أساسياً في العملية السياسية الديمقراطية"، مطالباً التحالف الوطني بـ"توضيح موقفه من مثل هذه التصريحات الخطيرة".
وأكدت الرئاسة في بيانها الذي تلقت (المدى) نسخة منه أنه "انطلاقا من واجباته الدستورية يحرص رئيس الجمهورية على صون وحدة الشعب العراقي بجميع مكوناته ويسهر على تعزيز عرى الإخوة بين أبنائه، وتجنب كل ما يبعث على الفرقة والتنافر، حيث كانت الروابط بين اجزاء العراق كافة من اقصى جنوبه إلى ذرى كردستان عاملاً مهمًا في تحقيق التحرر والاستقلال ومن ثم الاستقرار والتطور".
وأشارت إلى أنّه "على امتداد التأريخ أصبح التحالف بين الشيعة والكرد مثالاً لهذه الروابط، فمنذ ثورة العشرين المجيدة شارك الشيعة في الجنوب والسنة في الوسط والغرب والكرد في الشمال في الكفاح من اجل انبثاق الدولة العراقية المستقلة، وفي ما بعد كافحوا جميعاً من اجل أن يصبح العراق بلداً ديمقراطياً متطورا وتصدوا لكل محاولات اثارة الاحتراب الداخلي".
وذكّر طالباني، وفقا للبيان، بموقف المرجع الشيعي الأعلى في العراق أية الله العظمى السيد محسن الحكيم خلال فترة الستينات من القرن الماضي الذي كان مشهوداً في رفضه زج الجيش العراقي في قتال ضد الكرد في موقف شكل ابرز العلامات المضيئة في تاريخ التحالف الشيعي الكردي المستند إلى منطلقات الحرص على الوطن العراقي بكل مكوناته.
وتابع البيان "بعد انهيار نظام الطغيان ظل التحالف (الكردي-الشيعي) ركيزة اساسية في التصدي للإرهاب الغاشم الذي طال جميع العراقيين في مسعى خائب لتعطيل وإجهاض عملية البناء الديمقراطي. كما أن هذا التحالف غدا لبنة أساسية في بنيان تفاهمات واتفاقات وتحالفات شملت الأشقاء من المكونات الأخرى وخاصة في المناطق الغربية".
وأكد أنّ هذا التحالف "لم يكن ابدا تكريسا لتقسيم العراق على اساس طائفي- عرقي بل على العكس كان يهدف إلى منع عمليات التفرقة وجمع العراقيين على الوحدة والاخوة والكفاح المشترك، إنه تحالف تأسس منذ البداية والمطلوب أن يبقى، تحالف بين اكبر قوميتين في العراق من جهة، وتحالف بين الشيعة والسنة من جهة أخرى، تحالف ليس منغلقا على طرفين بل منفتح على جميع العراقيين هادف إلى تمتين وحدتهم وترسيخها".
واعتبرت الرئاسة أن "تصريحات كالتي أطلقها النائب سامي العسكري حول أن التحالف الشيعي الكردي هو “أكذوبة” ليست مجافية للحقيقة والواقع فحسب بل إنها تمثل عن قصد أو من دونه مسعى لفك عرى ترابط لعب ويلعب دوراً أساسيا في العملية السياسية الديمقراطية". وقالت "لذلك فإننا نرى أن الإخوة في التحالف الوطني الذي ينتمي إليه النائب العسكري مطالبون بتوضيح موقفهم من مثل هذه التصريحات الخطيرة، مشددة على أن "الصمت لم يعد ممكناً، واستمراره قد يفسر على أنه تغيّر جذري غير مستحب في المواقف السياسية".
وهذه هي المرة الثانية التي يوجه فيها طالباني انتقادات إلى المالكي، حيث اكد آزاد جندياني المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني الثلاثاء الماضي أن الرئيس غير راضٍ عن أداء المالكي، مشيراً إلى أن المالكي ارتكب مجموعة من الأخطاء وعليه تداركها ومعالجتها.
وأوضح جندياني في تصريحات صحافية أن "طالباني غير راضٍ عن أداء رئيس الوزراء في ما يتعلق بموقفه من الأزمة السياسية التي تعصف بالعراق منذ عدة أشهر ونحن في قيادة الاتحاد الوطني، نرى أن المالكي ارتكب مجموعة من الأخطاء، فإما أن يتداركها ويعالجها، وإما يتوجب علينا التفكير بكيفية التعامل مع تلك الأخطاء" مضيفًا أن "لدينا بدائل للتعامل مع هذا الوضع.. وسنتابع عن كثب مواقف المالكي ومدى التزامه بنهج الحوار والتفاوض، ونأمل منه مراجعة الموقف وإبداء المرونة الكافية حيال مجمل الأزمة السياسية الحالية وتدارك تلك الأخطاء".
