برتولت بريخت والمسرح العراقي

Friday 16th of July 2010 04:58:00 PM ,
العدد :
الصفحة : ملحق منارات ,

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية \"المتحدثون الصامتون\"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت بريخت، احد ابرز كتاب الشعر

 والمسرحية في القرن العشرين لرحيله. ولهذا العرض في الولايات المتحدة الآن مغزى خاص حيث ان هستيريا الحرب الباردة التي طغت على هذا البلد خلال قرابة خمسة عقود، وغيبت الكثيرين من رموز الثقافة والتنوير، واجبرتهم على مغادرة البلاد او الاعتكاف او السجن ، قد ولت. ويجري منذ انهيار الحرب الباردة المشينة اعادة الاعتبار لضحايا تلك المرحلة المظلمة وعرض نتاجاتهم وطبع كتبهم في الولايات المتحدة الامريكية او في روسيا على حد سواء. وهكذا جرى ، على سبيل المثال، انتاج فلم امريكي عن حياة تشارلي شابلن في السنوات الاخيرة بعد ان منعت كل نتاجاته بحجة الشيوعية و تهمة النشاط المعادي للولايات المتحدة واجبر على مغادرة البلاد. لقد طالت هذه الهيستيريا ابرز كتاب المسرح وهو برتولت بريخت بنفس التهمة واضطر هو الآخر الى مغادرة البلاد في عام 1947. وقد تطول القائمة، والحيز لا يسمح بذلك، لو استعرضنا جميع الكتاب والمسرحيين والفنانين ونجوم السينما والتنويريين والفلاسفة وعلماء الاجتماع والاقتصاد والشخصيات السياسية والنقابية والمهنية ممن طالها سيف الحرب الباردة وشرورها والتي سادت العالم شرقها وغربها مما الحق أضراراً جمة بالمجتمع الامريكي وفي الثقافة والوجدان والضمير فيه، ناهيك عما لحق من اضرار بالثقافة في العالم عموماً. ولد بريخت في عام 1898 في مدينة اوغسبرغ من محافظة باير جنوب المانيا عن أب كاثوليكي وام بروتستانتية. وبدأ بكتابة الشعر في سن مبكرة ، ونشرت اولى مقطوعاته الشعرية في عام 1914. وعندما انهى بريخت المدرسة الابتدائية انتقل الى \"غومنازيوم كونيغليشزه\" لاكمال دراسته المتوسطة. وفي عام 1917 سجل في جامعة لودفيغ ماكسيمليان في مدينة ميونيخ لدراسة الطب. وبعد انهاء الخدمة العسكرية كطبيب متدرب في الجيش، تابع الدراسة في الطب والتي سرعان ما تركها في عام 1921. وبعد احداث الثورة البافارية في عام 1918 كتب اول مسرحية له وهي \"بال\" والتي اخرجت 1923 في عام ولقت نجاحاً كبيراً. بدأ ارتباط بريخت بالشيوعية عام 1919، عندما انضم الى الحزب الديمقراطي الاشتراكي المستقل. واثناء ذلك اقام علاقة وطيدة مع الكاتب الالماني ليون فوشتوانغر والتي كانت لها اهمية كبيرة بالنسبة الى الكاتب الشاب من الناحية الادبية. ونصحه فوشتوانغر بالانضباط بقدر ما يتعلق بكتابة المسرحيات. وعين بريخت في عام 1920 كمشاور اساسي في اختيار المسرحيات في كمرسبايد في ميونيخ. وبعد علاقة عاطفية مع فراولين باي ولد ابنه الاول فرانك. وفي عام 1922 تزوج من الممثلة ماريان زوف. وتم تعيين بريخت في عام 1924 مستشاراً لمسرح ماكس راينهاردت دويتشس في برلين. وصعد نجم بريخت مع عرض مسرحيته \"تشرد في الليل\" (1924) واستمرت مع عرض \"اوبرا الشحاذين\" او \"اوبرا القروش الثلاثة\" للمؤلف جون غاي، والتي اتفق على تلحينها مع الموسيقار كورت ويل.وفي حوالي عام 1927 شرع بريخت بدراسة كتاب \"الرأسمال\" لكارل ماركس، وتأثر بمفهوم البناء الفوقي الذي طرحه ماركس والذي اصبح محوراً في مفهوم بريخت لنظريته المسرحية. وغدا بريخت، في عام 1929، عضواً في الحزب الشيوعي الالماني. وقام اثناء عمله في مسرح شيفباوردام بتدريب الكثير من الممثلين الذين تحولوا الى نجوم في عالم المسرح والسينما الالمانية ومن بينهم اوسكار هومولكا وبيتر لور والمغنية لوت لينيا زوجة كورت ويل. وعمل بريخت مع هانس ايزلر على انتاج فلم سياسي هو \"كوهله وامب\"،وهو الاسم الذي كان يطلق على احد الاحياء الفقيرة التي تحتضن العاطلين عن العمل. وسمحت السلطات بعرض الفلم في عام 1932 الا انه سرعان ما منعته السلطة النازية الجديدة التي سيطرت على الحكم حينذاك. في عام 1930 عرضت مسرحيته الملتزمة سياسياً وهي \"الاجراءات اتخذت\" والتي تتميز بالمباشرة واللاعاطفية، والتي تحفظ الحزب الشيوعي الالماني عليها لتضمنها قدراً من التطرف السياسي. ان الدرس الذي يقدمه بريخت في هذه المسرحية هو التضحية بالفرد بأي نحو من اجل توفير الحرية للبشرية في المستقبل. في عقد الثلاثينيات من القرن العشرين فرضت السلطة النازية حظراً على جميع مؤلفات بريخت ومسرحياته واشعاره. وغالباً ما كان البوليس يهاجم دور العرض ويوقف عرض مسرحيات بريخت. ولذا قرر بريخت الهجرة الى الدانيمارك واستقر في جزيرة فين حتى عام 1939. ثم رحل الى فنلندا حيث استقر في مدينة ليتي وكضيف على الكاتب الفنلندي هيلا ويوهلجوكي. وهناك كتب بريخت مسرحيته الشهيرة \"السيد بونتيلا وتابعه ماتي\" في عام 1940. وفي نفس السنة كتب مقالته الشهيرة \"حول المسرح التجريبي\" حيث القى فيها ضوءا على اعمال فاختانغوف وانتوين ومايرهولد وراينهاردت واوخلوبوكوف وستانيسلافسكي وجيسنر وغيرهم من المسرحيين الانطباعيين. ون