شباب بلا عمل.. والنتيجة: تاكسي لكل خريج!

Saturday 19th of January 2013 08:00:00 PM ,
العدد : 2704
الصفحة : شباب وجامعات ,

مهنة "التاكسي" مهنة مَنْ لا مهنة له؛ حيث يلجأ الى هذه المهنة كثير من الناس، خاصة في ظرفنا هذا، فالبطالة في أوجها وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار جميع متطلبات الحياة الضرورية.وعند تنقلنا بين سائقي "التاكسي" نجد انهم ينتمون الى شرائح مختلفة واغلبهم يقضي ال

مهنة "التاكسي" مهنة مَنْ لا مهنة له؛ حيث يلجأ الى هذه المهنة كثير من الناس، خاصة في ظرفنا هذا، فالبطالة في أوجها وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار جميع متطلبات الحياة الضرورية.
وعند تنقلنا بين سائقي "التاكسي" نجد انهم ينتمون الى شرائح مختلفة واغلبهم يقضي الوقت بالحديث والكلام عن همومه، وقد تصل الى الشتائم في بعض الاحيان ، ولا سيما عندما تكون الشوارع في حالة اختناق.
يقول سائق التاكسي احمد سعد (27 عاما) ان معظم المهن في العراق توقفت وهاأنذا أمامك عندي شهادة (يعني خريج كلية)، لكنني لم احصل على فرصة عمل مناسبة مما يضطرني الى العمل في هذه المهنة "التاكسي" فنحن في بلد لا يوفر للخريج عملا، ولهذا نرى الطوابير من العاطلين عن العمل لا يجدون رزقهم اليومي مما يضطرهم الى التوجه الى العمل سائقي "تاكسي"، ما ادى الى كثرة سيارات الاجرة ، وبالتالي ادى الى الاختناقات المرورية بسبب كثرة الحواجز والسيطرات.
وبسبب هذه الظروف يلجأ سائق "التاكسي" إلى الحديث مع الراكب ويكون كثير الشكوى والتظلم.
ويقول الدكتور وائل السلمان (35 عاما) أستاذ علم الاجتماع: كثيرا ما نركب "التاكسي" لكي نصل الى مصالحنا او أماكن نريدها وأنا استخدم "التاكسي" بعض الاحيان ولقد فكرت في هذه المهنة وشد انتباهي أحد السواق برغم أنني اعلم أنهم مكافحون من اجل لقمة العيش وصاحب "التاكسي" هو صاحب مهنة تشبه الى حد كبير مهن أخرى في كسب الرزق، إلا انها غير تابعة لنقابة تحدد شروط العمل بها، فلهذا نرى الكثير ممن يعمل فيها وهي ملاذ العاطلين عن العمل ويملكون سياراتهم او سيارات أقاربهم.
ويضيف: في إحدى المرات أوقفت سيارة "تكسي" كالعادة وانتبهت الى سائقها، فلقد كان أنيقاً بملبسه وشكله وأحببت ان أخوض معه الحديث حتى اعرف قصته بعد ان أحسست بأنه يخفي قصة ما، فسألته عن قصته، فقال لي إنه خريج جامعي ويعمل سائق "تاكسي" مع انه يعمل عملا آخر، لأنه هجّر من بيته الى منطقة اخرى وأجرَّ بيتا سعره مرتفع جدا، ويقول انا ادفع راتبي لتسديد الايجار واعمل سائق "تاكسي" من اجل توفير لقمة العيش، والذي أريد أن أصل اليه هو ان اكسب المال الحلال افضل من البطالة.
ويقول ابو عمار (42 عاما) سائق تاكسي: نحن نعمل منذ اكثر من عشر سنين، واليوم الظروف اختلفت، تماما، عما مضى، ونلاحظ الان الكثير ممن لديهم سيارات لكنهم يفضلون استخدام "التاكسي" وذلك لأسباب كثيرة أهمها انعدام الامن وكثرة الازدحامات وانقطاع الطرق والكتل الكونكريتية وانتشار ظاهرة السواق الجدد الذين لا يعرفون فن السياقة فضلا على اللامبالاة عندهم.
ونرى معظم سائقي "التاكسي" -وانا منهم- يتحاورون مع الراكب ويتطرقون الى الكثير من المواضيع لقتل الضجر واضاعة الوقت الكبير حيث اننا نعمل ما يقرب من العشر ساعات يومياً وهذا يعني أن تمر علينا مختلف الشرائح من المواطنين والاختصاصات ما يتطلب الثرثرة معهم والحديث في شتى المجالات، فهناك من يفتح الحديث عن الفوضى في البلد ومن يتحمل مسؤوليتها وقد يتطرق احدهم إلى الازدحامات وإرباك المرور والحالة التي وصل إليها الشعب في ظل غياب الحكومة وضياع حقوق الانسان وعدم توفير أدنى المستلزمات للمواطن في وقت يعلم الجميع ان الشعب العراقي هو من الشعوب العريقة والحضارية ولا يستحق كل الذي حصل له وكلنا ينتظر ان نرى مستقبلا افضل لنا ولأولادنا إلا ان العتمة المخيمة على الأوضاع في العراق لا بد ان تنجلي، ويأتي الخير على العراق وأهله.
اما ثامر احمد (44 عاما) سائق "تاكسي" فيقول: الوقت الآن ليس في صالحنا فما تزال التفجيرات تحصد أرواح الأبرياء وكلها من اجل السياسة والمتضرر الوحيد نحن، هناك سرقات واعتداءات ونحن لم نعد نؤمن على أنفسنا ونسير في الشارع وأيدينا على قلوبنا من أي طارئ لا يأتي بخير، فقد استطاع الاحتلال أن يخلخل الوضع ويزرع التفرقة، وفي وسط كل هذا نريد ان نحصل على المال الحلال كي نعيل عوائلنا، فنحمل أرواحنا على أكفنا، فلا نرضى أن نعيش مثل اللصوص او الحواسم، نريد أن نكسب من تعبنا وعرق جبيننا.. أنا لدي عمل خاص بي إلا انه توقف بسبب المستورد الذي غزا الشارع فشل حركة المنتج الصناعي فاضطررت الى النزول الى الشارع لكي اعمل سائق "تاكسي"، لكنني أعاني الأعطال في السيارة إضافة الى الازدحام في الشارع وكثرة العاملين بهذه المهنة التي لا تحتاج الى مهارة غير السياقة.