مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

هل تغير الصين المعطيات الدولية بسبب حاجتها إلى نفط الشرق الاوسط؟
 

بقلم: ايتيان جيرنيل
ترجمة: زينب محمد

عن :لوبوان

على خارطة الصين، عند اقصى الغرب تظهر بقعة صفراء هائلة: انها صحراء - تاكلا - ماكان - هناك اكتشفت مساحات نفطية في الستينيات وهي مساحات تعد بالكثير، وعدت الحكومة المركزية بتطويرها من اولويات سياستها، كما قال (سون لونغد) المدير العام لشركة (بيتروشينا) الشركة النفطية الاولى في الصين، ومنذ قرون يخشى المستثمرون هذه المنطقة بسبب مناخها القاسي جداً،
ففي الشتاء تعصف الريح وتهبط درجات الحرارة إلى (50) درجة مئوية تحت الصفر، وفي الصيف تتكرر العواصف الرملية وتتجاوز درجة الحرارة (50) درجة مئوية، لكن هذه المعركة العنيفة مع الطبيعة ضرورية للصين التي تحتاج إلى النفط على نحو كارثي، وبالكاد يصل فيها النفط إلى نسبة (2.1%) من الاحتياطات العالمية، وفي عام 1992، أي منذ وقت ليس بالطويل جداً، كانت تصدر جزءاً من نفطها الخام، ومنذ ذلك الوقت ما انفكت تزيد الكميات التي تشتريها من الخارج، وبشكل منتظم اصبحت ضحية لارتفاع اسعار النفط كما اليوم، والصين تتجاوز اليابان وتأتي في المرتبة الثانية من ناحية الاستيراد بعد الولايات المتحدة الاميركية.
ولكن كيف تغذي الصين التوسع الهائل في اقتصادها الذي ينمو من 8 إلى 10% سنوياً؟ وكيف تغذي ملايين المكيفات والثلاجات والمصانع العاملة في البلد من الطاقة؟ بالتأكيد تبقى الصين اول منتج عالمي للكربون، الذي تستخدمه لانتاج الطاقة الكهربائية، لكن الامر عندما يتعلق بتشغيل السيارات فلم تجد الصين افضل من البترول، غير ان عدد السيارات في الصين ازداد بنسبة 80% عما كان في العالم الماضي! ومن نتيجة ذلك اعتماد البلد على النفط يصل اليوم إلى نسبة (50%) وقد يتجاوز نسبة (70%) في عام 2020 وهذا ما يفسر الجهود المبذولة في منطقة (تاكلا - ما كان) لاستخراج النفط.
وما ان تترك قصبات (كورلا) المقاطعة المتوهجة التي تمولها عائدات البترول والواقعة على بعد (500) كيلومتر جنوب (اورومكي) عاصمة هسيانغ حتى تظهر على الممرات الجانبية - الواح الملح، وعلى مدى ساعات يمتد الطريق مستقيماً وسط بيئة من التراب والحصى، تم تبدأ الارض بالتموج وتتناثر فيها الشجيرات الميتة منذ قرون على ما يبدو، وكأنها تحذر المغامرين من دخول الصحراء وبعد اجتياز الممر، تلتقي السماء والارض، حيث الكثبان الرملية الصغيرة المنتظمة إلى ما لا نهاية، ويسود الصمت المطلق، وبعد ساعات في الطريق بين هذه التلال الصلصالية وفي كثبان من الرمال تظهر اولاً اجهزة لرفع الاثقال محاطة بشبكة يحميها الجنود، ويعمل عشرون عاملاً وكلهم من مقاطعة سيشوان، وينامون في مخيمات ويعودون إلى بيوتهم كل شهرين لمدة ثمانية اسابيع. وعلى بعد بضعة كيلومترات من هناك، ثمة منطقة خضراء تبدو واضحة في المنظار تدعى (تاوزرنغ) وهي الحقل الذي يضم حوض (تاريم) وتتضمن هذه المنطقة الحيوية والمهمة الفنادق وصالات العمل، والمطاعم، والسينمات والمكتبات، وصالات الرقص وحدائق مزدانة باشجار الورود والاشجار الفتية، ويعيش مئتا صيني على هذه المنطقة ويبلغ متوسط عمر السكان فيها (29) عاماً، ويتجاوز اعلى راتب ستة آلاف يورو سنوياً، وفيها تم العثور على (271) مليون برميل من الاحتياطي النفطي