فــــارزة: مواطنون .. لارعايا

Saturday 3rd of October 2009 07:57:00 PM ,
العدد :
الصفحة : مقالات واعمدة ارشيف ,

علي حسينحار الجميع، ونحن منهم، بعزوف المواطنين عن تحديث سجلاتهم الانتخابية ، وتناثرت التعليقات وطالب الكل بدراسة الظاهرة ،الا السياسيين الذين تحولت الرسالة عندهم الى بريد مهمل..ولأننا نريد ان نعود للموقف فاننا سنحاول ان نطرح اسئلة  حول اهم ما عبرت عنه رسالة الناس،  وهو الولاء.

ان الولاء والوطنية والشعور الراسخ باننا ابناء هذا الوطن هو قصد السبيل وجوهر الاسئلة.والواقع ان سؤال الولاء لم تفجره فقط مشاهد عزوف الناس عن الانتخابات واعمال العنف الاخيرة لأن الولاء الذي يترسخ بمضي الوقت من حولنا ليس ولاء للاوطان ولكنه ولاء للمذهب والطائفة والحزب وهو امر يعتبر معضلة ولايمثل فقط تحديا سياسيا  واجتماعيا، وانما ايضا يمثل تحديا استراتيجيا لبنية الدولة العراقية ..وحتى لو لم تكن الخرائط قد قسمت، وحتى لو لم تكن الاوطان قد تقطعت، فإن الواقع يقول، ان الوطن تقسم حتما في النفوس وتتم تجزئته داخل كل فرد ، بحيث يصير كل منا وطنا متحركا منفصلا لايشعر بالارتباط بالارض التي تضمه والبلد الذي ينتمي إليه .. وفي داخله شعور بانه يعيش حالة مؤقتة سوف تنتهي عاجلا ام أجلا . اما ان ينفصل نهائيا ، اويترك هذا البلد ويهاجر . لقد نجح الارهاب والعمل الثقافي المتطرف وانانية بعض السياسيين على مدى السنوات الماضية في ان ترسخ هذه المعاني واصبح داخل الكثيرين احساس بالاغتراب وانهم ليسوا ابناء هذا البلد ..لقد اصبح الحال هو ان يكون كل واحد منا في جانب لا ان نكون جميعا في جانب واحد ، واصبح شعار الكثيرين هو الرفض حتى ولو كان ذلك في دواخله. اننا نحتاج الان الى ان نرسخ قيم الولاء بالثقافة العميقة ، قبل الشعارات الرنانة. بالتعليم العصري قبل الخطابات العابرة. نحتاج الى حملة ثقافية ذات رؤية واضحة لنحافظ على الانسان ،بالعقل قبل ان نحميه بالقوة. فالهجمة المضادة التي يتعرض لها العراق تحرز نتائجها ، والتقسيم المعنوي للبلد يتم .. انظروا حولكم وسوف تجدون هناك من يرفع مصحف علي ، وهناك من يلبس قميص عثمان .ان المسالة لها اسباب متنوعة وهي كل لايتجزأ ولها منابع في الداخل كما ان لها منابع في الخارج ..ولهذا فالسؤال الذي علينا ان نطرحه هو كيف نواجه هذه الهجمة الشرسة والمستمرة منذ سنوات ؟ كيف يمكن ان يكون العراق وطنا واحدا ابديا في عقيدة كل مواطن ؟ كيف نقضي على التقسيم الذي يرسمونه داخل النفوس والذي يصبح بمرور الايام واقعا ملموسا ؟ ان المواجهة الثقافية والتعليمية والدينية والاعلامية هي الاساس .. هذه هي الجيوش التي يجب ان تعتمدها الاحزاب والقوى السياسية في الدفاع عن وحدة الوطن داخل كل مواطن ، وعلى قدر صعوبة هذه المواجهة الا انها اسهل مما يمكن ان يتصور احد ، استنادا الى ان في كل فرد منا تراثه وقناعاته الوطنيه وتاريخه ومستقبله ، وربما تكون الهجمة المضادة قد حاولت ردم كل ذلك ودفنه لكن استنفاره واستحضاره ليس امرا مستحيلا .. في الايام الاخيرة وانطلاقا من (الصراع الانتخابي) كانت رسالة الحكومة والسياسيين الى كل مواطن هي محاولة اقناعه بضرورة المشاركة التي نحن من جانبنا نؤمن (باهميتها) الا ان الحكومة والسياسيين نسوا ان يعبرو للمواطن عن الجانب الاخر من المعادلة من ان هذا المواطن الذي سيتوجه الى صناديق الاقتراع له حقوق.. وهو ان لم يشعر ويطمئن الى انه سيحصل على حقوقه لن يذهب كي يعطي صوته ، فالمواطنة حقوق وواجبات.. من الواجب على الدولة ان تؤكد ان لكل عراقي حقوقا ومواطنة لكي تعمق ارتباطه.. الدستور العراقي يضمن للمواطن  الحق في الحياة الكريمة وفي المساواة ..وفي التعليم والرعاية الصحية ..الحق في العمل وفي الضمان الاجتماعي ..والحق في التفكير وابداء الرأي ..وفي حرية العقيدة والعبادة ..الحق في الانتخاب وفي تكوين الاحزاب  والنقابات والجمعيات. وفي توفير العدالة . الحق في التنقل وفي الحصول على المعلومات .. هذا هو الجانب الاخر لمعادلة (الانتخابات).. وحين ترتفع مؤشرات ايمان وقناعة المواطن بأنه سيحصد كل هذا ، فانه سيتوجه الى صناديق الاقتراع مؤمنا بالعملية السياسية مدافعا عنها ..ان على الحكومة ان تؤمن بان المواطنة  حق للجميع وان زمن (الراعي والرعية) و(القائد الملهم) قد انتهى الى غير رجعة..