مليون دينار ثمن الدونم.. فلاحون يودعون أراضيهم هرباً من الجفاف

Wednesday 1st of June 2022 12:00:31 AM ,
العدد : 5195
الصفحة : سياسية ,

 بغداد/ مراد حسين

يعاني العراق منذ العام الماضي من أزمة مياه كبيرة أدت إلى جفاف مساحات زراعية واسعة في أغلب المحافظات، حيث دفع هذا الجفاف عدداً من الفلاحين لبيع أراضيهم وتغيير أسلوبهم المعيشي، وقد أجبر نقص المياه والجفاف، الحكومة العراقية على خفض مساحات الأراضي المزروعة إلى النصف خلال فصل الشتاء الماضي.

الهجرة الفلاحية نحو المدن

المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف أكد في حديث إلى (المدى)، أن «شحة المياه والاحتباس الحراري وقلة الأمطار والإيرادات المائية ألقت بظلالها على الفلاحين والمزارعين وبسبب ذلك تم تقليص المساحات الزراعية كما حدث في الخطة الشتوية للعام الماضي إلى 50‌%».

وأضاف النايف، أن «للمياه دور كبير في التأثير على المزارعين والفلاحين، ولكن هنالك خطوات من قبل الدولة من أجل الاستقرار الريفي والمجتمعي تتمثل بالمرشات ومنظومات الري واستخدام الآبار للزراعة لحين الوصول إلى مفاوضات مع دول الجوار».

وأشار، إلى أن “هذه المعالجات نجحت إلى حد ما ولكن إلى الآن تحتاج إلى الكثير، والخطوات ماضية في هذا الاتجاه، وننتظر الدعم المالي من أجل تنفيذ جملة من الخطوات لمساعدة الفلاحين والمزارعين ومربي الدواجن”.

ولفت النايف، إلى أن “العراق لديه هوية زراعية حيث أن الفلاح متمسك بأرضه حتى وإن لم يستطع زراعتها لا يمكن أن يهاجر ولكن قد يغير طريقة معيشته أو يلجأ إلى أماكن أخرى».

وشدد، على أن “العودة إلى القطاع الزراعي سهلة جدا بمجرد توفير المياه أو سقوط الأمطار، ولا توجد الآن هجرة بمعناها الكامل، ولكن هنالك حالات من طرق تبديل سياسة العيش”، مؤكدا أن “بعض الفلاحين تركوا أرضهم، ولكن ليس بصورة نهائية وإنما بسبب قلة المياه”.

إجراءات حكومية لتأمين “خبز العراقيين»

وفي السياق، أكد النايف، أن “الوزارة قدمت خارطة طريق إلى مجلس الوزراء، ووافق عليها وتم رفعها إلى مجلس النواب واللجنة المالية، بالإضافة إلى وضعها ضمن قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتي تأمل الوزارة أن تأخذ مداها في مجال التنفيذ”.

ونوه، إلى أن “الميزانية التي تستطيع حل المشكلات الحالية التي وضعت ضمن الخطة المقدمة لرئاسة الوزراء، هي قرابة التريليون و900 مليار للنهوض بالقطاع الزراعي بشكل كامل”.

وبين النايف، أن “الوزارة تنتظر إطلاق هذا المبلغ من أجل التواصل مع المزارعين وتقديم الدعم بالبذور والأسمدة واللقاحات البيطرية للدواجن للمساهمة في عملية تقليل أسعار البيض وأيضا دعم الفلاحين من خلال منظومات الري”.

وأردف، أن “الزراعة طلبت مبالغ أخرى بحدود الـ400 مليار دينار لمنظومة الري عن طريق المياه الجوفية خاصة وأن الوزارة لديها خطط ستراتيجية في صحراء المثنى والأنبار والنجف”.

وأوضح النايف أن “2022 يعد عاما جافا بشكل كبير مقارنة بالأعوام السابقة، فضلا عن تقليص المخزون المائي من قبل وزارة الموارد المائية بنسبة 60‌% عن العام الماضي، تزامنا مع الحرب الروسية الأوكرانية وغلاء المواد الغذائية، وهذه كلها أسباب متراكمة أدت إلى تقليص الخطة الزراعية، وبالتالي قدمت خطة بزراعة 6 ملايين دونم”، مبينا أننا “استطعنا زراعة مليونين ونصف وحدة زراعية على الإرواء ومليونين على الآبار وبالتالي خطتنا الإنتاجية لهذا العام قد تصل قرابة المليونين و500 ألف طن من الحنطة”.

وأكد أن “هذه الكمية إذ ما تم تحقيقها تعد إنجازا؛ لأنها تكفي العراق إلى نهاية العام الجاري وتؤمن الخبز للعراقيين، بالإضافة إلى أن رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي أتاح لوزارة التجارة توفير خزين ستراتيجي من الطحين والرز».

مليون دينار مقابل «الدونم الواحد»

بدوره قال رئيس الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية في ديالى رعد التميمي لـ(المدى)، إن “عددا من الفلاحين في محافظة ديالى قاموا ببيع مساحات من أراضيهم، عازيا الأمر إلى جفاف تلك المساحات وعدم القدرة على زراعتها، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعيشونه جراء شحة المياه».

وأضاف التميمي، أن “عددا من الفلاحين في محافظة ديالى أقدموا على بيع أجزاء من أراضيهم بسبب عدم وجود فائدة زراعية أو مادية منها بسبب الجفاف”، مبينا أن “نسبة الفلاحين الذين أقدموا على بيع أراضيهم تتراوح بين 10‌% إلى 15‌%”.

وأضاف أن “سعر الدونم الواحد بيع مقابل مليون دينار عراقي، وقد يصل إلى أكثر بقليل”، مبينا أن “الهدف من بيع الأراضي هو الحصول على مبالغ مالية تؤمن لهم العيش كون الجفاف انعكس سلبا على حياتهم الاجتماعية والاقتصادية”.

وأشار إلى أن “عددا من الفلاحين اتجهوا نحو مزاولة أعمال ومهن أخرى غير الزراعة بسبب الجفاف ومنها (العمالة)، أما البعض الآخر فذهب إلى محافظات أخرى بحثا عن العمل وإيجاد طرق جديدة تضمن لهم العيش”.

وبين أن “إيران وعدت بزيادة الإطلاقات المائية خلال الأيام المقبلة”، موضحا أن “زيادة الإطلاقات المائية من إيران إذا تحققت، فسيكون لها أثر جيد في حل أزمة الجفاف والتصحر في المحافظة”.

وكان البنك الدولي قد حذر في تشرين الثاني الماضي من أن العراق، البلد الذي يبلغ عدد سكانه 41 مليون نسمة، قد يعاني من انخفاض بنسبة 20‌% في موارد مياه الشرب بحلول عام 2050 بسبب تغير المناخ.