مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

فساد مشاريع اعادة البناء والإعمار في العراق

بقلم : جيمس كلانز
ترجمة: بشرى الهلالي

عن: التايمز

من ضمن سلسلة التهم التي يتوقع ان يواجهها موظفون ومقاولون امريكيون من الذين اشرفوا على عملية البناء والاعمار ..تعتبر هذه التهمة هي الأولى ..حيث وجهت شكوى مفتوحة قبل ايام تتعلق بدفع أحد الأمريكيين مئات الآف من الدولارات الى سلطات التحالف الأمريكية وزوجاتهم على شكل رشاوى ورسوم مقابل الحصول على عقود في عملية اعادة اعمار العراق .
الشخص هو روبرت. بلوم الذي ادار ثلاث شركات عملت في العراق بمشاريع الإعمار ببلايين الدولارات.. أتهم بالتآمر
او اللعب على الحبال- تآمر بغسيل الأموال ونقل الملكيات بين الولايات ، وكل ماله علاقة بالحصول على مبلغ 3,5 مليون دولار عن طريق عقود وهمية كما يقال. و قدمت الشكوى لمحكمة المقاطعة الفيدرالية لمنطقة كولومبيا، بالأضا فة الى شهادات اثنين من شركائه لم يتم الإعلان عن اسمائهم ،وهؤلاء كانوا موظفين رسميين في قوات التحالف الأمريكية التي حكمت العراق في الفترة التي منحت فيها هذه العقود، حيث زعمت هذه الشهادة ان هؤلاء الموظفين تلقوا دفعات نقدية هم وزوجاتهم.
"هذه هي القضية الاولى ،لكنها لن تكون الأخيرة " ، قال السيد جيم ميشيل ، الناطق باسم المفتش العام لإعادة البناء في العراق ،وهي مؤسسة مستقلة . السيد ميشيل قال: اكثر من دزينة من القضايا المتعلقة بالموضوع احيلت الى قسم العدالة
للإدعاء . محامي السيد بلوم ،روبرت منتز،قال انه مازال يعرف القليل حول القضية ومالذي قد يكون وراء الشكوى.." الشكوى والشهادات المرفقة فتحت اليوم أول مرة ونقوم بمحاولة الآن لإعادة النظر بالإدعاءات".
السيد بلوم الذي عاش في رومانيا لعدة سنوات ، ظهر اليوم في المحكمة- ذكر ذلك السيد منتز- وأضاف المحامي : ان السيد بلوم قد تم اعتقاله حديثا في مطار نيويورك الدولي الحر. وتقول الشكوى ان السيد بلوم دفع ماقيمته 200.000 دولار شهريا لعدد غير محدد من موظفي سلطة التحالف ، من اجل الحصول على عقود مربحة لإعادة بناء العراق، ومن ضمن المستفيدين من هذه الأموال اثنان من الشركاء وزوجاتهم، ولم يتم الكشف عن اسماء هؤلاء الشركاء في الشكوى بالرغم من الإشارة الى تعاون احدهم مع الإدعاء .
يشغل الشريك رقم -1- ،كما جاء في الشكوى، منصب مراقب ومسؤول مالي في ال(
C.P.A.) في مركز اقليم جنوب العراق والذي تعتبر الحلة جزءا منه. "هذا الشخص يتحكم بما قيمته( 82 مليون) دولار كان من المفترض استعمالها في العقود المبرمة لإعمار مدينة الحلة ،من ضمنها العقود الممنوحة لبلوم" كما اكدت الشكوى .
واعلن مسؤول في حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ان هذا الشخص كان يدعى ،روبرت ج-ستاين. وقالت الشكوى بان العقود التي حصل عليها السيد بلوم " كان يراد منها اعادة بناء وتأسيس مشاريع، في العراق، وبالتحديد في الحلة- وكربلاء. وتتضمن هذه العقود: تجديد مكتبة كربلاء العامة ، تعمير مادمرته الحرب ،بناء اكاديمية للشرطة في الحلة، تقوية الأمن وتعزيزه في اكاديمية الحلة للشرطة وكذلك بناء المركز الإقليمي الديمقراطي العشائري .
واضافت الوثيقة ايضا ان السيد بلوم وبمساعدة احد الشركاء الذي يعمل مراقبا وآخرين غيره، ضاعف قيمة عطاءات العقود، مستعملا اسماء شركات مختلفة كانت تدار من قبل السيد بلوم او شركات وهمية . ولفترة من الزمن كانت ارقام هذه العطاءات كافية لأقناع انظمة حكومة الولايات المتحدة ،حيث كان يمكن للشركاء ومن ضمنهم السيد ستاين التأكيد على ان العقد ذهب لإحدى الشركات -كما ذكرت الشكوى.
وقالت الشكوى ايضا ان قيمة هذه العقود تصل الى 498900 دولار.بينما كانت صلاحية الشريك الأول لمنح العقود محددة بمبلغ اقل من500.000 ..واكدت الشكوى تقديم رشاو شهرية لموظفي قوات التحالف المشار اليهم -كما ايد شاهد عراقي -واحد الشركاء ، واشخاص آخرون على معرفة بالدفعات الالية ، وكما تبين من اعادة النظر بالسجلات المالية المختلفة.
في قضية واحدة ضد السيد بلوم "الذي دفع الرشاوى المذكورة آنفا والرسوم والمنح" كما قالت الشكوى " نتج عنها نقل اموال مقداره 267000دولار من حسابات مصرف اجنبي الى حسابات الولايات المتحدة باسم الشريك او/ باسم زوجته.
كما نقلت اموال اخرى من بنوك كويتية ، سويسرية ،نمساوية ورومانية الى حسابات تدار من قبل الشركاء المساهمين ، حسبما جاء في الشكوى. بعض الأموال ايضا انتقل على شكل مجوهرات او سيارات بالوكالة او شركة فعلية ، وبالطبع فان كل هذه الأموال لمصلحة الأخوة الشركاء.
" اعتقد بان الصفقات المالية والمؤقتة التي وصفت اعلاه هي جزء من مؤامرة لإنتهاك قانون الولايات المتحدة"..كتب باتريك مارينا- وكيل خاص لدائرة المفتش العام- كجزء من الشكوى.
لاتتوفر حاليا الكثير من المعلومات حول السيد بلوم والسيد ستاين ، لكن المفتش العام دون سابقا مايلي " حدثت الكثير من الإخفاقات بسسب الإندفاع المحموم في بداية مشاريع الإعمار في المركز الجنوبي من العراق ، حيث عوملت العقود باهمال واضح بالإضافة الى ان إلإشراف على تنفيذها كان اقل مايمكن.
هذه التهم كانت اشبه بصب الزيت على النقد الموجه لجهود اعمار العراق ، والتي فشلت الىحد كبير بالإرتقاء الى مستوى آمال الحكومة الامريكية .حيث تم انفاق كميات كبيرة من النقود المخصصة لإعادة البناء على مشاريع الأمن واصلاح مادمرته الحرب ، وفي كلتا الحالتين لم تضف شيئا الى مشاريع الإعمار . كذلك وجهت الإنتقادات الى فشل الجهود التي بذلت في عملية اعادة اعمار العراق بالأخذ بعين الإعتبار المشاكل التي واجهت أي مشروع بناء في العراق ، اضافةالى صعوبة زيارة مواقع العمل .


هل هو حقا اسامة بن لادن؟
 

بقلم: روبرت فسك
ترجمة: مروة وضاء

عن: الاندبندنت

لماذا لا نرى اسامة بن لادن على اشرطة الفيديو ولماذا نسمعه عبر التسجيلات الصوتية فقط, هل هو مريض؟ نعم, فهذا ما تردده دائما "مصادر الاستخبارات الامريكية". عين القصة القديمة: يتحدث اسامة بن لادن معنا عبر الكهوف وربما من سرداب بواسطة شريط مسجل عبر الهاتف من منطقة بعيدة. وكما هي الحال دائما... تبث رسائله عبر قناة الجزيرة مما يدلنا على ان الاحتياطات الامنية وليس المرض-هي التي تقرر طرق تواصله.
لقد غزونا افغانستان للقبض على بن لادن ونحن نقاتل ونموت في العراق للقضاء على اعوانه ورغم ذلك ما زال يراوغنا ويهددنا ويسخر منا.
الى اي حد يستمر هذا الهراء؟ حذر الرئيس جاك شيراك بان فرنسا قد تستخدم السلاح النووي في حال تمت مهاجمتها لكني اتساءل, ضد من؟ قامت امريكا بتفجير اطفال باكستانيين وحولتهم الى اشلاء مدعية انها قتلت خمسة من المطلوبين ومن بينهم صانع متفجرات, لكن من الجلي جدا انها لاتمتلك دليلا على ذلك. يقول بن لادن ان امريكا ستهاجم ثانية مالم توافق على الهدنة التي يعرضها في العراق وافغانستان, او ليس من المفترض اننا نربح" الحرب على الارهاب"؟ هذا ما يخبرنا به "الخبراء": ان بن لادن وتنظيم القاعدة يسعون للهدنة لانهم يتكبدون الخسائر, على افتراض ان هذا سيمنحنا بعض الامل.
انها لعبة, فلا بن لادن من جهة ولا جورج بوش وتوني بلير من جهة اخرى لديهم النية لوضع حد لهذه الحرب. ومما لا شك فيه ان عرض بن لادن قُدم لكي يُرفض, فهو يريد من بوش وبلير ان يرفضوه .ومن ثم سيجئ الهجوم التالي وبعده يظهرالتسجيل الصوتي الجديد: ارايت ماذا يحدث عندما ترفض وقف اطلاق النار؟ لقد حذرناك. وحينها سنسأل: هل هو اسامة بن لادن؟ لكن لماذا لايوجد شريط فيديو؟ لم يسبق للتاريخ ان شهد هذا العدد من المطلوبين الذين يرسلون صورا ورسائل واشرطة فيديو من الظلام.
ان السخرية الان هي ان بن لادن ليس له علاقة كلية بما يحصل اليوم. فلقد قام بخلق تنظيم القاعدة واكتمل انجازه حيث يجب علينا ان نفهم الكلمة من خلال السياق. فلم الانشغال بالتفتيش عنه اليوم؟ فالامر اشبه بمحاولة اعتقال علماء الذرة في العالم بعد اختراع القنبلة الذرية. لقد وُلد الوحش. ان تنظيم القاعدة هو من يجب ان نتعامل معه.
وهكذا يقال لنا بان اجهزة الامن الامريكية لم تستطع ان تمنع هجوما وان تلك العمليات تستغرق وقتا للاستعداد.
يقول بن لادن "من الافضل ان لا يقاتل المسلمين على ارضهم" ويقول"نحن لانمانع ان نعرض الهدنة والتي ستكون جيدة على المدى الطويل ...لكي يتسنى لنا بناء العراق وافغانستان". لننسى الان التهكم العميق الذي تحمله هذه الرسالة-ان ضرب الشيعة في العراق هو احد اهداف التمرد العراقي واحد اهداف بن لادن القديمة هي ان هذه الحروب ستسهم في افلاس الولايات المتحدة.
"ليس هنالك عيب في هذا الحل لانه يمنع اهدار بلايين الدولارات ...الى تجار الحرب" كانت هذه كلمات بن لادن لي عندما قابلته اخر مرة واضاف ايضا "ان الاميريكين سيفلسون" غير مدرك ان الحرب تملأ مضخات اقتصاد الدولة العظمى.
