مسمار: خدمات انتخابية

Saturday 10th of October 2009 03:24:00 PM ,
العدد :
الصفحة : سينما ,

العراقي ابن اليوم، حديث عهد بكل ما يجري امامه من الاعيب واساليب (ديمقراطية) سواء كانت شرعية ام بهلوانية، ولم يكن قد عاش زمن الثلاثينيات من القرن الماضي، مثلما عاشها آباؤه، صعودا حتى اللحظة المجهضة للمشروع الديمقراطي العراقي ،لحظة تغيير السلطة عسكريا في 14/تموز/1958 .

وكانت التعددية الحزبية في ذروة ازدهارها، ايام العهد الملكي، يحكمها قانون اجازة الاحزاب التي تفهم سياقات عملها نخب سياسية متمرسة، بغض النظر عن مدى انتمائها الوطني وعلاقاتها مع بعضها البعض أومع الجهات والتيارات الاخرى. ولما يحين موعد الدورة الانتخابية الجديدة تهب الاحزاب والتيارات والكتل جميعها ، بعد ان تكون قد هيأت نفسها لخوض تلك الانتخابات، لبث دعاياتها الانتخابية عبر الوسائل الاعلامية المتاحة على شحتها، من اجل كسب اقصى ما يمكن من اصوات الناخبين ، وعادة مايكون موضوع تلك الدعايات الانتخابية توفير اقصى مايمكن من الخدمات التي تمس حياة المواطن في الصميم ..كما ان الاحزاب والتيارات المختلفة كانت تعي تماما اصول الدعاية الانتخابية وتقوم بنشاطها على وفق التعليمات والضوابط الرسمية المعمول بها، على العكس مما يحدث هذه الايام ، من عشوائية واعتباطية وفجاجة وانعدام شرعية في بعض الحالات عند ممارسة الدعاية الانتخابية ...وعلى ذكر موضوعة الدعاية الانتخابية وافتراقها عن تطبيقات الواقع ، حكى لي شيخ طاعن جمعني واياه تخت في احد مقاهي بغداد ،قال: كنا ايام الاربعينيات نسكن في محلة من محلات الكرادة القديمة ، وكان البلد مثل قدر تفور بالدعاية الانتخابية، كل حزب يعد بإقامة جنة الله مكان محلاتنا المتهالكة الجائعة لابسط حدود الخدمات، وكان عدد الذين يقرأون ويكتبون من الندرة في المحلة بحيث كنا نعتمد على الشاب(علوكي) ذي السبعة عشر ربيعا، وقد كان يجيد القراءة والكتابة ليقرأ لنا يوميا الجريدة.  وذلك اليوم كان  المقهى يغص بالرواد المتلهفين لسماع آخر اخبار الحملات الانتخابية بينما(علوكي) لم يشرف المقهى بعد بطلعته البهية .. وبينما يتعالى اللغط وتتعدد التكهنات ، حضر(علوكي) فعم الصمت المكان ، ناوله نادل المقهى جريدة ذلك اليوم ، تناولها وقرأ بصوت اجتهد في ان يسمع به الجميع مانشيتها الرئيس ( الشعب يدعم قواه الوطنية)، ولم يكن من رواد المقهى الا ان هتفوا عن بكرة ابيهم وبغيظ واضح: (حيل ، خلي يدعمهم ويلعن يوم الاسود العرفناهم بيه).