أكــرم الـعـقـيـلـي:العمارة مرآة لحضارة هذا المجتمع ومراحل تطوره و تجسيد لقيمه كوثيقة تأريخية و فنية

Monday 20th of June 2022 11:13:12 PM ,
العدد : 5209
الصفحة : عام ,

المسابقات المعمارية لها دلالة رمزية رسمية ووظيفية تعكس اهمية حضارية

حاوره: علاء المفرجي

القسم الثاني

ولد في بغداد وأنهى دراسته الأولية والأكاديمية فيها، حيث نال شهادة البكالوريوس من كلية الهندسة/ جامعة بغداد عام 1967،

ونال الماجستير من جامعة لندن.. تمتد خبرة المعمار اكرم العكيلي لاكثر من 40 عاما في مجالات العمارة والتخطيط والتصميم الحضري و ادارة مشاريع كبيرة عديدة في القطاعين العام و الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وانكلترا وتتضمن مشروعات التخطيط الحضري و التصمـيـم المعماري لمجمعات ذوات استعمالات متعددة ذات طابع رسمي و حضاري كمراكز الدولة وقصور الضيافة والمؤتمرات و البنية الثقافية و الصحية في القطاع العام ومجمعات استثمارية لشركات التطوير العقاري و مشاريع الحفاظ على التراث و البيئة المستدامة ، فاز في العديد من المشاريع من خلال المسابقات العمارية المهمة في المنطقة والتكليف المباشر في بغداد و الكويت و لندن و بيروت وباكستان والجزائر والامارات العربية وعمان بالفترة من العام (1972 - 2003).

حاورته (المدى) للوقوف عند أهم المحطات في حياته العامة والمهنية

 على هذا األاساس هل ترى المزاج الشعبوي الذي وصفه الكتور خالد السلطاني ما يسوغ ويديم ظاهرة التشويه هذه.. والامثلة كثيرة في التشويه الذي لحق بالحضرة الحسينية والعباسية وغيرها من تشويه للأرث المعماري؟

- وفيما يتعلق بظاهرة المزاج الشعبوي ودوره في «التشويه بالارث المعماري « الذي له أسبابه التي تم المرور عليها آنفا وادى الى غياب الوعي الاجتماعي الثقافي وتردي الذائقة الجمعية بانكفاء الطبقة الواعية وتراجع القيم المدينية الحضرية بتسيد القيم العشائرية فقد انتجت المرحلة امثلة كثيرة من التشويه العمراني والمعماري والفني التي لامجال لذكرها اصبحت معلما فجا ونموذجا لمدينة تم استباحتها، رغم المحاولات المتواضعة التي بدت وكأنها محاولة لترقيع شق كبير بخرقة صغيرة في مدينة علم وحضارة وتاريخ . كما يحصل في مدن اخرى .غير اننا يجب ان ننظر الى موضوع « التشويه في العتبة العباسية والحسينية « من زاوية اخرى تتعلق في توسعة وتسقيف الحضرة العباسية والحسينية كما ننظر اليها كمعماريين واثارين ومختصي الحفاظ العمراني على المباني التراثية فانه يجب تقييمها بمقاربة تخضع للدراسة والتحليل المهني والاجتماعي الممؤثر على اتخاذ القرار بالرغم من تباين التقييم حتى بين صفوف قطاع كبير من المثقفين وقسم من المعماريين فسوف نكتشف من خلال الدراسة بانها أقرب ومتطابقة مع حاجة الجمهور وذائقتة العامة و الذي يعتبرها انجازا مهما وكبيرا بتوفير البئية الوظيفية والخدمية المريحة في مختلف فصول السنة وخاصة فترة الصيف لزوار العتبات المقدسة كما انه يمثل انجازا كبيرا يعتز بها القائمين عليها كتعبيرا رسميا وشعبيا وعاطفيا وروحيا لتعظيم مكانة الائمة عليهم السلام ومراقدهم المقدسة بعد ان تعرضت للاضرار والتخريب والاهمال خلال وبعد معارك الانتفاظة الشعبانية .ان قرارالتوسع العمراني الذي يجري في العتبات المقدسة .جاء بهدف توفير المساحات والخدمات المطلوبة تنيجة لتعاظم عدد الزئرين من مختلف الرجاء العالم الاسلامي بمعزل عن تشكيل المحيط العمراني والنسيج الحضري للدينة القديمة وعلاقته العضوية التاريخية به والذي يبدو بان قرار الاستملاك، والهدم الذي جرى ركز على زيادة المساحات والفضاءات الخارجية بمعزل عن تخطيط مدروس يراعي استعمالات ووظائف الفضاءات المستحدثة والتي تشكل تكوينات المحيط العمراني، والانتقال الحركي و البصري بتسلسل فضاءاتها ومدلولاتها الانسانية والوظيفية والروحية. وهنا يكمن موضوع ماينظر له عمرانيا ك «تشويه « لنسيج المدبنة التراثي . غير ان الحدث المثير للتساؤل والاجابة المختلفة بين موافق يضم جمهور العامة من الزوار واعتراض تنظيري من المعماريين والمختصين بالتراث والحفاظ العمراني على قرار وطريقة تصميم واخراج مظهر تسقيف صحن العتبتين العباسية والحسينية التي تعتبره امانة العتبتين انجازاً مهما تم بجهود كبيرة يتناسب مع التعبير عن الرمزية الدينية والمكانة الروحية الكبيرة التي يوليها المسلمون للائمةعليهم السلام ومشاهدهم المقدسة ووظيفية لتوفير متطلبات الوظائف والخدمات المطلوبة للمناسبات الدينية نتيجة الى الزيادة الكبيرة والمطردة لاعداد الزائرين من كل بقاع العالم اضافة الى توفير الراحة والبيئة المناسبة لهم في فصل الصيف وأعتبر تسقيف الصحن في العتبتين الحل الامثل لها دون دراسة البدائل المتوفرة والتقنيات الاخرى التي تم إعادة النظر بها في العتبتين العلوية والعسكرية و تمت دراستها في العتبة الكاظمية والقرار بعدم التسقيف وإيجاد بدائل مرنة و مستدامة . وقد سبق وقدمت دراسة وتحليل معماري عمراني الى امانة العتبة الكاظمية في العام الماضي تؤكد اهمية الحفاظ على الصحن المكشوف ومدلوله الديني وأهميته الروحية الانسانية والتاريخية في عمارة المساجد والعتبات المقدسة، وهي موجودة لمن يرغب بالاطلاع عليه واقتراح بدائل تم اعتمادها