في تاوزونغ و(12) مليار متر مكعب من الغاز، اما النفط المرسل عبر الانابيب فانه يصفى على بعد الفي كيلومتر من هناك في مدينة (لانزهو) وتنتج هذه المنقطة الهيدروجين الخفيف الذي ينقل عبر انبوب الغاز نحو شنغهاي، ويجتمع كل العاملين قبل بداية العمل للقيام بتمارين الجمناستك على ايقاعات موسيقية جميلة، وخلفهم شعلة آبار النفط والعلم الصيني، وليس في (تاكلا ماكان) ما يشبه صحارى العربية السعودية، وان كانت بالنسبة للصين اكثر المناطق التي تعد بالكثير، ففي الربيع الماضي فرحت السلطات لانها اكتشفت في شنغلي، شمال شرق، 2 مليار برميل من النفط وفي منطقة غانزو 3.2 مليار برميل، ولكن الصعوبة تكمن في هذا المكان حيث يصعب الوصول إلى الجيوب الصغيرة، وفي ديكنغ، في اقليم هيلوتغجيانغ، الذي يقع عند اقصى شرق روسيا، تقع اول منطقة تاريخية في الاستخراج ويسهل استغلال الحقول هناك كثيراً عن الحقول الموجودة في سنغجيانغ، مع ان الشتاء فيها بارد جداً (40 درجة مئوية تحت الصفر) غير ان الانتاج بدأ بالانخفاض منذ ثلاثة اعوام ولم يعد يمثل الا 28% من عمليات الاستخراج الصينية، أي بواقع (3.4) مليون برميل يومياً ووصلت الاحتياطيات إلى نهايتها (لم يبق امامنا الا اقل من ثلاثين عاماً للاستثمار) كما يقول (وانغ جون) المهندس في السادسة والخمسين من العمر، فمنذ عام 1999: سرحت ادارة النفط ثلث العمال وانطلقت مظاهرات كبرى عمالية في آذار عام 2002.
دبلوماسية نفطية
وفي الاعوام الماضية، وضعت المدينة كل آمالها في مشروع انبوب النفط الروسي الذي كان عليه جلب النفط الخام والغاز الطبيعي من (انهارسك) في سيبيريا، ولكن منذ منتصف شهر نيسان، يبدو ان المشروع المقابل الذي اقترحه اليابانيون ومولوه بتشجيع من الاميركيين كان انبوب الغاز الذي يصل إلى ميناء روسيا في ناخودكا والنفط الخام الذي يصدر إلى عدة دول عبر البواخر وإلى الصين بشكل خاص ويبدو ان المشروع حصل على تشجيع من موسكو، ولكي لا تختلف روسيا مع الصين تعهدت بتزويدها عن طريق سكك الحديد بـ (100) الف إلى (300) الف برميل نفط يومياً. ولفترة طويلة كانت الصين تغض النظر عن تبعيتها في مجال الطاقة، وكشفت حتى عام (1998) من الابحاث فوق اراضيها رغبة منها للاكتفاء الذاتي ولحذرها من الاجانب المتأتي من (عهد ماوتسي تونغ). غير ان هذا العهد قد تغير واحدثت الحرب في افغانستان صدمة كهربائية، ونظرت بكين بعين الشك إلى انتشار شركات النفط الاميركية في آسيا الوسطى، على هامش الصراع الافغاني، في منطقة كانت تطمح فيها وتتمناها، وكرد فعل على ذلك، اعدت الصين في ربيع عام 2002 دبلوماسية تغطية حقيقية. وفي ذلك الاطار زار الرئيس الصيني الجديد (هوجنتاو) شخصياً هذا العام ثلاث دول منتجة للنفط للتوقيع على سلسلة اتفاقيات، في مصر: لتنمية الموارد البحرية والنفطية وغاز الصحراء، وفي الجزائر للتوقيع على اتفاقية نفطية وغازية، وبناء انبوب نفط ومصفى (بـ 70% من الاستثمارات النفطية) وفي الكونغو التي سوف تستورد منها الصين بالاتفاق مع شركة (توتال كونغو) (200) الف برميل من الخام، وكذلك تحاول الصين تنويع مصادرها من الطاقة، فاذا كانت نصف استيراداتها تأتي الشرق الاوسط ومن العربية السعودية بوجه خاص، وايران، فان الربع الباقي يتأتى من افريقيا، (من السودان والغابون وتشاد والكونغو والمغرب والنيجر ونايجيريا) والربع