شبابيك: مواطن منبوذ

Tuesday 29th of September 2009 07:01:00 PM ,
العدد :
الصفحة : سينما ,

عبد الزهرة المنشداوي المحاصصة السياسية التي انتهجتها الدولة بعد التغيير خلفت اثاراً عميقة في أداء المؤسسة الحكومية ومن ثم انعكست على المواطن سلبا. ليس لنا باع يذكر في السياسة والساسة ولكن الذي نعرفه وعرفناه فيما بعد انه كان  من الاولى بالذين تصدوا لقيادة البلد، ان يقبلوا بالبناء الديمقراطي

كونه  الطريق الذي يمكن من خلاله اظهار الاغلبية ومن ثم توليها القيادة من اجل السير بالعراق قدما نحو اهداف انسانية ووطنية، اما التمسك بالمحاصصة ومن ثم جعلها واقعا معيشا فهو العامل الذي جعل المواطن يؤجل ما كان يحلم به من استقرار وحالة معيشية وفرصة عمل والحصول على دار سكن فهو لايزال يمني النفس. السنوات التي مرت على الشعب العراقي بعد التغيير ليست بالسنوات القليلة في عمر الشعوب المتطلعة نحو آفاق   جديدة تسودها روح التسامح والمودة ومن ثم النهوض بالبلد واعادة اعماره على الوجه المطلوب.لكنها مع ذلك مرت عليه مرور الكرام كما يقولون وما تحقق فيها ليس بالشيء الكثير والسبب هو المحاصصة..التي  تجلت في الوزارة التي تعدد فيها مصدر القرار واستغلت من هذا الحزب او تلك الجهة فلم يعد للمواطن فيها من حصة تذكر وصار غريبا عنها تماما. هناك انانية، وهناك نوع من الانتهازية في استغلال موارد الدولة ووظائفها ومالها العام. المواطن البسيط مل الخطب والوعود التي سرعان ما تلاشت بعد ان تسلم المسؤول مهام منصبه وراح يعمل لشخصه ومن يحيط به وترك الاخرين ينتظرون ما وعدهم به. قد لا نبالغ اذا ما ذكرنا بأنه لاتوجد مؤسسة من مؤسساتنا،عسكرية، او مدنية خدمية، او انتاجية دون ان يتم تقاسمها ما بين جماعات وتكتلات وبقي الفرد خارج ابوابها يستجدي حقوقه المستحقة. اذن العملية برمتها بنيت على استراتيجية أنانية، شخصيات وجهات، همها الاول والاخير الصعود نحو القمة ولكن على رأس المواطن الذي عانى الامرين. الامر الآن اكثر وضوحا بالنسبة للشرائح الفقيرة التي لم يتغير الحال لديها كثيرا فأزمة السكن ما زالت تمسك بتلابيبها والبطالة متفشية الى أبعد الحدود، والذين فازوا بالقدح المعلى قلة قليلة سنوا  لهم قوانين وشرائع تمكنهم من الحصول على المزيد من الامتيازات من عقارات ورواتب ضخمة ووظائف لاقربائهم وأصهارهم وجيرانهم  ونسوا الذي اوصلهم الى ما هم عليه الآن.تليهم شريحة اباحت لنفسها نهب المال بالسلاح والخديعة والرشوة والاحتيال وانتهاز الفرص غير الشرعية. ليست هناك جدية لخدمة الناس، طوال سنين، والمواطن ينتظر بلا جدوى تشريعات قوانين يمكن له من خلالها ان ينال استحقاقه كمواطن عراقي يعيش في أغنى بلدان العالم قاطبة ولكنه لم يستطع والى الآن رتق ثوب الفقر ولا استبداله بحلة جديدة. عند قيام الدولة العراقية في اول عهدها،كانت بغداد عبارة عن اراض زراعية مملوكة لعوائل وشخصيات معروفة ولم تكن  غير شوارع لاتزيد على اصابع اليد الواحدة وسكانها بضعة الوف. فعمدت الى شراء الاراضي الزراعية من اصحابها وقامت بتخطيطها وتوزيعها من اجل بناء المحلات السكنية وبعدها اكمل عبد الكريم قاسم مشروع الاسكان الحضري وبنى العديد من المجمعات التي لا تزال شواهدها موجودة.اما الان فالخطة كالاتي: لا نبني المجمعات السكنية ولانسمح للمواطن ببناء دار له في الارض الزراعية ولا نوفر له قطعة سكنية، وكأن لسان حالهم يقول دعونا نشرع ما يفيدنا فقط. اما المواطن فالنظر بقضيته يؤجل الى دورة لاحقة وحكومة قادمة. بطالة وفساد ومواطن منبوذ هذا ما عرفناه من المحاصصة بعد كل هذه السنين.