حرب (الخال وابن أخته)

Monday 6th of January 2014 09:01:00 PM ,
العدد : 2975
الصفحة : الأعمدة , عدوية الهلالي

الجيش سور للوطن.. جملة حفظناها عن ظهر قلب لكثرة ترديدها في كتبنا الدراسية..لم تذكر الكتب شيئا عن جيش صدام او جيش المالكي فالجيش من الشعب ويحمي الوطن الذي يضم كل أطياف الشعب، لكن قادة العراق ارتأوا تحويل الجيش الى ملك شخصي لهم ككرسي الحكم فصار أداتهم الضاربة في الحق والباطل... البسوه رداء الطائفية حين دفعه صدام من قبل ليضرب أخوته في الجنوب والوسط ويدفعه المالكي الآن ليضرب أخوته في المناطق الغربية.. جيشنا لا يستحق ذلك.. انه اكبر بكثير من صورته التي منحها له قادة القوات المسلحة الذين لا يفقهون شيئا في الحياة العسكرية.. جيشنا هو الذي خاض حروبا في فلسطين ولبنان والجولان جعلته على قمة الجيوش العربية تنظيما وأداء وشجاعة وتكاتفا.. وهو الذي خاض أبناؤه حروبا إقليمية اختلطت فيها دماء الجنود السنة بالشيعة والمسيحيين بالمسلمين والأكراد بالعرب.. كان فيه قادة كبار وعقول عسكرية تتقن فن الحرب والتعامل معها بذكاء وحكمة لكن تدخل قادة القوات المسلحة من الطارئين على الحياة العسكرية حولت الجيش الى وسيلة لتثبيتهم على مقاعد الحكم..
في أعوام التسعينات استخدم صدام الجيش لتصفية الانتفاضة الشعبانية فزرع أول بذور الفتنة الطائفية حين صار (جيش صدام) هو الذي يقتل ويعتقل.. كان أفراد الجيش من الجنود البسطاء القادمين اغلبهم من قرى الغربية وغرر بهم صدام حين وصف لهم ما جرى في الجنوب والوسط بانه فعل غوغائي شاركت فيه قوى خارجية لقلب نظام الحكم واحتلال العراق...واليوم يفعل المالكي الشيء ذاته حين يصور الوضع في الأنبار لجيشه المتكون في الغالب من (أبناء الخايبات) من فقراء الوسط والجنوب بأنه حرب على الإرهاب المتمثل بالقاعدة معتمدا على خلط الأوراق وناقرا على دف الطائفية ذاته بتخويف جيشه من دخول قوات خارجية تحتل العراق وتقضي على (الشيعة)... بهذه الطريقة يقود المالكي جيشه اليوم الى التهلكة حين يضعه بمواجهة ثورة عشائر رفضت وجود القاعدة وحاربتها باحثة عن خلاصها في الجيش العراقي لكنها عانت الكثير من تقييده لحرية أبنائها ومعاملتهم كإرهابيين وإهانته الدائمة لهم بشتى الطرق...لقد سئمت العشائر ظل الجيش الثقيل على حياتها وصبغة الطائفية التي صبغت تعامله معها فصار عدوها الجديد بعد القاعدة وداعش وبالتالي فقد وضعه المالكي تحت مطرقتين: القاعدة والعشائر بينما كان الأحرى به ان يفهم أسلوب حياة أبناء العشائر الذين كان مبتغاهم الوحيد بعد خروج القاعدة ودخول الجيش والشرطة الى مناطقهم هو العيش بكرامة... هذه الكرامة التي تسفح يوميا خلال مداهمات المناطق واعتقال الأبرياء فضلا عن مضايقتهم في السيطرات وفي كافة تفاصيل حياتهم اليومية فكل شيء بات يجري على أساس طائفي.....
امس، كان عيد الجيش ومن يتابع قناة العراقية سيجد الجيش منتصرا تتغنى الأناشيد ببطولاته وهذا خير احتفال له..لكن من يهبط على ارض الواقع ويزور اطراف بغداد الغربية سيرى كيف يغادر العديد من الجنود والضباط أفواجهم هاربين من نار داعش ونقمة العشائر ليختبئ بعضهم في منازل الأهالي الذين يرحبون بهم ويلبسونهم ملابسا محلية لحين التحاقهم بأفواج العاصمة..جنودنا اليوم يخوضون حربا لا طائل منها فحل الأزمة التي فجرها المالكي لابد ان يكون سياسيا لا عسكريا وبدلا من إلقاءه جيش العراق في محرقة وكأنه جيشه الخاص لابد ان يحافظ على حياة أفراده ويعيد لهم روحهم المعنوية المنهارة ويلجأ الى التفاوض لحل الأزمة (ديمقراطيا) ويعيد لعشائر الغربية كرامتها مستفزا شهامتهم ونخوتهم العربية لحماية أراضيهم من داعش.. بهذه الطريقة فقط يتخلص الجيش من حرب (الخال وابن أخته) ويعود جيشا للعراقيين فقط وليس لصدام او للمالكي.....