مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

انتكاسات في الداخل الامريكي و تقدم في العراق

ترجمة فاروق السعد
عن - الايكونومست

"قد يكون للانهزامية استخداماتها الحزبية، و لكن الحقائق لا تبررها". كانت تلك رسالة جورج بوش قبيل اعياد الميلاد، التي بثت عن طريق التلفزيون في 18 كانون الاول. " نحن ليس بأمكاننا ان نربح الحرب في العراق فحسب، بل اننا نحرز النصر بالفعل". لقد كان انجازا ماهرا، قدم فيه الرئيس ما اسمته الواشنطن بوست "غصن الزيتون" الى منتقديه-" اني اريد ايضا ان اتحدث الى البعض منكم الذين لم يساندوا قراري في ارسال القوات الى العراق"- رغم انه كان يطلق ابتسامة ازدراء نحوهم. لقد اقر السيد بوش بارتكاب اخطاء و اعترف بان الاحتلال قد اثبت بانه "امر صعب"، و لكنه ظل واثقا بان ستراتيجيته الثلاثية الاطراف كانت تعمل. اولا، تقوم القوات الامريكية بتدريب العراقيين للمحافظة على النظام الجديد. ثانيا، يتم بناء الديمقراطية: الدليل العشرة ملايين عراقي الذين ذهبوا الى صناديق الاقتراع في 15 كانون الاول. ثالثا، الاقتصاد العراقي في حالة تحسن. ان التقدم في العراق قد يكون اقل ضمانا مما يعنيه السيد بوش. و لكن، بعد خمس خطب خلال 19 يوماً، تمكن من توسيع قاعدته. فقد ارتفعت نسبة التأييد له من منتصف الثلاثين بالمئة لتصبح اكثر من 40%- رغم ان جارلي كوك، محللاً سياسياً، يعتقد بان سبب ذلك يعود الى ان مسانديه لم يعودوا حانقين بسبب محاولته الفاشلة لوضع محاميه الشخصي السابق في المحكمة العليا. و في نفس الوقت، يصارع الديمقراطيون من اجل تقديم جبهة موحدة. فهنالك مجموعة من المحافظين يطلق عليهم"الانهزاميون" بضمنهم رئيس الحزب هاوارد دين و العديد من النشطاء، تعتقد بان النصر في العراق مستحيل. وهم يريدون انسحابا، اما مباشرا او خلال العامين المقبلين. و هنالك اعضاء من مجموعة اخرى، من امثال هيلاري كلنتون، يحاولون بدهاء تجنب الزام انفسهم بأي شيء قد يصبح فيما بعد غير محبوب. فقد رفضت السيناتورة كلنتون كلاً من "الجدول الزمني المحدد" للانسحاب و "الجدول المفتوح". و المجموعة الاخيرة، التي تشتمل على السيناتور جو ليبرمان، تقدم دعما محدودا للسيد بوش. و بالرغم من عدم ترابط الديمقراطيين، الا إن السيد بوش قد خسر معركتين في الجبهة الداخلية هذا الشهر. اولا، فشل في الحصول على تجديد لقانون مكافحة الارهاب، الذي سينتهي مفعول فقرات مهمة منه في نهاية هذا العام، و بشكل غير محدد. ثانيا، لقد اجبر على سحب تهديده في استخدام حق النقض على تعديل قانون تحريم التعذيب الذي يرعاه جون مكاين، وهو سيناتور جمهوري من اريزونا. يقول السيد بوش بان قانون مكافحة الارهاب، الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع تقريبا بعد هجمات 11 ايلول 2001، يشكل اداة حيوية في الحرب ضد الارهاب. و يقول السيناتور روس فينكولد، وهو ديمقراطي من ونسكونسن، بانه يمنح الحكومة مجالا واسعا للتجسس على المواطنين الامريكان عن طريق، السماح بالتنصت على المكالمات الهاتفية و تدقيق السجلات المكتبية. وهذا ما يشكل عامل قلق بالنسبة للسيد بوش، كما يتفق على ذلك البعض من اعوانه ذاتهم. فعندما قام السيد فاينكولد بقيادة عملية مماطلة ضد المشروع في 16 كانون الاول، كان قد حصل على دعم من قبل اربعة من اعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، اضافة الى مجموعة الديمقراطيين بأكملهم من الناحية الفعلية. و بعد مزيد من المجاذبات، اتفق الجانبان اخيرا على تسوية في 21 كانون الاول، بتصويت ستة من اعضاء مجلس الشيوخ على تمديد العمل بالقانون، و لكن لمرة واحدة امدها ستة اشهر فقط. هنالك سبب واحد وراء عدم وجود ثقة لدى كبار اعضاء الكونجرس وهي ما كشف