باختصار ديمقراطي: كاريزما القيادة الرياضية

Sunday 6th of March 2022 10:47:58 PM ,
العدد : 5140
الصفحة : الأعمدة , رعد العراقي

 رعد العراقي

لازالت الرياضة العراقية تسجّل اخفاقات متتالية على المستوى الإداري بعد أن ضربت الأحداث السياسية والأمنية التي مرّت على البلد خلال السنوات الماضية كل أسس ومفاهيم فلسفة القيادة الرياضية التي أجبرت على أن تساير متغيّرات العهد الجديد، ونظم العلاقة بين المفاصل والمؤسّسات الرياضية وترضخ لنظام ديمقراطي انتخابي بمحاسنه ومساوئه، تكفّل في اختيار الشخوص لاشغال المناصب المختلفة بدءاً من أعلى الهرم ونزولاً لأصغر منصب.

الاضطراب الإداري الذي تغلغل في جميع زوايا المؤسسة الرياضية ودخل في شرنقة خانقة حين وجدت القيادات الرياضية الجديدة نفسها أمام انهيار تام للبُنى التحتية وضعف للقوانين الرياضية الحاكمة التي يمكن أن تتناسب والمرحلة الراهنة وغياب للانظمة وانحسار كبير في الخبرات الإدارية التي وجدت نفسها خارج الخدمة لتنزوي أغلبها بعيداً وهي تحمل أسرار العمل المهني الحقيقي بشقّيه الإداري والمعنوي.

تلك الصورة القاتمة هي من تفسّر بسهولة سرّ اللُغز الذي حيّر الجميع في سبب اخفاق الرياضة العراقية بتحقيق نتائج توازي سيل الأموال التي خصّصت لها وذهبت هباءً من دون أن تتمكّن من أحداث نقلة نوعيّة على مستوى البناء للاتحادات والأندية أو تحقيق انجاز خارجي مؤثر أو حتى إيجاد موطىء قدم متميّز بين المنتخبات الآسيوية والعالمية لمختلف الألعاب أنها ببساطة فوضى التنظيم الإداري الذي سبّب في إهدار الأموال وتشتيت الجهود وقبلها غياب القيادة الرياضية الحقيقية التي تمتلك ومضة فن وكاريزما القيادة.

ولأن تلك الكاريزما لازالت غائبة فإن القرار للقيادة الرياضية يصبح دائماً متسرّعاً وأغلب الأحيان قلقاً وقد يواجه اعتراضاً وخلافات منحتها مساحة الحرية في الرأي ودعمها النظام الانتخابي الذي منح الحصانة لاصحاب المناصب فباتت المحاسبة بين الرئيس ومرؤوسيه هي أضعف حلقة في علاقة العمل بينهم حتى وإن كان هناك إهمال واخفاق كبير.

المسألة انعكست بالسلب على أسلوب وطبيعة الشخصية القيادية في تعاطيها مع المواقف الداخلية والخارجية فبات الهمّ الأكبر هو كيفية أثبات النجاح ومحاولة تحقيق أي انجاز خارجي سواء بالنتائج أو كسر حالة القيود والعزلة التي فرضت على الرياضة العراقية وسبّبت في انحسار مراكز التأثير لها في أغلب اللجان والمناصب على المستوى الآسيوي والدولي، وهو ما دفع البعض لاختيار طريق الاقناع والتودّد والخروج عن كل مسالك البروتوكولات الرسمية المتعارف عليها من أجل استضافة بطولة أو استقطاب مسؤولاً ما لزيارة العراق في موقف قد يُضعف من مكانة الرياضة العراقية وتاريخها الذي يشهد لها بقوّة الحضور والتأثير خارجياً.

بغضّ النظر عن كل التفسيرات والموجبات الضرورية التي قد يذهب اليها البعض في تبرير حجم وحفاوة الاستقبال الذي تناقلته وسائل الإعلام المحلية والعربية للمدير الإداري والمدرب المساعد للمنتخب الإماراتي الشقيق يتقدّمهم عدنان درجال وهو من يحمل صفة وزير الشباب والرياضة ورئيس اتحاد كرة القدم واصطحابهم في زيارة ميدانية وتناول وجبة طعام في أحد المطاعم إلا أن الأمر لم يكن منطقياً ومبالغاً فيه لحدود الشعور بالضعف ليس تقليلاً للوفد الشقيق الذي كان من الممكن لأي مسؤول في الاتحاد أن يتولّى تلك المسؤولية طبقاً للبرتوكلات المعتمدة، بل حفاظاً على كاريزما القيادة وثقة الجانب العراقي بحقه وقدرته على تضييف المباريات من خلال ضبطه إجراءاته وحُسن تنظيمه ومساحة الأمان الذي يعيشه البلد بعيداً عن مشاهد الاستعطاف والتهويل.

وهنا يبرز سؤال مهم :هل وُثِّقَتْ مشاهد مشابهة لإحدى زيارات المدير الإداري أو المدرّب المساعد لمنتخبنا، وهم في ضيافة أي وزير أو حتى رئيس اتحاد في كل جولاتهم في بلدان العالم!

باختصار..نحن لازلنا نفتقد كاريزما القيادة التي تجيد التعامل والتأثير في الوسط الرياضي، وهو ما سبب في التوجّه نحو الدفع بنجوم الرياضة السابقين نحو المناصب القيادية لتعويض غياب القيادات الرياضية بعد أن أهملت إنشاء مراكز متخصّصة تتولّى إعداد القيادات الشابة وفقاً لمنهاج علمي مُعتمد يتيح ضخ دماء جديدة قادرة على إدارة المفاصل الرياضية برؤية متطوّرة وتجيد فن التعامل الإداري والدبلوماسي داخلياً وخارجياً.