 إلى أي حد شكل التراث المعماري الشعبي في العراق الهاما للمعماريين الكبار لخلق نتاج معماري متقدم وللتعجيل بتطور هذا الفن؟

- يمكن تعريف التراث المعماري لمجتمع ما بإعتبار ان العمارة مرآة لحضارة هذا المجتمع ومراحل تطوره و تجسيدا لقيمه كوثيقة تأريخية و فنية و ثقافية اضافة الى كونه منتج ومراة لحركة المجتمع وقيمه المادية والروحية من خلال تفاعل الانسان بالمكان والزمان، والتراكم المعرفي المجتمعي تتمثل في منتجه من مجموعة المباني ( التراث المعماري) والمحيط البيئي المبني( التراث العمراني) والاثار والمنقولات الداخلية والخارجية ويعتبر التعامل مع التراث المعماري و العمراني في العالم أحد أهم الجوانب التي تؤثر على تنمية و تطوير الثقافة المحلية و على الثقافة الأنسانية بصفة عامة باعتبار ان المستقبل يبدأ بفهم الماضي و التعامل مع الحاضر، وبالتالي نقل فكر وحضارة الأجيال السابقة الى المعاصرة كذخيرة للتراكم المعرفي لدى الشعوب.. قد إختلفت أساليب التعامل مع التراث خلال القرنين الماضيين بأختلاف مواقف المجتمعات من هذا التراث.والموقف الرسمي والثقافي منه والتي تنعكس في الانظمة والقوانين التيي تتعلق بالتوثيق والمسوحات وصياغة القوانين للحفاظ عليه كمرحلة متقدمة تنعكس بالاهتمام في وضعه ضمن مناهج الدراسات التطبيقية في المعاهد او الدراسات في الكليات المعمارية، والتي لم تأخذ ذلك الاهتمام الكافي والمطلوب لجعله مادة حية وضرورة معرفية يؤسس عليها صياغة الفكر التصميمي او التنفيذي المعماري ..

