الصابئة المندائيون يحتفلون بعيد التعميد الذهبي في ذي قار

Wednesday 18th of May 2022 11:23:10 PM ,
العدد : 5186
الصفحة : محليات ,

ذي قار/ حسين العامل

احتفل ابناء طائفة الصابئة المندائيين في ذي قار، أمس الاربعاء بيوم التعميد الذهبي (الدهفة ديمانه) الذي يعد ثاني اهم الاعياد الدينية الاربعة في الديانة المندائية. ويشهد هذا العيد تعميداً جماعياً لأبناء الطائفة المندائية، ولا سيما الاطفال الذين يكون تعميدهم لأول مرة.

وتشير مصادر المندائية، الى ان العيد الذي يأتي بعد 60 يوماً من عيد (البنجة) أي في الاول من شهر (هطية) المندائي هو عيد (الدهفة ديمانة)، وهو احتفال بتعميد (آدم) وفيه يجب على الاتقياء ان يتعمدوا كأسلافهم.

وفي هذه المناسبة يتعمد الاطفال عمادهم الاول ليصبحوا مندائيين، ويطلق المندائيون على اول تعميد للفرد المندائي اسم (تعميد زهريثة) وهو التعميد الذي يدخل الفرد المندائي ضمن مجموعة المندائيين ومن دونه يبقى معلقاً.

وتفضل بعض الامهات التقيات وفق ما تقول الليدي درور الباحثة البريطانية المتخصصة بالشؤون المندائية، ان يجري التعميد للطفل بعد اليوم الثلاثين من عمره لأنه إذا حدث ان مات دون تعميد فلن يذهب الى عوالم الانوار.

وبدوره، يقول رئيس مجلس أبناء الصائبة المندائيين في ذي قار سامر نعيم، لـ(المدى) إن "ابناء طائفة الصابئة المندائيين يحتفلون اليوم بعيد (الدهفة ديمانه)، يوم التعميد الذهبي الذي يتعمد فيه الاطفال لأول مرة حتى يكونوا مندائيين".

وأضاف نعيم، أن "الطفل الذي يجري تعميده لأول مرة في (الدهفة ديمانه) ويمنح الاسم الديني (الملواشه) يصبح مؤهلا للدخول في الديانة المندائية".

وأشار، إلى أن "طقوس التعميد (الارتماس في الماء الجاري) في هذا العيد لا تقتصر على الأطفال فحسب، وانما هي متاحة لكل من يرغب بتجديد التعميد من الاشخاص الكبار".

ولفت نعيم، إلى أن "طقوس العيد تتواصل على مدى يوم واحد تتخللها مظاهر الابتهاج واقامة الصلوات وعمل الثوابات (اللوفاني) على ارواح الموتى".

ويحتفل الصابئة المندائيون الذين يبلغ تعدادهم نحو 60 ألف نسمة في جميع انحاء العالم سنوياً بأربعة اعياد دينية رئيسة عيد الخليقة (البرونايا)، ويوم التعميد الذهبي (الدهفة ديمانه)، والعيد الكبير (والدهفة ربة) وعيد الازدهار (والدهفة حنينا)، فضلا عن ثلاث مناسبات دينية اخرى لا تقل اهمية عن الاعياد الرئيسة هي مناسبات ابو الفل وابو الهريس وشيشان عيد.

وفي مثل هذا اليوم (يوم التعميد الذهبي)، يتوافد أبناء الصابئة المندائيون منذ ساعات الصباح الأولى على المندى وهم يرتدون زيهم الأبيض الذي يتكون من خمس قطع هي (الكسويا – القميص) و(الشروال- السروال) و(البرزنقا- العمامة) و(النصيفة- الوشاح) و(الهميانة– الحزام)، وهذه الأخيرة عبارة عن حزام من الصوف يتكون من 61 خيطاً وهو أقدس جزء في الزي الذي يسمى بـ (الرسته).

ويعد طقس التعميد من اهم الطقوس المقدسة في الديانة المندائية، حيث تشير المصادر المندائية الى ان الطقس الرئيس في شعائر المندائيين هو الاغتسال في الماء الذي لا يعد رمزا للحياة فحسب بل، الى درجة معينة، الحياة نفسها.

والتعميد وفق الاعتقاد المندائي، هو ولادة ثانية فمن خلال رمز الماء الجاري الذي يغطس فيه المندائي تتحد نفسه بوحدة الحي في عالم الانوار وتقوى وتشمخ في النزاهة والاخلاص والايمان ويمكن ان تغفر الخطايا والآثام والذنوب ويصبح الانسان طاهرا، فمن خلال الطهارة بالماء الجاري يمكن ان تستجاب بحسب الاعتقاد المندائي جميع الدعوات الصادقة التي يناجي بها المؤمن ربه بقلب نقي وفيها تتحد ذات المؤمن بمثيله النوراني.

ويعتقد المندائيون أن يوم الدهفة ديمانة او عيد التعميد الذهبي هو اليوم الذي تعمد فيه الملاك (هيبل زيوا) جبرائيل الرسول، في عالم الانوار، عند عودته من عالم الظلام وهو اليوم الذي تعمد فيه (ادم) على يد الملاك هيبل زيوا، وكذلك هو اليوم الذي تعمد فيه الانبياء شيتل، سام، ادريس واخرهم النبي يحيى ابن زكريا (ع).

وتوضح المصادر التاريخية القديمة ان الارتماس في الماء كجزء من الطقوس الدينية كان يمارس في العراق قبل ولادة السيد المسيح بآلاف السنين مع اختلاف واضح في مضمون الصلوات المصاحبة لطقس التعميد حيث كانت الصلوات تختلف من دين لآخر.

وتعتبر الديانة المندائية من أقدم الديانات الحية في العراق، وأول ديانة موحِدة في تاريخ البشرية، وبحسب مصادر تاريخية مختلفة فإنها نشأت في جنوبي العراق، وما يزال أتباعها يتواجدون في المحافظات الجنوبية، بالإضافة إلى إقليم الأحواز في إيران، كما يوجد الآلاف منهم في الولايات المتحدة ودول أوروبية أبرزها النرويج وأستراليا والسويد وهولندا، حيث هاجروا إليها واستقروا فيها في غضون العقدين الماضيين.