استراحة المدى

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

وهل يصلح العطار ما افسد الدهر؟! .. مهنة العطار بين الامس واليوم
 

الناصرية / عوني حامد
تصوير/سمير هادي

هل يصلح العطار ما افسده الدهر..؟
سؤال جميل له دلالات ومعان كبيرة وعميقة اذ لا يمكن ابداً ارجاع عجلة الحياة والزمن إلى الوراء اذا ما سار بنا قطار العمر نحو محطته الاخيرة.. ولا يمكن للشباب ان يعود يوماً اذا ما تقادم الزمن بنا وحفر اخاديه وتعرجاته وتخسفاته على جباهنا.. حتى في تقادم الفصول فالربيع لا يأتي الا بزوال الشتاء وهكذا.. فكيف بالانسان الذي يتشبث بالحياة ويسعى جاهداً لديمومة شبابه وعنفوانه والقه بكل الوسائل الممكنة؟..

والعطارة مهنة عريقة وقديمة منذ الازل.. لقد اوجد الله - عز وجل - الاعشاب لفائدة ومنفعة البشر، ولم تخلق عبثاً وانما دعت حاجة الانسان لاستخدامها في معالجة الامراض التي تصيبه، فهي موجودة في كل زمان ومكان من ارض الله الواسعة..
ومن اجل التعرف على مهنة العطارة.. كان لنا هذا اللقاء مع العطار ثامر ناصر العطار:
*كيف كانت المهنة ايام زمان؟ وهل كانت بديلة عن مهنة الصيدلة والتطبيب؟
-مهنة العطارة كانت موجودة ايام زمان كما هي اليوم ولم تكن بديلة عن مهنة الصيدلة والطب فلا يمكن للعطار ان يكون جراحاً مثلاً ويداوي الامراض التي تتطلب الجراحة (كالاكياس المائية) مثلاً.. وهي طفيليات تنتقل للانسان عن طريق الخضراوات الملوثة، تنقلها القطط والكلاب.. فليس لها الا الجراحة اذا بلغت مراحل متقدمة.. ولكن العطارة تعالج بعض الامراض (كالاسهال، والامساك وتساقط الشعر والزكام وحصى الكلى) باستخدام الاعشاب الطبية التي ليس لها مضاعفات او تأثيرات سلبية او جانبية على الجسم.. اذاً للاعشاب فائدة كبيرة لمعالجة الامراض.
لقد امتهن الناس العطارة منذ قديم الزمان حتى عرفت بعض العوائل بذلك ومنها عائلتي.. فقد مارس المهنة جدي وابي وانا اليوم اقوم بممارسة هذه المهنة.
والعطارة موجودة بوجود الانسان.. ولا يقتصر وجودها على الدول الفقيرة فقط.. وانما في بعض الدول المتقدمة ايضاً.. فقد اكد لي احد العراقيين المقيمين في لندن انه اشترى (الورد الماوي.. أي ورد لسان الثور) من احد المحال في لندن لمعالجة البرد والانفلونزا!.. وفي الفترة الاخيرة بدأت بعض الصيدليات تبيع الاعشاب الطبية في الصيدليات بعد العناية بتغليفها وكبسها وترتيبها..
*هل هذه المهنة لها علاقة بالشعوذة او السحر والدجل؟
-ليس لمهنة العطارية علاقة بالشعوذة والسحر والدجل.. العطار ليس ساحراً لانه يعلم ان السحر حرام ولكنه بائع للاعشاب شأنه شأن غيره من البائعين ولكن بعض الناس مارسوا هذه المهنة، وتطفلوا عليها ولا علاقة لهم بالعطارية..
واساءوا اليها باستخدام الشعوذة والاحتيال والدجل على الناس البسطاء وهذا موجود في بعض المهن.. وهم يدعون انهم قادرون على علاج الامراض المستعصية كالسرطان وسواه.. ومن يدعي علاجها فهو كاذب ومشعوذ ودجال.. ومن اكلة السحت الحرام.
*كيف تحصلون على هذه المواد؟ ومن أي المصادر؟.. وهل هي استيراد ام هي انتاج محلي؟ وما هي هذه الاعشاب؟
-نحصل على هذه المواد من تجار الشورجة في بغداد وهم متخصصون ببيع العطاريات.. بعضها مستورد مثل (الهيل والدراسين) وبعضها محلي مثل (الكزبرة والحبة الحلوة) والتجار يستوردون بضاعتهم من الهند والصين او من مناطق جنوب آسيا.. وسواها..
*هل لهذه المهنة ارتباط بتاريخ (القاب العوائل) مثل عائلة (العطار) وما هي اسماء العوائل الذين امتهنوا مهنة العطار في مدينة الناصرية؟
-ارتبطت بعض العوائل في مدينة الناصرية بمهنة العطارة.. حتى صارت المهنة لقباً لها.. ومن اشهر العوائل.. عائلة السيد كاظم شبر العطار، وعائلتي عائلة الحاج ناصر جواد العطار وكذلك عائلة الحاج جواد العطار والحاج عودة العطار.


