الصفعة الجبلية !

Monday 29th of July 2013 10:01:00 PM ,
العدد : 2856
الصفحة : آراء وأفكار ,

أنا لا أتحدث عن " شه پازله " ــ بالباء المفخمة ــ وهي الكلمة الكردية التي تعني لطمة أو صفعة، لكني أود الحديث عن الصفعة ! هل هي حزورة؟ أبداً ! لطالما نال منا الأصدقاء وأسمعونا كلاما خشنا بشكل مباشر أو موارب، حول موقفنا من القيادة الكردية ومواقفها ا

أنا لا أتحدث عن " شه پازله " ــ بالباء المفخمة ــ وهي الكلمة الكردية التي تعني لطمة أو صفعة، لكني أود الحديث عن الصفعة ! هل هي حزورة؟ أبداً !

لطالما نال منا الأصدقاء وأسمعونا كلاما خشنا بشكل مباشر أو موارب، حول موقفنا من القيادة الكردية ومواقفها السياسية وأسلوب قيادتها لشؤون الإقليم والتعامل مع القضايا السياسية التي تخص وطناً اسمه العراق هم دستوريا جزء منه ويديرون فيه إقليما فيدراليا.

شخصيات كنت ولا أزال أرى ان حركة التحرر الكردية في العراق هي حركة وطنية مناضلة، لها حقوقها المشروعة لشعب قدم الكثير واجتاز المآسي في نضاله من اجل الحرية والحياة الكريمة، وهذه الحقوق لا يمكن الحصول عليها كاملة إلا في نظام ديمقراطي كامل يحقق العدالة الاجتماعية للجميع . وانطلاقا من هذا كنت أردد دائما، ان القوى الديمقراطية العراقية إذ تخوض صراعا شرسا من اجل ترسيخ بنية الدولة الديمقراطية في العراق، فإن القوى الكردية هي الحليف الأول في هذا الصراع، وهي أيضا من ضمانات الديمقراطية في العراق ارتباطا بنضالها المستمر لنيل حقوقها المشروعة . وفي غمار محاججة الأصدقاء ــ وغير الأصدقاء ــ ، نحاول ان نبرر للقيادات الكردية ما يحصل في مناطق كردستان من ملاحظات جادة عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وكثير من المظاهر السلبية التي تتناقض مع ما كنا نحلم به للشعب الكردي ، ومن ذلك التجاوزات بحق حرية التعبير ، ونقول ان هذه تصرفات فردية وغير مسؤولة من بعض المؤسسات ما زالت قياداتها تعمل بعقلية عشائرية ولا ديمقراطية وهذا لا يعبر عن سياسة قوى التحالف الكردستاني وحكومة الإقليم . وكتبت شخصيا عدة مقالات، مخاطبا القيادات الكردية، منها العام الماضي حين اصطف نواب كتلة التحالف الكردستاني، إلى جانب من صوّت على شرعنة الاستحواذ على أصوات الناخبين وفق مقترح التعديل الثاني لقانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي رقم "36" لسنة 2008 وتساءلنا حينها بصوت عال ، هل يتحرك نواب الكتلة الكردستانية يا ترى بدون تنسيق مع قياداتهم؟ هل هم مستقلون في قراراتهم ؟ وأين مسؤولية القيادات في متابعة كل هذا ؟ وهل هذا الموقف يمنح الصدقية لاعتقادنا بكون الأحزاب الكردستانية ضماناً للعملية الديمقراطية في العراق؟! وصرخت بحرقة " لا تخذلونا .. فحق تقرير المصير له طريق واحد هو : الديمقراطية ، فدعونا نعبّد هذا الطريق الوعر معا ! " 
الآن ، يتكرر نفس الموقف ، واتصل بي احد الزملاء ، إياهم ممن ياما دافعت أمامه ــ بإيمان ــ عن الحركة الكردية، مرددا ان الوقوف إلى جانب شعب وحقه في تقرير مصيره لا يعني دعم ومساندة حكّامه ، ليقول لي بشيء من شماتة (كيف حالك مع هذا "البوري" ؟) ويقصد موقف التحالف الكردستاني الجديد في كونها هي من دعت في مجلس النواب إلى استبعاد طريقة "سانت ليغو" التي أمنت شيئاً من العدالة النسبية خلال احتساب الأصوات في الانتخابات ودعت إلى اعتماد طريقة "هوندت" المعروف أنها لا تحقق العدالة المطلوبة !
إذا أردت هنا إبدال كلمة "البوري" التي دخلت القاموس العراقي، الذي أخذ حصته أيضا من بركات الديكتاتورية المقبورة والاحتلال والمحاصصة البغيضة ، فظهرت فيه مصطلحات بليغة ، منها "العلاسة" ، "الحواسم" ، "القفاصة" ، "الصكاكه" ، وطبعا "البوري" وغيرها كثير، والتفكير بكلمة عربية فصيحة فلن أجد أفضل من "الصفعة" ــ بالكردي "شه بازله"ــ ، إذ يبدو ان قيادة الحركة الكردية لا تتوقف عن توجيه الصفعات لحلفائهم في النضال من اجل الديمقراطية ، انطلاقا من كونهم يضمنون وقوفهم إلى جانبهم مهما كان ومهما حصل ، فمواقف التيار الديمقراطي نابعة أساسا عن إيمان بمبادئ راسخة وليس من حسابات ربح وخسارة !
يبدو أن قيادات التحالف الكردستاني تعول على صبر قوى التيار الديمقراطي ، معتقدين انهم لا يعملون وفقا لأفكار كارل ماركس أو يوسف سلمان يوسف ـ فهد أو كامل الجادرجي أو محمد حديد وغيرهم وإنما وفقاً لما علّم به السيد المسيح تلامذته وهو على الجبل ــ أهي مفارقة ان يكون مكان الموعظة على الجبل ؟! ـ إذ قال لهم وفقا لإنجيل متي 39 ، "مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً " !
أهناك يا ترى " شه پازله" جبلية جديدة في الطريق ؟! وكيف ستكون ووفقا لأية حسابات؟!