كما لو ان "طرفي" هذا النزاع يعتاشون على الاوهام حيث يواصل السيدان بوش وبلير اخبارنا بأن الامور تتحسن في العراق في حين جميعنا نعرف انها تتجه نحو الاسوأ فالفوضى تعُم البلد باكمله و الجثث الامريكية تعود الى الوطن ,فقط امنع الصحافة من تصوير التوابيت. واخبرنا بلير وهو بحالة مزرية بأن انفجارات لندن لاعلاقة لها بما يجري في العراق.
اليوم هناك موقع الكتروني باللغة الاسبانية حول العراق على شاشات البيت الأبيض, لماذا؟ هل لأن الاسبان مهتمون بالحرب التي تركها جيشهم؟ ام لأن العديد من الجنود الاميريكين الذين يقتلون في العراق هم من اصل اسباني؟ ويأتي مدير مجلس الادارة المنحوس السابق لاميركا في بغداد بول بريمر ليخبرنا بان هذه القوات الاسبانية قد اسهمت في الانتفاضة التي حصلت في النجف بسبب تقصيرهم في اداء مهامهم في العراق.المزيد من الهراء. فن اشعل الانتفاضة هو غضب بريمر حول هجوم عليه في صحيفة شيعية اسلامية صغيرة امر (في اعلان لعين) بان تغلق وكان هذا ما دفع مقتدى الصدر لمقاتلة الاميريكين.
وهكذا نستمر في لوم المقاتلين الاجانب-رغم ان 158.000 منهم في العراق يرتدون اللباس العسكري الامريكي- ونلوم سوريا وايران ونلوم اسبانيا, طبعا سنستمر في لوم اية جهة ليست "معنا".
وفي الحقيقة ان اميركا تحتاج لكل من سوريا وايران لمساعدتها على الخروج من هذه المغامرة.ومع هذا مالذي تفعله؟ تصعد ضد ايران مدعية انها تنوي حيازة سلاح نووي. لكن لماذا ايران؟ لم ليس باكستان تلك الدولة الاسلامية المتزعزعة والتي تمتلك سلاحا نوويا؟ لان زعيمها الدكتاتور برويز مشرف هو "معنا". لم لايهاجم كوريا الشمالية وزعيمها الاكثر اضطرابا من اي رجل دين ايراني؟الجواب لانه يمتلك اسلحة نووية ايضا.
في افغانستان تعود طالبان ببطء فجميع النساء خارج كابول يرتدين البرقع, اوليس من المفروض اننا قمنا بتحريرهم؟ وانهن "حرات" الان . ان نسبة القتلى بين القوات الاميريكية تتزايد هناك, لكن أليس من المفترض اننا ربحنا الحرب. قامت كندا بتقسيم قواتها حيث ارسلت كتيبة الى قندهار لمحاربة طالبان والقاعدة. مالذي يفعله الكنديون الان في العمليات القتالية؟ ومالخطر الذي تفرضه هذه العمليات على الامة الكندية التي ابعدت عن العراق؟
لم يمض الا اشهر قليلة على قيام بن لادن بقصفنا بتفسيرات حول تحركات هجماته. قائلا لماذا لم يسأل احد عن سبب مهاجمته لامريكا وليس السويد؟ وهكذا فانا افترض انه يجب علينا ان نخشى جديا من وقوع المزيد من الهجمات على الولايات المتحدة والمزيد من غارات القنابل والمزيد من فصول رواية "الحرب على الارهاب".
وكل هذا الوقت فشلنا نحن في الغرب في ايجاد طريقة لانهاء هذه "الحرب". فماذا لو طبقنا بعض العدل في الشرق الاوسط؟ ماذا لو رفعنا غطاء الظلم الذي خيم على المنطقة لعقود عديدة؟ فالمسلمون هناك سيرحبون بالديمقراطية التي نحاول ان نصدرها لهم وسيرحبون بتطبيق حقوق الانسان التي نعرضها عليهم من فوق رفوف السوق المركزية الغربية.
لكنهم سيرحبون ايضا بنوع اخر من التحرر- التحرر منا. وعلى ما يبدو فان هذا ما لن نحققه لهم, ولذلك ستستمر الحرب. لذا تهيأوا للمزيد من التسجيلات الصوتية والمزيد من التهديدات والمزيد من الموت.


بدأ الغرب قتالا لا يستطيع الفوز فيه

بقلم: سايمون جينكنز
ترجمة:المدى

عن: الغارديان

لا تتورط في معركة خاسرة واذا اجبرت فاختر الجدال وليس القتال. ان كل ما قرأته وسمعته في الاسابيع الماضية للتحريض ضد ايران بسبب برنامج تسليحها النووي لا يمت للمنطق بشئ وتوحي العبارة العدائية "ان كل الخيارات ممكنة" بان المجتمع الدولي مهووس بالعاب الفيديو الى درجة انه فقد القدرة على التفكير المنطقي.
تمثل ايران تحديا جديا فهي ليست مستعمرة سابقة منقسمة على نفسها يمكن اخضاعها بصفعة على الوجه من قبل الرجل الابيض. انها رابع اكبر منتج للنفط في العالم وسيتجاوز تعداد سكانها 80 مليون نسمة بحلول عام 2010. وتعتبر عاصمتها طهران نموذجا للمدينة المتطورة تبلغ مساحتها ضعف مساحة لندن وهي ذات حضارة عريقة والحياة السياسية فيها يمكن وصفها بانها سلسة نسبيا.
تعتبر جميع العبارات التالية صحيحة : هناك ايرانيون متنفذون يريدون بناء قنبلة نووية، وهناك ايضا رجال متنفذون لايودون ذلك ، وهناك أناس في ايران يتمنون زوال اسرائيل من الوجود وهناك من لايريدون ذلك ، وفيها اناس يؤيدون الحكم الاسلامي وآخرون لا يؤيدونه، وفيهم من يتوق لان يعلن سياسي غربي احمق الحرب عليهم بينما فيهم من ترعبه هذه الفكرة . وعلى الاستراتيجيين الغربيين ان يعرفوا اياً من هؤلاء الناس يريدون ان يساعدوا.
تبدو معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية (
NPT) لسنة 1968 من بين كل المعاهدات التي اطلعت عليها في حياتي غير قابلة للتطبيق وهي اشبه بنادي منغلق على اعضائه يستطيع كل من يتحلى بالقليل من المكر الدخول اليه كما اثبتت ذلك.حيث ادى وقوف اميركا على اهبة الاستعداد على حدود المنطقة الكورية منزوعة السلاح الى السماح لكوريا الشمالية بان تصبح قوة نووية بالرغم من تعهدها عام 1994 بعدم القيام بذلك، كما دعمت اسرائيل في الحصول على السلاح النووي.
ولم تعارض كل من بريطانيا وامريكا حيازة الهند للطاقة النووية وكذلك فعلتا مع باكستان التي لم تكتف ببناء المفاعل النووي لكنها قامت باسلوب مخادع بتسريب هذه التقنية غير ابهة بقانون العقوبات الدولي وفوق ذلك تعتبر الولايات المتحدة ثلاثة من الخارقين لهذه المعاهدة اصدقاء لها.
بالطبع كنت سأنام اكثر اطمئنانا لو لم يكن هناك قنبلة نووية ايرانية لكن معارضتي بشدة تبدو كمن يغالط او يخادع نفسه، فايران الدولة الفخورة بنفسها يحيط بها من شرقها الباكستان والهند النوويتان ومن شمالها روسيا النووية ومن غربها اسرائيل النووية ويحدها كل من العراق وافغانستان المحتلتين من قبل امريكا النووية التي وقفت خلف صدام في غزوه لها سنة 1980.فبعد كل ما سبق كيف يمكننا القول بان مثل هذه الدولة "لاتمتلك الحق" بامتلاك الدفاع النووي؟
مع ذلك فان اعادة تشغيل مفاعل ناتزاد النووي واثنين غيره كان تحديا واضحا من قبل رئيس ايران الجديد محمد احمدى نجاد رغم الادعاء بانها لاغراض سلمية.
ومع عدم تاكد مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من عدم احتوائها على برامج اسلحة سرية كانت الدلائل على ذلك اقوى بكثير من تلك التي كانت ضد صدام حسين مما اغضب الوكالة الدولية وحدا بمحمد البرادعي لاتخاذ بعض الاجراءات كما كان تلاعب صدام الماكر في المسائل النووية مثيرا للريبة, وعلى كل حال فقد ادى اعادة تشغيل المفاعل الى نشوء تحالف دبلوماسي بين كل من اوربا وامريكا وروسيا والصين مناشدين احمدى نجاد للتوقف.
