بغداد في النقـد وكاظم غيلان في التوقيف

Monday 11th of March 2013 08:00:00 PM ,
العدد : 2747
الصفحة : عام ,

حسين القاصد لم يفهم أحد من المعنيين في الشأن الثقافي ما معنى عبارة (بغداد في النقـد ) التي أُقيمت احدى فعاليات بغداد عاصمة الثقافة تحت شعارها !! فلم يخبرنا أحد عن كون (بغـداد ) قصيدةً سيتناولها النقـد ، ولا هي (رواية) ولا (مسرحية) ولا(فيلم وثائق




حسين القاصد

 لم يفهم أحد من المعنيين في الشأن الثقافي ما معنى عبارة (بغداد في النقـد ) التي أُقيمت احدى فعاليات بغداد عاصمة الثقافة تحت شعارها !! فلم يخبرنا أحد عن كون (بغـداد ) قصيدةً سيتناولها النقـد ، ولا هي (رواية) ولا (مسرحية) ولا(فيلم وثائقي ) ولا .. ولا .
 كل ما رأيته ـ أنا شخصياـ هو أني شاهدت وفود المحافظات في اتحاد الادباء وكان أغلبهم من الشعراء مدعوين للمشاركة في (بغداد في النقد ) ؛ فقلت : لأتصل بأحد النقاد لأتأكد مما اذا كنا دخلنا النقد الثقافي من اعظم ابوابه ، فقد يكون هناك محورٌ خاص بشارع ابي نواس وارتباطه ثقافيا بالشاعر ابي نواس ، أو قد يكون هناك محور آخر حول علاقة نسق الفقر ودوره في مدينة الثورة ـ على سبيل المثال ـ وأثره على الحيلة الثقافية في السرد ، ولم يحدث اي شيء من هذا النوع ، لم يناقش احد من المعنيين سبب وجود سيارة شرطة جوار تمثال كهرمانة من جهة المنطقة الخضراء !! فاذا كانت كهرمانة ستلقي القبض على الاربعين (حرامياً) فما حاجتنا للشرطة في هذا المكان ؟!
 وإذن ، الفعالية أُقيمت ، وكان الأدباء يتنقلون بين مكان الفعالية وبين اتحاد الأدباء ، وهكذا الجميع يبحثون عن بغداد في النقد ، خرج كاظم غيلان من اتحاد الادباء ليلا ليذهب الى بيته فإذا بأحد رجال مفرزة الشرطة المرابطة في ساحة الأندلس يستوقفه ويناديه (حجي ) فأجابه غيلان : بأنه ليس (حجياً) ، فطلب الشرطي هويته فأظهر غيلان هوية رسمية تدل على انه إعلامي ، فامتعض الشرطي وأخذه مخفوراً بعد ان قال له : هل تهددني بهذه الهوية ؟  لنرى إذا كانت تنفعك في مركز الشرطة؟!
  كاظم غيلان ذهب معهم واختفى لأنه ليس (حجياً) ولأنه يحمل هوية ثقافية !! بينما بقيت بغداد في النقـد لا تعلم بمصير أحد مثقفيها .
  وحين وصل الخبر الى الأمين العام لاتحاد الأدباء الفريد سمعان ، اخذ سمعان يدور ويبحث في المراكز الى ان عثر عليه وعرف ان على من يريد ان ينقذ كاظم غيلان أن يوفر له (كفالة ضامنة شرط ان يكون الكفيل محامياً ) وهكذا وبعد ان ثبت الفحص الطبي بأن كاظم غيلان ليس مخموراً ! وان الفريد سمعان يعمل محامياً تمت الكفالة وخرج كاظم غيلان ، وهنا تسكب العبرات ، الفريد بعمره الذي يتجاوز السبعين عاما احتاج الى هوية المحامي ولم تشفع له هوية أمين عام اتحاد الأدباء ولم يشفع له نضاله الطويل ضد الدكتاتورية ، وكاظم غيلان خرج من التوقيف بكفالة ضامنة لا ندري ماذا تتضمن؟ فقد تلزم هذه الكفالة كاظم غيلان بعدم حمله هوية تدل على انه مثقف أو إعلامي ، فضلا عن شرط آخر قد يُلزم غيلان بالذهاب للحج فوراً كي يلتفت لأي شرطي يناديه بكلمة (حجي) .
  تُرى هل يتضمن الدستور فقرة عدم التعامل بالثقافة وهوياتها ؟ وهل يلزم الجميع بالذهاب الى الحج ؟ سؤال مطروح للتشريح الثقافي على طاولة بغداد في النقـد .