الإطار التنسيقي يتراجع عن مواقفه السابقة من أربيل ويقدم 6 تعهدات بضغط من واشنطن

Wednesday 15th of March 2023 11:54:43 PM ,
العدد : 5391
الصفحة : سياسية ,

 بغداد/ تميم الحسن

قدمت الحكومة في بغداد وربما بدعم من الإطار التنسيقي 6 تعهدات الى اقليم كردستان في خطة عرفت بـ"تصفير الخلافات" او "الاتفاق الشامل".

وتتعلق اغلب هذه التعهدات بالتزامات مالية تجاه اربيل لكنها حتى الان بلا ضمانات مما قد يعيد الازمة مرة اخرى بين الطرفين كما جرى في المرات السابقة.

وتعد الالتزامات الجديدة التي يتوقع ان تكون بالاتفاق مع التحالف الشيعي تراجعا كبيرا في المواقف العدائية السابقة من بعض أطراف "الإطار" تجاه كردستان.

وتكمن الخطورة في نسف الاتفاق، بحسب ما يراه مطلعون، فيما لو ان هذه التعهدات كانت من جانب الحكومة فقط، فقد يتراجع عنها الإطار التنسيقي عند اية لحظة.

حتى الان ووفق تصريحات حكومتي بغداد والاقليم تبدو الاجواء ايجابية. كلا الطرفين اشادا بما تحقق من تطورات واخرها زيارة محمد السوداني رئيس الحكومة الى الاقليم.

السوداني قال أمس من السليمانية التي وصل اليها قادما من اربيل ان "الاستقرار المالي والسياسي، يعبِّد الطريق أمام استثمار أمثل لثروة بلدنا الأولى، وتشريع قانون النفط والغاز، والتفاهم مع إقليم كردستان العراق بهذا الصدد".

وشدد رئيس الحكومة على "ضرورة مغادرة مصطلح (المشاكل العالقة)، ونستبدلها بعبارات المشاريع المستدامة، والفرص الاقتصادية المشتركة، من أجل رفاه مستدام وعادل لكل العراقيين".

وأشار السوداني الى أن "الذكرى المؤلمة للجريمة النكراء التي ارتكبها النظام الدكتاتوري ضد شعبنا الكردي في مدينة حلبجة هي مناسبة حزينة، وصوّتنا في مجلس الوزراء قبل يومين على مشروع تحويلها إلى محافظة، وهو أقل ما يمكن أن نقدمه مقابل تضحياتهم الجسام".

وأكد، أن "لقاءاتنا في أربيل كانت مثمرة، والتقيت مجموعة من رؤساء الأحزاب وممثلي المكوّنات، وتحاورنا بلا قيود، لأننا -قولاً وفعلاً- أبناء وطن واحد، ومصير واحد"، مثنياً "على الجهود المبذولة للتوفيق بين القيادات السياسية الكردستانية لتوحيد الصف، ونحن داعمون لهذه الجهود".

وأكمل قائلاً: إن "النعرات المشوهة لوحدة العراق، التي ترى أن قوة جزء من أجزائه هي بإضعاف الحكومة الاتحادية أو بإضعاف المكونات الأخرى في البلاد، كانت مدخلاً لعصابات داعش الإرهابية للانقضاض على قلب الدولة، مهدداً جميع المكونات من دون استثناء".

وكان السوداني قد وصل الى عاصمة الاقليم لأول مرة منذ تسلمه السلطة قبل 4 أشهر، نهار الثلاثاء الماضي، والتقى مع رئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، ورئيسي الاقليم والحكومة هناك نيجيرفان ومسرور بارزاني.

وقالت فيان صبري رئيسة الحزب الديمقراطي في البرلمان في حديث لـ(المدى) ان "الزيارة مهمة للشأن العراقي ككل باعتبارها ناقشت امورا تتعلق بكل القضايا التي تهم البلاد".

واوضحت صبري ان زيارة السوداني ناقشت "العلاقات الخارجية، الموازنة، قانون النفط والغاز، واوضاع النازحين".

واشارت الى ان الزيارة جاءت ردا لزيارة سابقة اجراها رئيس حكومة اربيل مسرور بارزاني الى بغداد في وقت سابق.

وبينت صبري ان وفدا حكوميا حضر مع السوداني يضم وزراء الخارجية، والداخلية، والتخطيط، والهجرة والمهجرين، ورئيس هيئة المنافذ الحدودية.

بالمقابل اشاد رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، أمس، بالاتفاق الحاصل بين بغداد وأربيل حول قانون موازنة 2023، فيما دعا الى تخصيص ميزانية لحلبجة، والاسراع بتشريع قانون النفط والغاز.

