المستقلون يرتدّون إلى «الحياد» والخوف من إضاعة فرصة تشكيل حكومة على مقاسات «تشرين»

Tuesday 10th of May 2022 11:47:51 PM ,
العدد : 5180
الصفحة : سياسية ,

 بغداد/ تميم الحسن

يقترب «المستقلون» من اضاعة فرصة ذهبية -بحسب وصف بعض القوى السياسية- لتشكيل حكومة من الاصلاحيين طالب بها الجمهور في اعقاب تظاهرات تشرين.

وتظهر بعض المؤشرات عن ارتدادات سريعة لـ «المستقلين» نحو الحياد مرة اخرى، ورفض المشاركة في الحكومة المقبلة.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد طالب الاسبوع الماضي، بعد ساعات من دعوة مماثلة انطلقت من خصومه «الإطار التنسيقي»، المستقلين بانشاء «تشكيل موحد» للمشاركة في الحكومة المقبلة.

وأمهل الصدر المستقلين 15 يوماً لالتحاقهم مع التحالف الثلاثي (انقاذ وطن)، بينما ترك «التنسيقي» السقف الزمني مفتوحا امام المستقلين لـ «تقديم مرشح لرئاسة وزراء».

ووفق معلومات وصلت لـ(المدى) فان اغلب المستقلين توصلوا الى شبه اتفاق «برفض المشاركة في الحكومة».

ويخشى المستقلون، بحسب ما تم تسريبه من اجتماعات للفريق الاخير، ان تكون دعوتي «التيار» و»الإطار» هي «فخ يقع فيه المستقلون وتشكل الحكومة على حسابهم وتكون تابعة لاحد الطرفين».

ووفق حسابات زعيم التيار الصدري، ان المستقلين يمكن ان يشكلوا 40 مقعداً وهو ما يحتاجه التحالف الثلاثي (انقاذ وطن) لتمرير رئيس جمهورية ثم رئيس الحكومة.

لكن العدد المفترض للمستقلين ظهر انه منقسم الى 3 توجهات على اقل، وموزع اساساً بين مؤيدين للصدريين، وآخرين لـ «الاطاريين»، والثالث مازال متأرجحاً بين المعسكرين.

وفي ازاء تراجع المستقلين عن اشارات سابقة فهمت بانها موافقة للانضمام الى الحكومة، أعلن تحالف من اجل الشعب بانه سيبقى في صف المعارضة.

والتحالف الذي يمتلك 18 مقعداً، كان نصفه والذي يمثل حركة امتداد التي صعدت الى البرلمان بعد احداث تشرين، قد لمحت الى الموافقة على مبادرة الصدر.

وقال التحالف في بيان إنه «قررنا منذ البداية ان لا نكون جزءاً من حكومة محاصصة أو مشاركا في تقاسم السلطة وان نكتفي بدورنا في العمل النيابي».

وكان التحالف قد حضر الجلسة الاولى لانتخابات رئيس الجمهورية في اذار الماضي، ثم غاب عن الثانية بدون مبرر واضح.

وحدد التحالف في بيانه 4 شروط للموافقة على رئيس وزراء يختاره المستقلون، دون ان يشارك «تحالف من اجل الشعب» في الحكومة.

والشروط هي:

أولاً/ ان يكون عراقياً مستقلاً نزيهاً وطنياً وليس عليه اية شبهة فساد، وان لا يكون من مزدوجي الجنسية.

ثانياً/ ان لا يكون مشتركاً مع احزاب السلطة سابقاً ولم يكن جزءاً من حكومات المحاصصة.

ثالثاً/ ان تتعهد الكتل السياسية جميعها والنواب المستقلون بعدم التدخل او فرض الارادات لا في عملية تشكيل الحكومة ولا في ادارتها لاحقاً من الشخصية المكلفة من اجل ان لا تكون الحكومة القادمة حكومة محاصصة.

رابعاً/ ان تقدم الشخصية المكلفة برنامجاً حكومياً واقعياً يلامس حياة الناس ومتطلباتهم ويعالج التحديات التي تعصف بالواقع العراقي في كل مجالات الحياة».

وكان علاء الركابي، وهو رئيس حركة امتداد قد تجول في اليومين الماضيين، بالتزامن مع «دعوة الصدر» للمستقلين مع سرايا السلام التابعة لزعيم التيار الصدري في سامراء، وهي اشارت فهمت على انها تقارب الركابي مع الصدريين.

وتشير مصادر سياسية متطابقة مع السابقة، الى ان «اشارات رفض المستقلين المشاركة في الحكومة هو اضاعة فرصة لن تتكرر لتلك المجموعة».

وتحدثت المصادر لـ(المدى) طالبة عدم الكشف عن هويتها ان «التيار الصدري اعطى فرصة لمشاركة المستقلين في حكومة اصلاحية كما كان يطالب الجمهور في تظاهرات 2019».