النقاب عنه في النيويورك تايمز الاسبوع الماضي من ان وكالة الامن القومي كانت تقوم بتنفيذ "المئات و ربما الآلاف " من عمليات التجسس على المكالمات الهاتفية داخل الولايات المتحدة بدون وجود اوامر قضائية. ووصف "اتحاد الحريات المدنية الامريكية" هذه العملية "بالمفزعة" و " غير الدستورية"- ان لدى وكالة الامن القومي سلطة واسعة للتجسس في الخارج، و لكن ليس في امريكا. لكن السيد بوش يجادل بان العملية كانت قانونية و ضرورية. كانت عمليات التجسس على المكالمات الهاتفية قد استخدمت فقط ضد اولائك الذين لديهم ارتباطات معلومة بالمجموعات الارهابية و لم يتم التجسس سوى على المكالمات الدولية، و ليس على المكالمات من هيوستن الى لاس فيكاس". ان سلطته في اصدار امر بالقيام بمثل عمليات التنصت هذه نابعة من الدستور و قانون الكونجرس الذي يخول استخدام القوة العسكرية ضد القاعدة. (لكن نقاده يجادلون حول صحة هذا). يزعم السيد بوش بانه في بعض الحالات كان جواسيسه بحاجة الى العمل بسرعة بدلا من الانتظار للحصول على تخويل. فقد يقود اتصال هاتفي طوله دقيقتين بين ناشط من القاعدة في امريكا و احد من افراد جماعته الى آلاف من حالات الموت بين الامريكان. و اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار بان مذكرات التنصت يمكن ان تمنح بأثر رجعي، فان نقاده يتساءلون ان كانت محاججته يمكن ان تضيف شيئا. لقد رفض السيد بوش اعطاء الكثير من التفاصيل حول الكيفية التي كانت تنفذ فيها عمليات التجسس بالضبط، مستشهدا بالحاجة الى حماية الامن العملياتي. ولقد حاول المحافظون ان ينقلوا الجدل الدائر حول عمليات التنصت الى سلوك النيويورك تايمز، التي كانت تحتفظ بالقصة منذ عام. و لكن عملية كشف النقاب تتطابق تماما مع الفكرة التي تقول بان الادارة لم تعر الا القليل من الاهتمام للحريات المدنية. و بالنسبة الى وسائل جمع المعلومات الاكثر اثارة للجدل، فقد كان الرئيس بوش اكثر وضوحا، حتى بعد تردد. ففي 15 كانون الاول، وافق على عدم استخدام حق النقض على تعديل السيد مكاين الذي يحرم "القسوة، المعاملة غير الانسانية و المذلة" لأسرى العدو في مكان من العالم. كان ذلك بعد ان حاول السيد جيني، نائب الرئيس، الحصول على استثناء لوكالة المخابرات المركزية الامريكية. و رغم ان الادارة تصر على انها لم"تعذب" اي شخص، الا انها قدمت تعريفا لل"تعذيب" على درجة من الضيق حتى انه استثنى، على سبيل المثال، " الغرق بالماء"، حيث يدفع الاسير الى الاعتقاد بانه يغرق. لقد اثير نقاش حول الاسس الخلقية لمثل هذه التقنيات في الاسابيع الاخيرة. فالمدافعون من امثال الصحفي المحافظ جارلس كراوثمامر، يقولون بانه طالما ان بعض الارهابيين يمتلكون من دون شك معلومات يمكن ان تنقذ حياة الكثير من الاشخاص، فسيكون عملا لا اخلاقيا في ان لا يجبروا على الكشف عنها. بدا ذلك مقبولا بالنسبة الى اولائك الذين شاهدوا قسوة سوثرلاند وهو ينتزع ادلة دامغة من اشخاص شريرين لغرض صد ارماكندون في المسلسل التلفزيوني"24" ، و لكن السيد مكاين، الذي كان قد عذب على يد الفيتكونغ، قد اشار الى انه في العالم الحقيقي، تكون المعلومات التي يتم انتزاعها عن طريق التعذيب غير موثوقه. و قال بعض الصحفيين الآخرين بانه حتى لو انتج التعذيب في بعض الاحيان معلومات استخباراتية مفيدة، فإنها يجب ان توضع مقابل المعلومات الاستخباراتية الاكبر حجما التي يمكن ان تكون قد ضاعت بسبب عمليات الغضب التي انتابت العراقيين و الافغان لما فعلته امريكا لسجنائهم. " لقد بعثنا برسالة الى العالم بان الولايات المتحدة الامريكية لا تشبه الارهابيين" كما قال السيد مكاين. و من المتوقع ان يحصل تعديله، المرفق بلائحة الدفاع، على المصادقة خلال هذا الشهر.


بوش وعام في الديمقراطية

بقلم- فريد حياة
ترجمة- نعم فؤاد

عن الواشنطن بوست

-خلال عام 2005 عرض الرئيس بوش امام الامة هدف (انهاء الاستبداد في العالم). في سنة 2006 سيحظى بحضور اجتماع مجموعة الثماني الذي يعقد في روسيا لاول مرة، الدولة التي امضت هذا العام مضيفة نفسها كزعيمة لمعسكر الاستبداد في العالم . وعلى افضل التوقعات فان مشاركة بوش في سانت بترسبيرغ في تموز ستمكنه من استعراض الملابسات التي تواجهها قضية دعم الحريات باعتبارها هدفاً مركزياً للسياسة الخارجية . اما الجانب الاسوأ في هذا الاجتماع سيظهر الدليل على ان التزام بوش فيه الكثير من التغيرات .
دار الحرية وهي منظمة اجتماعية تتابع التطورات في مجال الحرية وهي الاقرب لهذا الموضوع من اي طرف اخر تؤكد ان سنة 2005 كانت سنة رائعة في هذا الشأن، فهنالك 89 بلدا حرا و 58 بلدا حرا جزئيا و 45 بلدا متارجحا فيها . اظهر 27 منها احتجاجات ايجابية بينما كنات سلبية في تسعة منها . و تضيف هذه المنظمة (ان الصورة الشاملة تثبت ان السنة الماضية كانت الاكثر نجاحا لقضية الحريات منذ ان بدأت هذه المنظمة عملها سنة 1972 ) .
ربما يكون هذا الكلام صحيحا ، فهنالك نقاط مضيئة تظهر بوضوح في انتخابات ليبيريا و العراق، و تولي السلطة في اوكرانيا رئيسا منتخبا ديموقراطيا ، و تحريك الوضع السياسي في مصر و السلطة الفلسطينية . و لكن و مع كل ذلك فان لهذه النقاط المضيئة ظلالاً. فالفائزون في الانتخابات العربية كانوا من الاحزاب الاسلامية التي قد لا تلتزم بالعملية الديموقراطية .و الحكومة المنتخبة في اوكرانيا تواجه ضغطا من الخارج و الداخل . و الرئيس الليبيري سيحتاج الى مساعدة الدول الغنية التي قد لايحصل عليها . و هنالك الكثير من النقاط السود التي قد لا تحمل في داخلها ما يمكن ان يضيء . لقد اساء بوش الى مصداقيته كبطل للحرية لرفضه استنكار التعذيب و الكلفة العالية للاخبار الجيدة التي يريد الحصول عليها في العراق و سياسات الاحتجازات السرية . في الوقت نفسه، فقد سهل ارتفاع أسعار النفط السياسية الخارجية للحكام المستبدين بدءاً من فنزويلا و كازاخستان حتى العربية السعودية و اذربيجان .
حاكم اوغندا الذي اعتبر في يوم ما املا لقارة افريقيا التقى بمنافسيه في الانتخابات في السجن . و قد فعل الشيء نفسه حاكم مصر المرتعب الاسبوع الماضي . كما وردت الانباء ان حاكم نيجيريا المنتخب قد بدا بالعبث لتمزيق الدستور من اجل الحصول على فترة رئاسية ثالثة . و رئيس منتخب اخر في امريكا الجنوبية هو هوغو شافيز ، رئيس فنزويلا عزز حكم الحزب الواحد وبدأ بتصدير شعار الحكم الشعبي للدول المجاورة. اما اونغ سان سوكيي الفائزة بجائزة نوبل للسلام فقد انهت السنة كما بدأتها محتجزة في بيتها و معزولة عن العالم من قبل العسكريين المهيمنين على السلطة في بلادها . و الكوريون الشماليون لازالوا تحت وطأة كابوس التسلط ، في الوقت الذي لا يبدي جيرانهم (كوريا الجنوبية و الصين وروسيا) اهتماما كثيرا . اما التناقضات في النمو الاقتصادي في الصين و الافتقار الى حكم القانون قد ازدادت حدتها . فالجيل الجديد من القادة الصينيين و الذين عول الكثيرون على دعمهم للاصلاح السياسي و حرية التعبير ، قاموا عوضا عن ذلك باخماد هذا الاصلاح . و روسيا احدى الدول الرئيسية المصدرة للنفط و جدت في عوائدها من مصادر الطاقة ما يمكن لدعم اصدقائها من الحكام المستبدين و لكسب مستشار الماني سابق . وفي نهاية العام تمكن الرئيس فلاديمير بوتين و برباطة جاش من ان يكبت اخر معقل من معاقل مجتمعه غير المنضبط. فقد تمكن الرئيس و زمرته الحاكمة من عملاء ال كي . جي. بي. السابقين من وضع قطاع التليفزيون و الحكومة الضعيفة و السوق و البرلمان تحت سيطرتهم . لم يكن بوتين غير ديموقراطي في بلده فقط بل كان نشيطا في معاداة الديمقراطية في العالم . فقد هدد برفع اسعار الغاز على الحكام الديمقراطيين في اوكرانيا و تخفيضها على ديكتاتور بيلاروسيا و دعم حاكم اوزبكستان القوي لممارساته الدموية المشابهة لما حدث للمتظاهرين في ساحة تيان من . ونظم انتخابات مزيفة في الشيشان التي نخرتها الحرب . فهو يرى في الديموقراطية تهديدا في الداخل و الخارج .
فكيف تسنى له ان يكون المضيف لمجموعة الثماني الذين عرفوا بنادي الديموقراطيات الصناعية الكبار؟ . مارس بيل كلينتون ضغطا على من عرفوا بالسبعة الكبار لضم روسيا بورس يلتسين اليهم، عارضا عليه العضوية فيه ليمكن حلف الناتو من التوسيع و ضم روسيا اليه. وعندما اعترض وزراء المالية لكون الاقتصاد الروسي منكمشاً ولم يرتق الى المستوى المطلوب، ادل كلينتون بالقول " و بغض النظر عن الاهمية التي تضمنتها هذه المجادلات في وقتها لكن تنفيذها لم ينجح . فما هو متوقع من الانتساب الى عضوية النادي الغربي يشجع على التعاون والديموقراطية لم تعط لها الفرصة لتاخذ مداها.
ان من الطبيعي ان تكون روسيا مهمة للمستقبل لكن اقتصادها اصغر من تلك الدول التي لم تنضو تحت لواء الديموقراطيات الثماني مثل الهند والبرازيل و بالتاكيد اصغر من اقتصاد الصين. تكون سانت بترسبيرغ جميلة في تموز وعلى رئيس الولايات المتحدة ان يوثق العلاقة مع قائد روسيا وما سيتبع هذه العلاقة . وقد يتوجب على بوش ان يفكر في قضاء اجازته الصيفية مع مضيف يشاركه جدول الاعمال المتعلق بالحريات، هنا ستكون امام مجموعة الثماني خيارات كثيرة.


ما الذي يدعو السفراء الاوروبيين الى مغادرة طهران؟

بقلم - تيريز ديلبيش
ترجمة -عدوية الهلالي

عن - لوفيغارو

أحيانا، يتوجب على الخطاب الدبلوماسي ان يخلي المكان لافعال يشوبها الغموض والالتباس، هذا بالضبط ما يحدث حاليا فيما يخص العلاقات بين القادة الاوروبيين وايران منذ الثامن من كانون الاول، فالرئيس الايراني تجاوز حقيقة كل الحدود المعقولة باعلانه في القمة الاستثنائية لاعضاء منظمة المؤتمر الاسلامي التي عقدت في مكة مؤخرا بأن "بعض الدول الاوروبية تصر على ترديد قولها بأن هتلر قتل ملايين اليهود في محارقه" وبأن "الاوروبيون قد يكون عليهم تقديم جزء من اراضيهم مثل المانيا والنمسا ودول اخرى ليقيم عليها اليهود دولتهم"
ولم يذهب أي رئيس دولة بعيدا في تناول موضوع اليهود عدا الماليزي مهاتير الذي كان قد اثار صخبا في 16 تشرين الثاني 2003 حين اكد على ان اليهود يقودون العالم بالوكالة"!! اما الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد فقد ذهب ابعد من ذلك في 26 تشرين الثاني الاخير عندما وصف اسرائيل "بالبقعة المخجلة المعيبة" وبأن من الواجب محوها من الخارطة" وهذا التصريح الخطير الذي يمزج بين الرفض التاريخي للاوساط النازية الجديدة مع موضوع ابادة اسرائيل لم يرافق مؤتمر طهران فقط بل جرت خارج الحدود الايرانية وامام ممثلي 57 دولة اربكهم كثيرا ذلك العنف غير المتوقع من الجانب الايراني، ففي 14 كانون الاول، كان محمود احمدي نجاد قد اثار من جديد موضوع ابادة اسرائيل وواصل التأكيد عليه في كل مناسبة اخرى..
والان، حان الوقت لمعرفة من هو الرئيس الايراني الجديد على نحو صريح واستنتاج الاسباب الكامنة وراء تصريحاته قبل ان يفوت الاوان طالما ان تصريحاته تلك لم تعقبها ردود فعل واضحة برغم تكرارها ولم يتبعها أي اجراء هام واذن فتأثيرها ليس له قيمة حقيقية.
ويتصرف الرئيس الايراني بناء على قناعته بانه قادر على مهاجمة الاوروبيين ايضا وهو الامر الاكثر اهمية من تحريضه على التعصب العنصري والعرقي الممنوع تداوله باسم القانون في الكثير من الدول الاوروبية، ففي فرنسا مثلا، حيث يتحرك الرئيس الايراني ضمن حصانة يمنحها به منصبه، لن يمكنه التعامل معها ما لم يعلن على الملأ تراجعه عن غاياته واهدافه، كما ان هناك ثلاث عواصم اوروبية لديها منذ عام 2003 تفاوضات نووية مع طهران توقفت بعد ان قطعها من جانب ايران في آب مع احتمال استئنافها في اصفهان.
سيقول البعض مثلا ان من الضروري الفصل بين الامور وان من السهل نسيان تعبير نجاد عن قناعته العميقة باختفاء اسرائيل من الخارطة ما دام يسعى جادا الى الاحتفاظ بالسلاح النووي وتصنيعه في ايران، فالصاروخ شهاب (3) على سبيل المثال تم تحويره حديثا ليتمكن من حمل رأس نووي، وهناك وثائق منشورة في عام 2005 تشير الى وجود علاقات بين ايران وباكستان بشأن الوسائل التقنية لطحن معدن اليورانيوم واستخدامه برغم محاولات ايران لاخفاء تفاصيل هذا الموضوع.. لكن ايران لم تخالف فقط الالتزامات المفروضة عليها من مجلس الامن بل واصلت المخالفات، مما ادى الى تحويل ملفها الى نيويورك ووقوعه تحت مسؤولية مجلس الامن المباشرة.
الاوروبيون من جهتم، يعتقدون بأن ايران تطلق تهديدات تدل على عدم اهليتها وعجز رئيسها عن تنفيذ تلك التهديدات وترى ان الطريقة الافضل في هذه الحالة هي تقويم واصلاح النيات الايرانية، واذا ما حدث ذلك فسيكون العالم كله ممتنا للامر بما في ذلك الدول المسلمة التي اجتمعت في مكة مؤخرا بعد ان اثارت تصريحات نجاد اضطرابات بين الحاضرين بتجاوزه كل الاعراف والممارسات.
بقي ان نعرف ان محمود احمدي نجاد الذي اوصله الايرانيون المحرومون من نعمة ادارة الاقتصاد بشكل جيد الى السلطة لا يمتلك اية وسيلة لتنفيذ وعوده التي اطلقها خلال حملته الانتخابية وهو ما يعرضه لخطر الهزيمة في الاشهر والسنوات المقبلة. من جهة اخرى فقد دلت شهادات وادلة متطابقة عديدة على ان الرئيس الايراني الحالي كان يقود مفرزة المغاوير الثانية المسؤولة عن اقصاء ثلاث شخصيات كردية، والتي اخذت على عاتقها ايضا مسؤولية التدريب الفني العسكري اللوجستي لمفرزة المغاوير الاولى التي نفذت الاغتيالات في النهاية.
ولان النمسا كانت واحدة من الدول التي تناولها نجاد في تهديداته خلال خطابه في مكة فقد جاءت الفرصة المناسبة لابداء شجاعتها ولتعلن العدالة النمساوية للعالم حقيقة تورط محمود احمدي نجاد في قتل عبد الرحمن غاسيملو، السكرتير العام للحزب الديمقراطي في كردستان الايرانية، الذي قتل مع اثنين من المنشقين الاكراد في 13 تموز 1989 في فيينا. وكان يبتر بليز، النائب النمساوي، والرئيس الايراني السابق بني صدر، قد تمكنا من جمع ادلة ووضعها بين يدي العدالة النمساوية التي سعت الى افشائها اخيرا، فالرئيس النمساوي كانت لديه علاقات صداقة مع الزعيم الكردي انذاك وقد يمكنه الان اماطة اللثام وتسليط الضوء على هذا المشهد المأساوي وتخفيف حدة سطوع صورة نجاد امام العالم.
مع ذلك، فعلى اوروبا تجنب نجاد ما لم يفعل ذلك بنفسه ولا سيما انها تمتلك تدابير جيدة تدفعها حاليا الى اتخاذ المعيار الدبلوماسي الوحيد الذي له جدوى حقيقية باستدعاء سفراء 25 بلداً اوروبياً من ايران لغرض التداول والاستشارة وهكذا صار على اوروبا ايضا ان تشارك في دفع الضريبة.

 
 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة