اكتشاف جديد: معبد ستونهينج كان معرضاً فنياً ما قبل التاريخ

Friday 11th of January 2013 08:00:00 PM ,
العدد : 2697
الصفحة : تشكيل وعمارة ,

كشف مسح مفصل بالليزر لنصب تذكاري في معبد ستزنهينج جنوب بريطانيا ان هناك 72 من منحوتات العصر البرونزي الأول  لم تكن معروفة سابقا، منقوشة في خمسة من الصخور العملاقة . رغم كونه معبدا قديما، فقد كشفت ادلة جديدة مؤخرا ان ستونهينج يعتبر معرضا فنيا كبي

كشف مسح مفصل بالليزر لنصب تذكاري في معبد ستزنهينج جنوب بريطانيا ان هناك 72 من منحوتات العصر البرونزي الأول  لم تكن معروفة سابقا، منقوشة في خمسة من الصخور العملاقة . رغم كونه معبدا قديما، فقد كشفت ادلة جديدة مؤخرا ان ستونهينج يعتبر معرضا فنيا كبيرا ما قبل التاريخ . كافة الاعمال الفنية المكتشفة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة ، لكنها ظهرت فقط بعد اجراء مسح بالليزر سجّل حرفيا بلايين النقاط  الدقيقة على سطوح الصخور الثلاثة و الثمانين الباقية على قيد الحياة. بالاجمال فقد تم جمع 850 جيغابايت من المعلومات .

كشف تحليل مفصل للبيانات ان الصور قد تم نحتها على الصخور بشكل طبيعي عن طريق إزالة الطبقة الصخرية العليا السوداء بسمك 1-3 مللمتر لإظهار اشكال مختلفة الاحجام . من بين  72 صورة  كشفها  تحليل البيانات، هناك 71 صورة لرأس فأس من العصر البرونزي و صورة واحدة لخنجر من العصر ذاته .

قبل المسح الاخير كانت هناك 46 منحوتة اخرى ( لرؤوس فؤوس و خناجر ايضا ) معروفة او مشكوك بوجودها في ستونهينج – على الاغلب تم تحديدها بالرؤية في سنوات الخمسينات من القرن الماضي ، اما المسح الليزري الأخير فانه أكد وجود هذه الصور و ساعد في توفير المزيد من التفاصيل عنها .

هذه الاكتشافات الجديدة للفن الصخري ضاعفت عدد المنحوتات المعروفة في ستونهينج إلى ثلاثة أضعاف – هذا المعرض الفني غير المرئي في معظمه يضم اليوم اكبر مجموعة فردية من منحوتات ما قبل التاريخ. على الرغم من أن الصور غير مرئية اليوم للعين المجردة، فقد كانت في العصر البرونزي الاول واضحة للعيان .

لا شك ان هذه المكتشفات لها اهمية كبيرة في زيادة فهم علماء الآثار للقسم الرئيسي من حياة ستونهينج كمعبد يعود الى ما قبل التاريخ .

من المعروف ان النصب، عندما بني الجانب الرئيسي فيه في منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد ،قد صمم  ليكون معبدا شمسيا في المقام الاول ليحاذي تقلبات  الشتاء و الصيف . لكن مع تطور ستونهينج على مدى القرون اللاحقة، فان  الوظائف الدينية الاخرى التي اضيفت اليه ما زالت مجهولة .

من المؤكد ، في الفترة الواقعة بين 1800-1500 قبل الميلاد، ان عددا كبيرا من نصب القبور الفردية قد بنيت في الأرض المحيطة بستونهينج،  و أنشئت معالم اضافية ( دوائر متنوعة من حفريات الطقوس ) حول النصب . كما أن رؤوس الفؤوس و الخناجر المنحوتة تعود الى تلك الفترة المليئة بالألغاز – و قد تدلل على نوع من التوسع او التغيير في الوظيفة الدينية لدائرة الصخر العظيمة .

في التقاليد الهندو-أوربية ، غالبا ما ترتبط رؤوس الفؤوس بآلهة العواصف – و أن بعض المعتقدات الفولكلورية الأوربية الحالية توحي بان شفرات الفأس إذا كانت متجهة للأعلى فإنها كانت تستخدم كطلاسم لحماية المحاصيل الزراعية و البشر و الممتلكات من البرق و العواصف. من المهم جدا أن نعرف ان كافة صور رؤوس الفؤوس في ستونهينج تتجه شفراتها الى السماء، بينما تشير الخناجر الى الاسفل . لذلك فقد تكون رؤوس الفؤوس – التي تشكل اغلب الصور – قد نحتت  لتمثل نذورا لاسترضاء إلهي و بالتالي لحماية المحاصيل ، و ربما من المهم ايضا ان اغلبية المنحوتات إما تواجه مجموعة من القبور القريبة ( من نفس الفترة الزمنية ) أو انها تواجه مركز ستونهينج نفسها . دليل نادر من مكان اخر في بريطانيا يوحي بان منحوتات رؤوس الفأس و الخناجر يمكن ان تكون لها صلة بالجنائز و التأبين .

بيانات المسح الليزري تبين ان الكثير من صور رؤوس الفأس لها نفس الأبعاد، وهذا يوحي بأن رؤوس الفأس كانت بالفعل تستخدم بمثابة  رقاقات معدنية ( ستينسل ) للمساعدة في إنتاج الصور. إن كان الأمر كذلك فأن اكبر رؤوس الفأس المرسومة- بطول 46 سم – تصور أشياء اكبر بكثير مما اكتشفه علماء الآثار لحد الآن و ربما كانت تستخدم في المراسيم.

تم تنفيذ المسح الليزري من قبل شركة مسوحات غرينهاتش في دربي،  لصالح مؤسسة ( التراث الانكليزي ). كما ان الشركة الفرعية آركهيرتيج تعمل لصالح نفس المؤسسة وقد أمضت عدة شهور في تحليل و تصنيف كميات كبيرة من البيانات .

يقول ماركوس آبوت رئيس قسم التصوير في آركهيرتيج " ان هذه المكتشفات الجديدة على قدر كبير من الأهمية، كما أنها توضح كيف أن التكنولوجيا الحديثة يمكن أن تستخرج معلومات حاسمة و مؤكدة من نصب مثل ستونهينج". مع بدء ظهور الصور التي لم تكن مرئية سابقا على شاشات الحاسوب، يضيف آبوي قائلا "نحن نحدق مذهولين بالكم الهائل من المنحوتات المكتشفة، و قمنا بمراجعة بياناتنا عدة مرات".

بالإضافة الى ذلك فإن المسح و التحليل أثمر استبصارات جديدة في ستونهينج.  فلقد كشف أنها تبين - من خلال دراسة نعومة السطوح الحجرية – بأن المعبد بكامله قد تم بناؤه ليتم عرضه أساسا من الجانب الشمالي الشرقي، وهو ذلك الجانب من النصب الذي ظل علماء الآثار لفترة طويلة يعتقدون بأنه طريق المواكب الذي يتماشى مع الانقلابات الشمسية في الصيف . كما يبين التحليل المفصل للبيانات أن احدى الاحجار عند الجانب الجنوبي الغربي للنصب  المدمر حاليا ، قد صممت عمدا بشكل يسمح بشق يمكن من خلاله النظر الى غروب الشمس في يوم من ايام منتصف الشتاء . هذا يوحي – بالاضافة الى دليل جديد آخر – بان الجانب الجنوبي الغربي للنصب كان يوما ما يؤدي وظيفته بشكل كامل ، مما  يفند مزاعم البعض الذين كانوا يزعمون – و لا زالوا – بان ستونهينج لم يكتمل ابدا، مما يعني بالتالي انه في مرحلة ما كانت هناك محاولات لتدميره .

الشيء المحير بشكل خاص هو اكتشاف المسح الليزري بأن بنائي الحجر ما قبل التاريخ الذين ساعدوا في بناء ستونهينج قد استخدموا تقنيات مختلفة في الأعمال الحجرية ، فقد تم انجاز تغطية الحجر على الدائرة الكبرى للنصب (العمودية و السقوف) عن طريق جعلها موازية للجوانب الطويلة للنصب، في حين ان الاحجار الخمسة "الترليثونز" (ترتيب الاحجار المسقفة على شكل حذوة الحصان) داخل الدائرة الكبرى قد تمت تغطيتها بحيث تكون بزوايا قائمة على جوانب الأحجار. هذه الحقيقة التي لم تكن معروفة سابقا والتي كشفها المسح الليزري، توحي بأن الترليثونز ربما تم بناؤها قبل الدائرة الكبرى وليس معها في نفس الوقت.