المسلسلات والحقيقة المغلوطة
 

محمد درويش علي

هل ثمة انسان يعي كل شيء، وبامكانه ايجاد الحلول لكل المشاكل، والقفز عليها؟ هل ثمة انسان لا يخشى أي شيء، ويواجه كل الصعوبات، من دون ان يحسب وينجح بالتالي؟!
بالتأكيد هذا الانسان غير موجود، والانسان الموجود في معترك الحياة، هو قابل للخطأ والصواب معاً. وليس بامكانه ان يفعل او يضم كل هذه الاشياء في داخله مرة واحدة. وهذه هي طبيعة وسنة الحياة، ولا تعد انتقاصاً لهذا الكائن الذي يصنع الحياة، بقدراته المعروفة.
ولكن هذه المواصفات المتكاملة للانسان، نجدها لدى ابطال المسلسلات العربية، ولاسيما الاعمال الدرامية الاجتماعية، ويسوّق الينا بهذا الشكل وبهذه الطريقة غير القابلة للتراجع او الانكسار او الهزيمة في احلك الظروف، والمتقدمة دوماً، والمنتصرة، من دون ان تأبه باي شيء.
وعندما تراها بهذه الصورة السوبرمانية، فانك حتماً تشك في نفسك وتبقى تراجع اجندتك على طول العمر، وتتساءل: لماذا انت خلقت بهذا الشكل، ولم تخلق على طريقة ذلك البطل؟
المهم هذه الصورة المغالية في تطرفها لاعلاقة لها بالانسان المعاصر، الذي يسعى لايجاد الطرق المناسبة، لعيشه، ومسكنه، وعلاقاته مع الآخرين، وكيفية تجاوز المشاكل والعقبات التي تضعها امامه الظروف الاقليمية والدولية. وهو غير معني بهذا السوبرمان الذي يتكلم كما لو كان يمتلك حكمة افلاطون، ويغزو كما لو كان بطلاً من ابطال التاريخ، تأتي اليه النساء انى شاء، ويتركهن على مزاجه لانه يمتلك اكثر من بديل!
ان الواقع المحيط بنا، هو واقع اكثر غرائبية من كل الافلام والقصص العلمية او الخيالية. وهو يقودنا حتماً للاعتراف احياناً بعجزنا عن امتلاك ناصية التغيير، او حتى قول شيء في هذا المجال.
فهل يدرك اصحاب المسلسلات هذه الحقيقة، ليجلونا نبدأ خطواتنا الاولى، لمواجهتها، وبالتالي قد نتغلب عليها؟!


الملك... الملك
 

عبد الزهرة المنشداوي

العجوز دويج شاخ وهرم ولم يعد ذلك الرجل يأبه بصروف وعوادي الزمن، الحاجة والفقر المدقع ملازمان له ولم يجد فكاكاً منهما رغم التحولات التي طرأت على الشأن العراقي. صديقه وصفيه ابو محمد ذكر لي انه زاره منذ مدة ليست بالبعيدة وعرف منه بانه يعيش حالة عوز شديدة مما جعله يجمع له اسمالاً واغطية لعياله لمجابهة برد الشتاء ومما حكاه لي عن ذكرياته مع صديقه دويج قال:
صاحبته في عقد الخمسينيات من خلال عملنا في معمل سكائر غازي في منطقة الكسرة وبناية هذا المعمل كانت لصيقة بالبلاط الملكي الذي كان يؤمه الملك فيصل الثاني انذاك وصادف ان اختلف دويج الذي كان عاملاً في المعمل مع مراقب العمل (حجي جبر) لامر ما فضيق الاخير الخناق عليه وصار يحاسبه على الشاردة والواردة فما كان منه إلا ان يطل برأسه من نافذة المعمل ويصرخ عالياً (الملك.. الملك) انت تجلس في حديقتك مستأنساً بينما يسومني (حجي جبر) الهوان في المعمل فانتبه الملك فيصل الثاني للصوت وكان حينها يجالس نوري سعيد وبعث بافراد شرطته لتبحث داخل المعمل عن صاحبه فعثروا عليه واقتادوه ليمثل امام جلالته وليسأله عن سر مناداته له فأجابه ان (حجي جبر) لاهم له غير مراقبته من دون العمال ودائماً يطلب منه العمل في حين انه قد انهى ما تم تكليفه به. عندها ضحك الملك والتفت إلى نوري سعيد يطلب مشورته فيما يعمله لـ (وديج) فرد عليه بان يمنحه مكافأة مقدارها (خمسة دنانير) مع توصية عليه بان لا يضايقه ثانية. فكان له ذلك.
ابو محمد غمز لي قائلاً: افكر بان اذهب اليه في بيته وادعوه ان يصرخ صرخته الاولى.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة