أقامتها
جمعية طواسين الثقافية ..
ندوة
قراءة في كتاب الحوار الثقافي بين الغرب والعالم الاسلامي
جلال
حسن
نظمت جمعية طواسين الثقافية ندوة فكرية بعنوان (الحوار
الثقافي بين الغرب والعالم الاسلامي) على قاعة مركز (اتجاهات)
في الوزيرية، شارك فيها الاساتذة راسم قاسم وفاضل ثامر
وشهاب الفضلي وشمخي جبر ومؤيد البصام وسعدون هليل ومحمد
السلامي، قدم الندوة الشاعر زعيم نصار وافتتحت بالوقوف
دقيقة حداد قرئت فيها سورة الفاتحة على أرواح شهداء العراق
الابرياء، ثم قدم الاستاذ راسم قاسم ورقة تعريفية لهذا
الكتاب بقوله: لقد دأب معهد العلاقات الخارجية الالماني
الى ضرورة تعريف أسس الحوار، وخاصة بعد سنة 2001 واحداث
ايلول 11/9 في نيويورك فدعا المعهد في شهر اكتوبر من عام
2002 باحثين وكتاباً وصحفيين ومنظمات غير حكومية من العالم
الاسلامي والمانيا، الى مؤتمر في قصر (نوهاردن دوث) وأوصى
المؤتمر بتكليف مجموعة من المثقفين من البلدان الاسلامية
بأن يقدموا رؤيتهم للمشاكل الجوهرية في العلاقات مع الغرب،
وكانت الحصيلة في كتاب (الحوار الثقافي بين الغرب والعالم
الاسلامي) الذي تقاربت فيه وجهات نظر كل المساهمين بكتابته
وعلى اختلاف بلدانهم وعروقهم. قدم المحاضر بعض المفردات
التعريفية مع بعض التعليقات ووجهات النظر أرتآها من خلال
قراءته للكتاب التي وجدها مدخلاً لاراء الباحثين وتعريفاً
للحاضرين الذين لم يطلعوا على الكتاب فقال: منذ عقود طويلة
كان الحوار ومازال جارياً بين الغرب والعالم الاسلامي لان
للحوار أسبابا معقوله كون البشرية وحدة متكاملة تحتاج الى
بعضها دائماً وفق الأطر الزمانية والمكانية، ولايمكن عزل
اي مجموعة بشرية عن المشاركة في التفاعل الحياتي على هذا
الكوكب الذي نتقاسم العيش فوق ارضه، فالظروف الطبيعية
والاقتصادية والثقافية هي عوامل مشتركة بين البشر،
والتبادل بين الشعوب لهذه المكونات واجب تحتمه مسيرة
المجتمع البشري رغبنا في ذلك أم أبينا، لذا فان التخاطب
الانساني ضروري، وان كان هذا التخاطب قد مر باوقات عسيرة
واخرى سهلة، الا ان الحوار يبقى السمة الطبيعية لوجود
الانسان المتحضر.
وأضاف: لقد مرت العلاقات بين العالم الاسلامي والبلدان
الغربية بأزمة حقيقية تصطبغ بنظرة كل طرف الى الاخر
بالتحيز والارهاب والعدوانية على الرغم مما شهده الماضي من
فترات من التبادل المثمر، وعلى مدى عصور من الزمن كان
اللقاء بين الحضارتين الاسلامية والغربية يمر عبر قنوات
تغلب عليها الحروب الدامية ومحاولات تهديم من كلا الطرفين
وتتخللها فترات نقاء فاستطاعت كلا الحضارتين الاستفادة منه،
اذن فالحوار بطبيعته هو تبادل القيم والمبادئ والعلوم
والافكار البعيدة كل البعد عن التعصب الديني والقومي،
وتطرق الباحث الى تاثير الاعلام ودخوله المجتمعات المحافظة
حيث تقوم وسائل الاعلام الدولية بمقارنات بين الغرب
والعالم الاسلامي فان صورة العالم الاسلامي التي تتبادر
الى الذهن عادة ما تكون صورة التخلف والتعصب الديني والقمع
وغياب الحرية وحقوق الانسان وخاصة بالنسبة الى المرأة،
ومما زاد تعقيد الصورة هو ربط الاسلام بالارهاب في الوقت
الحاضر، وخلص القول الى: ان عراق اليوم الذي تتمثل فيه
الحرية بكل ابعادها، والديمقراطية باولى خطواتها، يجب ان
يؤسس لخطاب ثقافي مع الغرب يستند لمفاهيم انسانية وثقافية،
ويؤسس لقيم تلغي النظرة العدائية المسبقة لكل ما هو غربي،
ويجب ان تقابل هذا الطرح رؤية غربية خالية من مبدأ التعالي
والنظرة الفوقية ومحاولة الغاء بعض الرواسخ الخاطئة في
العقليتين، وان يطلق الحوار من مبدأ التكافؤ الانساني.
بعد ذلك تحدث الناقد فاضل ثامر عن أهمية الكتاب وما يتعلق
بآليات الحوار من خلال الاشكاليات المتراكمة عبر التاريخ
فقال: ان الكتاب أعد من قبل مجموعة ممتازة من الكتاب هم
سلوى بكر من مصر وباسم الزبيدي من فلسطين ومحمد جواد حسن
من باكستان وفكرت سرتدج من سراييفو وحنان حسن من سوريا
ومظهر زيدي من الباكستان هذا التنوع كشف عن جذور الصراع
بين الغرب والعالم الاسلامين وان الرؤية تتماهى مع الموقف
الاوروبي وتحديداً مع الرؤية الالمانية، وربما هذا سر دعم
ورعاية هذا الجانب لكنه توجه ممتاز وكبير، واوضح فاضل ثامر
بأن الكتاب اثقل اكثر مما ينبغي العلاقات العربية
الاسلامية والغربية بكثير من المتون والمحن التي تعيق هذا
الجانب، واننا بحاجة الى ان نفصل بين موروث مضى وبين واقع
معاصر نعيشه، فلو عدنا الى فترات الغزو والصراع بين الامم
لما استطعنا ان نتحاور ابداً، فهناك أولويات كثيرة ومسلمات
لو اقتنعنا بها لقلنا ان الحوار مستحيل، ولم يبدأ من مراحل
الصراع بين العرب والمسيحية وكذلك الغزوات المختلفة ومنها
الصليبية والغزوات الاسلامية الى أوروبا وأسبانيا، فيجب ان
نفصل بالرغم من ان هذه التراكمات تؤثر على خلق حوار صحفي
متسامح، فالصحيح هو البداية الجديدة اذا تجاوزنا الاسقاطات
التاريخية ونحن جميعاً اعضاء في منظمة الامم المتحدة ونؤمن
بالحقوق المتكافئة لجميع الدول، لكن نشعر بأن الغرب بشكل
عام ينظر نظرة دونية الى الشرق، وقد كشف أدورد سعيد عن
حقيقة المنظور الاستشراقي للشرق عن عملية فبركة لخطاب غربي
وفق صياغة خطاب مؤثر بحيث انه اعطى صيغة مزيفة، فالمفترض
ان يكون الحوار على شكل شراكه للاعتراف بالاخر وحق
المساواة بمشروع المشاركة الجماعية.
وقدم الاستاذ شهاب الفضلي صورة مختصرة عن الخلفية
التاريخية للحوار الغربي المسيحي والشرق الاسلامي ومنابع
النزاع في الفضاء النفسي والتجارب الواقعية ومنها السياسية
ورؤية الغرب للاسلام برؤية غربية لكن الاسلام يرى الغرب
بعيون اسلاميه شرقية، وخلص الى ان تركيز الاعلام الغربي
على أبراز الصورة السلبية للاسلام والمسلمين فقط، وخصوصاً
لما هو عربي بصيغة خاصة، مما يوجب علينا ومثل هذه الحالة
على اساس المصارحة ونقد الذات، وما تمنحه وسائل الاتصال
الحديثة في تعديل تلك الصورة، كذلك القيام بتحليل علمي
لمجموعة المنظومات الناضجة لمفهوم الحضارة الغربية
الفلسفية والفكرية والثقافية والسياسية والجمالية
والمعمارية والفنية والادبية، ويجب التركيز على مفهوم
الغرب السياسي والنظم الايدلوجية الحاكمة في أوروبا
والولايات المتحدة الأمريكية وهي نظم لاتمثل بالضرورة قيم
الحضارة الحديثة فالغرب السياسي تحكمه مصالح هي أمتداد
للمرحلة الاستعمارية وفضح الانظمة الاستبدادية الاسلامية
العربية التي تمارس السلب والقهر وأغلاق الابواب امام
شعوبها ومقاومتها والتأكيد بوجوب أتخاذ موقف نقدي يتفاعل
مع الحضارة الحديثة بشكل خلاق وان لايعتمد الموقف على
أستيراد التكنلوجيا وعدم معرفة الأساس العلمي والمعرفي
الذي تقوم عليه.
ثم تحدث الاستاذ شمخي جبر من مؤسسة مدارك عن إمكانية
الحوار في ظل التحيز والارهاب والعدوانية متخذاً بنظر
الاعتبار بعض الناظمات لهذه العلاقة بالمصالح المتباينة
والسياسات الراهنة والعوامل الثقافية والنفسية ومستشهداً
بقول أدورد سعيد (عالم الاسلام أقرب الى أوروبا من كل ما
عداه من الاديان غير المسيحية، وقد اثار قرب الحوار هذا
ذكريات الماضي) وضرورة تخفيف حدة التوتر على مستوى
السياسي-النفسي والمساعدة على أزالة التحيزات المتبادلة
والاعتراف بالتنوع والتعددية لدى الجانبين.
وتطرق المحاضر الى عقدة الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي
مازالت تحكم العقلية الغربية وستبقى الى فترة قادمة،
وتساءل المحاضر بقوله: كيف نستطيع ان نردم هذه الهوة
المليئة بالشك والريبة بين الطرفين؟ ومن أين نجلب الثقة
لنبعثها في قلوب ونفوس المتحاورين؟ لان الوقائع التاريخية
مليئة بما ينغص هذه العلاقة لكن من جانب آخر على الغرب
وأوروبا ان يعلما ان ليس كل المسلمين اصوليين او كل
المسلمين (أسامة بن لادن) وان ما يقوم به بن لادن يرفضه
المسلمون لانه يستهدفهم ايضاً وان مايسمية بن لادن فتوحات
وغزوات نيويورك وواشنطن، يسميه المسلمون أعمالاً أرهابية
لاتقدم اي شيء لقضايا المسلمين بل تسيء لهذه القضايا. |