ثقافة شعبية

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

طــــــــــواف فــي الـبـصـــــــرة


زياد مسعود

طفنا قبل أيام ببغداد ودرنا في أسواقها وابوابها وكرادتيها ونطوف اليوم بالبصرة، والبصرة تاج العراق ودرته وبيت فخره وبوابته المشرعة نحو الخليج العربي حيث كانت رحلة البحر بين أي جزء من الخليج والبصرة توقا إلى أرض معطاء وتجارة أو رحلة علم وأنس ومعرفة.
والبصرة بقعة جغرافية كانت تعرف قديماً بأرض الهند قبل أن تتخذها الجيوش الإسلامية معسكراً وقد بنيت البصرة كمدينة سنة 14هـ كأول مدينة عمرت في الإسلام في عهد الوالي عتبة بن غزوان وتأتي تسميتها (ارض الهند) لأن خليجها يطل بعد ذلك على المحيط الهندي عبر بحر العرب ولما وصلها من أقوام وسكنتها من قبائل وتجار.
ونحن نقف اليوم عند أبرز الظواهر الفولكلورية في البصرة وأقضيتها وأريافها ومنها (ظاهرة التسمية) واختيار اسم العلم كمدخل لصور فولكلورية أخرى.
والإنسان لا يسمي ولده أو ابنته إلا لسبب أو لدافع فمن الأسماء البصرية التي تستند إلى الدافع الديني أسماء (عبد الله، خير الله، عبد المالك، عبد الجبار، عبد الباري، عبد المجيد، وعبد الحميد) وغيرها ومنها ما يضاف إلى اسماء الأئمة والصالحين مثل عبد الصاحب، عبد الزهرة، عبد الإمام، عبد الحسن، وهكذا ومنها أسماء أعلام حديثة بناها التطور وحب التجديد مثل (سهام، جنان، حنان، تغريد، دريد، أريج، عبير).
ومن أسماء التصغير وهي قديمة التسمية قولهم عليوي، افطيم، أكريم، كريجي، اعنيس (مصغر عيسى)، وقولهم اخضير واحديد ومن الاسماء البصرية القديمة عبودي، ورحومي وجسومي وجودي وهي اسماء تحبيب، ومن الأسماء التي جاءت على اسم الفاعل كاظم، هاشم، قاسم، محسن، مؤمن وهكذا.
ومن الأسماء البصرية التي جاءت على صيغة فعّال اسماء كرار، جسام، سمار، ومن اسماء التفاؤل نعمة، عطية، خيرية، معلاية، عناية، وعفيفة، وهناك أسماء جاءت مضافا إليها ألف ونون مثل حمدان، عيدان، سلطان، سبهان، علوان، سدخان، مشعان، وغضبان، وقد وجدت في أعلام النساء ما جاء على شكل جملة مثل تسواهن، غلاهن، حيهن، وقد وجدت في قرى البصرة والقرنة أسماء نساء مثل ملوني، غدا الشر، حظهن، وهي أسماء غريبة وشحيحة التداول.
ومن اسماء الأعلام الأجنبية تسمية بعض البصريين قديماً لأولادهم وبناتهم أسماء مثل ميجر، وهي رتبة عسكرية إنكليزية ودكسن وهو اسم حاكم انكليزي واسم نوع من العكَل واسم كوكز نسبة إلى المندوب السامي البريطاني كوكس وسمى أحدهم ابنته كوبا وآخر سمى ولده هتلر فيما سمى أحدهم ولده إيدن نسبة إلى انطوني إيدن رئيس وزراء بريطانيا في الخمسينيات وسمى بعضهم أسماء أولاده باسماء الأنبياء عليهم السلام وهي محمد وصالح وشعيب ويحيى وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق والياس وإدريس وموسى وعيسى وهارون وداود وسليمان وزكريا وأيوب ويوسف ويونس.
ومن الأسماء البصرية ما يتصل بالنبات مثل عرنوص، جولان، خويصة، تالة، عاكوله، خيارة، هيلة، وزهرة، ومنهم من تسمى بأسماء الشهور والأيام والكواكب، والمواسم والأعياد مثل: رجب شعبان، عاشور، صفر. ربع كمر، شتيوي، وجويريد. فلك، بدر، ظهرية، خمسي، سبتي.وجمعة، نجم، سهيل، نجمان، وكواكب، وهناك من تسمى بأسماء المواقع والظواهر الجغرافية، ومن تسمى بأسماء الآلات والأسلحة ومن تسمى حسب مناسبة أو باسم قائد أو فنان أو مطربة ومن الأسماء الأخيرة تسمياتهم: (شادية، صباح، أم كلثوم، فاتن) وغيرها .
مجالس الطرب
ونودع أسماء الأعلام البصرية إلى مجالس الطرب والإبداع فيها فقد تأثرت موسيقى البصرة وأثرت بحكم موقعها الجغرافي بالنكهة الخليجية واشتهرت البصرة منذ القدم بمغنيها ومجالس طربها وفي مجال الأبوذية ظهر في البصرة الكثير من الأطوار مثل المشموم والغيسي والصيهودي والسفان والملاحي وقد أهمل أكثرها بمضي الزمن ورياح التطور لتنتقل الأغنية البصرية إلى مرحلة الألحان المعتمدة على الخشابة وألحان المربعات والمقامات إضافة إلى الزهيريات المؤداة على اساس مقامي إضافة إلى البستات.
