اراء وافكار

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

تمـويل الارهــاب!

  • إن عرقلة تدفق الأموال عبر شبكات التمويل الدولية هو أمر مكلف

ترجمة: فاروق السعد

عن/ الايكونومست

قامت قوات الامن المصري الشهر الماضي، تحت الشمس المحرقة لشبه جزيرة سيناء القاسية، بفرض حصار محكم حول مجموعة يعتقد بانها ارهابية تختبئ في كهوف في جبل حلال. كانت السلطات بحالة انذار شديد بعد وقوع عدة هجمات انتحارية، آخرها في المدينة السياحية على البحر الاحمر، شرم الشيخ، حيث سقط عدد من الارهابيين و من السكان المحليين في تموز. و بينما كانت قوات الامن في الانتظار، تجمع المزيد من الاجهزة المختصة في الحرب ضد الارهاب في واحد من الفنادق السياحية الراقية.

و تحت اشراف مسؤولين من الخزانة الامريكية، امضى نحو 200 من اصحاب المصارف الذين كانوا يرتدون البدلات الرمادية من الشرق الاوسط و افريقيا يومين يناقشون كيفية اتخاذ اجراءات وقائية لتجفيف منابع الارهاب و غسيل الاموال، و هي الجريمة الاخرى التي تسيء الى النظام المالي. "يتركز الامر حول خلق ظروف غير ملائمة" كما قال نائل بنيت من "الوحدة الوطنية البريطانية للتحري عن تمويل الارهاب".و في الاسبوع الماضي عقد اجتماع اكبر حجما في باريس، عندما ناقش مسؤولون من 32 هيئة قضائية و 16 منظمة دولية العوائق التي تجابه محاولات الاقلال من الجريمة المالية، بضمنها تلك المرتبطة بالإرهاب. فبعد اربع سنوات من هجمات 11 أيلول 2001 و من وضع "الحرب على الارهاب" على قائمة اجندة جورج بوش، فان الضغوط السياسية من امريكا، بريطانيا، في الفترة الاخيرة، الامم المتحدة، قد انتجت ما يلي: هنالك عدة رجال مصارف، ممولون، محاسبون و محامون في عملية مراقبة للارهابيين على امتداد العالم." ان النقود تلعب دور الدماء بالنسبة الى العمليات الارهابية" كما صرح بوش. " نحن نطلب من العالم ان يتوقف عن الدفع". و كان توني بلير يدق على ذات الطبل و بشكل اكثر ضجيجا منذ الهجمات على لندن في 7 تموز. كما ان الحكومات من بنغلاديش و بورغواي قد صعدت من خطاباتها السياسية ايضا. و مع ذلك ما زالت تقع هجمات دموية- أخرها في بالي، في اندونيسيا يوم 1 تشرين الاول. يتحمل القطاع الخاص العبء الاكبر في الجهود الرامية لتجفيف منابع تمويل الارهاب. و تقوم المصارف و المؤسسات المالية الاخرى بإجراء مسح على حسابات زبائنها بمزيد من العناية لغرض الحصول على علامات عن الاشخاص المشتبه بهم و تعاملاتهم. ويتم تجميد الحسابات و تمنع البنوك الاجنبية من التعامل بالدولار ان كانت امريكا غير مقتنعة من انها تشارك في تبادل المعلومات بشكل ملائم. و جرى عرقلة ملايين الزبائن المحتملين و الحاليين بواسطة فرض معايير للامتثال للاوامر اكثر تشددا. ان فتح حساب او نقل نقود في هذه الايام يتطلب العديد من وسائل التعريف- جواز سفر او اجازة سوق مع صورة. و قد اعتاد الزبائن على عمليات التأخير في امكانية الوصول الى نقودهم ذاتها. و هنالك متطلبات متزايدة لكشف المعلومات المفصلة عن مدراء الاعمال و مصادر التمويل. و كل ذلك يعني المزيد من الرسوم. كما ان المدراء التنفيذيين المغتربين، الطلبة في الخارج و العمال ذوي الاجور المنخفضة الذين يقومون بتحويل النقود الى عوائلهم في الخارج قد تأثروا كثيرا. ان تكاليف الالتزام بالضوابط بالنسبة الى المؤسسات المالية كبير