هيكلية التمويل المصرفـي في العراق

Monday 28th of June 2010 05:36:00 PM ,
العدد :
الصفحة : الملحق الاقتصادي ,

ابو طالب الهاشمي *كثرت الآراء  في الآونة الأخيرة عن أهمية التمويل المصرفي ، وتركز ذلك في تناول أهمية تطوير وتنشيط وإعادة النظر في هيكلية النشاط المصرفي الخاص فحسب ، وإقترن ذلك بحملات إعلامية مشوشة ، أوهمت المواطن في بعض الأمور ، وخاصةً بعد أن أصدر البنك المركزي العراقي قراره بزيادة رؤوس الأموال الخاصة الى (250.000.000.000) مئتان وخمسين مليار دينار عراقي في مدة أقصاها ثلاث سنوات 

ولكن قبل إعطاء فكرة وتوصيات عن هذا الموضوع الحيوي نرى تثبيت بعض الحقائق التالية :1. بلغت رؤوس أموال الجهاز المصرفي (1,200) ترليون دينار قبل تعديل رؤوس أموال مصرف الرافدين والرشيد خلال عام 2008 ، ويشكل القطاع المصرفي الأهلي نسبة (86%) وبعد الزيادة أصبحت المصارف الحكومية نسبتها (50%) من مجموع رؤوس أموال الجهاز المصرفي .2. أرتفع الرصيد الإجمالي للودائع في نهاية عام 2008 الى (14.700.000.000) أربعة عشر مليار وسبعمئة مليون دينار ما نسبته (33.5%) وأتت أغلب الإيداعات من القطاع الخاص حيث بلغت (9060)بليون دينار بنسبة (61.6%) من إجمالي الإيداعات ، وتشكل إيداعات القطاع العام (33.5%) ، ولكن بما  أن المصارف الحكومية مضمونة من الدولة وإحتكارها لبعض الأنشطة المصرفية بشكل كامل ، وبقرارات حكومية ، فلذلك أخذت الحصة الأكبر من الودائع الكلية حيث وصلت الى (77.4%) من إجمالي الودائع ، إذ أن ودائع الأهليين لدى المصارف الحكومية تصل الى (61.4%) من مجموع تلك الودائع الخاصة.3. بلغت نسبة كفاية رأس المال لدى المصارف الحكومية عام 2008 مابين (2%) الى (5%) في حين تراوحت هذه النسبة لدى المصارف الخاصة ما بين (17%) الى (158%).4. بلغ متوسط سعر فائدة البنك المركزي (16.8%).من هذه الأرقام والمؤشرات التي أصدرتها المديرية العامة للإحصاء والأبحاث في البنك المركزي العراقي ، نستنتج أن الأساس الأولي والمهم في دراسة إصلاح النظام المصرفي وهيكلية التمويل المصرفي يبتدئ من المصارف الحكومية لمعالجته  بشكل موضوعي وعلمي وبما يخدم الإقتصاد الوطني،وإعادة هيكلية هذا القطاع ، ويقلل من إحتكاراته للأنشطة المصرفية وهذا يتوافق مع إقتصاد السوق أولاً ومع مهمة تقديم أفضل الخدمات لخطط التنمية والإستثمار .5. بلغ عدد المصارف العاملة (42) مصرفاً وبلغت الكثافة المصرفية (45000) نسمةلكل فرع مصرفي وتشكل (0,02%) .6.إجمالي ائتمان المصارف التجارية بإستثناء إئتمان الحكومة المركزية (4554) مليار دينار.7. لقد اشترت المصارف ما قيمته (1.9) ترليون دينار حوالات الخزينة المركزية ، وشاركت المصارف في مزاد العملة الأجنبية ، حيث نفذت عام 2008 (5.6) ترليون دولار نقداً بمعدل يومي (23.1) مليون دولار تمثل احتياجات السوق العراقي بمبلغ (20.3) ترليون دولار حوالات وبمعدل يومي (84.2) مليون دولار حوالات خارجية التي تمثل إستيرادات القطاع الخاص وبنسبة (784%) من إجمالي المسببات بالمزاد ، وهذا ساعد كثيراً في الحفاظ على إستقرار سعر الصرف .... ويعد هذا الإنجاز ممتازاً للمصارف.وإذا كانت المطالبة بزيادة رؤوس أموال المصارف الأهلية أمراً ضرورياً في مجال دعم وإصلاح المهمة والوظيفة الرئيسة لهذه المصارف ، ولكن برمجة ذلك يجب أن تتم بتحقيق مستلزمات موضوعية أخرى،وهي رفع قيمة سهم هذه المصارف من خلال نتائج أدائها وكفاءتها وفعاليتها وعوائدها ، وفسح المجال لها من ممارسة أنشطتها الإستثمارية بشكل مناسب ، ورفع القيود الأدارية الموضوعة على أنشطتها هذه التي لا تتعارض مع واجباتها ومهامها ووظائفها الرئيسة حسب الواجب والمعايير المصرفية الدولية .وأما ما يؤخذ على المصارف الخاصة هو ضعف مساهمتها في الائتمان والتمويل الإجمالي حيث بلغ أقل من (5%) من الناتج المحلي الإجمالي ، وهذا صحيح وخطير وسلبي جداً ، والمفروض أن لا يعزو ذلك فقط الى ضعف رؤوس أموال المصارف الخاصة ، وإنما يعود البعض منه الى ضعف إجراءات البنك المركزي العراقي في هذا المجال ، خاصةً تأخره في إقرار قانون تأسيس شركتي ضمان الودائع والأئتمان ، ويعود ذلك أيضاً الى تذبذب أسعار الفائدة بشكل سريع وخطير ومفاجئ،وسياسة دفع المصارف إلى استثمار سيولتها في الإستثمار الليلي وحوالات الخزينة ، وبرغم ذلك لقد حدث تطور جيد بإرتفاع نسبة الائتمان عام 2008 بالمقارنة مع سنة 2007 حدث تطور ونمو نحو (30%) ، حيث بلغ (3.978.000) ثلاثة بليون وتسعمئة وثمانية وسبعين مليون دينار ، وبلغ رصيد الائتمان المقدم الى قطاع المشاريع العامة (1.840.000.000) بليون وثمانمائة وأربعين مليون دينار ، ويشكل منح الائتمان الى القطاع الخاص للأفراد بنسبة (81%) ..!لذلك إن هيكلية التمويل المصرفي الراهن تعتريه كثير من الإختلالات والإختناقات والمشاكل والمعوقات ، تحتاج الى وقفة جادة لمعالجة هذه  الإخفاقات والسلبيات التي تعيق عمليات التمويل والإئتمانات والتسهيلات الممنوحة للمشاريع ويمكن إيجازها في النقاط المركزية موزعة على نوعية نشاط التمويل :1. إن نسبة تغطية الائتمان النقدي الممنوح الى النشاط الخاص قد فاقت (7) أضعاف إحتياجات مساهمة القطاع الخاص في الإنفاق الإستثماري الكلي منذ عام 2006 ولقد إزدادت الإئتمانات النقدية الممنوحة منذ ذلك الحين بمعدلات عالية ووتائر نمو كبيرة ، خاصةً بعد تخفيض الفوائد من قبل البنك المركزي العراقي ، ولكن