الآخر من دول متنوعة مثل روسيا، اذربيجان، اميركا اللاتينية، استراليا واندونيسيا، وتحت غطاء صداقة العالم الثالث وبخاصة في افريقيا تحاول الشركات الصينية منافسة الشركات الغربية للوصول إلى النفط الخام ولا تتردد في نسخ طرقها، كما هو الحال عندما عرضت على الغابون الكثير من التسهيلات، وفي الحقيقة ليس من السهل الوصول المتأخر بعد العالم كله، فالشركات الاوربية والاميركية تقوم بالعمل منذ اكثر من قرن وللمشاركة في (اللعبة الكبيرة) فان على الشركات الصينية ان تدفع سعراً كبيراً لكي تحصل على الرخصة كما في ناميبيا واستراليا والاكوادور غير ان الصينيين يتعلمون بسرعة وقد بذلوا ما بوسعهم لاشراك الشركات الكبرى بمشاريع ضخمة، فالشركة البريطانية (
BP) وشركة (اباش كورب) الاميركية شاركتا في عمليات الاستثمارات الصينية، وحتى المملكة العربية السعودية شاركت هي الاخرى في خط الغاز السائل المنقول إلى (شانيدونغ) ويتعلم طلاب سعوديون اللغة الصينية في بكين، غير ان هذه المناورات الكبيرة لاتتكلل على الدوام بالنجاح، وكانت الصين تتمنى بشدة اشراك الشركات الاجنبية مثل شيل، اكسون موبيل وغاز بروم / باستثمار انبوب الغاز الذي يربط سيانغ بشنغهاي على مسافة (4) آلاف كيلومتر! غير ان المفاوضات تدهورت على نحو محزن، وبعد هذه التغييرات اخذت واشنطن ترصد دبلوماسية الصين النفطية، وتبنى البنتاغون الخط المتشدد تجاهها، اذ يخشى ان تقدم الصين الاسلحة إلى السعودية والتكولوجيا النووية إلى ايران في مقابل حصولها على النفط وكما يقول (كنت كالدر) من مركز جون هوبكنز للبحوث، "فان دعم الصين في طلبها لامن الطاقة يمكن ان يصب في المصلحة الوطنية الاميركية صحيح ان بروز الصين القوي على مسرح النفط قل نظيره تاريخياً، ومن الصعب رسم منحنى المستقبل، واذا كان الصينيون اليوم يستهلكون من النفط اكثر مما يستهلكه الاميركيون، فان الانتاج العالمي لن يكفي حاجاتهم.
حمى الاسواق
فالشهية الصينية للطاقة، والارهاب وتسوية الحسابات الروسية، كل ذلك يتضافر ليزيد حمى النفط، كما ان الارهاب في العراق وفي العربية السعودية من أوضح الدوافع او الذرائع التي تقف وراء ارتفاع اسعار النفط الخام.
وهناك مصادر اخرى للقلق مثيرة للجدل، فروسيا على سبيل المثال التي تعتبر فيها شركة (لوكوس) المنتج الاول، وهي متهمة بالتزوير المالي، واشرفت على الافلاس، ويتمنى (فلاديمير بوتن) (اسكات صوت رئيس شركة لوكوس) (ميخائيل خودور كوفسكي) وربما الاستيلاء على هذه الجوهرة النفطية لكن ليس من مصلحته ان يشهد انخفاضاً في تدفق الذهب الاسود المهم لبلده، غير ان ذلك لا يمنع من ان تقلق قضية لوكوس الاسواق، فضلاً عن ذلك، الشكوك المتعلقة بفنزويلا ونايجيريا، ولكن اذا ارتفع النفط في الاسواق، فلذلك ايضاً اسباب اساسية فتعطش الصين الهائل يدخل في هذا الاطار، ومع نموها المرتفع يكون هذا النمو مسؤولاً عن 40% من زيادة الطلب العالمي على الخام خلال العام الماضي، وهي وتيرة يصعب على الدول المنتجة ملاحقتها، كما ان منظمة الدول المصدرة للنفط اعلنت عن امتلاكها قدرات انتاج اضافية تقدر بـ (1.5) مليون برميل يومياً وبخاصة في العربية السعودية، غير ان هذه الاخيرة بحاجة إلى الوقت لاستخراج الخام من آبارها حسبما يقول رئيس منظمة الدول المصدرة للنفط، الاندونيسي الجنسية بيرنومويوجيا نتورو.