جدا. يقول كراهام ديلون من KPMG للاستشارات، بانها تكلف كل مصرف من الحجم المتوسط في بريطانيا 3مليون-4 مليون باوند( 5 مليون- 6 مليون) لغرض تطبيق برنامج تدقيق دولي يتضمن مطابقة دورية لأسماء الزبائن- و كل طرف ثالث مشترك في معاملاتهم- مع قوائم حضر التعامل من الامم المتحدة و اخرى للعقوبات التي اصدرتها امريكا عن احتمال وجود تشابه. و يقدر بان البنوك المتعددة الجنسيات تصرف 2-3 مليون باوند اخرى في العام للاشراف على تطبيق عملياتها في البلدان البعيدة( تمتلك مثل هذه المؤسسات عادة 70 الى 100 من نظم التعامل المختلفة). و بالإضافة الى ذلك، يتم صرف" عشرات الملايين من الباونات" سنويا في لندن فقط على خزن المعلومات و استعادتها لتلبية متطلبات خزن معلومات و معاملات زبائن البنك لمدة خمس الى سبع سنوات. و توجد نفس القواعد في امريكا، سنغافورة و بلدان اوربية اخرى. و هنالك عملية مكلفة تجرى لمرة واحدة تعرف بـ" المعالجة"، تقوم فيها المؤسسات بتصفح قواعد البيانات التي تمتلكها عن الزبائن الحاليين لغرض تدقيق المعلومات الشخصية لمعرفة ان كانت الاسماء موجودة في قوائم الاسماء التي يمنع التعامل معها، يمكن ان تكلف البنك الكبير المتعدد الجنسيات ما بين 20 مليوناً و 20 مليون باوند، حسب تخمينات KPMG. وهنالك تأكيدات متزايدة عن تلك العملية في امريكا. و في بريطانيا، بالرغم من ذلك، قام المنظمون بإلغاء هذه العملية كونها مكلفة جدا و ذلك بعد ان عانت الكثير من البنوك الصغيرة من هذه العملية؛ و قد تم اختصارها الى توصية.
متابعة مكلفة
من الصعوبة تحديد الكلفة الكلية الناتجة عن الالتزام بالتعليمات المالية الخاصة بمكافحة الارهاب و يعود ذلك جزئيا الى ان العديد من المؤسسات (الخاصة و العامة) تتعامل مع الموضوع بشكل ترادفي اضافة الى وجود غسيل الاموال، الجريمة المالية المنفصلة. و يقدر اتحاد المصارف البريطانية
BBA بان المصرف في بريطانيا تنفق نحو 250 مليون باوند كل عام للالتزام بالتعليمات المتعلقة بنوعين من الجرائم. وطبقا لدراسة دولية عن نحو 200 مصرف في العام الماضي اجرتها KPMG، فان من تم مقابلتهم قد رفعوا الاستثمارات في الانشطة المضادة لغسيل الاموال بمعدل 61% في السنوات الثلاث الماضية. و لكن السيد ديلون يقول بان تقنيات مكافحة غسيل الاموال تركز على تشخيص التعاملات المشتبه فيها التي تحمل قليلا من التشابه بتلك التي تستخدم عادة من قبل الارهابيين. و يجادل بان التقنية الحالية يمكن ان تعاد صياغتها لتدقيق الامور التي تناسب بشكل افضل مواصفات تصفية حسابات تمويل الارهاب، على سبيل المثال(ما يمكن ان يتوقعه المرء من الشخص الانتحاري) او شراء مواد نسبة المجازفة فيها عالية. و لكنه ليس مطلعا على مؤسسات تقوم بهذا الامر الان. "هنالك احتمال كبير بان المؤسسات لم تتعلم من مدريد، 11/9 او تفجيرات لندن في ما يخص اعادة تعزيز ضد الهجمات الارهابية" كما يقول. و في نفس الوقت، فان صناعة تقديم الخدمات و الكوادر التي تنفذ التعليمات تشهد ازدهارا. فرواتب موظفي الاذعان للتعليمات قد ارتفعت. كما ان موزعي البرامجيات يقومون بعرض برامج يمكنها ان تجري مسحا سريعا على ملايين الحقول الخاصة بالتعاملات(تمتلك البنوك الكبيرة عادة اكثر من 150 مليوناً من حسابات الزبائن و قد تمتلك اكثر من 20000 موظف). كما ان البرامج التدريبية المتخصصة مصممة لتعليم