تعثر الحسابات الختامية أجندة أم فشل؟

Wednesday 12th of December 2012 08:00:00 PM ,
العدد : 2674
الصفحة : الأعمدة , ثامر الهيمص

ليس ثمة كلمة تثير الضجر، بل الفزع، مثل كلمة الرقابة على القطاع العام في بلادنا، لا شك أن هذا يرجع الى عدم وضوح معنى الرقابة من جهة  ، والى سوء ممارستها في التطبيق من جهة أخرى (د. إسماعيل صبري عبد الله  تنظيم القطاع العام ص 243  سنة  1969  )  .  فرغم هذا الفزع والألم والجهاز الأداة لهذا العملية أصبح العراق وفي نهاية هذه السنة، الثالث  بعد الصومال والسودان في الفساد  .  اذ اقترن سوء الأداء مع سوء النتائج وكأن العملية منظمة بموجب أجندة أو عمل بليل .
فالجهاز الكبير (نزاهة ، مفتش عام ، هيئة رقابة مالية ) هم أذن وراء هذا التراجع لأن بوصلة الحركة التي يمضي خلفها هذا الجهاز مبدأياً هي الحسابات الختامية التي هي المعيار الأساسي للميزانية وحسن الأداء. وهذا ما أكدته عضو اللجنة المالية البرلمانية نجيبة نجيب، بأن مجلس الوزراء لم يرسل أية حسابات ختامية نهائية ( منذ عام 2004 لغاية الآن )  الى مجلس النواب .  لافتة إلى أن هناك حسابات أولية في البرلمان لكن الحسابات المقرة من قبل مجلس الوزراء غير مرسلة حتى الآن  .  بالمقابل كشف عضو اللجنة المالية النيابية أمين هادي عن اكتمال  ( 90 ـ 95%) من الحسابات الختامية للسنوات السابقة  ،  فيما قد قدمت وزارة المالية الحسابات الختامية لسنة 2011  الى مجلس الوزراء  .  وأكد العضو إبراهيم محمد مطلك أن الحسابات تم تقديمها ولكن لم تتم المصادقة عليها، وهذا الحال قائم منذ خمس أو ست سنوات مشيراً الى ان هناك جهات مستفيدة من عدم اكتمال الحسابات الختامية إضافة لأسباب فنية ومهنية  .  
هؤلاء البرلمانيون الماليون أكيد أنهم لا ينطقون عن الهوى بل عن خبرة ومعرفة وهذه تصريحات لصحف يوم  11/12/2012  (المدى، والصباح).
ضمن المعروف حتى عام ( 2003 )  لم يكن لدينا جهاز رقابي بثلاثة طوابق بل طابق واحد وهو هيئة الرقابة المالية التي توصي بعد نهاية المصادقة على ميزانية المديريات العامة عموماً بالنواقص والإشكالات وترفعها للوزير المختص.  
وكما هو معلوم تمارس عملها الرقابي من خلال قسم الرقابة والتدقيق في المديريات العامة ولكن بريمر طيب الذكر جاء ببدعة الطابق الثاني وهو المفتش العام والطابق الثالث النزاهة. وكان الحصاد حتى اليوم نراوح في خانة الصومال والسودان.
فقد عبر كثير من المسؤولين  في القطاع العام عن ضيقهم الشديد من تعدد أجهزة الرقابة التي تتناسل وتصبح بحاجة الى رقابة نظراً للكم الهائل لها كأفراد وجماعات فتحولت الى أدوات سياسية أحياناً بالنسبة للمغرضين من الساسة وأداة عرقلة حيث يحجم الكثير من التقدم للعمل بروح عالية واندفاع بسبب حضور غول النزاهة أو المفتش. ولكن عموماً هذين الجهازين يحبطان تماماً أي رقابة شعبية شفافة من خلال منظمات المجتمع المدني. والإحباط الأكبر هو الهيمنة على هيئة الرقابة اذ تصبح مجرد جهاز معلومات لهم وكان هذا السبب في تأخر إنجاز الحسابات الختامية ومصادقتها. ولذلك لا ميزانية متوازنة مع حسابات ختامية متخلفة مما يوفر أجواء مناسبة لفساد وترهل وفشل.
فهذا (الجهاز هيئة الرقابة المالية) كاف بحد ذاته من الناحية الفنية إذا ما تم دعمه فنياً وتنشيطه لإعداد تقارير فصلية عن عمله خلال السنة كمؤشرات لحسن الأداء أو سوئه ترفع للمدير العام وصورة منه للوزير مع رقابة شعبية أو برلمانية عندما تحصل تجاوزات يلمسها الطرفان من نبض الشارع وليس من مخبر سري أو أجنده فاسدة. كما أن هيئة الرقابة المالية لم يؤشر عليها فساد لا قديماً ولا حديثاً إضافة لعراقتها منذ تأسيس الدولة العراقية. فلنعد لها جهازاً لأن البدائل أو المكملات لم تكن مشجعة  رجاء.