مجتمع مدني

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

لسان حال المواطن العراقي: سأنتخب الديمقراطية والفيدرالية ومستقبل العراق

بغداد- المحامي هاتف الاعرجي

سيادة الدول والمساواة  بينها في ممارسة حق السيادة يعتبر من المبادئ الاساسية في القانون الدولي، ويقر بذلك جميع فقهاء القانون الدولي، فالمادة الثانية من الفقرة الاولى من ميثاق الامم المتحدة تقوم على مبدأ سيادة الدول والمساواة بينها، وهذا يعني ممارسة الدولة لسلطانها من دون تدخل  خارجي، فلا يجوز ان تتدخل دولة خارجية بشؤون دولة اخرى وبأمور تدخل في صلب سيادتها وسياستها في تنظيم علاقات شعبها وطريقة ادارة شؤون شعبها على وفق ما تتطلبه شؤونها وظروفها وطبيعة الشعوب والقوميات التي تكون شعبها الكبير.

ما السيادة؟

ان اهم تجليات السيادة في الدولة هي الحرية في اختيار النظام السياسي - الشكل السياسي للحكم من دون اي ضغط او تدخل خارجي يحد من حرية الدولة- حرية شعبها. لقد اتفقت قوى الشعب العراقي الاساسية احزابه الوطنية، تجمعاته، كل قومياته واديانه على ان العراق دولة ديمقراطية فيدرالية تعددية -تؤمن تعدداتها السياسية ومكوناتها- بالراي والرأي الآخر وتداول السلطة بديمقراطية، ولا شك ان اهم تجليات سيادة الدولة -أي دولة- هي اصدار وتطبيق القوانين وبالدرجة الاولى الدستور الذي يعتبر سيد القوانين. وقانون ادارة الدولة المؤقتة العراقية هو بمثابة دستور مؤقت لجمهورية العراق، و قد اختار النظام الفيدرالي لاقليم كردستان مع العراق ووفقاً للواقع الجغرافي والقومي، وتجسيد طبيعة وشكل المؤسسات السياسية التي تنسجم وتتلائم مع التركيبات السكانية.

اختيار الفيدرالية

من هنا فإن اختيار الشعب الكردي للفيدرالية، وقبول الشعب العراقي لذلك يشكل مرحلة جديدة مهمة في تاريخ تطور العراق السياسي بقيام الدولة الفيدرالية التي تعني قيام دولة من ضمن مجموعة من الولايات او الاقاليم او اقليمين في الاقل، وتكون بين هذه الولايات علاقات قانونية وداخلية تتمثل في القانون الدستوري الذي يحكم علاقة هذه الولايات فيما بينها. وتكون هذه العلاقات واضحة ومحددة في الدستور الذي يحدد صلاحيات الولايات وكل ولاية وصلاحيات الدولة الفيدرالية المركزية.  وانه لا يجوز لكل ولاية او الدولة الفيدرالية تجاوز الحدود الدستورية، اذ ان هذا التجاوز يشكل خرقاً ومخالفة للدستور، وبالتالي قد يصل الامر الى عرض التجاوز على الهيئات القانونية صاحبة الراي في اصدار ما يقتضي لرفع التجاوز وعن طريق المحاكم الدستورية. ان امل كل العراقيين ان يكونوا عند اعتاب ولادة عراق جديد، عراق ديمقراطي، في اطار دولة القانون والمؤسسة الدستورية، ولتنتهي عند عدم عودة الدكتاتورية والظلم والاستبداد.

الدستور العراقي القادم

التقدميون والوطنيون الحريصون على وحدة شعب العراق يأملون في ان يكون دستور العراق ولما بعد الانتخابات دستوراً ديمقراطياً يجسد كل طموحات الشعب العراقي بعربه واكراده واقلياته القومية الاخرى، يصون الوجود القومي والسياسي والاداري والتاريخي على احسن وجه، يصون حقوق المواطنين من مختلف قومياته وعناصره واديانه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وليكونوا كلهم في الحقوق الرقم واحد وبدون تمييز.