كادر البنك احدث المعلومات عن التحليل السلوكي. تقدم الشركات الخاصة قواعد معلومات ضخمة تسمح للبنوك بإجراء عمليات تدقيق تزامنية على الزبائن الحاليين و الجدد. و تقدم احدى هذه الشركات، World-Check ، الى المصارف و الحكومات سير ذاتية لأكثر من 300000 شخص من الذين يمكن ان يشكلوا" مجازفة كبيرة" للمؤسسات المالية. وكانت النتيجة سيلا حقيقيا من المعلومات عن تعاملات الزبائن التي تعتبر مشكوكاً فيها. و في امريكا، تقدم المؤسسات تقارير عن نحو 13 مليوناً من التعاملات النقدية تجاوز 10000 دولار يوميا.و تضاعف عدد المجموع الكلي "للتقارير عن الانشطة المشبوهة" على امتداد البلاد الى ثلاثة اضعاف بين 2001 و 2004، متجاوزا 685000 في ذلك العام. و في بريطانيا، سيتم حفظ نحو 250000 من مثل هذه التقارير هذا العام، ما يقارب ثلاثة ارباعها من البنوك. وتقدر BBA بان 3-4% فقط من تقارير الانشطة المشبوهة التي تم حفظها في بريطانيا تتضمن عمليات تمويل الارهاب. ومن السخرية، فان سيل الاوراق قد دفع بعض السلطات الى الطلب من المؤسسات المالية ان تقوم بحفظ تقارير اقل عددا، و افضل من حيث النوع. فمن دون مصادر كافية لدراسة التقارير، فان اكداس الاعمال المتراكمة و العديد من الحالات لا يمكن ابدا ان تدقق بعناية. و في البلدان النامية، تكون عملية تطبيق القانون فاسدة او غير كافية لدراستها جميعها. كما ان البنوك تشعر بالضيق من ضعف التغذية الراجعة من السلطات. فقد وجد تقرير تحت اشراف الحكومة البريطانية و رؤساء الشرطة و نشر في 29 أيلول بوجود الكثير من العيوب في نظام التعامل مع تقارير الانشطة المشبوهة في حالات غسيل الاموال. كما انه يجادل في ان التقارير لم تستغل على نحو معقول من قبل سلطات فرض القانون، التي تفتقد و ببساطة الى المصادر للتحليل و العمل على المعلومات الواردة فيها. تلتزم البنوك بالقواعد لسببين رئيسيين: مخافة العقوبات، و القلق على سمعتها. فإذا ما فشلت في اتباع ذلك الطريق، فان قانون مكافحة الارهاب يمنع المؤسسات الاجنبية من التعامل مع امريكا. ان تلك الفقرة " دفعت الى العمل بعيدا عن وضح النهار" كما يقول مستشار امني. " فلقد ادركوا بأنهم بلا حسابات الدولار كانوا عبارة عن بطة عرجاء". و بالنسبة الى تلك المؤسسات التي تفشل في الالتزام بالتعليمات، هنالك ثمن يجب دفعه: فالفرع الامريكي من البنك العربي، على سبيل المثال، قد غرم اخيرا 24 مليون دولار بسبب عدم امتلاكه لعمليات سيطرة مالية مناسبة في عملياته. كما واجه غرامات اخرى لوجود مزاعم بقيامه بتسريب اموال الى المتطرفين الفلسطينيين. و في مناطق اكثر حرصا مثل امريكا و بريطانيا، تتطلب عملية الاشراف كتابة تقارير عن الانشطة المشكوك فيها من قبل المحامين و شركات التامين ايضا. تقوم نوادي القمار في لاس فيكاس بإجراء غربلة على الذين يدفعون الاوراق النقدية الكبيرة. و حتى ان سماسرة اليخوت و المجوهرات قد طلب منهم ان يكتبوا تقارير عن المشترين الذين يدفعون نقدا على شكل عملة نقدية كبيرة. و مع ذلك فانه مما يؤسف له لم تنتج جميع تلك الجهود الا القليل من النتائج الملموسة. تقول الخزانة الامريكية بان ما يزيد عن 1000 قرار هيئة المحلفين و اكثر من 150 تهمة قد تم تقديمها، رغم انه لم يكن هناك الكثير من التهم. ففي تموز، حكمت محكمة امريكية على رجل دين يماني بعقوبة سجن امدها 75 عام لتامره