وقال بارزاني، في كلمته خلال ملتقى محافظة السليمانية، إن "الاتفاق الذي تم في إطار مشروع قانون الموازنة العامة، عمل جيد لكل العراق"، مؤكدا "التطلع إلى استمرار هذا التوجه وإصدار قانون النفط والغاز بنفس روحية التعاون بين الجانبين".

واضاف: "لو طبقت الفيدرالية مثلما جاء في الدستور لكان شعب كردستان وكل العراق يشعر الآن بالمساواة وبالشراكة الحقيقية".

وتابع: "نحن في الاقليم ندعم حكومة السوداني، وندعوها للإسراع بتشريع قانون النفط والغاز"، كما دعا نيجيرفان بارزاني الحكومة الاتحادية الى "تخصيص موازنة خاصة الى حلبجة".

واوضح رئيس إقليم كردستان: "مستعدون لعمل كل ما من شأنه أن يضع الدستور على المسار الصحيح"، مبينا أن "شعب كردستان يشعر بأن النظام الاتحادي لم يطبق".

"الإطار" تحت الضغط

وكانت بغداد قد اعلنت في وقت سابق انها توصلت الى "اتفاق شامل" مع كردستان بخصوص الموازنة المالية.

وبحسب مصادر سياسية من بغداد تحدثت لـ(المدى) ان "الاتفاق سيقضي بعدم قطع مرتبات اقليم كردستان مرة ثانية، وضمان حصة كردستان في الموازنة، وتشريع قانون النفط والغاز، ورواتب البيشمركة، اضافة الى المادة 140، وتحويل حلبجة الى محافظة".

وتضيف المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها ان "الالتزامات الجديدة حتى الان بلا ضمانات وقد تتعقد العلاقة بين الاقليم وبغداد مرة اخرى كما جرى في المرات السابقة بين التحالفات الشيعية السابقة وكردستان".

لكن المصادر ترجح ان "ما جرى من تعهدات جديدة قد يكون بضغط من الولايات المتحدة التي تحدثت في أكثر من مناسبة عن ضرورة حل المشاكل العالقة بين بغداد واربيل".

وكان لويد اوستن وزير الدفاع الامريكي الذي زار بغداد الاسبوع الماضي قد ذهب في نفس اليوم الى كردستان والتقى القيادات الكردية.

كما كان البيان الختامي للقاءات اجراها الوفد الحكومي الشهر الماضي في واشنطن قد أشارت الى الموضوع نفسه، فضلا عن تصريحات السفيرة الأمريكية في بغداد إلينا رومانوسكي التي تحث دائما على انهاء المشاكل بين الجانبين.

وتزيد المصادر: "يفترض ان تكون هذه التعهدات باتفاق الإطار التنسيقي مع السوداني، وإذا كانت خلاف ذلك فيمكن ان يتراجع التحالف الشيعي عن تعهداته خصوصا إذا ما اخذنا موقف الاخير من كردستان خلال تحالف الحزب الديمقراطي مع التيار الصدري العام الماضي".

وكانت حملات منظمة قد شنها الإطار التنسيقي العام الماضي لما وصفه مراقبون بـ "شيطنة كردستان" واتهامها بسرقة اموال الجنوب قبل ان ينسحب مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري من المشهد السياسي وتشكل كل القوى الفائزة ومنها "الديمقراطي" ما بات يعرف بائتلاف ادارة الدولة.

وعشية زيارة السوداني لكردستان كانت حكومة بغداد قد اعلنت الموافقة على مشروع الموازنة العامة لعام 2023، وبلغت حصة إقليم كردستان 12.6% من اجمالي نحو 200 تريليون دينار وهو حجم الموازنة الكلي. بالمقابل أعلنت وزارة المالية والاقتصاد بحكومة إقليم كردستان، تسلمها 400 مليار دينار عراقي في إطار الاتفاق مع الحكومة الاتحادية لتمويل رواتب موظفي الإقليم.

وصرح رئيس ممثلية حكومة كردستان في بغداد فارس عيسى، بأن "نسبة مواطني الإقليم بحسب بيانات وزارة التخطيط، 13.95% من سكان العراق، لكن الحوارات تجري بشأن تخصيص 12.67% للإقليم، وقد طالبنا بزيادة".

وابتداء من 25 كانون الثاني الماضي، أوقفت المحكمة الاتحادية قرار إرسال الحكومة الاتحادية الرواتب الشهرية للموظفين والعاملين في القطاع الحكومي بالإقليم "لعدم دستوريته".

ووفق السوداني، فإنه "للمرة الأولى، يتم إيداع الإيرادات الكلية للنفط المنتج في الإقليم بحساب مصرفي يخضع لسلطة الحكومة الاتحادية"، لافتاً إلى أن "بغداد وأربيل ستمضيان نحو إقرار قانون النفط والغاز"، من دون تفاصيل.