ستـــراتيجية عالــــم اجتمــــاع للخـــروج مـــن المــأزق العراقـي*

Monday 8th of October 2012 07:28:00 PM ,
العدد :
الصفحة : المنتدى العام ,

ترجمة وتعقيب/ د. حميد الهاشمي في عدد يوم 18/11/2003، من مجلة كرستيان ساينس مونيتر، كتب عالم الاجتماع الأميركي الشهير اميتاي اتزيوني، مقالا عنوانه بـ(A Sociologist’s Iraqi Exit Strategy) وهو ما يمكن ترجمته بـ(ستراتيجية عالم اجتماع، للخروج من المأزق العراقي).

   ولأهمية المقالة باعتبارها تعبر عن قراءة ورؤية عالم اجتماع بارز تحظى كتاباته بمتابعة واسعة من صناع القرار والمختصين والقراء العاديين على السواء، ورغم الفارق الزمني الذي لم يغير كثيرا في الواقع العراقي، فإنني ارتأيت أن أقوم بترجمتها كاملة والتعليق عليها هنا.  نص المقالة: إن المأزق الأمريكي في العراق يتطلب مساهمة مجموعة قليلة من الجنرالات وعدد أكبر من المتخصصين بعلم الاجتماع، الذين وظيفتهم فهم المجتمع وكيفية إعادة تنظيمه. ويمكن أن أكون واحدا منهم، وهذا ليس طلبا مني لوظيفة، بل إنه نداء إلى إتباع نهج واقعي لهندسة اجتماعية. إن خطة ولسن الجديدة لتحويل العراق إلى دولة ديمقراطية، ونموذج يغير كل الشرق الأوسط، ويعيد قطعاتنا العسكرية إلى الوطن، قد أفشلت خيار العلوم الاجتماعية. عمليا، لقد فشلت كل المحاولات لتحويل مثل تلك البلدان التي يكون استعدادها اقل مقارنة بألمانيا واليابان. وهناك نماذج لديمقراطيات فاشلة أخرى مثل هاييتي وكمبوديا ونيكاراغوا وجنوب فيتنام.  إن السمة البارزة في العراق هي ارتفاع الوعي الوطني لدى أبنائه. فخلال الانتداب البريطاني للعراق (1920-1932) أحدث العراقيون عشرات آلاف الإصابات والحوادث بالقوات البريطانية قبل أن تنسحب. واليوم عمليا كل العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم سواء من الأصولية الدينية أو العلمانية المغلوب على أمرها، يريدون أن تفشل الولايات المتحدة في العراق. وبصرف النظر عن تبسيط، (شارع ماديسون PR) وإعلاناته التلفزيونية حول رفاهية حياة الأميركيين المسلمين، تحاول القوات الأمريكية هناك كسب قلوب وعقول العراقيين من خلال إعادة اعتمار واقعية للبلد. ويتضمن ذلك ترميم آلاف المباني المدرسية والعيادات والجسور ومحطات الطاقة والمنشآت النفطية وغيرها من الخدمات التي تدهورت منذ زمن نظام صدام حسين.  إن إصلاح النظام السياسي يتطلب تدريب رجال الشرطة والتزام المهنية في مجالات الخدمة المدنية وتدريب القضاة وضمان حرية الصحافة وغيرها من المهام. إن تكلفة هذا البرنامج الطموح تبلغ عنان السماء، ليس فقط بسبب تنوع مجالاته، إنما ما سببه من تربح غير مشروع على الصعيد المحلي والذي امتزج بأرباح الشركات الأمريكية. فتجد أن حكومة الولايات المتحدة الأميركية تسعر عربة نقل النفايات بـ50 ألف دولار، والتدريب لرجال الأعمال العراقيين بـ 10 آلاف دولار شهريا لكل شخص وهكذا.  الشيء الأكثر أهمية وبعيدا عن رضا العراقيين هو أن إعادة الإعمار قد خيبت آمالهم، حيث يشتكون بمرارة من نقص الوظائف ومشاكل الازدحام المروري وتردي الخدمات. وتخبرنا مجلة (SOC, 101)، بأنه كلما أعطي هؤلاء أكثر، كلما طلبوا أكثر على ما يبدو ليفرغوا جيوب الأمريكيين. وسيتنامى الامتعاض أكثر بعدم منحهم ما يعتقدون أنهم يستحقون طلبه. كما تخبرنا بان المرحلة الأولى من الديمقراطية التي تتطلب عقودا قد جلبت الانفجارات والسلوك العدواني وجرائم العنف وجرائم ذوي الياقات البيضاء والاغتصاب وهي في ازدياد في البلد. ومن المحتمل أن يتبع ذلك ازدياد انتشار مرض الايدز والتفكك الأسري وتشرد الأطفال وازدياد تعاطي المخدرات وإدمان الكحول. يبدو أننا نتجه إلى غض الطرف عن هذه الخسائر في الجوانب الإنسانية والاجتماعية كثمن لدمقرطة البلد، وهو يشابه ما حصل في روسيا وألمانيا الشرقية التي حكمتها الشيوعية بعد النازية، حيث يتم تذكير العراقيين يوميا من قبل (الملالي)، بأن هذه الأمور المروعة مصدرة من الغرب. هذا ولا يمكن للناس هناك أن ينتظروا ليأتيهم (فلايديمير بوتين) ليعيد لهم الحد الأدنى من النظام الاجتماعي. باختصار، فإن الانتظار من أجل أن يتعافى العراق في المجالين الاقتصادي والسياسي إلى درجة متقدمة، فإن ذلك يعد ضربا من العبث، خاصة وإن ليس هناك سبب لتصديق أن الرأي العام الأميركي يريد أن يستمر بدفع تكاليف احتلال طويل الأمد. على الطرف المقابل فإن ستراتيجية الخروج  قد ظهرت بقوة في (تيار جاكسون الجديد)، لإعلان النصر والعودة إلى الوطن بصورة أكثر واقعية ولو قليلا. يناقش المسؤولون في واشنطن، فيما إذا كان من الأفضل إجراء انتخابات ومن ثم تشكيل حكومة، أم صياغة دستور وإقراره ومن ثم العمل وفقه. لكن علم الاجتماع يظهر أن مثل هذه المناورات السياسية لن تقر النظام الاجتماعي. وفي الآونة الأخيرة، اقترح جوزيف نيا (Joseph Nye) عميد مدرسة كيندي للإدارة الحكومية في جامعة هارفارد، أن تدعو إدارة الرئيس بوش في تموز/ يوليو القادم إلى انتخابات وأن تعيد القوات الأمريكية إلى أرض الوطن، فقط آملا ألا ينهار الوضع قبل تشرين ثاني/ نوفمبر القادم. ربما يستغرق ذلك طويلا، لكن ليس مدة أطول. إن الحرب الأهلية بين المكونات العرقية محتمل جدا أن تعقب ذلك، كما لا تمنع هذه الستراتيجية العراق الج