تهجئة جديدة لاسمي ..(قصيدة الأنثى)

Saturday 2nd of March 2013 08:00:00 PM ,
العدد : 2739
الصفحة : عام ,

ياسين طه حافظوُجِدَت هذه القصيدة مُلْصَقَةً على باب قاعة الاحتفال قبل بدء الحفل !أنا هذي المُغويةُ ، تصنعْ من حجرٍ ياقوتاً ،ألا تدرون حقيقتَها ساحرةً أم شيطان ،ترمي في الريح نداءاتٍ غامضةً،وتُريكم ما في أجساد الموتى من عطشٍ مدفونٍ معهم ،وتُحرّضكم ثم




ياسين طه حافظ


وُجِدَت هذه القصيدة مُلْصَقَةً على باب قاعة الاحتفال قبل بدء الحفل !


أنا هذي المُغويةُ ، تصنعْ من حجرٍ ياقوتاً ،
ألا تدرون حقيقتَها ساحرةً أم شيطان ،
ترمي في الريح نداءاتٍ غامضةً،
وتُريكم ما في أجساد الموتى من عطشٍ
مدفونٍ معهم ،
وتُحرّضكم ثم تسدُّ البابَ
كأنها تشتم شراً وتغادر حشدَ وحوش أغرابْ .
أنا هذي الأنثى المجهولة بينكُمْ
في الشارع ، في السوق وفي قاعات الفنِّ.
أبحث عن لا أحدِ ،
أبحث
عني !
عالمكم هذا المزهوون بهِ
سجني !
يا رجلاً مشبوهَ التكوينْ
أُريد أن أُعيد الروحَ إليَّ
أُريدُ أن أكونْ !
لستُ لهذا ، لستُ لذاك
أنا الأنثى ،
نفسي .
أُبدل خاتمةَ المأساة
لنعيدَ قراءةَ ما أخطأنا في الظلماتِ كتابتَهُ .
هذي شجرة
عاليةٌ تتأبّى .
هذي عارضةٌ منكسرة ،
هي هذي الانثى تستكملُ قصّتَها.
أبحثُ في الغابة عن عشبة حزني ،
يا رجلاً يخزرُني بعيون الموتْ،
اني جلجامش أنثى
ألغي كلّ الغاباتِ لأوقفَ
وحشاً فيكَ ،
أُدجّنُهُ
وأُعلّمُهُ
كيف يعيش مع امرأةٍ وينامُ ببيتْ .
يا أنتم ، شرِهاتٌ أعيُنُكم إعجاباً
أو جوعاً
خلّوا أسلحةَ القتلْ
وتعالوا مغسولين نِظافاً
نبدأ جلْسَتَنا
بكؤوس نبيذٍ وبموسيقى هادئة للأرواحْ .
ولكي تحظون بعفو الله ، وعفوي ،
انتبهوا :
في موقف هذي الحافلة امرأةٌ مدفونة ،
شاعرةٌ او عاهرةٌ ، لا أدري .
في هذا السوق وتحت قمامتِهِ
امرأة مدفونة
صاحت صاحت وجعاً حتى ماتتْ .
وهنالك ، تحت قباب الله
حشدُ نساءٍ مدفوناتْ
بأكفّهم خنقوهنْ
وبأفواهِهُمُ قرأوا الآيات !

ها أنا بينكُم
أحمل في جسدي أرواحَ المدفوناتْ
وأدور بهنَّ العالمَ كي تقف المأساة .

لا أتكلّمُ بعدُ
لكُمُ صمتي
حين تجيءُ رسائلُكم وَسِخاتْ
أرثي لكمْ أرواحاً تالفةً
وأعودُ لبيتي .
فأنا لي ليلي ،
ليلُ الأنثى ،
ومدينتُها السرّية
أتسلّلُ ، أدخلُها وأُضيءُ ثرياتٍ مُطْفأةً فيها
فأرى روحي
وأرى جسدي وعجائبَهُ .
لكني حين أعود لكم وعيونُكمُ جاحظةٌ ،
يتهاوى جسدي بين يديه
وأرى ثانيةً في الشمس خرائَبَهُ!
محنتيَ الكُبرى
اني
بينكُمُ أحيا .
فأنا بين اثنينْ :
أن أُعلنَ حبي وأدوسَ قمامَتَكم،
أو أبقى عمري كلَّهُ في المنفى .
هذي خاتمة لـ "بيان" الأنثى المحظورْ :
أنا زارعةُ الفوضى
ليجيء صفاءُ تتفتّحُ فيه الروحُ المُحْتَجَبة
وليبزغ فجرُ الله الباهرُ في البرّية .
ذلك ، ذلك نهرُ حياةٍ يجري
لو انكمُ تمضون وتغتسلون به .
أعرفتم من كانت في الصمت تكلّمكم ؟
انا هذي الشاعرةُ المؤتَسَرة ،
بحرُكُمُ العذبُ وعشبُ البحر وأسماكُهُ والمرجانْ
وأنا المدُّ إذا ارتحتُ
وأنا الجزْرُ إذا ابتأسَتْ روحي وتكوّمت الأحزانْ .
بعثرتُ حواجزَ كي أصلَ اليوم لكم .
ألقيتُ قصيدي .
أنا ماضيةٌ للنهر الآنَ لأُلقي
كومةَ أصفادٍ
وأعودُ على عَجَلٍ ، فحبيبي
منتظرٌ يتلهّفُ عطشانْ
وأنا ابتدأتْ فيّ النيرانْ
سأُعانقُهُ وأُعانقُه وننامُ بفردوس اللهِ
فوق بساط زاهٍ
مرتعشَين بلذّتنا ، متعانقَيْنِ ... وحتى الفجرْ !