الحرب الروسية_الأوكرانية ومأزق الديمقراطية الغربية

Tuesday 19th of April 2022 11:31:38 PM ,
العدد : 5170
الصفحة : آراء وأفكار ,

 أيمن اليحياوي

“الديمقراطية تنبعث في اعقاب الجيوش الامريكية؛برغم أولئك المثاليين الذين يحتجون بإسم حق الشعوب في امتلاك ذاتها»

(جاك رانسيير:كراهية الديمقراطية)

كشفت الحرب الروسية في اوكرانيا قبح و فضاعة الديمقراطية الغربية و تعاملها الهمجي العنصري إزاء العرب و الشرق و الغرب و المختلف ثقافيا.

_ تدمير فلسطين من قبل الصهيونية حتى منذ وعد بلفور سنة 1947 بل كان مخططا لذلك قبل ذلك التاريخ الأسود.

_ احتلال افغانستان بعد احداث 11 من سبتمبر سنة2001 تحت شعار مقاومة الارهاب.

_ لم نشهد تنديدا دوليا واسعا بالحرب في اليمن أو عندما حاول الارهاب الداعشي الفتك ببلاد الرافدين.

_ الحرب الإسرائيلية في جنوب لبنان في 2006 و؛مجزرة صبرا و شتيلا سنة 1982 و غيرها من الانتهاكات التي لا تحصى على السيادة اللبنانية.

_ تخريب ماتبقى من تاريخ الأمة العربية بإسم مقاومة الأنظمة الاستبدادية التي تمردت على أوامر القوى الكبرى الغربية.

_ تقسيم السودان: شمال و جنوب سنة 2011بمباركة من إسرائيل و الغرب فقد كان تدخلا سافرا في افريقيا و العالم الغربي الديمقراطي يساعد في تطبيق مخطط من_ النيل الى الفرات.

انها ديمقراطية الفوضى بحق أنتجتها حروبا بالوكالة.

أليست الديمقراطية الغربية مستبدة و عرجاء أخفت حقدها على الشرق و افريقيا وراء خطاب فلسفة الانوار (الحرية و التسامح و كونيةالحقوق)؟..

ما إن إندلعت الحرب في أوكرانيا الا و تم إدانتها و وصف فلاديمير بوتين بأبشع النعوت بل وصل الامر إلى حد محاصرة روسيا إقتصاديا و التحرك عسكريا من اجل عزلها دوليا بكل الوسائل الممكنة (تكنولجيا و اقتصاديا و رياضيا..)؛ اذ تم إصدار قرار أممي في جلسة لمجلس الأمن ليوم 2مارس 2022 بتصويت أغلبية الثلثين يطلبها بوقف الحرب فورا و سحب قواتها العسكرية.

لماذا كل هذا الهلع الغربي لمعاقبة روسيا؟وبم نفسر هذا التحالف المفرط مع الرجل الأبيض الغربي/المسيحي؟و كيف لنا تبرير انحياز مجلس الأمن/الامريكي من خلال الفشل المتعمد في اصدار أي قرار يدين ولو حرب واحدة قامت بها إسرائيل على غزة و إستمرارها في تهويد القدس و بناء المستوطنات و قمع و سجن الفلسطنين و حرمانهم من حقهم في الحياة؟!

هل ان العرب عبيد / رعاع أم ان المواطن الاوروبي انسان أرقى و متفوق على جميع البشر؟لمذا كل هذا الهلع و الخوف من تقسيم أوكرانيا فحين قسمت فلسطين و السودان... ولم يحرك المجتمع الدولي ساكنا؟؟

يبدو الغرب بمثابة “الرجل العاري”من الإنسانية و الديمقراطية التي حاول في اكثر من مرة تصديرها فوق ظهر دبابة ؛ديمقراطية كليانية و منحازة و ليست وريثة الحداثة الفلسفية و العلمية بل هي تزرع بذور الشر في أي أرض تحل بها.

مأزق الديمقراطية الغربية اليوم لايخفى على أحد لأنها تحاول الحفاظ على استقلال شعوبها بينما العرب و الافارقة مستعمرون و مظطهدون و لايكترث الاتحاد الاوروبي لامرهم ؛ بل اكثر من ذلك وقع وضعهم في خانة الإرهابيين و المنتجين للعنف و الخراب.

لعل هذا ماأدركناه بشكل جلي من خلال تسمية جميلة في ظاهرها و مقرفة في باطنها (الربيع العربي)لأن الغرب هو من جنى زهور الربيع و قطف ثمار الحرب في ليبيا.

رغم مغالطات الديمقراطية الغربية؛ ستظل مبتورة و تعيش مأزق اخلاقي_انساني فهي لاتؤمن الا بخصوصيتها و تفوقها على بقية الشعوب.لم نلاحظ اهتماما اعلاميا ضخما بوضعية النازحيين السوريين على الحدود الاوروبية.

ديمقراطية نسجت اسطورتها من خيوط العنكبوت ؛كشفت بؤسها الحرب في أوكرانيا و رفعت”ستار الجهل”عنها.

لنستعرض بعض البراهين الراهنة التي تدينها و لنكشف عن معادتها بشكل واضح و فاضح للاخر_الثقافي.

1.تصريح رئيس الوزراء البلغاري عن النازحين الاوكرانيين:”هؤلاء ليسو من الذين اعتادت عليهم أوروبا...أناس أذكياء و متعلمون و بعضهم متخصصون في تكنولجيا المعلومات وهم مؤهلون تأهيلا عاليا” في إشارة ضمنية الى اللاجئين السوريين الذين تم طردهم و التنكيل بهم على الحدود المجرية(الهنغارية)؛تصريح عنصري يكشف حقد و كراهية الديمقراطية الغربية لكل من هو مختلف عنها ثقافيا.

2.التعامل اللإنساني مع المهاجرين من افريقيا عند الوصول الى الحدود البحرية الايطالية.

3. دعوة النائب الاسباني المتطرف و رئيس حزب فوكس اليميني الى عدم قبول المهاجرين العرب:”المسلمين هم غزاة أما الاوكرانيين هم لاجئين حقيقين و يجب على أوربا إستضافتهم».

تبعاً لذلك نفهم جيدا ان الديمقراطية الغربية ليست ديمقراطية منصفة و عادلة بل هي الآن محل إدانة من قبل المفكرين و المثقفين الغربيين انفسهم.

إن قراءتنا للديمقراطية الغربية كشفت عن لا أخلاقيتها و انحطاطها فلا احد يحب العنف و الظلم و القتل و الدم؛لكن لايمكن ان نكون متعاطفين مع فئةمن البشر دون سواهم فالقيم الكونية كديمقراطية لاتعترف بأفضلية عرق دون عرق أو بتفوق شعب على اخر فالانسان مهما كانت الثقافة التي ينتمي إليها هو”مواطن عالمي” و يحق له اي ان كانت حضارته التمتع بالسلم و الأمن و امتلاك الثروة ؛انها تلك الحقوق الطبيعية التي أكد عليها فلاسفة العقد الاجتماعي عند الانتقال للعيش في دولة ذات سيادة.