حالات وحلات
بغداد/محمد شفيق
في
سوق الشورجة.
سررت كثيراً حين مررت في
سوق الشورجة، وقد تجاوزت الساعة الخامسة عصراً، وانا ارى
أعداداً من الناس هنالك تتبضع متحدية الظروف المعروفة.
وتذكرت كيف حال السوق العام الماضي، اذ كانت ابوابه تقفل
بعد الثالثة عصراً. ولكن شيئاً فشيئاً بدأت الحياة تدب في
هذا المفصل التجاري الحيوي.
احد المتبضعين سألته: ماذا تسوقت؟
اجاب: لدي دكان صغير بنيته في حديقة بيتي، اضع فيه ما
اتمكن على شرائه، وهو يكفيني لاعالة عائلتي، فضلاً عن
الراتب التقاعدي وكما ترى فان يضاعتي هذا اليوم، هي
الصوابين، والتوابل، والكرزات، وهنالك اشياء يوصيني بها
اهل المنطقة.
هل تتوقع ان يتحسن الوضع الامني بشكل كامل؟
اجاب: التركة ثقيلة، والوضع لا يتحسن في ليلة وضحاها،
نحتاج إلى وقت، وإلى متابعة وفضلاً عن وجود رجال الشرطة
والحرس الوطني، نحتاج إلى حسٍ امني!
كلام هذا المواطن يدلل على ان الحياة يبنيها هؤلاء غير
المنتفعين في الصيد بالماء العكر. بين هذا وسواه من امثاله
وشائج قوية بالوطن الذي يحاولون دائماً ادامته بالمحبة
والحرص عليه.
اصرار
على الحياة..
لي
صديق يبيع الكتب في المتنبي، ويعيش على الكفاف. ينشر مقالة
هنا، ومتابعة صحفية هنالك، ويصر على تعلم شيء جديد في كل
يوم. فاستطاع هذا الصديق، ان يختصر تعليمه على الكومبيوتر
في مدة قياسية، قبات يطبع مقالاته بنفسه، ويراسل الصحف
والاصدقاء. وعندما اقول له: لم كل هذا الاصرار؟ يقول: ان
الحياة تسير، وعندما تتبدل ظروفنا نشعر باننا كنا نراوح،
ان لم نستغل اية فرصة تسنح لنا. فالثقافة لم تعد الكتاب
لوحده، وانما الصورة واللون والكومبيوتر، والدخول إلى
المعتركات الصعبة وهكذا.
انه اصرار آخر على الحياة، كم جميل لو تغلغل هذا الاصرار
إلى دواخلنا جميعاً، فهل يبقى من يقتل او يخطف او يسبب
اذية للناس؟!
حارس
عمارة..
حارس
العمارة التي تفع في مكان ما، من بغداد، لم يتشك من قلة
وارده، وانما جاء بمعدات صنع الشاي، ووضعها عند باب
العمارة الواسع، وظل يبيع الشاي وهو يحرس العمارة. شربت
شاياً منه، وسألته عن وارده اليومي. فأجابني: الحمد لله
المهم هو ان يسترنا الله لا احد يموت من الجوع. وبالحال
تبادر إلى ذهني اولئك الذين يحسبون الدولارات ليل نهار،
وكأنهم في سباق مع الزمن على هذه الدولارات. اذا ما انفجرت
قنبلة هنا، او ساء الوضع، حمل حقائبه نحو احدى الدول
المجاورة!
|