العمود الثامن: الحلبوسي وحكاية لا تنتهي !!

Tuesday 27th of September 2022 12:03:28 AM ,
العدد : 5272
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

منذ سنوات، وأنا أحاول في هذه الزاوية المتواضعة، ان اقدم للقراء موضوعات لا تجلب "الهم والغم" ولا تحاصرهم بمزيد من الأسى، غير أنني أخجل أيضاً من أن أشغل القارئ بحكايات "المقاولة" وحدة الجميلي ونكات عزت الشابندر وطلة ابراهيم الجعفري الاخيرة ،

وأحاول وأنا أكتب مقالاً أن أعود فيه إلى بعض الكتب التي حالفني الحظ وقرأتها، فأجد أن "العم" ماركس كان قد أخبرنا قبل أكثر من مئة عام بأنّ التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرة على شكل مأساة، ومرة على شكل مهزلة. ولأننا عشنا مآسي كثيرة في هذه البلاد ، فقد قرر رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أن يقدم لنا الفصل الهزلي من تاريخ العراق ، وقد وضع له عنوان "الاستقالة" ليخرج علينا مشجعوه، مصرين على أن العراقيين بحاجة إلى الحلبوسي للحفاظ على هيبة الدولة، فيما نبهنا البعض إلى أن استقالة الحلبوسي تثبت للمغرضين من امثالي أنه رجل استثنائي. ولعل المشهد الاكثر هزلية حين يخبرنا الحلبوسي بأن أحد أسباب استقالته هو نظريته حول الاحتجاجات، لان "فخامته" اكتشف مؤخرا أن "التظاهر حق مكفول دستورياً، ولا مشكلة بدخول المتظاهرين إلى مبنى البرلمان وتعطيله لأن التظاهرات حق كفله الدستور". وينسى السيد الحلبوسي مقتل 700 متظاهر في احتجاجات تشرين دون أن يصدر بيان إدانة من البرلمان الذي كان يجلس على كرسي الرئاسة فيخ أو يقدم استقالته أو يتضامن مع المحتجين. ولأننا نعيش عصر المهزلة، الذي لايريد له أحد أن ينتهي، فقد أخبرنا ائتلاف دولة القانون مشكورا أن سفينة البلاد أبحرت نحو المستقبل.

وما بين استقالة الحلبوسي وسفينة دولة القانون ، يعيش المواطن العراقي في بلد الفوضى الدائمة حروب دفاعا عن الكراس ودولة بلا قرار، ووطن بألف قرار سياسي. ، فيما سفينة الوطن تبحر بنا في بحر هائج من المعارك والصولات.. لتغرقنا معها في صراع الشك والنميمة والانتهازية واحتقار المواطن .

اليوم المواطن المغلوب على أمره مثل "جنابي" يحق له أن يسأل؛ متى يطمئن ركاب سفينة الوطن على حياتهم ومستقبلهم، في وقت يصرّ فيه ساستنا على أن يمضوا بنا فى بحر هائج تتصارع فيه المصالح وحيتان الفساد؟، فيما المواطن المسكين حائر تتخبط به الأمواج والخطب والشعارات، بينما لا شاطئ هناك ولا ضوء بعيداً يهتدي به وإليه.

يسعى البرلمان بقيادة السيد الحلبوسي إلى أن يهرب بسفينة الوطن إلى الخلف، يتجاهل الاحتجاجات والاعتصامات، محاولاً أن يوهمنا جميعاً بأن معركة العراق الحقيقية ليست، مع الخراب والوصولية ونهب البلاد ، وإنما في حصول الحلبوسي على ثقة برلمان منتهي الصلاحية .