اعتراف بالعجز
وعلى المدى المتوسط، فان الامل باطلاق الاسعار ليس كبيراً، وحتى لو تباطأ النمو في الصيف، فكيف نتصور ان لا تكون الصين نهمة للنفط؟ يبلغ عدد الاميركيين (280) مليون نسمة ويستهلكون (20) مليون برميل يومياً، كما يقول (جيروم مالكا) مسؤول انشطة الطاقة في شركة (
SG) كوربوريت، انفيستمنت باتكنغ، اما عدد الصينيين فيبلغ (1.4) مليار نسمة ويستهلكون (6.2) مليون برميل فقط، وهناك هامش للتقدم، من دون ان نحسب ان بوسع الهند ان تحذو حذو جارتها الصين وتطالب بحصتها من كعكة النفط العالمية، ويراهن معظم المختصين بالنفط على صعود اسعار النفط في الشهور والاعوام القادمة، لكن صوتاً واحداً مخالفاً يرتفع هو صوت فيتوريو مينكاتو ، رئيس ومدير شركة (ايني) الشركة الوطنية الايطالية، ففي تموز الماضي اعلن (كوريسر ديلاسيرا) ان الاسعار الحالية غير مبررة، ويتوقع ان يبلغ سعر برميل النفط ما بين 22 إلى 28 دولاراً بفضل انتعاش الانتاج وبخاصة في العراق، لكن الاكيد ان هناك وفرة في النفط في العالم كما يؤكد مينكاتو، وهو خطاب لابد ان يكون لطيفاً على اسماع الصينيين.


مشاكل في ايران و نيجيريا تشعل اسعار النفط
 

عن: الايكوتوست

ترجمة :فاروق السعد
ارتفعت اسعار النفط من جديد، وسط حالات من القلق حول ضمان عمليات العرض من ايران، رابع اكبر مصدر في العالم، حيث يدور الحديث عن احتمال فرض عقوبات اقتصادية. و اضافة الى تلك التوترات، تعرضت شركات النفط في نيجريا، ثامن اكبر مصدر، لهجمات من قبل المليشيات التي تهدد بتوسيع حملة التخريب و الاختطاف. و بوجود طلب ثابت غير مسبوق من اسيا، فان اسعار النفط تسير في اتجاه واحد فقط. و بالنسبة لاولئك الذين يتمتعون بذاكرة حية فان الامر يبدو معتادا. فالتوتر في ايران، حيث تتجه امريكا و حلفاؤها لاتخاذ موقف متشدد من النظام الاسلامي، بالتزامن مع سوق النفط المرتفعة بالأساس. و النتيجة هي ارتفاع الاسعار و غضب المستهلكين في جميع انحاء العالم. والحرب في العراق زادت المشاكل تعقيدا، حيث تؤدي الى قطع العرض و زيادة تذبذب السوق. يبدو ان الضغوط على اسعار النفط في هذه الايام تمتلك كثيرا من القواسم المشتركة مع الاسعار في بداية الثمانينات، عندما كان الدخلاء يصارعون للتعامل مع تأثير الثورة الايرانية و حرب الحدود الكبيرة بين ايران و العراق. و في جولة هذه المرة كانت العناوين الرئيسة هي ان الرئيس الايراني المثير للاضطرابات، محمود احمدي نجاد، قد رد على النقد المتزايد لتجديد بلاده العمل ببرنامجها النووي بتهديدات بقطع جزء او كل الانتاج النفطي لإيران عن الاسواق العالمية. فهو يحذر منتقديه، خصوصا من يجرؤ على التهديد بفرض عقوبات اقتصادية، لان حاجتهم لإيران( او على الاقل نفطها، لان ايران رابع مصدر في العالم) هي اكبر من حاجة ايران لهم. و من الواضح، ان رد فعل السوق كان اكثر حدة. فقد وصلت عقود النفط الخام تجهيز شباط الى 66.31 دولار في بورصة نيويورك يوم الثلاثاء، وهو المستوى الذي لم يبلغه منذ ايلول عندما ادى اعصار كاترينا الى اغلاق جزء كبير من عمليات الانتاج الامريكية و قدرتها على التصفية. و