في مساندة القاعدة و حماس. و في اليمن، " يسموني اب المحتاجين"، كما قال للمحكمة، زاعما براءته. و مع ذلك، فان مثل هذه الحالات قليلة. يقر العديد من الخبراء، في كل من الحكومة و القطاع الخاص، بان فرص اكتشاف عمليات تمويل الارهاب في بنك ما بفترة كافية قبل وقوع هجوم ما مخطط له التي بامكانها منعه هي صغيرة على نحو كبير. " من وجهة نظري، انها بالكاد تستحق العناء" كما يقول احد مسؤولي صناعة المصارف في اوربا. و يلاحظ النقاد بان عددا من الهجمات الارهابية قد وقعت في هذا العام- في العربية السعودية، الاردن، روسيا، مصر، بريطانيا، بالي(مرة اخرى)، ناهيك عن العراق- وغالبا ما يبدو بانها قد تطلبت كمية صغيرة من النقود. فالشباب الذين حاولوا القيام بتفجير قنبلة مصنوعة محليا لكنهم فشلوا في نظام النقل بالحافلات يوم 21 تموز قد رزموا المتفجرات في حاويات بلاستيكية رخيصة تلك التي تباع في المحال الهندية، ومن النوع الذي تستخدمه ربات البيوت لحفظ المرق المتبقي. و حتى ان اكثر الهجمات الارهابية فتكا لا تكلف الا القليل نسبيا لكي تتحقق. فالتقديرات تختلف، و لكن المسؤولون الغربيين يقولون بان نشطاء القاعدة صرفوا 350000 الى 500000 دولار للتخطيط و تنفيذ هجمات 11 أيلول. كما كلفت تفجيرات مدريد نحو 15000 دولار، و كلف هجوم بالي الاخير 15000 الى 35000 دولار. ان تشخيص عمليات تمويل الارهاب هي مسالة معقدة بسبب الطبيعة المتشظية للمجموعات الارهابية، كما يقول روحان كوناراتانا، خبير بشؤون القاعدة في سنغافورة." ان استهداف البنية المالية التحتية المعروفة سوف لن يزودك بضمان بان الخطر قد قل لان بعض الخلايا سوف لن تظهر ابدا في شاشة رادارك".
الصحبة السيئة
"كانت الجهود الرامية الى تجفيف منابع الارهاب بطيئة في عملية التكيف. ففي البدء، كانت البرامج قد صممت و كأن القاعدة كانت عبارة عن مؤسسة كبيرة متعددة الجنسيات و اسامة بن لان على قمة الهرم." ان منع عمليات تمويل الارهاب لم تكن فعالة، لأنه سرعان ما تبين بان القاعدة لم تكن مجرد حيلة حسابية يمكن كشفها و تصحيحها من قبل منظمي حسابات ممن يرغبون في تمضية عدة اسابيع في كراند كايمان" ، كما كتب وليم برتن-كاتلين، و هو صحفي و مستشار امني، في كتاب جديد عن الجرائم المالية. و بدلا من ذلك، فانه يقول بان القاعدة كانت كائنا غير مترابط، و مجزأ يعمل على مستوى الشارع في المدن الغربية، ويشكل الشباب الواهم مجاميع صغيرة فيها وينهمكون في عمليات خداع مالية صغيرة الحجم، ويقومون بسرقة معلومات الهويات و بطاقات الائتمان ، و يجرون الاتصالات عن طريق الانترنيت و الهواتف النقالة، مستخدمين عادة هويات متعددة للتخلص من الاسر و الاعتقال. وفي الحقيقة، ابدى الارهابيون قدرة على المحافظة على تغيير تدفق اموالهم. " ان الاشرار يصبحون بالتأكيد اكثر دهاء" كما يقول خبير في مكافحة الارهاب." ان النظم المصرفية معرضة للمراقبة الجيدة لذلك فهم يلتجئون الى وسائل اكثر بدائية". ويقول خبراء مكافحة الارهاب بان بعض المجموعات قد انتقلت و ببساطة الى استخدام المزيد من عمليات الدفع النقدي، و يتسللون عبر الحدود بدون ان يتم ملاحظتهم. و تقول السلطات بأنهم يشخصون التغييرات في عمليات تدفق الاموال، و لكن منعها ليس بالأمر السهل، خصوصا في العمليات الاقتصادية القائمة على الدفع النقدي و بوجود عمليات سيطرة واهية على الحدود.