وجامع الخلفاء يقودنا الى الإجابة على السؤال المطروح عن دور التراث المعماري المحلي في أعمال المعماريين الرواد والذي يبدأ من إستعراض منتجهم العمراني والمعماري لمحاولة فهم ومعرفة تحليلهم وفكرهم بالتعاطي مع مفردات العمارة المحلية والذي اجد بأنه يقودنا الى مدى تاثرهم بالمنهج الفكري للمدارس المعمارية التي تخرجوا منها وتأثيرها على منهجهم الفكري في فهم و تحليل المنتج المعماري التراثي وتطويعه بوضع اسس عملية التصميم في منتجهم المعماري والذي انعكس بشكل مهم وكبير في اعمال الكتور محمد مكية خريج ليفربول، وتأكيد منهجها الفكري والتحول الذي طرا عليه بعد الحرب العالمية الثانية بالتركيز على اولوية الجانب الحضري و التخطيط العمراني في تصميم المشاريع واعمال رفعت الجادرجي التي تأثر بالتوجه الفني لمدرسة همرسميث. كما لايفوتني ان اذكر محاولات الاساتذة الكبار في محاولاتهم المحدودة الذي ظهر في التعاطي مع عمارة التراث في منتجهم المعماري كقحطان المدفعي وقحطان عوني وهشام منير واخرين بعدهم .

 وبماذا تميز المنجز المعماري لهؤلاء؟

- تميز منجز الدكتور محمد مكية في البحث في خصوصية المكان والتعاطي مع المفردات التكوينية المستقاة من رموز العمارة المحلية والاقليمية للتأسيس لمشروع فكري متفاعل مع المجتمع والمدينة و تكريس انتماء العمارة الى خصوصية بيئتها وماجاورها ويحيط بها لتحقيق منتج معماري لايطابق المنتج الماضوي بمقاربة تخطيطية ومعمارية باعادة انتاج والتزاوج بين الموروث الفكري البنائي الثري للعراق والمنطقة وتقنيات العمارة الحديثة لانتاج عمارة بخصوصية متفردة لذلك تعتبر اعماله من اهم الامثلة الناحجة لظاهرة اقتران مبادئ العمارة المعاصرة وقيمها التقنية مع المفاهيم البنائية المحلية والاقليمية والتي افضت لتأسيس تيار معماري معاصر منح العمارة العراقية والعربية دفقا متجددا لتكون محاولته ونجاحه في تأسيس مدرسة العمارة العراقية اهم منجز ترجم محاولته ابراز الخصوصية المحلية المعاصرة .

لقد تعامل الاستاذ الجادرجي مع مواد البناء المحلية “ الطابوق” بعمارته بعناية ومنحى فكري تمخضت عنه منجزات معمارية تميزت بالسعي الدائم لللتفرد وتكريس الخصوصية المحلية واقحامه في الحداثة التي تجسدت من خلال تاثره باعمال الفنان جواد سليم التي تمخضت في منجزهما المشترك في نصب الجندي المجهول الذي يعاني من الاهمال حاليا بعد ان اصبح رمزا لبغداد حاول من خلالها التعبير عن الموروث المحلي في العمارة العراقية بصبغة حداثية في الهيئة ورمزية في الشكل. . واستمرت محاولاته في البحث في موضوع العمارة عبر عنها في العديد من كتاباته بالكشف عن بنيوية العمارة خارج التشكيلات الهندسية وتحليل علاقة الانسان بالعمل وحاجاته السكولوجية والنفعية والجمالية وتاثير التطور الحضاري في التوازن بين الدوافع التقنية والرمزية والدوافع الجمالية كما قاد الجادرجي برنامج التطوير العمراني والحفاظ لمناطق بغداد التراثية عند تسلمه مسؤولية تحديث بغداد من خلال موقعه كمستشار لامين العاصمة في اوائل الثمانينيات بدعوة وتكليف عدد من المعماريين العالميين الكبار لتصميم مواقع بغداد التراثية في ساحة الخلاني وباب الشيخ وشارع الخلفاء ومنطقة جامع الخلفاء والكاظمية وابي نؤاس وساحة الميدان وشارع حيفا والذي مثل برنامجا طموحا لتطوير المناطق التراثية العمراني والمعماري لم يكتب له الاستمرار والنجاح وتوقف في ثمانينيات الحرب العراقية الايرانية. على انني ومن وجهة نظري لااعتبر ما تم من تصميم وتنفيذ مشاريع الرئاسة من عمارة قصور وجوامع في فترة التسعينات كمنتجات معمارية ناجحة او مهمة لاسباب تتعلق بمقياس المباني وباستعمال مادة الحجر الغريبة عن عمارة وسط وجنوب العراق في التكسيات الخارجية ومحاولة المعمار تقليد وتشكيل عناصر معمارية واحيانا غريبة ومشوهه كمظهر من مظاهر العمارة الشمولية .

 ماذا عن المسابقات المعمارية هل ترى فيها ضرورة معينة، أم تجاوز لاعمال مهمة لصالح عمل واحد فائز؟

- تتميز المسابقات المعمارية التي تدعو لها المؤسسات الرسمية المحلية او المنظمات الدولية لمشاريع ذات دلالة رمزية رسمية ووظيفية متخصصة ولمشاريع تعكس اهمية حضارية او ثراء للدولة وتسويق دورها السياسي على الصعيد الاقليمي او الدولي وشركات الاموال والمصارف والاستثمار العقاري والسياحي والتي عادة ما يتم اعلان عن دعوة مفتوحة او مباشرة لمكاتب تصميم استشارية مختارة محدودة ذات سمعة وخبرة مهنية في نوع المشروع المعلن محلية او دولية متخصصة للمشاركة فيها و تمر في مرحلة التاهيل وابداء الرغبة بالمشاركة لتطابق أمكانياتها الفنية وخبراتها في سوق القطاع العمراني والمعماري ضمن شروط تعتمد المعايير الدولية في ادارة المسابقة والتعريف المسبق لاعضاء لجنة التحكيم.و التي تقوم بدورها بعد الاطلاع ودراسة شروط المسابقة ومتطلبات المشروع بوضع معايير للتقييم وأختيار الفائز والتي يغلب على معظمها الاتفاق بالاغلبية ونادرا ما يكون اختيار المشروع الفائز من بين المشاريع المقدمة باتفاق كامل الاعضاء بل تكون النتيجة باختيار « المشروع الافضل « من حيث تلبية متطلبات المشروع او لتوجه فكري فرداني مميز

لقد ساهمت المسابقات المعمارية المحلية والدولية بتطوير خبرة المكاتب الاستشارية الهندسية اوطلاب الجامعات المعمارية احيانا وتحفيزها على المشاركة والمنافسة لتطوير الخبرة و المعرفة المهنية من خلال الدراسة والبحث لتقديم الافضل من المخرجات التي تتضمن منهج التحليل الفني للموقع والبيئة وثقافة الجهة صاحبة المشروع والمتطلبات الوظيفية والرمزية والفلسفية احيانا في منهج التصميم وتقنية الاخراج وعرض المخرجات وتقديمها وهناك امثلة عديدة على ظهور مكاتب او معماريين مغمورين من خلال فوزهم بمسابقة تصبح مادة مهمة لترويج اعمالهم محليا ودوليا، ولايفوتني ان اذكر اهتمامي ومنذ تأسيس مكتبي الاستشاري « مركز العمارة « الذي اصبح الان « محترف العمارة» بالمشاركة في المسابقات المعمارية وبالرغم ماتتطلبه من جهد وكلفة كبيرة والفوز بمعظم ماشاركنا فيها في العراق والمنطقة ومنها مشروع « مجمع المؤتمرات « و» الديوان الاميري ومجلس الوزراء « و1980 -1982 في الكويت ومقر « الجامعة العربية في تونس» بالمشاركة مع مكية ومشاركوه -لندن بنفس الفترة و» قصر الضيافة الرئاسي «في الموصل بالعراق -1984 ومبنى « دائرة الاشغال والحسابات « و « مؤسسة الشيخ زايد الخيرية والاجتماعية « - 2000 في ابو ظبي.

 وهنا تاتي في خاطري المسابقة عن اعادة اعمار جامع النوري؟ وما حصل بعدها؟ هل اعتراضك كان على الفائز ام عن المسابقة ؟

- فيما يتعلق بـ «جامع النوري» وما اثير حولها من اهتمام الاوساط المعمارية والاثارية والفنية من موضوعة تسمية اعضاء اللجنة التوجيهية ولجنة التحكيم ومنهج المشروع ومعايير تأهيل المكاتب الاستشارية واختيار المشروع الفائزالتي اثارت الكثير من الانتقاد والتحفظات والاعتراض التي وصلت الى التشكيك ب « النوايا « . علما بانني وكمعمار مسؤول وعلى دراية تامة بتحديات التحضير وادارة عمل من هذا النوع أبديت تحفظي ومشاركتي لزملائي في الملاحظات على المخطط العمراني الذي أختصر المشروع بمساحة محدودة مقتطعة من المدينة القديمة ولم يتضمن دراسة دقيقة ومخرجات لمجاورات الموقع وارتباط نسيجها العضوي التراثي اضافة الى الملاحظات حول المعالجات المعمارية والتخطيطية التي تفضل بها زملائي المعماريين و لم اعترض على النتائج لإدراكي بان هناك العديد من الاسباب والمبررات الغير معروفة لنا والتي قد لا تبدو مقبولة منا، ادت لهذا الاختيار الذي احيانا مايكون ك» افضل المشاريع المقدمة « والتي تعود من وجهة نظري وبشكل اساسي الى تعثر منظمة اليونسكو بادارة المسابقة في مراحلها المختلفة لتعدد الجهات صاحبة القرارمن الجهة الممولة والجهات المستفيدة المتمثلة بالوقف السني ووزارة الثقافة ومحافظة الموصل والمستشارين المعينين من جامعة الموصل و»ممثلي المجتمع المدني « اضافة الى غياب دور المعماريين العراقيين المختصين المعدودين في الحفاظ العمراني في مرحلة المراجعة والتقييم واختيار الفائز يضاف لها تأثير البيروقرطية الادارية والاعلام و العلاقات العامة على عمل اليونسكو والذي يبدو وكما اعتقد تغيير تسمية عنوان المسابقة بدءا من اعلان مبادرة دولة الامارات العربية المتحدة ب « إعادة اعمار المعالم التاريخية في المدينة « الذي تحولت تسميته الى « إعادة اعمار جامع النوري « ثم الى « إحياء روح الموصل « ثم لعنوانه الاخير « إعمار مجمع جامع النوري» «

علما بان لكل من هذه التسميات رؤيا و دلالة مهنية وبرنامجا مختلفاً وايحاءً فكريا عمرانيا بمتطلبات عمل ومنهج يختلف في مضمونه الاعتباري والانشائي التكويني من اعادة اعمار الجامع الى اعطاء الاولوية للبعد الوظيفي لمباني مدرسة ومتحف مستحدثة تم إقحامها في الموقع بغياب التأكيد على دور التشكيل العمراني للمئذنة الحدباء كعنصر التكوين الاساسي في تخطيط الموقع والمعبرعن هوية المدينة الرمزية والتاريخية هذا التغيير الذي عكس الإرباك في تحديد منهج المشروع لتعدد الرؤى وخلف ايهاما عن الرؤيا العمرانية الحقيقية المطلوبة بغياب قرار سياسي غفلت عنه مؤسسات الدولة المعنية بالتراث دون مشاركة من المعماريين اصحاب الاختصاص في فريق ادارة المشروع “ كما جاء بالاعلان وارست قواعد مغيبة لمؤسسات قد لاتملك الخبرة المطلوبة والاهتمام بالمسؤولية الحضارية مما انعكس باختصار دراسة الموقع على مسوحات تاريخية محدودة ودراسة غير مكتملة بالبيئة العمرانية التراثية الثقافية الاجتماعية والاقتصادية والمهنية للمدينة القديمة نتيجة لدمارها وصعوبة تنظيم زيارات موقعية للاستشاريين للتواصل مع وادراك البعد المكاني والزماني والروحي للموقع الذي يعتبر البؤرة العمرانية والروحية للمدينة القديمة وارتباطها بالجانب الروحي والجمالي والتعليمي والسياسي وذاكرته الجمعية التي تم الاجهاز عليها ومحاولة محوها من ثقافة المدينة السائدة قبل احتلالها من قبل الارهاب التكفيري وتدمير معالمها العمرانية والدينية والثقافية . ( يراجع مقالي في مجلة “ماكو” العدد الاخير 2021».

ويدعونا دراسة تطوير التخطيط العمراني لموقع مشروع “ مجمع جامع النوري “ والتخطيط لمشاريع الحفاظ والترميم المستقبلية الى مراجعة ودراسة النموذج العمراني والمعماري الرائع لمشروع الحفاظ والترميم والتطوير في عمارة “ جامع الخلفاء “ في بغداد “ عله يقودنا الى الاجابة على الكثير من التساؤلات المهنية والفكرية المطروحة حول فكر التراث والمعاصرة في مشروعنا المذكور بالتاكيد على اهمية التراث الفكرية. .

فأن روعة عمارة جامع الخلفاء تكمن في عدم إغفال المحيط العمراني للموقع المحدود المساحة بوجود مئذنة تاريخية وحيدة وشاخصة بأهميتها ضمن منطقة تاريخية من مدينة بغداد وهيئتها المميزة بل اعتمد منهج بحث ودراسة لسجل الموقع والتاريخ البنائي والعمراني اضافة الى العناصر والرموز المالوفة للذاكرة الجمعية لاعادة تأويلها وانتاجها للتاكيد على مركزية المئذنة باعتبارها بؤرة المكان العمراني واختيار الكتل البنائية بالمقاييس المناسبة لطبيعة المبنى والمحيطه العمراني الذي شكل المسجد المضاف امتدادا عضويا لنسيجه البنائي تكامل مع تطوير ومعالجات السطوح بعناصر و رموز من العمارة المحلية وصهرها ضمن منتج يتماهى مع متطلبات الحداثة في الهوية المعمارية المحلية.