بحلول الاربعاء اقترب سعر النفط من 67 دولاراً. تتصدر التوترات في ايران بقية اشكال القلق بالنسبة الى منتجي النفط الكبار. فالعراق لم يفلح بعد في الوصول بإنتاجه النفطي الى مستويات مرحلة ما قبل الحرب، و الذي هو اقل بكثير من الذروة التي بلغها عام 1979، عشية الحرب الايرانية العراقية. قالت ادارة بوش في الفترة الاخيرة انها لن تطلب من الكونجرس المزيد من المبالغ لاعادة الاعمار التي- اذا ما سمح الوضع الامني- قد تمكن العراق من الوصول مستويات الذروة التي حققها مرة اخرى. ونيجيريا، ايضا، تعاني من هجمات على صناعتها النفطية. ففي الاسبوع المنصرم اختطفت المليشيات اربعة اجانب من احد الارصفة البحرية التي تدار من قبل شركة شل الهولندية الملكية، مما دفع الشركة الى تخفيض انتاجها بمقدار يزيد على 200000 برميل في اليوم، وهو ما يمثل ثمن انتاج البلاد تقريبا. و في يوم الاربعاء هددوا بتوسيع حملة الاختطاف و اعمال التخريب ليشمل جميع شركات النفط الاجنبية العاملة في نيجريا، مما اوجد امكانية حدوث مزيد من الانخفاض في الانتاج. وكل ذلك يشير الى ان تجار النفط يشعرون بالقلق وكانهم قطة ذات ذيل طويل في غرفة مليئة بالكراسي الهزازة. و بانخفاض الانتاج العالمي و استمرار الطلب القوي، فقد يكون من الصعب على المنتجين الحاليين التعويض عن اكثر من نصف الانتاج الايراني، الذي يقدر معدله بـ4 ملايين برميل في اليوم. و اذا ما اوقفت ايران كل انتاجها عن السوق، فان اسعار النفط قد تصل الى الرقم القياسي الذي بلغته بعد الازمة الايرانية الاخيرة. وفي عمليات استهلاك البنزين في امريكا، فان صدمة النفط تلك قد تبعها اسوأ ركود منذ الحرب العالمية الثانية. و اذا اخذنا بنظر الاعتبار اعتماد العالم الحالي على طلب المستهلك الامريكي لدفع نمو الناتج الاجمالي العالمي، فان هذا الامر المؤكد يعطي المرء وقفة.
اقطع انفي، اغضب وجهي
و لكن في الوقت الذي يمكن لإيران من الناحية التقنية ان توقف الانتاج لبعض الوقت- ربما تغلق الآبار او تضع النفط الذي تنتجه في مستودع- الا انه من الناحية الاقتصادية قد يكون كارثيا. ففي المدى القصير يمكن لإيران ان تفقد العائدات التي تحصل عليها عن طريق بيع النفط. و ان التكاليف يمكن ان تكون اكبر في المدى البعيد. فعمليات ارتفاع الاسعار في السبعينات و بداية الثمانينات سببت انهيارا في الطلب، عندما قامت الحكومات برفع رسوم الوقود و قام المستهلكون بالبحث عن منتجات اكثر كفاءة، خصوصا السيارات. كما ان الاسعار العالية قد حفزت عمليات التنقيب في البلدان من خارج الاوبك، التي حافظت على سعر النفط حتى بعد ان بدأ الطلب في التراجع. كانت عائدات الاوبك النفطية في 1980 اعلى بثلاثة اضعاف من المعدل السنوي للاستهلاك خلال العقدين التاليين. و في الوقت الذي لا يكون فيه من مصلحة ايران في ان تقوم بتشجيع الآخرين على استهلاك كميات اقل من النفط، فان الحكومة الايرانية قد تعتقد بان الطلب- الذي اربك متشائمي البترول- سيبقى قويا على المدى البعيد. لأنه منذ ان بلغت الاسعار 40 دولاراً للبرميل عام 2004 كان المحللون الاقتصاديون ينتظرون نموا اكثر بطناً عندما كان المستهلكون يقومون بربط احزمتهم، وصنابير بترولهم، ردا على الاسعار المرتفعة في المضخات. و لغاية هذه اللحظة، على اية حال، لا يوجد الا دليل ضعيف على ان ما يحدد سعر البنزين يقوم الان بالتقتير في الداخل. ففي امريكا، حيث يبدو ان سيارات السبورت للخدمات المستهلكة للبنزين (
SUV) ابعد من ان تكون الزامية، فان نمو الناتج الاجمالي المحلي قد فاق نظيراته المتحفظات في اوربا و اليابان. و لم تشر ارقام المبيعات سوى في الاشهر الاخيرة إلى ان مشتري السيارات الامريكية قد يفكر بحرص على الاقتصاد بالوقود كما هو الحال بسبيكة محور الدولاب وقدرة السحب. ولكن مع هذا، لم تصعد اسعار النفط سوى في الاشهر الماضية الى 60 دولاراً للبرميل، وهو اكثر من ضعف المعدل الذي بلغه في عام 2003. وحتى الفترة القريبة الماضية، كان الاقتصاديون قد توقعوا ان الجولة الحالية من ارتفاع الاسعار قد تكون مختلفة على نحو اساسي عن ازمة النفط في السبعينات، لأنها كانت نتيجة النمو السريع للناتج الاجمالي الدولي والطلب على النفط، بدلا من ان تكون نتيجة صدمة عرض خارجية مثل الحظر النفطي العربي. وهذا يجعل الزيادات في الاسعار اكثر تدرجا، و التأثيرات الناتجة على الناتج الاجمالي المحلي اكثر رفقا. واذا ما اعيق نمو الناتج الاجمالي بواسطة اسعار النفط المرتفعة، فان ذلك ينبغي بالطبع ان يقلل الطلب على المنتجات النفطية، وهو ما يؤدي الى هبوط سريع في الاسعار الى ان يعود كل من العرض و الطلب الى حالة من التوازن. ولكن المشاكل في العراق، وايران ونيجريا تهدد العرض، رغم انه يؤمل ان لا تكون بالشكل الذي سبب كل ذلك البؤس الاقتصادي في السبعينات. قد يلوح هنالك قليل من البؤس الاقتصادي في الافق. ففي الوقت الذي تبدي فيه الاقتصاديات الثقيلة الكبيرة مثل الاقتصاد الالماني اخيرا علامات على القوة، فان معدل النمو المخطط لها لا يكفي بأي حال لموازنة الطلب الامريكي اذا ما بدأ الاستهلاك الامريكي اخيرا بالارتفاع. وهل ان المستهلك الامريكي يبدو مصاباً بنوع من العسر؟ كانت ارقام مبيعات التجزئة في عطلة الفصل لعام 2005 كبيرة، ويرى العديد العلامات الاولى على التباطؤ في سوق العقار. لقد ساعد الاخير في دعم طلب المستهلك القوي بشكل مدهش الذي عزز من سرعة شفاء امريكا من ركود عام 2001. ان المنتجين، الذين تطاردهم ذكرى اغراق السوق التي اعقبت الازمة المالية الآسيوية في التسعينات، عندما اتجهت الاسعار نحو 10 دولارات للبرميل، كانوا بطيئين في خلق قدرة جديدة على الانتاج لتلبية الطلب المتنامي. ان ذلك قد يتبدل. فبالرغم من ان الوكالة الامريكية لمعلومات الطاقة تتنبأ بان الطلب الدولي على النفط سيزداد بمقدار 1.6 مليون برميل في اليوم في عام 2006، وبما يقارب 2 مليون في عام 2007، الا انها تعتقد بان تلك القدرة الاضافية ستنمو في الواقع خلال تلك الفترة، لان المنتجين من خارج الاوبك بدأوا بضخ المزيد من النفط. ولكن كل ذلك العرض الاضافي سيكون مطلوبا اذا لم يتم حل المشاكل في ايران، العراق ونيجريا.

 
 
 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة