مناصب للترضية..

Wednesday 16th of February 2011 08:57:00 PM ,
العدد :
الصفحة : كلام اليوم ,

حسنٌ فعل مجلس النواب برفضه التصويت على نائب رابع  لرئيس الجمهورية، في الوقت الذي تتصاعد فيه موجة الغضب الجماهيرية التي اندلعت مؤخرا بسبب الفساد والسرقات وخنق الحريات العامة وانعدام الخدمات في جميع مفاصل الحياة اليومية التفصيلية والتي حولت حياة المواطنين إلى كابوس حقيقي.

إن العقلانية السياسية تتطلب ترشيد و ترشيق مؤسسات الدولة ووظائفها بدل إتخامها بالمناصب المفتعلة لغرض إتمام الترضيات السياسية ومحاصصاتها، وتتطلب هذه العقلانية أيضاً النظر بجدية إلى عمق الفوارق الواسعة بين رواتب ومخصصات  النواب والوزراء والوكلاء والدرجات الخاصة وبين رواتب الموظفين والمتقاعدين وأصحاب الدخول المحدودة وحياة بقية الشرائح الاجتماعية المعدمة. مجلس النواب يصرف وقته وجهده لمناقشة قضية نواب لرئيس الجمهورية في الوقت الذي ينص الدستور على عدم وجود مجلس للرئاسة وإنما رئيس جمهورية فقط، من هنا تطرح الأسئلة الآتية نفسها: هل أن رئيس الجمهورية بحاجة فعلا إلى أربعة نواب؟ و إذا كان منصب رئيس الجمهورية محدود الصلاحيات، فماذا سيفعل النواب الثلاثة؟ وكيف ستوزع المهام بينهم إن كانت هناك مهام تتسع لهذا العدد من النواب؟ ولو افترضنا أن الرئيس بحاجة لهذا العدد من النواب، فهل تمت دراسة سيرهم الماضية والحاضرة؟ وهل هم أهل لشغل هذه المناصب؟ هل أن سلوكهم السياسي كان متوافقا مع اتجاهات العراق الديمقراطي الجديد وملتزما بالدستور؟ هل أن سلوكهم كان متصلا بحمل رسالة العراق الجديد؟ هل أياديهم نظيفة من المال السياسي المشبوه من داخل العراق وخارجه والذي تدفق عليهم قبل الانتخابات وأثنائها وبعدها بكرم ما بعده كرم؟ هل من آليات  بناء الدولة الصحيحة أن يترشح لمنصب نائب رئيس الجمهورية من فشل في مهمة رسمية سابقة؟ هل من المنطق أن يترشح لهذا المركز من كان علما من أعلام الفكر الطائفي والذي ساهمت طروحاته في تأجيج الشارع أيام محنة الاحتراب الطائفي والتي أدت إلى إسالة الدم العراقي بالطريقة العبثية التي عشناها؟ هل من العقلانية السياسية أن يتبوأ مثل هذه الشخصيات أعلى المناصب الرسمية بسبب المحاصصة السياسية التي اصطفت مع المحاصصة الطائفية والقومية لتنتج لنا واقعا سياسيا مشوها إلى هذه الدرجة؟ هل أن شخصيات هذه المناصب تستطيع أن تقدم للشعب العراقي منجزا حقيقيا بسبب وجودها في هذا المنصب؟ إن المدى إذ تطرح هذا النوع من الأسئلة وهي كثيرة ومتشعبة تتمنى من السادة النواب الإجابة عليها قبل الموافقة من عدمها على مناصب رسمية رفيعة. وعلى السادة النواب أن يطلبوا، وهذا من حقهم، معرفة ما هي المهام التي سيقوم بها نواب الرئيس؟ وعليهم معرفة حجم الملايين المهدورة من المال العام التي ستنفق عليهم وعلى حماياتهم وعلى منافعهم الاجتماعية وغيرها والتي سترهق الخزينة فضلا عن أنها ستستقطع من أكتاف الفقراء لتزيد النواب ثروة وغنى!نحن في المدى سنفتح ملفات هذا الموضوع لكشف الحقائق أمام الرأي العام العراقي، وأمام السادة النواب ممن لا يعرفون ماذا يجري من صفقات في الغرف السرية وندعو بقوة للاستماع إلى صوت الشارع العراقي الذي يغلي ومناقشة قضاياه الحقيقية التي تمس حياته اليومية بدل الاستغراق غير المنطقي في تنظيم الدولة ومؤسساتها على أساس مناصب الترضية!