البرونايا عيد مندائي وموروث ديني يمارسه أبناء الطائفة بمشاركة واسعة

Sunday 19th of March 2023 11:30:25 PM ,
العدد : 5393
الصفحة : منوعات وأخيرة ,

 ميسان / مهدي الساعدي

حملت ايام البرونايا او عيد الخليقة، الذي احتفى به المندائيون في كل ارجاء العالم، منذ الرابع عشر من شهر آذار الجاري ولمدة خمسة ايام، ذكريات جميلة عن مشاركة ابناء طوائف محافظة ميسان افراح العيد المندائي، من خلال حضورهم المتواصل لـ(مندي) الطائفة، وتقديمهم التهاني ومشاركتهم افراحاً عايشوها منذ القدم.

يمثل عيد الخليقة اول اعياد الصابئة المندائيين وله مسميات اخرى، ولكنه يعرف بالمندائية بـ(البرونايا) احتفل خلاله ابناء الطائفة وتبادلوا التهاني وادوا طقوسهم الدينية بكل اريحية، وسط حضور مسلمي وابناء طوائف المحافظة الاخرى في شريعة (المندي) الذي يقع على ضفاف نهر الكحلاء في مدينة العمارة.
رجل الدين المندائي الترميذا نظام كريدي زعيم الصابئة المندائيين في محافظة ميسان يقول في حديثه لـ(المدى) "عيد الخليقة او البرونايا اكبر واول الاعياد التي عرفتها البشرية منذ النبي آدم، ويحتفل خلاله ابناء الطائفة بعيد الخلق ويتكون من خمسة ايام نورانية بيضاء لا تشوبها شائبة، ولكنها في المنظور والمعتقد المندائي تعد يوما واحدا يستطيع خلاله المندائي تأدية طقوسه في اي وقت منها". حضور تبادل التهاني بين ابناء الطائفة من جانب وبينهم وبين ابناء الطوائف الميسانية الاخرى من مسلمين وغيرهم كان متواجدا وبقوة في (مندي) الطائفة بمناسبة حلول البرونايا.
"تبادل الزيارات والتهاني بين ابناء المدينة وبين المندائيين بمناسبة حلول عيد الخليقة المندائي، وكذا حال تبادل التهاني مع مختلف الطوائف الدينية في المحافظة بمناسباتهم الدينية المتعددة حالات عكست بمجموعها عمق التعايشين الديني والمجتمعي في المحافظة على وجه العموم، كونها محافظة نمت بتنوعها الديني وتعدد نسيجها الاجتماعي، لذا تعتبر الزيارات حالة طبيعية جدا وعادة متجذرة في كينونة المجتمع الميساني، ومن جانب آخر لاحظنا أن احتفاء ابناء الطائفة المندائية وتفاعلهم مع زيارات ابناء المدينة يعكس وجها مشرقا آخر من اوجه التعددية الدينية"، يقول الكاتب والصحفي احمد الحلفي لـ(المدى).
من جانبه بين المدون احمد جاسم في حديثه لـ(المدى) "الطقوس الجميلة التي مارسها الاخوة المندائيون بمناسبة البرونايا ممتعة، وعكست روحا صوفية للتقرب من الخالق، وهم في الحقيقة طيور وحمامات سلام تزين انهار المحافظة وهذا ما لمسناه من خلال حضورنا ومشاركتنا في كل المناسبات والاعياد المندائية، وشخصيا حضرت تلك الطقوس وتناولت معهم الطعام وامثل الاخوة المندائيين واشبههم بزهور المحافظة، التي جعلتها اكثر جمالا وتألقا".
حضور مغتربين مندائيين خلال طقوس البرونايا في وطنهم الام أعاد لهم ذكريات عقود خلت حيث تجمع الاهل والأحبة.
المغترب المندائي ابو روز اوضح في حديثه لـ(المدى) "في اوروبا حيث اعيش وعائلتي نفتقد تلك الاجواء، رغم حضور هيئات تهتم بإقامة الطقوس المندائية ولكن لم نحظ بتقديم التهاني عكس ما اراه هنا وتفاعل عامة الناس على مختلف اديانهم، بتقديم التهاني في الشوارع والاسواق وحضورهم المتواصل في مندي الطائفة، ما يعكس روح التلاحم والاخاء في المحافظة".
ادى المندائيون طقوسهم وسط تناقص ملحوظ لأعدادهم في محافظة ميسان والمحافظات العراقية الاخرى، بسبب هجرة العديد منهم الى شمالي البلاد او الى دول امريكا واوروبا.
عدنان عبد الجبار عضو مجلس شؤون طائفة الصابئة المندائية في ميسان يوضح لـ(المدى) ان "اعداد المندائيين في محافظة ميسان تتناقص يوما بعد آخر، بسبب هجرة الكثير منهم ولا توجد احصائية دقيقة عن اعداد العوائل المندائية حاليا، بسبب غياب الدور الاحصائي الرسمي الذي تقوم به الدوائر المختصة خصوصا بعد هجرة الكثير افرادا وعوائل الى دول اخرى، ويفترض بدوائر الاحصاء العامة او وزارة التخطيط اجراء احصاء جديد". ووفق احصائيات غير رسمية اظهرت ان اعداد العوائل المندائية في وقت سابق وصل عددها الى 5000 عائلة في محافظة ميسان بالتحديد. تعايش المندائيين والمسلمين لأزمان طويلة في مدينة واحدة جعلهم يواكبون الاعياد والمناسبات الدينية عن كثب.
المواطن حيدر عطية يقول لـ(المدى) "لدى الطائفة اعياد عدة من أهمها عيد رأس السنة المندائية ويدعى (الكرصة) ويمكث خلاله المندائيون في بيوتهم لمدة ست وثلاثين ساعة متواصلة، وعيد الازدهار الذي يحتفلون فيه بذكرى تيبس الأرض وجريان الأنهار وتفتح الزهور، بالاضافة الى عيد التعميد الذهبي، فضلا عن البرونايا او عيد الخليقة والذي يسمى (البنجة)".
"كون الدين المندائي اول الاديان السماوية على الارض لكل البشرية، يعتبر البرونايا عيدا لكل اهل الارض لأنه يمثل بدء الخليقة الاولى ففيه خلقت الارض وارتفعت السماء، وندعو خلاله الحي العظيم إلى نبذ الخلافات كوننا ننتمي جميعا لآدم بغض النظر عن تفرعات الاديان، التي توصل كلها لعبادة الحي العظيم". يقول الترميذا نظام كريدي لـ(المدى).