الوضع
الأمني يشهد تحسناً ..
الموصل في حماية 24 ألف جندي عراقي
ترجمة/ مفيد الصافي
بعد عام من تلاشي
قوتها الامنية، وتحول الشوارع إلى فوضى استطاعت مدينة
الموصل ان تنهض من جديد من اعماق الهاوية التي كانت فيها
هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة تعتبر جبهة
رئيسة من جبهات الاضطراب في العراق.
لقد
حاول المتمردون قتل محافظ المدينة ثلاث مرات خلال فترة
عمله التي بدأت قبل 18 شهراً، لكنهم قتلوا ابنه وخمسة من
أقاربه و27 من حرسه الشخصي. وقد طرد مدير شرطة المحافظة،
في العام الماضي بعد ان اتهم بعلاقته مع المتمردين.
البطالة جاثمة فيها بنسبة تصل إلى 40% من سكانها. وتضاءلت
ارقام الهجومات إلى 57% منذ المعركة التي حدثت في المدينة
العام الماضي. هذا ما اكده العميد ميشيل رامبي، ضابط
العمليات في الجيش الامريكي، التابع إلى الفيلق سترايكر
172. ولكن السكان يقولون ان العنف لا يزال مشكلة حقيقية.
وذكرت السيدة (لقاء طلال) وهي ام لخمسة ابناء. إلى
المراسلين المرافقين إلى القوات العراقية والاميركية في
منطقة جميلة في الموصل كل يوم هنالك اطلاق نار، حقيقة كانت
هنالك انفجارات وهجمات اكثر، وهذه الاشياء انخفضت بعض
الشيء. انا اجلس في منزلي لا اغادره، ولا اعلم ماذا يحدث
في الخارج. وبرغم ان الاوضاع العسكرية والاقتصادية
والسياسية في الموصل ما تزال متوترة، فان المسؤولين
الاميركان يقولون انهم سيضعون مصير المدينة في اياد عراقية.
والضباط الاميركان بدأوا فعلاً بتكليف بعض وحدات الجيش
العراقي مسؤولية، حماية مناطق في المدينة، وهم واثقون من
كفاءة الجيش العراقي الجديد والقادة السياسيين والعسكريين
الذين يواجهون الارهاب بشراسة.
ومنحت حتى الآن سريتان عراقيتان، يبلغ تعدادهما نحو 1500
مقاتل مسؤولية قطاعات في المدينة كانت تقع ضمن مسؤولية
وحدات اميركية. ويخطط ضباط اميركان في تسليم سرية عراقية
ثالثة المسؤولية في منطقة اخرى. وستكون الموصل وجوارها تحت
حماية 24 الف جندي عراقي في بداية شهر تشرين الثاني من هذا
العام اذا ما سارت الأمور حسب المخطط.
قال مسؤولون عسكريون اميركان قبل عشرة شهور انهم يأملون
تسليم المحافظة في نهاية عام 2005. وذكر بعض القادة
الاميركان يعد منح سرية عراقية مسؤولية حماية مركز المدينة
في آذار الماضي، ان عملية تدريب الوحدات العراقية تجري
بشكل جيد.
ولكن بعد تحذير قدمه قادة آخرون ذكروا فيه ان من الافضل
اتخاذ اجراءات اكثر صرامة للتأكد من كفاءة تدريب الجنود
العراقيين.
واكد العقيد مايكل شيلدز قائد فيلق سترايكر 172، ان اعطاء
الوحدات العراقية المسؤولية سيبقى (امراً تحت النظر)، وان
المعوقات التي تحدثها القضايا السياسية او هجمات المتمردين
يمكن ان تبطئ من عملية التسليم. واشار ايضاً إلى أن القوات
الاميركية ستبقى في المنطقة بعد التسليم من اجل اعطاء
الدعم اللوجستي والجوي للجيش العراقي. وكشفت المقابلات
التي اجريت مع زعماء سياسيين ومسؤولين عسكريين سيتولون
مسؤولية ادارة المدينة، ومع سكانها، صورة متنازعة للتقدم
المصحوب بمعوقات دائمة. فهنالك تنافس حاد بين الاحزاب،
ظهرت بعض سلبياته على الواقع. وهنالك البطالة المرتفعة
التي ربما تدفع البعض إلى سلوك طريق الجريمة.
الشرطة العراقية والمسؤولون العسكريون يلقون باللوم على
قضاة المدينة وبانهم يخافون ويخشون وضع المتمردين في السجن
حينما يلقى القبض عليهم.
ويقول السكان انهم لا يحصلون الا على بضع ساعات قليلة لا
ينقطع فيها الماء او الكهرباء كل يوم، مع ان مقدار ما صرف
على اعادة البنى التحتية في المدينة يصل نحو 61.5 مليون
دولار.
والسؤال الرئيس الآن هو: هل يكون بمقدرة الجيش العراقي
والشرطة السيطرة على مدينة مضطربة بمساعدة محدودة من
القوات الاميركية ام سيتركون العمل جماعات، كما حدث في
تشرين الثاني 2004؟
يقود المتمردون منظمات اسلامية اصولية كأنصار السنة
والقاعدة وهي تهاجم قوات الشرطة التي يبلغ تعدادها 8000
شرطي لمحاولة تخويفهم والقيام بعمليات مشتركة على مراكز
الشرطة. استعادت القوات الاميركية، تساندها وحدات عراقية
جديدة، السيطرة على المدينة بعد معركة شرسة، يقولون انهم
قتلوا فيها 110 من قادة المتمردين. اما الذين يعملون
بانتظام ضمن وحدات الجيش العراقي فيقولون ان حرفيتهم
ومهاراتهم تحسنت خلال الاشهر الماضية. ولكن عملية عسكرية
مشتركة بين القوات العراقية والاميريكية في الموصل اظهرت
ان الوحدات العسكرية العراقية هناك ما تزال في بداية
الطريق.
بعد ان اغلقت عجلات اميركية مصفحة طرفي شارع في احد الازقة
في حي جميلة، نزلت إلى الشارع قوات عراقية واميركية على
السطوح وخلف الابواب والنوافذ وهم يفتشون الاماكن بحذر،
وبعد الانتهاء من المهمة اخذ الاميركان ينصحون شركاءهم: لا
تتحركوا والبنادق في وضع امان، عندما تصل إلى نهاية شارع
وتلقي نظرة إلى الجهة المقابلة اترك مسافة صغيرة حتى يكون
زملاؤك خلفك. عندما تدخل إلى منزل عليك ان تتأكد من خلوه
من الاسلحة قبل ان تتحدث طويلاً مع اصحابه.
يتحدث الاميركان عن الجنود العراقيين قائلين بانهم طيبون
ومتلهفون إلى التعلم بسرعة، وربما سيكونون افضل لو ترك لهم
زمام المبادرة. قال العريف كرستوفر هاجيت "ان الجنود
العراقيين يحتاجون الينا الآن، واعتقد ان هذه مشكلة كبيرة،
فهم يتطلعون الينا" واضاف قائلاً: "اننا نقول لهم دائماً
لا يهم من تكون او من اين جئت مادمت تحاول حماية المدينة".
الجندي العراقي حازم خورشيد قال: "اغلب سكان الموصل
يحترموننا" وبينما كان خورشيد وزملاؤه يؤدون واجباتهم في
الشوارع والازقة وجدوا ان اغلب السكان متفقون على ان الوضع
الامني شهد تحسناً. ولكنهم لا يخفون التشاؤم من المستقبل.
قال عبد الله عباس 36 عاماً من سكان مدينة الموصل، يعمل
صيدلانياً "نسمع ان القوات العراقية تتحسن شيئاً فشيئاً،
كما ان الامور هنا تتحسن كذلك ولكنها لم تصل إلى نسبة
100%. واضاف قائلاً: "منذ سقوط النظام لم نشهد تحسناً
كبيراً في اوضاعنا كما كنا نظن".
وقالت باسمة عبد الحامد تدريسية في كلية طب الموصل ان
زوجها تعرض إلى الاختطاف في شهر آب حينما كان يغادر احد
الجوامع القريبة واستطاع ان يهرب من خاطفيه بعد اربعة ايام
ولكن الخاطفين عادوا من جديد وطالبوا بدفع 15000 دولار
فاضطروا إلى دفع المبلغ. واضافت قائلة: "وماذا علي ان افعل؟
ان لم ادفع سوف يقتلوننا!
كانت ليلى شيخو ابنة زوجة عبد الحامد تشاهد فلماً في
التلفاز حينما دخل الجنود إلى منزلهم. لم تكن بحاجة إلى
مترجم فهي ولدت في مانجستر في بريطانيا وتتحدث الانكليزية
بطلاقة، ليلى التي تبلغ السادسة والعشرين من عمرها، عادت
إلى بريطانيا العام الماضي مدة ستة اشهر ولكنها عادت إلى
العراق في تشرين الاول لانها وجدت صعوبة في التكيف على
الحياة هناك قالت: ((لا ازال افضل العيش في العراق على
العيش في دول غربية، حتى في تلك الدول فالجرائم المرتكبة
فيها فظيعة ايضاً)).
|