داعش ينشط تحت تأثير الغبار.. ودعوات لتغيير الخطط الأمنية

Sunday 29th of May 2022 01:29:25 AM ,
العدد : 5192
الصفحة : سياسية ,

 خاص/ المدى

نشطت تحركات تنظيم داعش الارهابي في عدة محافظات عراقية، بالتزامن مع موجات الغبار، التي ضربت البلاد، خلال الأيام الماضية، وهو ما أثار تساؤلات عن تلك التحركات، وفيما إذا كانت الخلايا النائمة تستهدف التوقيت المناسب، في ظل انعدام الرؤية بشكل تام. ومنذ أيام تتعرض مناطق عديدة من العراق لعاصفة ترابية، أدت إلى توقف الرحلات الجوية لبعض الأوقات، وتعطل الدوام الرسمي، وحجب الرؤية بشكل تام في الطرقات العامة.

وشنّ عناصر تنظيم داعش، هجمات استهدفت قوات أمنية ومدنيين في عدة محافظات، أودت بحياة عدد من المواطنين بين قتيل وجريح.

عدة هجمات

ففي محافظة كركوك شمالي البلاد، استهدف عناصر التنظيم الاثنين الماضي، حقلاً زراعياً، وأطلقوا النار على الفلاحين، الذين كانوا يحصدون القمح، ما أدى إلى مقتل ستة مزارعين، كما تسبب الهجوم بحرق آليات زراعية، ومساحة من المزروعات.

أما في محافظة ديالى المجاورة، فقد لقي خمسة مصرعهم بينهم جندي، وأصيب 7 آخرون بهجوم بقذائف هاون استهدف مناطق سكنية شمالي المحافظة، حيث أكدت مصادر أمنية عراقية، أن مسلحي داعش استهدفوا قرية الإصلاح شمالي ديالى فجر الثلاثاء الماضي بقذائف هاون، أعقبها هجوم بالأسلحة القناصة ما أدى إلى مقتل 5 بينهم جندي، وإصابة 7 آخرين بجروح بينهم 3 جنود. وقال ضابط في قيادة العمليات المشتركة، إن "مؤشر نشاط التنظيم سجّل ارتفاعاً خلال الشهرين الماضيين، في عدة محافظات، ولم يقتصر الأمر على تنفيذ الهجمات ضد المدنيين والقوات الأمنية، بل تعدى إلى إعادة تموضع، وإجراء تنقلات بينية، داخل الأراضي الصحراوية، مستغلاً بذلك الموجات الغبارية، وضعف الرؤية لدى أجهزة الرصد، مثل المناطيد والكاميرات الحرارية في بعض المواقع".

ويضيف الضابط الذي رفض الكشف عن هويته لـ(المدى)، أن "ما نحتاجه بالتحديد، هو إطلاق عملية عسكرية، بأحجام مناسبة، بعد انجلاء الموجات الغبارية، واستهداف تحركات التنظيم التي جرت خلال الأيام الماضية"، مشيراً إلى أن "الأجهزة الاستخبارية تمكنت أيضاً من الحصول على بعض المعلومات جرّاء تلك التحركات الأخيرة للتنظيم، من خلال أدواتها، وهذا ما يساعدنا على مهامنا المقبلة".

وأثارت تلك العمليات قلقاً لدى الأوساط الشعبية والسياسية في ظل الخلافات الحاصلة حول تشكيل الحكومة، وما قد ينتجه ذلك من انعكاس على المنظومة الأمنية. وتعليقا على تلك الهجمات، قال رئيس الجمهورية برهم صالح، في تغريدة عبر "تويتر": إن "الهجمات الإرهابية الجبانة التي استهدفت كركوك وديالى، محاولات خسيسة لضرب أمن واستقرار مواطنينا وقواتنا الأمنية، وتذكير بخطورة الإرهاب المتربص لاستغلال الثغرات والتقاط أنفاسه". وأضاف صالح، أن "واجبنا رص الصف الوطني ودعم الأجهزة الأمنية البطلة من أجل اجتثاث الإرهاب من جذوره وإفشال مخططاته الخبيثة". وتأتي هذه الهجمات ضمن سلسلة لم تنقطع منذ إعلان النصر على داعش عام 2017، وعلى الرغم من الشروع بعشرات العمليات الأمنية لتجفيف منابع التنظيم، فإن قائمة الضحايا تظل مفتوحة.

تدريبات مكثفة

ويؤكد مختصون على أهمية تهيئة القوات الأمنية والعسكرية على التعامل مع الظروف القاسية والأجواء المتربة والممطرة، فضلاً عن مراجعة الخطط بشكل دائم لإدامة زخم العمليات، وعدم التهاون، أو الخضوع للظروف الطبيعية.

في هذا الإطار يرى الخبير الأمني أثير الشرع، أن "هناك ضعفا في المنظومة الأمنية وتجاهلاً لبعض الخروقات التي تأتي من مناطق مثلث ديالى، وكركوك، وصلاح الدين، فهذا المثلث خطر جدا، وأيضا في جبال حمرين والعظيم، فهذه مناطق تعد رخوة أمنية وخطرة، كما تنشط الحركات الإرهابية في معظم مناطق ديالى، وأيضا في صلاح الدين، وحتى في محيط بغداد". وأكد الشرع في تصريح لـ (المدى) على "ضرورة إخضاع المنظومة الأمنية إلى تدريبات مكثفة وبشكل مستمر للتعامل مع الظروف القاسية والأجواء المتربة والممطرة التي يستغلها الإرهاب في شن عملياته، بالإضافة إلى تفعيل التعاون الاستخباري بين مختلف القطعات الأمنية والعسكرية، فضلاً عن تزويد القطعات بأعداد كافية وأسلحة حديثة وخاصة في المناطق الرخوة". ومنذ ما يزيد على الشهر، لم تخلُ أجواء العراق من العواصف الترابية والغبار سوى أيام محدودة، أدت إلى تسجيل آلاف حالات الاختناق في عموم البلاد. ويرى مراقبون أن داعش الذي يعتمد على حرب الشوارع، ينفذ عملياته الإرهابية في أوقات معينة مستغلاً الظروف الجوية ونوع ديموغرافية الأرض.

دعوات لتغيير أسلوب المواجهة

من جهته قال الخبير الستراتيجي، سرمد البياتي: إن "داعش يستغل كل ما تهيئه له ظروف الهجوم، فليست الأجواء السيئة كالغبار فقط، بل يستغل الأجواء الأُخرى كالممطرة والمثلجة، بالإضافة إلى نوع ديموغرافية الأرض والتربة، والتي قد تكون صخرية أو جبال أو وديان أو هضاب".

وأضاف، البياتي في حديث لـ(المدى) أن "داعش - وكما هو معلوم من خلال الخبرات السابقة – ينفذ هجماته في أوقات معينة، مثل أوقات الظلام الدامس، أو في أوقات الفجر، عندما يكون الجندي متعبا، لذا يجب أن يكون الانتباه حاضرا في هذا الوقت بالذات، كما يجب أن تغيّر القوات الأمنية ستراتيجيتها وفق الأسلوب الذي يعتمده العدو، فضلاً عن تكثيف جهد الاستطلاع لمعرفة المنطقة جيدا والطرق المحتملة لهجوم العدو".

وكان تقرير صادر عن مجلس الأمن الدولي في كانون الثاني/ يناير الماضي، أشار إلى أن التنظيم "حافظ على قدرته في شنّ الهجمات بمعدل ثابت في العراق، بما في ذلك تنفيذ عمليات كرّ وفر ونصب الكمائن وزرع القنابل على جنبات الطرق، مع تركز نشاطه بشكل ملحوظ في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين".

وأضاف التقرير، أن التنظيم يستغلّ "سهولة اختراق الحدود بين العراق وسوريا، ويضم "ما بين 6 آلاف و10 آلاف مقاتل في كلا البلدين، حيث يشكّل خلايا ويدرّب عناصر لشن الهجمات".