العُرس الديموقراطي.. وشهر العسل البرلماني

Monday 2nd of September 2013 10:01:00 PM ,
العدد : 2882
الصفحة : آراء وأفكار ,

 أشرف الدهانحمل خروج العراقيين بتظاهرات 31 آب المطالبة بإلغاء الرواتب التقاعدية لنواب البرلمان والرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة،عدة رسائل يجب أن نعيها ونسير على هديها، وأهمها الحرص على وحدتنا الوطنية والتأكيد على ضرورة الالتزام دائماً بالحوار العاقل

 أشرف الدهان










حمل خروج العراقيين بتظاهرات 31 آب المطالبة بإلغاء الرواتب التقاعدية لنواب البرلمان والرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة،عدة رسائل يجب أن نعيها ونسير على هديها، وأهمها الحرص على وحدتنا الوطنية والتأكيد على ضرورة الالتزام دائماً بالحوار العاقل بتلبية مطالب أبناء الشعب .
باعتقادي إن ماجرى هو بمنزلة أجندة عمل تفصيلية متكاملة لتعزيز الديموقراطية العراقية، وتنفيذ البرامج الملحة لتحريك عملية التنمية الاقتصادية بعد تلبية المطالب المشروعة وتقوية الوحدة الوطنية بين مختلف أطياف المجتمع خلال المرحلة المقبلة .
رسائل سامية متعددة حملتها هذه التظاهرات، تؤكد حكمة العراقيين وبصيرتهم وسعة صدرهم، وتعكس مدى تساميهم وتفهمهم  مجريات الأمور في العراق .
 إن العرس الديموقراطي الجديد يؤكد تأصيل المسيرة الديموقراطية العراقية وتجذرها في نفوس المواطنين، فإن الرسالة المهمة التي يجب أن يعيها جميع السياسيين والبرلمانيين وأعضاء الحكومة في هذه المرحلة هي دعوة المتظاهرين إلى ضرورة الحرص على وحدتنا الوطنية، باعتبارها السور الحصين لنا جميعاً، وتأكيدهم على ضرورة الالتزام بالحوار العاقل والهادئ والبعد عن الاتهام والتجريح للوصول إلى أفضل الحلول لقضايانا الوطنية. وهذه الدعوة تبرز على ضرورة أن تحرص قيادتنا السياسية على الاستماع إلى جميع الآراء والمطالبات التي نادى بها المتظاهرون ، فهناك تيارات ومجموعات لا بد من الاستماع إلى آرائها ومناقشتها ووضع رؤيتها في الاعتبار، لأن الديموقراطية الحقيقية لا تتحقق إلا بتعدد الآراء والأفكار، التي نستخلص منها ما يخدم خططنا الوطنية، ويعزز مسيرتنا التنموية، دونما تجاهل لفئة أو تهميش لتيار، أما من لا يستمع إلا لنفسه فلن يحقق نجاحا ولن يبني مجدا مهما بذل من جهود.
وأعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية مطالبون بأن يأخذوا هذه الرسائل بعين الاعتبار، لتكون أساسا لخططهم ومقترحاتهم في مختلف القضايا، فنحن نريد أن نرى الانطلاقة الواعدة نحو آفاق التقدم والتنمية، كما نتطلع بشغف إلى دور كبير وفاعل للشباب في صنع مستقبل وطنهم ورفع رايته.. ووسط كل ذلك فالجميع مطالبون بإمعان النظر في ما يحدث في دول محيطة، واستخلاص الدروس والعبر التي تؤمن وطننا من المخاطر.
ولكي نحقق ما نصبو إليه فلا بد من التعاون والتكاتف بين الجميع، فأسراب الطيور لا تهاجر إلا في جماعات ذات نسق واحد، وهذا أمر فطري يجب أن ندركه جميعا لتحقيق التجانس بين شرائح المجتمع مهما اختلفت  الأحزاب والتيارات.
وإذا كنا نبارك للعراقيين جميعا بعد انتهاء العرس الديموقراطي في هذا الجو  الساخن، فإننا لا نخفي ما يثير الرجفة في القلب والشكوك في النفس، من ألا يكون هذا المجلس (مجلس النواب ) على المقاس المطلوب.. «واسع شوية.. أو ضيق شوية.. أو مو على الموضة»، وبالنظر إلى تصريحات بعض النواب خلال تعليقاتهم على ماجرى من تظاهرات، سنجد أنها مهما صدقت نواياها تشبه المثل القائل «كلام الليل مدهون بزبدة!». وهنا من الحكمة أن يحذروا من إطلاق التصريحات على «الفاضي والمليان».. عليهم أن يعملوا في صمت، بدلاً من اللهث وراء الإعلام والوقوع في فخ البحث عن عدد مرات الظهور على الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى، فتكثر الأخطاء والزلات وسط تصريحات غير مسؤولة لا تحترم عقول المواطنين وتطلعاتهم .
وليس عيبا أن نذكر أن بعض النواب والوزراء أيضا بحاجة إلى الاستعانة بخبراء في الإعلام، لتدريبهم على فنون الإلقاء والحوار والتعبير، سواء بالألفاظ أو بالحركات، كما يحدث في الدول المتقدمة، ليتمكنوا من الوصول إلى ما يريده المواطنون بشكل يناسب طموحاتهم ويحترم عقولهم ويحقق أهدافهم ويخدم مصلحة وطنهم.
ولا بد أن يعي الجميع أنه إذا كان الإعلام مهماً في إبراز مساعي وجهود النواب والوزراء وتحركاتهم، فإن الأهم بالنسبة إلى المواطنين هو العمل والإنجاز.
وفي الختام، لا بد أن نشير إلى حالة التفاؤل التي سادت بين كثير من المواطنين بعد مشاهدتهم لبعض الشباب الواعين وهم يحملون تطلعات الشباب «النظيف الصادق» وآمالهم في قيادة وتنسيق هذه التظاهرات  لذا، فعلى الحكومة أن تحذر من إحباط هؤلاء الشباب الواعدين، المفعمين بالتفاؤل وحب الوطن.. فإذا اصطدم هؤلاء الشباب بالوعود الوهمية والمشاريع الورقية والتصريحات الاستهلاكية، فستكون العواقب وخيمة والنتائج مخيفة، لأنها بمنزلة الامتحان النهائي للحكومة والبرلمان .