من جانبه اعتبر سامي العسكري ان تصريحاته ضد الكرد تعكس وجهة نظره الشخصية ولا تمثل رأي ائتلافه، وقال لـ"المدى" أمس انه يرى ان التحالف الكردي الشيعي "كان موجوداً قبل سقوط النظام السابق خلال فترة المعارضة واستمر خلال تشكيل الحكومة العراقية وكتابة دستور البلاد بعد العام 2003"، لكنه رأى "أن استمرار التأكيد على وجود تحالف شيعي – كردي أمر غير صحيح، خاصة وانه دفعنا لاستعداء الطرف السني".
وكرر العسكري ما دأب على قوله بان الكرد "يتصرفون كدولة داخل دولة لا تخضع لسيطرة بغداد"، وان "القوات الأمنية العراقية غير مسموح لها بالدخول الى أراضي الإقليم، كذلك التصعيد الأخير بشأن عمليات دجلة  فضلاً عن سياسة الإقليم النفطية التي لا تراعي المركز وغيرها من الملفات".
ووجه قيادي كردي بارز انتقادات قوية لائتلاف دولة القانون لأنه "يسمح للعسكري بالتطاول على العديد من الأطراف"، وقال هذا القيادي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لـ"المدى"، "إن المالكي دفع العسكري باعتباره مقرباً له وبشهادة منه للإدلاء بهذه التصريحات في الوقت الذي يحاول رئيس الجمهورية حلحلة الأزمة السياسية في البلاد"، محملاً دولة القانون مسؤولية ما يجري في البلاد من أزمة، قائلاً "هم وحدهم من وضع العراق على حافة الهاوية".
وحول ما يتردد من ان طالباني ينوي الاعتكاف في السليمانية أكد القيادي الكردي "هناك نوع من الانزعاج لدى طالباني باتجاه المالكي وبرود في العلاقة بعد ان نكث الأخير بوعوده بشأن حلحلة المشاكل بين الفرقاء"، ملمحاً إلى أن "احد أسباب بقا الرئيس في السليمانية تلك التصريحات وعدم تعاون رئيس الحكومة".
وعلى صعيد موقف باقي أطراف التحالف الوطني، رأى النائب عبد الحسين عبطان، العضو في كتلة المواطن، ان تصريحات رئيس الجمهورية تعكس تصعيداً خطيراً تشهده الأزمة السياسية، منتقداً "التصعيد الذي تتبناه بعض الكيانات الأمر الذي قد يؤدي الى عدم استقرار الاوضاع في البلاد" واعترف عبطان لـ "المدى" بان "بعض الاطراف يعولون على أزمات من هذا النوع على أنها حل لبعض الملفات لديهم"، بحسب قوله.
واعتبر عبطان ان طالباني سجل عدم رضاه عما يجري في الساحة، وقال ان "عدم رضاه (طالباني) على اداء مجلسي الوزراء والنواب يعكس مشكلة جديدة تضاف الى المشاكل المتأصلة في العملية السياسية"، وتوقع "ان تشهد البلاد بداية تصعيد خطير، تبدأ معها حالة جديدة من الصراع والتوتر بين بعض الأطراف قد تنعكس سلباً على مؤسسات الدولة". واكد عبطان ان الكرد "يعون جيداً طبيعة هذه التصريحات المحدودة"، بحسب تعبيره.
اما ضياء الاسدي، القيادي في كتلة الاحرار التابعة للتيار الصدري، فقد وصف تصريحات العسكري بأنها "خاطئة وليست في سياقها الصحيح، خاصة وان الكل كان يأمل حلحلة الازمة السياسية في البلاد"، لافتاً الى ان "تصريحات من هذا النوع من قبل اي طرف سياسي من شأنها ان تعكر الاجواء بين الفرقاء".
وأكد الأسدي "أن دولة القانون لا تمثل وجهة نظر التحالف الوطني، لاسيما وان التيار الصدري يسعى إلى تحالفات سياسية وفقاً لمصالح الكتل وأهدافها المشتركة، التي ترتكز على أسس الوطنية بعيداً عن القومية والطائفية".
ومن جانبه قال المحلل السياسي واثق الهاشمي في حديث لـ "المدى": "هناك انفلات واضح في التصريحات من قبل الطرفين سواء الكرد أم ائتلاف دولة القانون"، وبشأن توقيت التصريحات والتصعيد قال "هناك أطراف عديدة ستستغل ما يجري، وخاصة المالكي الذي لا يريد ان تسحب الثقة من حكومته وكذلك لضمان ترتيب أوضاعه استعداداً للانتخابات المقبلة".