ولا شك ان التدخل السافر في شؤون العراق من قبل أي من دول الجوار ومحاولة الزج بالعصابات وضخ الاموال للتأثير في الواقع السياسي، والصراع السياسي، وعرقلة الانتخابات ومحاولة تزويرها من اجل استحواذ طرف واحد على الجمعية الوطنية سيسبب تخريباً في الواقع السياسي يصعب معه اقامة علاقات وطنية مع القوى الوطنية الاخرى وبالتالي اقامة نظام ديمقراطي يحقق العدالة والحرية والديمقراطية اذا لم تفهم هذه الأغلبية من انها يجب ان تكون عاملاً للحفاظ على وحدة العراق وعدم الاضرار بحقوق المواطنين الاخرين.

تدخل دول الجوار

واذا كان لكل دولة الحرية الكاملة في اختيار الشكل السياسي للحكم والدولة من دون أي ضغط او تدخل خارجي يحد من هذه الحرية، فإن ما يشهده المراقب الحيادي ان دول الجوار المعلومة للقاصي والداني تتدخل في الشؤون العراقية عسكرياً واقتصادياً وسياسياً ويمكن ان يكون الاعلام والدعاية والاشاعات الهادفة لخلق الاضطرابات بهدف عدم تحقق الاستقرار السياسي بل يصل الامر الى حد تدريب الانتحاريين ومفجري السيارات المفخخة وارسالهم بل وادخالهم داخل العراق.

الا يكن مثل هذا العمل الذي تقوم به دول الجوار خرقاً للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة وذلك لرفضها مبدأ الديمقراطية وحرية الشعب في انتخاب ممثليه واعمال الدستور بدلاً من سلطة الحاكم المستبد، وتحقيق الوسائل الديمقراطية التي تعني مشاركة الشعب في اختيار طريقة الحكم بما فيها الفيدرالية للشعب الكردي.

ان التثقيف بمضمون المواطنة الحرة والمتساوية يعني الاصرار على المواقف الحقيقية التي تؤول الى نبذ السياسة الاستبدادية والعنصرية القاسية التي اضرت بعراقنا والاستفادة الفعلية من تجربة العراق الطويلة بشأن حل المسألة الكردية لمصلحة الشعب العراقي عامة والكردي بالاخص القوميات الاخرى ولصالح مستقبل وازدهار العراق. ان تجربة الشعوب وتجربة اكثر من ثمانين عاماً، وكما يؤكد ذلك كل المفكرين والكتاب الوطنيين، يفترض ان تكون قد علمتنا ان منع أي شعب من تقرير مصيره بنفسه وهو حق اقره القانون الدولي والامم المتحدة لن يكون لمصلحة كل القوميات المتعايشة معاً في العراق، وبما ان المجلس التشريعي في اقليم كردستان قد اقر الفيدرالية فإن من واجب كل وطني مستقل او ضمن التنظيمات الوطنية بتعدد الوانها واطيافها قومية او وطنية تقدمية تأييد هذا القرار الوطني و المهم وجعله جزءاً من طبيعة نظام الدولة العراقية وليكون العراق جمهورية ديمقراطية فيدرالية متحررة ومستقلة تتعايش فيه بأخوة وتضامن وسلام القوميات العربية والكردية والتركمانية والاشورية والكلدانية اضافة الى الارمن الذين يعيشون في العراق منذ تاريخ بعيد.

التثقيف بأفكار الحرية

ان التثقيف الواسع النطاق بأفكار الحرية والديمقراطية وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية والسلام وضد الحروب والعنف كوسيلة لمعالجة المشكلات او القفز على السلطة او أي شكل من اشكاله وصوره، وضد الاضطهاد والاستبداد. وهذا يعني التثقيف ضد الفكر والسياسات العنصرية والطائفية والتمييز الديني والمذهبي وضد التمييز ضد الفكر والرأي الآخر وحقوق المرأة. التي تتطلب جهداً استثنائياً بتطوير دورها وتخليصها من التخلف الراهن، ومشاركتها الفاعلة باعتبارها نصف المجتمع او اكثر من ذلك في قضايا العراق الرئيسة وخاصة في مشاركتها بالانتخابات وابداء رايها في اختياراتها الديمقراطية ومنحها كامل حقوقها و واجباتها اسوة بالرجل واصدار القوانين التي تحرم ضرب المراة او تحقيرها او الاساءة اليها. وتضمن استقلالها وضمان مشاركتها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقوات المسلحة ولعل ما حققته المراة العراقية في كردستان في تاريخ نضالها ولما حققته سلطة اقليم كردستان بتلبية مطاليبها وحقوقها جعلها النصف الآخر الفعال لبناء الاقليم الديمقراطي وبفاعليتها مع اخيها الرجل وفي مختلف مجالات البناء الواضحة للعيان.

