هل يكمم البرلمان الأفواه؟

Wednesday 25th of May 2011 09:47:00 PM ,
العدد :
الصفحة : كلام اليوم ,

المدىفي سابقة هي الأولى من نوعها في العالم يقدم رئيس برلمان على إقامة دعوى ثلاثية على صحيفة مشهود لها بكشف ملفات الفساد المالي والإداري ودعم التغيير والديمقراطية في العراق الجديد، وهي صحيفة المدى، لأنها انتقدت البرلمان واتهمت مافيات السرقة والصفقات المشبوهة بتضييع الوطن وتجربته الجديدة، وانتقادها للخروقات الدستورية التي مارسها البرلمان وعلى رأسها الخرق الفاضح لبنود دستورية تتعلق بنواب رئيس الجمهورية والتصويت عليهم في ما سمي بصفقة السلة الواحدة التي تبرأ منها الجميع فيما بعد إحساسا منهم من أن سياسات المحاصصة البغيضة قد داست على الدستور الذي صوّت عليه الشعب ونحرته من الوريد إلى الوريد .

كان من المفترض بالنجيفي وهو على رأس السلطة التشريعية، أن يقدم أنموذجا حضاريا راقيا في التعامل مع وسائل الإعلام وما تنشره وما تعبر به عن آراء الجمهور وتطلعاتهم وحقهم في أن يعرفوا ما يجري في دهاليز السياسة عندنا، عندما تتم الصفقات بصمت مريب ثم تشرع بقوانين مبنية على أساس المحاصصة والتوافق وليس على أساس الدستور والبناء الحقيقي لعراق ديمقراطي جديد . السيد النجيفي لا تروق له الصحافة التي تمتلك الجرأة على أن تقول ما يريده الشارع العراقي المكتوي بالأزمات والخدمات المعطلة نتيجة الفساد المالي والإداري والصفقات التي يسهم فيها كبار السياسيين باعتراف القاضي العكيلي رئيس هيئة النزاهة الذي قال في أكثر من تصريح صحفي، انه لا يتمكن من التعامل إلا مع المسؤولين الصغار في قضايا فساد بسيطة، وقال في ندوة للمدى بشأن الفساد، إن الأسماء المتورطة في الفساد والسرقات والصفقات المشبوهة \" يشيب لها الرضيع \" !!هذه هي المواضيع التي أثيرت وستثار في المدى إيمانا منها بان هذا النهج هو القادر على أن يصنع سلطة رابعة حقيقية، تراقب وتنتقد وتكشف المستور، وكان ينبغي على مجلس النواب ورئيسه النجيفي أن يقفوا مع هذا النمط من العمل الإعلامي الحريص على مستقبل العراق، لا أن يستخدموا القضاء لتكميم الأفواه وتخويف الصحفيين وإرعابهم بالدعاوى والملاحقات القانونية، وهو على ما يبدو سلوك استمرأه السادة المسؤولون لتكميم الأفواه ومنع ظهور الحقيقة للجمهور المعني الأساسي بما يجري في البلاد .لقد خضنا وسنخوض في المستقبل، كلما كان ذلك ضروريا، صراعات لكشف السُرّاق في أي مكان وجدوا فيه وسندافع عن حريتنا في قول الحقيقة ولن نسمح بالعودة إلى سياسة تكميم الأفواه الصدامية التي يحاول الكثير من قادة البلاد، للأسف الشديد، ممارستها في عراق جديد لتخريب تجربته لكي يستمروا في قيادة البلاد وفق مصالحهم الخاصة ومصالح كتلهم، راكنين على الرفوف الدستور الذي دفعنا لأجله دما ودموعا، ومن البنود التي يرغب النجيفي أن يجمدها هي بنود الحريات الصحفية وحرية التعبير عن الرأي .نقول للسيد النجيفي عليه أن يتذكر دائما انه رئيس لمجلس نواب انتخبه الشعب وليس رئيسا لهيئة تكميم الأفواه !!