في مقهى بغدادي.. نقاش الشباب يغزوه التشاؤم

Saturday 17th of November 2012 08:00:00 PM ,
العدد : 2652
الصفحة : شباب وجامعات ,

دار حديث بين مجموعة من الشباب في احد المقاهي الشعبية في بغداد، كان الكلام يتناوب بينهم مع دوران عصا النرجيلة بين ايدي المدخنين وتمتزج عباراتهم  المشفرة مع الدخان الابيض.  حسين الشاب الذي يتوسط الجلسة، يدخل هذا العام في مرحلته الأخيرة من الدراسة الجامعية في كلية علوم الحاسبات، حسين لم يكن يحلم بدراسة الكومبيوتر، بل كان حلمه دخول كلية الطب او الصيدلة، ولم يكن السبب ولعه في هاتين المهنتين، بل السبب الحقيقي وراء ذلك هو الخوف من الوقوع في بئر البطالة.
حسين يقول لأصدقائه ": الكليات في العراق أصبحت تؤدي الى طريق واحد لا ثاني له، ان كنت مهندسا او فيزيائياً او بايولوجيا او أي شيء اخر ستكون النتيجة الجلوس لفترة طويلة دون عمل، والأطباء والصيادلة هم من يعملون فقط ."
وأيّد حسام الذي تخرج من كلية الزراعة قبل عامين، ويعمل الآن في محل لبيع المفروشات في الشورجة ما ذهب إليه صديقه، حيث قال: من غير المعقول ان نكون جميعنا أطباء وصيادلة، المجتمع يحتاج الى الكثير من الأعمال والمهن، ولكن لا يوجد عمل مجد مثل ما يحصل عليه خريج كليات الطب والصيدلة.
وحين وصلت عصا النرجيلة إلى  رائد الذي يستعد للدخول الى الجامعة بعد أيام سحب نفساً طويلاً وأخرجه بتشاؤم، لان ما دار من حديث بين أصدقائه الذين يسبقونه في تجربة البطالة والعمل في غير اختصاصهم أشعره بالإحباط، ما حدا به الى القول " ربما بعد كلامكم هذا سأفكر في ترك الجامعة وابحث عن مهنة أخرى ما دام في النهاية سيكون مصيري عاملا في احد المحال."
فيما تحدث صديق آخر تخرج قبل سنوات من كلية التربية ولم يستطع أن يحصل على وظيفة في مجال التعليم ولا في أي مجال آخر، ولم يجد أمامه غير العمل في احد المطاعم شأنه شأن الكثير من الشباب، حيث قال"  فرص العمل أصبحت قليلة جدا حتى المجالات التي لم أكن ارغب فيها في السابق مثل العمل في سلك الشرطة او الجيش أصبحت الآن من المستحيلات، ويتطلب القبول في احد الموقعين مبالغ كبيرة حتى تستطيع أن تجد مكانا لك ."
في الأيام القادمة سيلتحق عدد كبير من الطلاب بالجامعات بعد أن كان قد تخرج جيش آخر قبلهم  ولا نعرف اين سيذهبون وماذا سيكون مصيرهم، البطالة تهاجم وتلاحق الخريجين لأنهم بمعادلة رياضية بسيطة يقضون ما يقارب الستة عشر عاما في اقل تقدير بين المدارس والجامعة، وبعدها يخرجون إلى سوق العمل او الوظائف فيجدون مجموعة كبيرة من الشباب قد سبقتهم.
يتحدث حارث احد الجالسين ايضا في المقهى بعد أن اتسعت دائرة المشاركة حول موضوع البطالة عملا بقاعدة (الهم الواحد)، حيث يقول :العمر الطويل الذي يقضيه الطالب في الدراسة يجعل فرص العمل بعد التخرج ضعيفة لاسيما ان المؤسسات الحكومية متخومة بالموظفين وسوق العمل لا يناسب في أحيان كثيرة خريج الجامعة، وإلا لماذا قام بالدراسة وخسر كل هذا الوقت والعمر؟."!
وبهذا يفترض الشباب الجالسون في المقهى أن الحلول لا يمكن ان تكون إلا من أصحاب المشكلة نفسها وهم العاطلون، حيث يرى كاظم محمد 27 عاما، خريج كلية الإدارة والاقتصاد" الحل في تنظيم مظاهرات واعتصامات مستمرة في أبواب رئاسة الحكومة والبرلمان وأمام الإعلام حتى يجبر المسؤول والحكومة بشكل عام على التحرك باتجاه حل جذري لمشكلة البطالة ." بالمقابل يمازح اكرم أصدقاءه ويقول " إن البطالة اتسعت حتى أصبحت تشمل البرلمان والحكومة، ويسألهم عن أي دور حكومي و برلماني نتحدث .إن الكل يتمتع بإجازة طويلة ."
في حين يقول لؤي سعد  خريج كلية العلوم : لو جمعت الأموال التي أنفقتها في استنساخ الأوراق الثبوتية والمستمسكات ووثائق التخرج وأجور سيارات الأجرة والإكراميات والهدايا لهذا وذاك، والجري وراء المؤسسات بحثا عن وظيفة لكنت الآن املك سيارة تكسي صفراء واعمل عليها بدلا من انتظار الوظيفة الحكومية، ويضيف  "الطالب حين يروم الدخول إلى إحدى الكليات  يكون لديه امل كبير في أن تثمر دراسته في النهاية عملا ووظيفة مناسبة لاختصاصه، ولكن ما يحدث هو الجلوس لفترة طويلة بعد التخرج والبحث مطولا عن عمل وفي النهاية يستسلم لأي وظيفة او مهنة.  ويعتقد لؤي  أن هذا سببه عدم وجود تخطيط صحيح للوظائف، إضافة إلى الفوضى العارمة في مسألة التوظيف، حيث سمعنا ولأكثر من مرة، وجود أشخاص لديهم وظيفتان أو أكثر في دوائر حكومية، وبذلك يأخذون فرص آخرين."