لكن ردة فعل واشنطن العدائية الاربعاء الماضي وضعت هذا التحالف تحت الضغط المفاجئ حيث اصبح على الوكالة ان تقرر خلال اسبوعين فيما اذا كانت ستحيل الملف الايراني الى مجلس الامن لاصدار العقوبات.
رغم ان هذا الاجراء يبدو عديم النفع فيما لو استخدمت كل من روسيا وايران حق النقض(الفيتو) ولعدم توفر خطة بديلة اذا ما فشل هذا الضغط في ردع ايران عن مواصلة التشغيل وهذا يبدو مؤكدا.
ان الخطابات والمقالات الافتتاحية التي تستنتج بان ايران "يجب ان لا تستخف بالقلق الدولي" وعلى الغرب "الاستمرار بالمراقبة" وعلى الجميع "ان يحذروا من العواقب" هي من علامات التخبط الغربي الواضحة والتي تفيد بان لااحد يمتلك الحل.
انا لا استطيع ان افهم كيف ستوقف كل تلك المعارضة ايران عن الاستمرار بفعل ما ترغب به للحصول على ما يؤهلها من صنع سلاح نووي خلال السنوات القادمة . ان قصف المواقع المتفرقة والمدفونة بعناية قد يؤخر ايران من الوصول الى غايتها ولكن عدم دقة القاصفات الامريكية والدمار والقتل الذي سيصاحبها سيكون بمثابة هدية للمتطرفين المعادين للغرب ونداء لكل ارهابي في العالم ليلبي نداء الواجب.
ولا حتى "حرب الجبناء" بفرض العقوبات الاقتصادية والتي يطلق عليها بالعقوبات الذكية برفض اللعب مع لاعبي كرة القدم الايرانين (والذين يحظون اصلا بكراهية رجال الدين) ومقاطعة الفنانين ونبذ الأكاديميين والحصار على التجارة وتجميد حسابات البنوك في الخارج سيكون لها تاثير افضل، فهي عملية غير مجدية الى ابعد الحدود لان مثل هذه العقوبات (السلمية) ستؤدي بمعارضي النظام الى الصمت والفاقة والانعزال او النفي. كما كتب تيموثي جارتون آش بعد زيارته الاخيرة " سوف يستنزف العدوان الغربي بسرعة المعارضين الكثر للنظام ومشاعر المعتدلين المؤيدين للغرب"
لكن مع كل ذلك لايعتبر احمدى نجاد آمنا، فما هو الا دمية يحركها المرشد الاكبر اية الله علي خامنئي ويحتفظ خصمه أكبر هاشمي رفسنجاني ببعض القوة. ان ايران ليست كدكتاتورية صدام او حكم طالبان الديني المستبد ,هي اشبه بنظام فوضوي لاقلية يتنافس فيها التكنوقراطيون والبيروقراطيون على السلطة مع رجال الدين. ورغم ربع قرن من الجهود لم يفلح رجال الدين بخلق دولة اسلامية اصولية حقيقية.تعتبر ايران مثالاً تقليدياً بالنسبة للسياسيين الذين يحكمون من خلف الكواليس.
ان العدوان على ايران سيسقط كل الحجج التي بيد اولئك الايرانيين الذين لايريدون حيازة الاسلحة النووية او القضاء على اسرائيل والذين يؤيدون قيام دولة علمانية لها علاقات جيدة مع الغرب, ولا تتضمن حجتهم قعقعة السيوف او العقوبات او القنابل.
في الوقت الذي يتوسل موظفو الولايات المتحدة في بغداد بالسياسيين والمليشيات الشيعية المدعومين من ايران لمساعدتهم على الخروج من العراق حيث النفوذ الايراني هو الغالب من البصرة الى ضواحي بغداد وقد زينت صور الائمة الايرانيين احتفالية انتخابات الشهر الماضي .
ومهما كانت فكرتا بوش وبلير قبل غزوهما للعراق فلا بد انهما ادركا الحقيقة ولا يمكنهما انكار ما ترتبت عليه سياساتهما حيث ادت الديمقراطية الى تمكين ايران الجارة القوية من استعباد نصف العراق.
ان ايران الدولة الاقوى في الاقليم وسياسة الامر الواقع تحتم "التقرب من الاقوى" مهما كان هو والمحيطون به مقيتين. فان لم تستطع منع شخص من شراء سلاح فالاختيار الافضل امامك هو ان تجعله صديقا وليس عدوا.

 
 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة