إســـلام الـبـراغـمـاتي !

Monday 26th of September 2022 11:31:56 PM ,
العدد : 5272
الصفحة : آراء وأفكار ,

محمد حميد رشيد

رغم إن الإسلام دعوة إلى الإلتزام الإخلاقي العقائدي إلى درجة المثالية الإخلاقية ورغم أن التطبيق هو معيار الإلتزام الفكري والعقائدي وإن (السلوك) هو الصورة الحقيقية لأفكار الإنسان وإن الإسلام مناقضاً للبراغماتية ولكننا نجد أن الاحزاب الدينية في العراق إستسلمت إلى الواقع كي يفرض عليهم معنى الحقيقة حيث لا حقيقة مسبقة! كما تقول البراغماتية ؛

و أن المنفعة العملية هي المقياس الاول للنجاح وإن هذه المنفعة يمكن تسخيرها( فيما بعد) لخدمة العقيدة وإن السياسة هي تحقيق مصلحة ذاتية بل أن واجب (العقل) هو خدمة النجاح والنجاح هو تحقيق المصلحة لذا لا حقائق مسبقة ولا ثوابت أخلاقية إلا بالقدر الذي يخدم المصلحة بل وذهبوا (الأحزاب الطائفية في العراق) أيضاً إلى الميكافيلة (الغاية تبرر الوسيلة) وما دامت الغاية شرعية بل (دينية) صالحة وأن الهدف الأخير هو (خدمة المذهب والقضاء على الأعداء المفترضون للدين أو المذهب) فهذا كافي لتبرير كل ما يمكن أن تفعله أحزاب السلطة الدينية وهم بهذا أصبحوا مزيجاًعضوياً متجانساً من البراغماتية باسوء صورة لها والميكافيلية لذا كان فسادهم خرافي (ملياري) وتجاوزهم على القانون والدستور جريء بجراءة المجاهد الذي عاش عمره يصارع السلطة وخارجاً عن القانون وقد لا يدور في عقله أنه يرتكب جريمة ما مهما فعل وإن القوانين الوضعية ليست جديرة بالإحترام ولا هو يرتكب معصية بل هو يعمل في خيمة (المقدس) ويحارب أعداء الدين ولا يسمح لهم بالإقتراب من موقع القرار في حرب (مقدسة هي الأخرى) وحرب ضد الفاسدين والمخربين من أعداء الدين لذا فهم يسخرون الدين لتحقيق مأربهم الفاسدة والدنيئة. ثم انهم عانوا ما عانوه من الحرمان والإضطهاد بكل أشكاله لذا لابد من (التعويض) والإنتقال إلى مرحلة قطف ثمار (الجهاد) حتى تحول (الجهاد) إلى وظيفة مربحة تدر الأموال والمناصب والإمتيازات والهديا والمنح! والصلاحيات وذلك من حقهم الشرعي. وما الديمقراطية لديهم إلا وسيلة آنية للوصول إلى الغاية المقدسة الخالدة!

وبهذا تكون التيارات الإسلامية العراقية المشاركة بالعملية السياسية الحالية (براغماتية) بإمتياز وميكافيلية بشكل مطلق! حتى شاع الفساد المريع في تجربتهم السياسية العملية وصدرت لهم فتاوي تبرر لهم سرقاتهم وفسادهم اللعين! ولم يكونوا مكترثين لهذا الفساد طالما أن الجميع مشارك فيه وإن هدفهم (مقدس) و وسائلهم (مقدسة) يبرر لهم كل هذا ؛ ورغم فشلهم الواضح في إدارة الدولة فهم غير مستعدين للتخلي عنها وعن المناصب والأمتيازات فيها لذا فإنهم في تصارع مستمر حول تلك المناصب الذي جرى تسعيرها علناً وإن الكعكة يجب أن تقسم بعدالة بين كل الأطراف (محاصصة). ورغم أن معظم الأحزاب المشاركة في الإنتخابات هي أحزاب دينية (طائفية) فإن جميع تلك الأحزاب مجمعة على وجود تزوير فيها منذ عام 2005م لغاية آخر إنتخابات عام 2021م ومع كل هذا الفساد والفشل والتزويرفإنهم حريصين جداً على التمسك بالشعائر الدينية (خصوصاً أمام الناس) لكي يوحون إلى الشعب العراقي بإنهم ملتزمين بالإسلام أشد الإلتزام الإخلاقي ! ! !.

وطبعاً إن هذا السلوك يعبر عن مستوى (الجهل) والذي رافقه (الإنحطاط الإخلاقي) لذا أصبح الفساد والإرهاب متلازمين من متلازمات العملية السياسية الحالية ومكمل أحدهما للأخر فسرعان ما يظهر السلاح والعنف على سطح إي إختلاف سياسي لحماية المفسدين بل إن الإختلاف السياسي (رغم أنه مسألة طبيعية) لا مبرر له أمام المصالح الشخصية والحزبية وإن الخلافات قد تكشف الفساد وقد تعرقله أو تأخره أو تقلصه وإن اي خلاف فكري يمكن حله عبر الإتفاق على تقاسم المصالح والمنافع والحصص (الكعكة) فإذا حصل هذا الإتفاق فلا خلاف ! لذا لا معنى لأي معارضة سياسية وأي معارضة مهما كان شكلها وحجمها لابد أن (تقمع) بقوة و وحشية (سواء بالتهديد أو الإختطاف أو القتل) وتلك وهي دعوتهم ؛ وإن التغيير مرفوض تماماً لأن نتائجه وخيمة وكارثية وقد يؤدي إلى كشف الفاسدين ومن يقف ورائهم وعليه يجب أن تكون الكتلة السياسية مقدسة بالخطوط الحمر وتيجان الرأس ولا مجال لمسها او مجرد التعريض بها وإن (المحاصصة) لا تعني المحاصصة السياسية فحسب بل هي محاصصة المغانم والمناصب والمفاسد والتستر عليها من الجميع (حفاظاً على العملية السياسية المقدسة هي الاخرى) وإن الفساد الطائفي متصالح ما دام يدور في فلك العملية السياسية الفاسدة وسرعان ما تتداعى تلك القوى السياسية لإنقاذ إي (مفسد) قد يتعرض للخطر أو الفضيحة فالفساد بالعراق خط أحمر وقد يلبسوه ثياب الحصانة أو التقديس! (ويطلقوا عليه المشاركة السياسية) وفي المحصلة الأخيرة (لا تغيير). لذا فهم قد أسائوا إلى معتقداتهم الدينية وأسائوا لأفكارهم التي كنوا يدعون لها ويفتخرون بها فلا مثالية واقعية ولا إحترام للصفة الدينية ولا إلتزام بالأخلاق الإجتماعية وهم يجهلون المقدس إلا بأنه الوسيلة المضمونة للكسب كما هو وسيلة لشرعنة الممنوع و (الحرام) ومن مصلحتهم الجهل بالحقائق الدينية التي تفضح فسادهم وتكشف سؤتهم لذا هم يباركون ويشجعون الممارسات والخطاب العاطفي وإجترار الماضي السحيق الذي لا مجال لمناقشته أو تغييره فهم يعتقدون إن غياب الوعي الوطني سيخدم غاياتهم ويطيل بقائهم لذا فإن مصداقيتهم ليس في تطبيق الغاية من الإسلام ولا الإقتراب من روح الدين وتعاليمه وتطبيقها العادلةعلى أرض الواقع ليثبتوا للعالم إن (الدولة الإسلامية) المنشودة هي أمل الأمة في الخلاص من التبعية وتحقيق العدالة والنزاهة والسمو (كما كانو ينظرون لها وهم في المعارضة) بل أنهم أثبتوا عند التطبيق الفعلي فشلهم الذريع ففسدوا وظلموا وقتلوا ولم تتحقق للجماهير الشيعية شيء من العدالة بل بالغوا في الفساد الذي عم كل مؤسسات الدولة ولم يستقوا بعدالة الإسلام ولا زهد الأمام علي وأغرقوا الناس بالعزاء والمواكب والمناسبات الدينية هذا هو جل ما قدموه وفعلوه لكي يشغلوا الأمة عن واقعها أو التفكير في مستقبلها أو محاسبة سراقها وبالعكس كان وعي الأمة الوطني من غير الأحزاب الدينية التي ناصبت الوطنية في (أغلب الأحيان) العداء خصوصاً عندما يتبنى الخطاب الوطني تحقيق العدالة والدفاع عن حقوق الأمة وسيادة الوطن ومحاربة الفاسدين ومحاسبة القتلة والمجرمين وتحقيق نهضة إقتصادية وحضارية.

طغمة الأحزاب الطائفية هذه اساءت إلى الإسلام وإلى التجربة الإسلامية حين ناصبت العداء للوعي وأصطفت مع الجهل والخرافة والفساد. وهم في معركة خاسرة حتماً أمام الوعي الحضاري وأمام الوعي الوطني وأمام الوعي الشعبي وسيتحولون من (دعاة) للحق إلى (رعاة) للجريمة بكل انماطها وأشكالها ثم يسقطون سقوطاً مريعاً فهم على باطل وتخلف ومنهم الساكتين عن الحق لكن المستقبل لدعاة الوطنية وجماهيرهم التي بدأت بالإتساع وزداد وعي الأمة وانكشف الفاسدين ويكذب من يقول أن اللطم على الحسين يغفر لهم فسادهم وخيانتهم بل الحسين دعوة للثورة على الظلم والإنحراف وموعدنا قريب جداً عندما يشرق الصباح وسيشرق غداً بالتأكيد وغداً نجد من يدعوا إلى الأسلام العادل النقي من الخرافات والفساد والجهل والظلم والطائفية ويحارب من أجل العدالة والمساوات ونشر الخيربين الناس ويدعو للحب والامل