كما ان ايلاء اهتمام استثنائي بواقع الفئات الاجتماعية الكادحة التي عانت الامرين خلال العقود المنصرمة فكانت  وقوداً فعلية لحروب النظام وضحايا ارهابه الدموي، فمحاربة البطالة وتامين معدلات نمو عالية وزيادة الدخل القومي. ان نمو الارهاب يكمن في وجود فقر مدقع وبطالة واسعة مرهقة للعائلات الفقيرة التي تطلب ان تكون مصالحها وارادتها عند اهتمام من ستنتخبه ولتساهم مع الشعب في مراقبة الفساد الاداري والمحسوبية والمنسوبية ونهب موارد الدولة ورفض التعامل على اساس طائفي لتوزيع هذه الوظائف الحكومية في ضوء هذا المبدأ الرجعي ودعم التوجه صوب تكريس مبدأ المواطنة والمساواة بين الجميع بغض النظر عن القومية او الدين او المذهب او الجنس او الفكر او الراي السياسي مع رفض تام للفكر العنصري والتمييز الديني والطائفي. واذا ما سألتني فمن ستنتخب!! فسأقول سأنتخب الديمقراطية والفيدرالية ومستقبل العراق.

مع خالص ودي وتقديري لاستاذي البروفسور الدكتور كاظم حبيب


عقد الامم المتحدة (1994 - 2004)لتعليم حقوق الإنسان وضمان تطبيقها

حددت الامم المتحدة بقرار خاص السنوات العشرة من 1994 لغاية 2004 بإعتبارها عقداً خاصاً بتعليم ونشر ثقافة  حقوق الإنسان، ومن المعلوم في مثل هذه القرارات هو التفعيل والدعم المادي المعنوي وعقد المؤتمرات لكن لا يعني توقف العمل بعد انقضاء الفترة المحددة، وها هي انقضت ولعل الإنسان العراقي الشرق اوسطي هو الأقل حظا في الاستفادة من هذا القرار بسبب الانظمة الاستبدادية التي تنصب مهمتها على قمع الإنسان واستلاب حرياته وحقوق من اجل استمراها في السلطة، اصبح الإنسان العراقي بعد سقوط الطاغية صدام هو الاكثر حظاً في الاستفادة من نشر تعليم ثقافة حقوق الإنسان، بل والاستفادة من التمتع بحقوق الإنسان، وكان لقرار وزارة التعليم العالي بإدخال ثقافة حقوق الإنسان كمادة دراسة في الجامعات والمعاهد العراقية بدلاً من ثقافة الاستبداد الشوفينية اهمية كبيرة في السير بالاتجاه الصحيح، وأيضا على المستوى الرسمي، تم تأسيس وزارة لحقوق الإنسان، لأول مرة في تاريخ العاق مهمتها مراقبة حقوق الإنسان وتأمين احترامها والوفاء بها، وهناك ايضاً أكثر من وزارة لها صلة وطيدة بموضوع حقوق الإنسان مثل وزارة المجتمع المدني واغلب هذه المؤسسات تعمل من اجل حقوق الإنسان ووزارة البيئة التي تعمل من اجل الوفاء بحقوق الإنسان المهجر والمهاجر، وهكذا، اما على المستوى المدني فهناك العديد من المنظمات غير الحكومية التي تأسست، بعد سقوط الطاغية صدام، من اجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وانضم اليها العديد من نشطاء حقوق الإنسان واقيمت عدة فعاليات تمثلت بالمؤتمرات والمراقبة الميدانية لحقوق الإنسان وتوثيق جرائم النظام الصدامي المباد في انتهاك حقوق الإنسان وتقديم الدراسات والبحوث الخاصة بحقوق الإنسان واصدار النشرات والدوريات  والملصقات المتعلقة بحقوق الإنسان، وكان لعودة منظمات حقوق الإنسان العراقية التي تشكلت في المنفى اثناء تسلط الحكم المباد دور كبير في اغناء التجربة العراقية الفنية من خلال تجربتها في البلدان المتقدمة في مجال احترام حقوق الإنسان، واستطاعت هذه المنظمات ان تحقق نجاحات مهمة بالرغم من الظروف الصعبة المتمثلة بإنعدام الامن وتدمير البنى التحتية وانعدام الدعم المادي والمعنوي، تمثلت في اشاعة مفاهيم حقوق الإنسان والمطالبة بإحترامها والوفاء بها وادانة وفضح ممارسات التعذيب في سجن ابي غريب سواء الصدامية والامريكية وتأمين المساعدات اللازمة للاهالي النازحين من مناطق سكناهم بسبب المصادمات المسلحة ومطالبة قوات الاحتلال بإتباع قواعد القانون الدولي الانساني الخاصة بحماية المدنيين والجرحى والمرضى والاسرى والامتناع عن التدمير والقتل في حالات انعدام الضرورة الملجئة والتناسب بين الخطر واستخدام السلاح وهذا كما ينص عليه القانون الدولي الانساني في حالة حدوث النزاعات الدولية المسلحة وتعرض الدول للاحتلال، ومن الاعمال التي قامت بها منظمات حقوق الإنسان هي المطالبة بتعويض اسر ضحايا النظام الصدامي لأسباب طائفية وقومية وسياسية.

برامج تعليم حقوق الإنسان

وعودة إلى بداية الموضوع، يستطيع العراقيون الآن الممارسة الكاملة لنشر واشاعة ثقافة حقوق الإنسان بما يعزز ضمانها واحترامها والوفاء بها عبر برامج وآليات مختلفة، يمكن الاشارة إلى بعضها كالآتي:

1- تحديد الصعوبات التي تواجه تطبيق تعلم حقوق الإنسان بالتشاور مع المنظمات الاقليمية والدولية بغية تذليلها والحد منها. ومراقبة برامج تعلم ثقافة حقوق الإنسان على المستوى المحلي والاقليمي والدولي واصدار التوصيات بشأن تعزيز نجاحها ومدى تأثيرها. والتأكيد على برنامج مركزي لتعليم حقوق الإنسان يتضمن  الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافة ، مع ضمان تمكن الجميع من البرنامج. وتركيز الجهود التعليمية لتعزيز وتقوية المساواة النوعية، خاصة فيما يتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل ونبذ كافة اشكال التمييز وعدم التسامح والارهاب والقضاء على الفقر. وفتح قنوات منتظمة مع وكالات الامم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان للمشاركة في تعليم حقوق الإنسان. واقامة ورش عمل تهدف إلى التعريف بحقوق الإنسان وتطوير آلية لأفضل النماذج الممارسة في تعليم حقوق الإنسان في كافة المستويات التعليمية. والمساهمة مع الجهات الاقليمية والدولية في تأسيس استراتيجيات واضحة لتنمية قدرات تعليم حقوق الإنسان.

المحرر


اول ضمانة تشريعية للمرأة في عضوية الجمعية الوطنية العراقية

المحامي/ حميد طارش الساعدي

بعد ان ادرك الإنسان حقيقة ما عاناه ويعانيه من ظلم واضطهاد وحرمان كان بسبب الحكام، بل ان ما لحق به من ضرر على كافة الاصعدة يكون غالباً من الحاكم المحلي ويكون هذا الاخير هو السبب الاساسي في تعرض الإنسان للظلم والاحتلال من الحكام الاجانب، إذاً كان على الإنسان ان يفكر ويصل إلى اسلوب للحكم يجنبه الضرر ويضع حداً لمعاناته، وتوّج ذلك من خلال مبادئ اساسية تتضمن عدم استمرار الحكام بالسلطة وان مصدر السلطة هو الشعب وايجاد آلية للتداول السلمي للسلطة وضمان المعارضة السلمية والرقابة على اعمال الحكومة والقدرة على عزلها في حالة انحرافها وضمان حيادية المؤسسات العسكرية والامنية وقيادتها مدنياً لأداء مهامها، وتمت صياغة هذه المبادئ بإطار تشريعي من خلال الدستور والقوانين لكفالة الالتزام بها والمساءلة القانونية في حالة خرقها، اذن قوة  هذه المبادئ تكمن في الشرعية  التي مصدرها الشعب ولكي تكون هذه الشرعية حقيقية يفترض ان تكون معبرة عن ارادة مجموع الشعب دون تمييز، ومن اسباب المهمة يكون على اساس الجنس أي عدم مساواة المرأة بالرجل.

حجج اقصاء المرأة

ابعد الرجل المرأة عن المشاركة في الحياة السياسية بحجة الاختصاص فالمرأة تختص  بشؤون الاسرة التربوية والمنزلية والرجل يختص بشؤون الحكم والادارة العامة وهذا المعتقد يجد اساسه التاريخي في المفهوم الروماني لدور المرأة التي يجب لأن تلزم الدار وتغزل الصوف وكتب القديس بولص لا اسمح للمرأة بأن تعلم ولا ان تكون لها سطوة على الرجل بل يجب ان تبقى صامتة فآدم هو الذي خلق اولاًُ بعده حواء، وليس آدم هو الذي اغري بل المرأة ومع هذا فسيكتب لها الخلاص حين تصبح اما ، إذا ثبتت على الايمان، على الاحسان وعلى اقامة الشعائر بتواضع. اما الفقيه الروماني البيا فيقول (بسبب الحياء الذي يناسب جنسهن فإن النساء لا يستطيعن مطلقاً ممارسة وظائف رجالية) هذه المعتقدات اثرت على حرمان المرأة من حق المشاركة السياسية بعد قيام الثورة الفرنسية عام 1789 حيث لم تعط الجمعية الوطنية للمرأة حق التصويت في الانتخابات وكذلك الجمعية التأسيسية الفرنسية رفضت اعطاء الحق للمرأة في التصويت رغم اعلانها عن ممارسة الحقوق السياسية بإعتبارها حقوقاً طبيعياً لكل انسان ثم جاءت مدونة نابليون في عام 1804 ترسيخاً لهذا الاتجاه عندما نصت على عدم الاهلية المدنية للمرأة المتزوجة. وهذا الاعتقاد وجد اثره لدى بعض فقهاء الدستور وكما يقول الفقيه اسما (ان استبعاد النساء من الاقتراع السياسي ليس تحكمياً ابداً، انه ينحدر من قانون طبيعي، من تقسيم العمل الاساسي بين الجنسين الذي هو قديم، ان لم يكن قدم الإنسانية، فعلى الأقل قدم الحضارة فيكون من غير المعقول ان نطالب لهن بالاقتراع السياسي وكذلك لو اردنا اخضاعهن للخدمة العسكرية.