الارتباط النقدي
ان المنطقة التي يركز عليها خبراء مكافحة الارهاب المثيرة للجدل هي الشبكة الدولية لنظم انتقال الاموال بشكل غير رسمي(التي تعرف في بعض البلدان بالحوالات)، التي كانت منذ امد بعيد شائعة بين عمال ما وراء البحار الذين يرسلون الى بلدانهم دفعات نقدية. لقد اصبحت تلك الطرق عرضة للتدقيق الصارم منذ 11 أيلول، و لكنها لم تمنع في معظم البلدان. و يقول الخبراء بان الحوالات عصية جدا على التنظيم و لازالت تعتبر واحدة من ارخص الطرق بالنسبة الى فقراء الناس لإرسال النقود الى الخارج. يقول نيكولوس باساس، خبير الجرائم المالية في جامعة نورث ايسترن في بوسطن، بان الحوالات قد اثارت الكثير من الاهتمام، مقدمة نطاقا واسعا لجمع الاموال و طرقا لنقل الاموال التي اتبعها الارهابيون. ويجادل هو و خبراء آخرون بان شبكات الارهاب تميل الان بشكل اكبر الى استخدام طرق غسيل الاموال(مثل الوثائق التجارية المزورة) لنقل الاموال. "ان التجارة غير شفافة" طبقا لما يقوله السيد باساس، مما يجعلها مخرجا جذابا للمجموعات الارهابية. و يتفق بعض الخبراء الآخرين على ذلك، مشيرين، على سبيل المثال، الى قيام المجموعات الارهابية بتزوير الوثائق من اجل غسيل الاموال في افريقيا. و مع ذلك، فان واحدا من الاشياء التي تميز الارهابيين الاسلاميين من المجموعات التي سبقتهم- بضمنهم الجيش الجمهوري الايرلندي السري و انفصاليو الباسك- هو استخدامهم لمبالغ نقدية كبيرة من مصادر مشروعة( بدلا من مصادر الاجرام). لقد جاءت الكثير من الاموال التي استخدمت في هجمات 11 أيلول من الصدقات و الافراد الميسورين في منطقة الخليج العربي، ولا سيما العربية السعودية. و في الوقت الذي قام فيه السعوديون بإصدار عدد من القوانين التي تهدف الى السيطرة على تنظيم الصدقات منذ ذلك الحين، الى ان عملية تطبيقها غير منتظمة. لقد قامت الخزانة الامريكية بتجميد ودائع 41 منظمة خيرية على امتداد العالم لاتهامها بوجود روابط مع المجموعات الارهابية. و لكن فريضة الزكاة الاسلامية، او اعطاء جزء من دخل الفرد الى الفقراء، يعني بان محاولات فرض ذلك القانون ستثير الحكومات في البلدان ذات الاكثرية المسلمة. ان عمليات الخداع باستخدام بطاقة الائتمان، الخدمات الاجتماعية و التهريب هي من بين المصادر الاخرى المعروفة لتوفير التمويل للانشطة الارهابية في الغرب. لقد اشار السيد كوناراتنا الى اسبانيا و بلجيكا كمركزين لمثل هذه الانشطة. فالأموال المستحصلة من تهريب السجائر في امريكا( رزم ترسل بالسفن من ولاية و يعاد بيعها بأسعار اعلى في ولاية اخرى) قد قدمت الدعم الى عمليات حزب الله في الماضي. اذا اخذنا بنظر الاعتبار الطبيعة المشوهة لعمليات تمويل الارهاب، فان المسؤولين المعنيين الدوليين يواصلون الاستناد الى اصدار قوانين جديدة و توصيات في محاولة لمواكبة التطورات. كانت النتيجة هي ما يطلق عليه السيد باساس "تسونامي تنظيمي". ان الجهود الدولية تستند الى فكرة ان الارهابيين سوف يستغلون اضعف الحلقات في النظام المالي الدولي. لقد تم تعزيز ذلك النظام عندما اصدرت الامم المتحدة القرار 1617، الذي يمهد السبيل لقيام الحكومات بوقف الدعم عن شبكات القاعدة و الطالبان في كافة انحاء العالم. و يدعو القرار الدول الى تجميد الودائع، منع التصرف بالأموال و السفر لأي شخص يساند تلك المجوعات. و تأتي توصيات معينة الى الحكومات (التي لها الكلمة الاخيرة حول سن قوانين وطنية لتنظيم الخدمات المالية) من الهيئة التي لا يمكن تصور اسمها
Financial Action Task Force (FATF)، و هي هيئة دولية مقرها باريس. فلقد اصدرت تسع توصيات، تتضمن تنظيم نقل الاموال برقيا، نظم الحوالات و المنظمات الخيرية، لاستكمال الاربعين الموجودة حاليا لمكافحة غسيل الاموال. التزم لغاية هذا التاريخ 151 بلداً بتطبيق تلك التوصيات، و لكن تقرير حديث من IMF و البنك الدولي يقول بان الاجراءات المتخذة من قبل البلدان حول توصيات مكافحة الارهاب متخلفة بصدد مكافحة غسيل الاموال. ان نقص الاسنان يشكل جزء من التحدي. حيث يجادل FATF بان قوة نفوذه الرئيسية تتمثل في مقاطعة البلدان التي فشلت في تبني او تطبيق قوانين مناسبة. فتضمنت القائمة 15 بلد في عام 2000، بضمنها مناطق مثل جزر كايمان و لبنان. و اليوم لم تبق سوى نيجريا و مايمار في القائمة السوداء(فقد رفعت جزيرة الباسفك ناورو من القائمة الاسبوع الماضي) ، و لكن ليس هنالك من يصدق بان تلك هي بقع المشاكل الوحيدة. في الحقيقة، يتساءل المتشككون كيف ان بعض البلدان-روسيا، اندونيسيا و اسرائيل من بينها- قد نجحت في تجنب قائمة العار. ان اصدار القوانين، بالطبع، لا يشكل ضمانا على التطبيق الجاد." وان الفجوة بين الخطاب و الحقيقة هي ليست موجودة في البلدان النامية فقط" كما يقول مسئول البنك الدولي." انها موجودة في الغرب ايضا".
شبكات معزولة
ربما قد تكون الـ(41) بلدا هي الاكثر اثارة للمشاكل و التي حتى انها لا تتظاهر بانها تتبع عملية
FATF. فالصين هي في طور الانضمام، و الهند بدات بالمفاوضات مع المجموعة. و لكن ليبيا، السودان، فيتنام و فنزولا لا زالت خارج المنظمة. و تشكل افريقيا قلقا من نوع خاص. " لم تخط العديد من البلدان في شمال و غرب افريقيا الخطوة الاولى- الالتزام السياسي" كما يقول آلين داميس، رئيس FATF. و رغم كل المؤشرات، يقر الخبراء بان المراكز المالية الكبيرة مثل لندن و نيويورك- بسبب تدفق الاموال الكبيرة التي تمر من خلالها- من المحتمل بانها لا زالت تشكل مراكز رئيسية لغسيل الاموال و لتمويل الارهاب. يقول نك كوخان، مؤلف كتاب حديث اخر في الجريمة المالية، بان الحكومة البريطانية قد فشلت في الاستثمار في توظيف كادر ماهر بما فيه الكفاية للقيام بمراقبة قطاعها المالي الواسع. و بالنسبة الى الوقت الراهن فان عبئ تطبيق القانون يبدو بانه من المحتمل ان يستقر على القطاع الخاص. " سيتوجب على المصارف ان تبدأ بالتصرف مثل FBI و CIA" كما يجادل ديفيد بورتر من دتيكا، مركز استشاري في بريطانيا خبير في الجرائم المالية." انها بحاجة الى الشروع في ربط النقاط". ان هذه الطريقة"المستندة الى المخاطرة" و التي تؤدي الى تركيز الوقت و الطاقة على تدقيق اعداد اصغر من الافراد او الاعمال استنادا الى تواريخ تعاملاتها، مصادر التمويل و عوامل الاخرى- تحضى بقبول واسع. و بالنسبة الى KPMG السيد ديلون، فان الموارد التي صرفت على هذه الجهود قد قدمت نصرا الى الارهابيين." ان التكاليف بالنسبة الى اقتصادنا الدولي هي على درجة من الضخامة، الى درجة انهم قد شعروا بالتأثير الذي كانوا يريدوه" كما يقول." ان التكاليف المتزايدة للالتزام بالتعليمات و التقنيات هي شكل من اشكال الارهاب. فنحن نقوم بتدمير انفسنا".

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة