مرة أخرى: ما الفرق بين مرسي والمالكي

Sunday 14th of October 2012 08:41:00 PM ,
العدد : 2622
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

أتمنى أن يخرج علينا أعضاء ائتلاف دولة القانون، وعلى رأسهم النائب هيثم الجبوري، ويخبروننا بماذا شعروا وهم يقرأون الأخبار التي تتحدث عن صدور مذكرة اعتقال بحق الدكتور سنان الشبيبي محافظ البنك المركزي، الشخصية التي تحظى باهتمام وتقدير عالمي، كما اتمنى ان يخبرنا كتبة الحكومة برأيهم وهم يجدون أن مجموعة من "زعاطيط السياسة" تريد ان تنال من قامة بحجم ومكانة الشبيبي، لا لشيء إلا لأنه يرفض ان يحول البنك المركزي الى مكتب تابع لرئاسة الوزراء، موضوعي اليوم ليس قضية تهريب العملة، ولا عن التهم التي يتراشق بها البعض حول عمليات غسيل أموال عبر مزاد البنك المركزي، انا شخصيا مع اي سياسة رقابية متكاملة وواضحة ومدروسة، وليست عشوائية  الغرض منها التغطية على رؤوس الفساد من الذين يعرف مكتب رئيس الوزراء جيدا من هم، والى أين يرحلون بالعملات الصعبة، مذكرة إلقاء القبض الجديدة  تدخل ضمن  منطق استعراض العضلات الذي يمارسه مقربو الحكومة، لان اختيار شخصية مثل سنان الشبيبي، يكشف كيف أن البعض من مسؤولينا فاقدون للموهبة ويعتمدون فقط على ما يتخيلونه وينتظرون من جمهورهم ان يصفق لهم ويهتف بحياتهم، فمنذ اشهر يتحرك أعضاء في دولة القانون ضد المؤسسات المستقلة وعلى رأسها البنك المركزي، باعتبارها معارضة لتوجهات مكتب رئيس الوزراء، الذي يخوض أصحابه معركة شرسة لابتلاع كل مؤسسات الدولة وإدخالها قسرا إلى بيت الطاعة "المالكي"، في كل يوم نجد من يشحن الأجواء ضد الهيئات المستقلة بالاعتماد على إثارة الفزع والتخوين.. طريقة يسعى البعض من خلالها إلى فكّ مفاصل الدولة لتصبح مجرد أدوات بين يدي "القائد العام".
لم يثبت حتى الآن أن الشبيبي شكل تهديدا للأمن الوطني حتى يقرر أشاوس دولة القانون شن حملة افتراءات ضده، لكن المؤكد بالصورة والصوت أن الفاسدين الذين يتستر عليهم بعض المسؤولين، أهلكوا البلد وشكلوا ويشكلون اخطر تهديد ضد أمن الوطن والمواطنين، لا يقل خطورة عن تهديد الجماعات الإرهابية، ففي ظل انهيار تام لمقاومة الحكومة بكل أجهزتها ضد فيروس الفساد، وصل الحال بنا إلى أن نصبح في طليعة البلاد الأكثر فسادا ونهبا للمال العام.
أراد أصحاب مذكرة الاعتقال أن يقولوا لنا، ان الجميع في مرمى نيرانهم، وأن بإمكانهم النيل منهم متى شاءوا، أرادوا أن يستخفّوا بما تردده أجهزة الدولة عن القانون والنزاهة والشفافية، وليثبتوا أن هناك قوى لديها سلطة ونفوذ اكبر من سلطة القضاء الذي لم نسمع له صوت ولم يحرك ساكنا حتى لحظة كتابة هذه السطور.
في مقابل ما حدث لمحافظ البنك المركزي، قرأنا وشاهدنا الموقف الشجاع الذي اتخذه قضاة مصر، حين وقفوا ضد قرار أصدره الرئيس محمد مرسي بإقالة النائب العام واعتبروه مخالفة للقانون ورفضوا تنفيذه، مما دفع مؤسسة الرئاسة الى ان تصدر قرارا بإلغاء أمر الرئيس وتثبيت النائب العام في منصبه، فيما يستباح عندنا القانون على العلن ورئيس الوزراء لا يحرك ساكناً، ولا يخبرنا لماذا يتفرج على هذه المهزلة؟
الحكومة تستغل انشغال الناس بالمعارك الدائرة حول البنى التحتية وقانون العفو ونقص الخدمات، لتطلق بالونة اختبار تسعى من خلالها إلى اقتناص مكاسب جديدة لدعم سلطتها، فيما البرلمان صامت إزاء ما تعرض له مبدأ فصل السلطات من خطر حقيقي، ورئيسه النجيفي منشغل بالدفاع عن مقاولات أولاده.
نبهنا ما جرى مع محافظ البنك المركزي إلى عدة أمور خطيرة، أهمها أن مكتب رئيس الوزراء تحول من جهة تنفيذية تنظم أمور الحكومة، إلى جهة تسعى لتنفيذ مخطط مرسوم بدقة وعناية يسعى لإفراغ البلاد من الكفاءات والخبرات.  
أتمنى ان تصدق وجهة نظر السادة أعضاء دولة القانون الكوميدية بأن المسألة تنحصر في "الخوف على أموال الشعب" وأتمنى أن يكون تزامن التوقيت بين بدء الحملة والإعلان عن إحراق الشبيبي مجرد بروفة عشوائية.
وأخيرا كل ما نريده من الحكومة أن تكون أكثر وضوحا وشجاعة في قراراتها وتوجهاتها، وعليها ألا تتخفى وراء مقربين ملت الناس من طلعاتهم البهية، لأن هذه الطريقة فشلت وستفشل حتما.
أما النصيحة الأهم فعلى كتلة القانون أن تترك "معارك المصير" وان يعمل أعضاؤها بمهنية سياسية حتى يكونوا قادرين على تقديم خدمة حقيقية للناس، فالناس تريد بناء دولة مؤسسات لا دولة يستعرض فيها بعض الساسة عضلاتهم وحناجرهم من على شاشات الفضائيات.