الدفاع عن حق المرأة

لم يمنع تأثير المعتقدات القديمة من ظهور الآراء التي بينت بطلانها بشكل عملي حيث يقول المفكر السياسي الفرنسي سيس في ملاحظاته حول تقرير لجنة الدستور في تشرين الاول 1789 (نرى نساء قد دعين إلى العرش) فمن التناقض الغريب ان لا يسلم بأنهن من بين المواطنين العاملين كما لو كانت السياسة السليمة يجب ان لا تنزع دائماً إلى زيادة عدد المواطنين الحيقيين، أو كما لو كان من المستحيل على المرأة ان تكون ذات نفع بالنسبة للامور العامة اما ما اورده الفقيه اسما فيجيب عليه الفقيه دكي قائلاً (لا انكر تقسيم العمل بين الجنسين، فهو طبيعي وكان بإستطاعة اسما ان يقول انه قديم قدم الانسانية لكنه يؤدي إلى انه لا يمكن ان نودع إلى الرجال ولا إلى النساء وظائف تمنعهم طبيعتهم الخاصة ان يؤدوها فيتوجب اذن اثبات ان التكوين الفسلجي والفكري للمرأة  يجعلها غير قادرة على ممارسة الوظائف السياسية. الا انه من الاكيد  ان لا احد يستطيع ان يقدم هذا الدليل وتجدر الاشارة هنا إلى ان من اهم اسباب حرمان المرأة من حقوقها السياسية قائم على التصور بعدم المساواة بين المرأة والرجل بالرغم من بطلان هذا التصور  وما يعزز التمسك بعدم المساواة ارادة الرجال بالمحافظة على مصالحهم وامتيازاتهم بعيداً عن تنافس المرأة وهذا ما اكدته احدى الاستفتاءات السويسرية على مشاركة المرأة حيث تبين أن  أكثر المعارضين لهذا الحق هم من الرجال ويؤكد كثير من الباحثين بأن هذا الشعور عاماًُ وليس طبقياً أو حزبياً بل النظر اليه في هذا الاتجاه لا يخلو من تناقض حيث غالباً ما تؤكد الأحزاب العلمانية على حق المرأة الكامل في الحياة السياسية بينما يؤكد تصويت المرأة للأحزاب الدينية والمحافظة في الغالب وهذا ما ادى إلى قيام الأحزاب العلمانية بالعمل على خلاف رأيها بمشاركة المرأة في الحياة السياسية خلال الجمهورية الفرنسية الثالثة حيث وقفت وعملت على عدم مشاركة المرأة خوفاً من اعطاء صوتها للاتجاه الكاثوليكي التي كانت في تنافس حاد معه.

الاعتراف بحق المرأة دستورياً

ويبقى دور المرأة في الحياة الاجتماعية  والاقتصادية والسياسية يفرض ضرورة مشاركتها الفعلية  في الشؤون العامة وتحملها للاعباء السياسية سيكون في مصلحة الرجل نفسه، كما ان هناك الكثير من المسائل الاجتماعية التي قد لا تحظى بإهتمام الرجل ستتولى المرأة عند مشاركتها الاهتمام بها وتجنب مساوئ اهمالها واذا كانت حقيقة التصويت هي الدفاع عن مصالح معينة قبل ان تكون تعبيراً عن آراء معينة فهذا يتطلب بالضرورة اشراك  المرأة في التصويت للدفاع عن مصالحها وحقوقها وهذا ما ادى إلى تفهم ضرورة مشاركة المرأة في الحياة العامة وحماية هذا الحق من خلال النص عليه دستورياً وقانونياً وكانت ولاية وايومينك الأمريكية اول من اعطت حق التصويت للمرأة في عام 1890 ثم نص التعديل التاسع عشر للدستور الفيدرالي في عام 1920 على (حق تصويت مواطني الولايات المتحدة لا يمكن ان يرفض او يقيد من قبل الولايات المتحدة او من قبل أي من الولايات، بسبب الجنس)، وفي انلكترا امتلكت المرأة حق التصويت والترشيح بشكل متساو مع الرجل في عام 1928، وفي فرنسا نص دستور 1946 على ضمان حقوق المرأة في كل الميادين بصورة متساوية مع الرجل، اما في الدول العربية فلا توجد حقوق سياسية اصلاً للرجال فما بال النساء ولا يمكن بأي حال من الاحوال التطرق إلى النصوص الصورية لهذه الحقوق فهي اولاً صادرة عن سلطات غير شرعية، غير منتخبة من الشعب الذي هو مصدر السلطات، وثانياً تمثل نوعاً آخر من الاساءة للانسان العربي والاستهزاء به، ويستثنى من هذا الوضع العربي الشاذ واللاشرعي، المرأة العراقية والرجل العراقي فأنهما قادمان على انتخابات بدون قيد او قسر او استفتاء على حاكم مستبد لا ينافسه أحد.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة