دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

Saturday 10th of July 2010 04:45:00 PM ,
العدد :
الصفحة : ملحق اوراق ,

لكن الفكرة المركزية التي سيطرت على دستويفسكي كانت الله والذي تبحث عنه شخصياته دائما من خلال الأخطاء المؤلمة والإذلال.يقول دستويفسكي على لسان الأمير فالكوفسكي في رواية مذلون مهانون (.... لكنك شاعر ,وأنا إنسان فان بسيط, ولذلك سأقول لك يجب على المرء أن ينظر إلى الأشياء بسهولة اكبر ومن وجهة النظر العملية, فأنا كفرد قد حررت نفسي منذ زمن طويل من كل القيود وحتى الالتزامات , فأنا اعرف الالتزامات فقط حين أرى أن لدي شيء ما أستطيع الحصول عليه بها.

أنت , بالطبع لا تستطيع رؤية الأشياء بهذا الشكل فأقدامك مقيدة وطعم الأشياء عندك سقيم أنت تتوق للمثال , للفضيلة , لكن يا صديقي العزيز أنا مستعد لمعرفة أي شيء تخبرني به, لكن ماذا سأفعل إذا كنت أعرف حقا أن في جذر كل الفضائل الإنسانية تقطن الأنانية الأكثر حدة). ولد فيدور دستويفسكي عام 1821 في أسرة مطبب بمستشفى الفقراء في موسكو حيث تلقى تعليمه في البيت وفي مدرسة خاصة وبعد فترة قصيرة على وفاة أمه عام 1837 أرسل إلى سان بطرسبرغ حيث دخل الكلية الهندسية العسكرية. في عام 1839 توفي ميخائيل اندريفتش والد دستويفسكي  بالسكتة الدماغية وقيل أنه قتل على يدي بعض اتباعه.تخرج دستويفسكي من الكلية الهندسية العسكرية حيث استقال في عام 1844 لتكريس نفسه للكتابة . في الرابعة والعشرين من عمره أنجز روايته الأولى (المساكين) والتي نجحت نجاحا كبيرا حيث أشاد بها النقاد كثيرا وخصوصا الناقد الروسي الكبير بلينسكي الذي رحب به ك(غوغول جديد) حيث قال  دستويفسكي كلمته الشهيرة ( كلنا قد خرجنا من معطف غوغول) . في عام 1846 انضم دستويفسكي إلى مجموعة (الاشتراكيين الطوباويين) الذين تجمعوا في بيت ميخائيل بتراشفسكي . كان بتراشفسكي اشتراكيا غريب الأطوار , حيث ذهب مرة إلى الكنيسة بثياب امرأة وقد وضعت الشرطة السرية وكيلا لها في المجموعة وفي نيسان من عام 1849 اعتقل دستويفسكي خلال قراءة رسالة راديكالية للناقد الشهير بلينسكي (وهي مجموعة من القطع الأدبية كتبت من المحرر إلى صديق) وحكم عليه بالموت , هذا الإعدام اللامعقول صدم الكاتب كليا , وقد خفف عليه الحكم من الإعدام إلى السجن في سيبيريا حيث أمضى دستويفسكي أربعة أعوام محكوما بالأشغال الشاقة كان فيها يلبس القيود مع الكثير من المدانين الآخرين الذين ارتكبوا جرائم قتل. في عام 1854 أطلق سراحه حيث استخدم كجندي عادي في (سيمبالتنسك) . كونت هذه التجارب موضوعا لأعماله المستقبلية حيث عكس أبطاله وبطلاته قيما أخلاقية كانت مهمة بشكل حيوي لمؤلفها , لقد كانوا رجالا ونساء عمليين انعكست أفكارهم على الشباب في روسيا. خلال سنواته في سيبيريا اصبح دستويفسكي نصيرا للملكية وتابعا مؤمنا للكنيسة الأرثدوكسية الروسية. عاد دستويفسكي إلى سان بطرسبرغ عام 1859 ككاتب ذي رسالة دينية حيث نشر ثلاث روايات أخذت بمختلف الطرق خبرته في سيبيريا وهي ( ذكريات من بيت الموتى) 1861 –1862 (مذلون مهانون) 1861 , ( ذكريات شتاء في مشاعر صيف) 1863 .في تلك الفترة كان قد تزوج من ماريا لاساييف وهي أرملة بعمر 29 سنة . بين عامي 1861 و1863 عمل كمحرر لمجلة دورية شهرية أغلقت فيما بعد بسبب مقالة عن الانتفاضة البولندية . في عام 1862 سافر دستويفسكي للمرة الأولى إلى فرنسا وإنكلترا ثم سافر مرة أخرى إلى أوربا عام 1863 وعام 1865 حيث توفت زوجته وأخيه , عندها أصيب بهوس القمار وتراكم الديون  وأعراض الصرع المتكرر.وفي اضطراب أعوام الستينات ظهر كتابه (ملاحظات من تحت الأرض) وهو دراسة نفسية للاغتراب حيث مثل هذا الكتاب حدا فاصلا في تطور دستويفسكي الفني. في عام 1866 كتب روايته العظيمة (الجريمة والعقاب) وفي عام 1872 كتب روايته الشهيرة (الممسوسون) والتي صور فيها شخصية السيد المسيح بصورة الأمير ميشيكين حيث كشف من خلاله عن الإفلاس الروحي لروسيا واستكشافه لفلسفة العدم. في عام 1867 كان تزوج ثانية من آنا جريجورفينا كاتبة الاختزال عنده وهي بعمر 22 سنة والتي تبدوا أنها فهمت هوس زوجها واهتياجه لتفادي دائنيه. غادر دستويفسكي روسيا معها حيث قضيا أغلب الأوقات في ألمانيا,إيطاليا وسويسرا في فقر مدقع .كان في أغلب الأوقات مهووسا بالقمار لكن شهرته في روسيا بدأت تنمو وحينما أحرزت روايته(الممسوسون) النجاح عاد إلى روسيا واشترى منزلا. من عام 1873 إلى عام 1874 أصبح دستويفسكي محررا لمجلة (المواطن المحافظ) الأسبوعية وفي عام (1879 – 1880) صدرت رائعته الشهيرة (الأخوة كرامازوف) حيث عرف في بلادة كأحد كتابها العظام وصوت الشعب الأصيل في فترة الأزمة التي حلت ببلاده. توجت رواية دستويفسكي الأخيرة (الأخوة كرامازوف) هوسه الدائم بجريمة قتل الأب , الافتراض بان أبيه قد قتل ترك في نفسه آثارا عميقة .رواية الأخوة كرامازوف حول حبكة بسيطة هي اغتيال الأب في عائلة كرامازوف , أحد الأبناء وهو ديمتري يعتقل. يمثل الأخوة ثلاثة سمات من وجود الإنسان , العقل (ايفان), العاطفة(ديمتري) ,الأيمان (اليوشا) هذا الموضوع يتحول إلى بحث روحي وأخلاقي عن المجتمع المعاصر. عانى دستويفسكي من الصرع طوال حياته إلى أن توفي في التاسع من شباط عام 1881 في سان بطرسبرغ ودفن في دير الكساندر نيفسكي . آنا جريجورفينا كرست بقية حياتها لحفظ التراث الأدبي لزوجها . أرهصت روايات دستويفسكي بالكثير من أفكار نيتشة وفرويد وقد تأثر دستويفسكي بقوة&a