المصادر قالت انها «متأكدة من ان هناك ضغوطا مورست على المستقلين كما حدث في الجلسة الثانية لانتخابات رئيس الجمهورية».

وكان بعض المستقلين قد حضروا الجلسة الاولى لاختيار «الرئيس» قبل أكثر من شهر، ووصل عدد الحضور الى 202، قبل ان ينسحبوا من الثانية وسط تردد انباء عن وجود ضغوطات وصلت الى «التهديد».

واكد حسن العذاري وهو رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان، بان جزءا من المستقلين «رفضوا» مبادرة المشاركة بالحكومة، عقب ساعات من لقاء جمع أطراف التحالف الثلاثي لأول مرة بعد كسر «صيام الصدر السياسي».

وقال العذاري في بيان «بعد أن أثبتنا للجميع أننا غير متمسكين بالسلطة وأعطينا فرصة ذهبية للمستقلين لتشكيل الحكومة ورئاسة الوزراء، جاء الرد من بعضهم بالرفض، لكننا ماضون بالإصلاح»، مبينا أنه «صراعنا السياسي هو صراع من أجل الاصلاح لا من أجل تقاسم مغانم السلطة».

وأضاف، أن «من أهم بوادر الاصلاح هي مطالبتنا التي لا تزول بتشكيل حكومة أغلبية وطنية بعيدا عن تقاسم السلطة والتوافقات التي أضرت بالبلاد والعباد».

وكان بيان سابق صدر عن لقاء جمع التحالف الثلاثي في اربيل، أكد فيه انفتاح على القوى السياسية التي تؤمن بحكومة الأغلبية الوطنية، والاستمرار في الحوار مع المستقلين.

واعتبر هذا البيان، بحسب بعض ما يتم تداوله في الاروقة السياسية، اعلان التحالف الثلاثي بانه لن يبقى طويلا داخل الانغلاق السياسي.

وجرت هذه المستجدات، بحسب ما يتداول في الغرف المغلقة، بسبب تضرر أطراف في التحالف الثلاثي بسبب الازمة السياسية.

واثار ارتباط بعض «الاطاريين» بصفقة عودة علي حاتم سليمان، الذي يطرح نفسه بوصفه امير عشيرة الدليم الى الانبار، امتعاض بعض القوى السنية المتحالفة مع الصدر، خصوصا مع انتشار انباء عن تسليح بعض العشائر المعارضة لرئيس البرلمان.

بالمقابل، خسر الحزب الديمقراطي الكردستاني مرشحه الابرز وهو وزير الخارجية والمالية الاسبق هوشيار زيباري، كما اوقفت المحكمة الاتحادية بيع كردستان للنفط، فضلا عن صواريخ سقطت في وسط وجنوب اربيل.

وبعد اللقاء الاخير في اربيل الذي حضره زعيم الحزب مسعود بارزاني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، كشف الحزب الديمقراطي عن تحركات لعقد عدد من اللقاءات مع الأطراف السياسية من اجل كسر حالة الانغلاق السياسي.

وجاء في بيان للحزب انه عقد اجتماعا لمجلس قيادته برئاسة مسعود بارزاني وانه «تم التطرق للمشاكل والعراقيل التي تواجه عملية تشكيل الحكومة الجديدة ومساعي التغلب عليها وكسر الانغلاق السياسي التي من المقرر ان تتجسد بعقد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع الأطراف المعنية خلال الأيام المقبلة».

وفي اشارة الى محاولة التضييق على كردستان في اعقاب الازمة الاخيرة، اضاف البيان بانه ناقش «الدفاع التام عن جميع الحقوق الدستورية للإقليم وتنفيذ المادة 140 وتشكيل المؤسسات الدستورية ومنها المجلس الاتحادي واعادة تشكيل المحكمة الاتحادية وفقا للدستور وإقرار قانون النفط والغاز».

العودة إلى المربع الأول

ويعتقد بالمقابل الإطار التنسيقي، بان كل تحركات التحالف الثلاثي سوف تنتهي بطريق مسدود ولا يوجد حل الا الاتفاق مع «الاطاريين».

ويقول محمود الحياني وهو عضو التنسيقي في اتصال مع (المدى) ان «المستقلين سوف يرفضون مبادرة زعيم التيار الصدري، وسيقدمون هم بالمقابل مبادرة جديدة».

ويتوقع الحياني ان مبادرة المستقلين المفترضة، ستكون قريبة من مبادرات «التنسيقي» التي تدعو الى تشكيل الكتلة الاكبر الشيعية.

ويضيف الحياني ان «مبادرة التنسيقي هي أكثر واقعية لأنها لا تدعو كما دعوة الصدريين الى انسلاخ المستقلين عن جمهورهم والانخراط في التحالف الثلاثي».

واكد عضو «التنسيقي» بان تحالفهم «منفتح على كل القوى السياسية سواء المستقلين او حتى التيار الصدري».