وفي يوم من الأيام غنت صديقة الملاية أغنية (الأفندي عيوني الأفندي، الله يخلي صبري، صندوق أمين البصرة) فمن هو صبري أفندي، ومن غنت هذه الأغنية قبل الملاية: يقول الباحثون إن الحاج (صبري محمد آل ملا سلمان) المتوفى عام 1963 هو صندوق أمين البصرة التي غنت له المطربة البصرية حسنية عام 1916 بعدما دفع عن ولدها البدل النقدي لكي لا يساق إلى الخدمة العسكرية في زمن العثمانيين ويقال أيضا إن صبري أفندي قد دفع البدل عن ابن المطربة الحلبية حياة الذي أراد الدروبي والي البصرة العثماني الانتقام منها بدفع ولدها إلى الجيش لولا مساعدة صبري أفندي له فغنت له هذه الأغنية التي اشتهرت واشتهر بها (صبري أفندي الملا سلمان) الذي تقاعد عن الوظيفة عام 1918 مكتفياً بإيراد اراضيه وكان رجلاً وسيماً جميلاً اشتهر بعفته وحب الحسناوات له ولذكراه.
نخل البصرة
كان النخل وما زال مصدر فخر أهل البصرة برغم جناية الحروب المتصلة على النخيل البصري وذبح شجيراته وقتل جذوعه والنخلة عند البصريين وعند كل المسلمين شجرة مباركة أصلها ثابت وفرعها باسق وقد اشار إليها القرآن الكريم عدة مرات، وإذا أكل البصري البشرة وهي أول حبة رطب تنضج في بستانه قال: ذقنا الجديد، يرحم الله الحسين الشهيد، ويقول البصري تمرنه زبيب صلوا على الحبيب، ويقصد الرسول الكريم محمداً عليه الصلاة والسلام.
يؤكل التمر طازجاً رطباً ومكبوساً في خصاف أو صفائح مع السمسم والحبة الحلوة أو بدونها أو تمراً منشوراً محفوظاً في أكياس من الخوص أو معلباً في علب، ومحشياً بالجوز واللوز، وقد يتناول البصري التمر مطبوخاً بالدبس، وبعض التوابل ويسمى معسلاً ويمكن أن تطبخ بعض أنواعه مثل البريم والجبجاب وتجفف وتؤكل أيام الشتاء وقد تخلط مع الكرزات.
ويستقطر من التمر الدبس ويستعمل كما تستعمل المربيات وعسل النحل كما يستعمل عصير التمر على شكل شربت ويستخرج من تمور الزهدي أجود أنواع الخل وتصنع من التمر أنواع الحلويات في البصرة مثل العصيدة والمدكوكة والكماتيل ويطبخ بعض أنواع الرز مع التمر ويؤكل مع السمك المشوي ويرش بعض عصير التمر على الدولمة البصرية وتطلى الأسماك المعدة للشوي وخصوصاً الصبور بالتمر قبل وضعها في النار ويسلق الخلال قبل أن يكون رطباً ويسمى خلالاً مطبوخاً أو يدفن بالتراب تحت أشعة الشمس المحرقة ويسمى رطباً مشمساً أو يخزن الرطب تحت حرارة معنية ويسمى دكاكا.
والنخلة شجرة مدللة تحتاج إلى كثير من الخدمات طوال فصول السنة فهي لا تكتفي بتسميد التربة والسقي ولكنها تلف في بدء حياتها حماية لها من حرارة الجو وقبل موسم الطلع وفي الشتاء تتم عملية قص السعف اليابس وإزالة الليف وتنظيف الجذع وكري النهر لتحسين عملية الري ولابد أن تلقح بحبوب اللقاح وإلا تحول تمرها إلى شيص ولابد من التركيس وهي عملية سحب العذوق وتنظيم وضعها على السعف عند ظهور البلح الأخضر فإذا تلون البلح وترطب تبدأ عملية الدلاوة أي إزالة الشعفة من تحت العذق ولابد من رش التمر بالمبيدات خوفاً من مرضه ولابد من العناية بالنخلة عند إجراء عملية الكصاص حيث تجمع التمور على حصران نظيفة ثم في أماكن خاصة تسمى الجواخين أو المرابد.
وكان البصريون في النصف الأول من القرن العشرين يستقبلون عدداً من أبناء الخليج والهنود القادمين عن طريق البحر ليشتغلوا مع ابناء المحافظات المجاورة للبصرة في جمع التمر حيث تسمى النساء الطواشات ويقوم الملاك بإطعام عماله وعاملاته طوال مواسم القطاف ويكون محصول أول نخلة لهؤلاء ويسمى تمرها المرطاب ومن أنواع تموز البصرة الحلاوي والساير والخضراوي والبريم والبرحي والقنطار ومن أنواع التمر النادرة أم الدهن أصابع العروس الإبراهيمي السويدان والمكتوم ومن صناعات النخيل الشعبية صناعة الزنابيل والمهافيف والحصران وسفرة الطعام والقفف ومن صناعات الجريد صناعة الأسرة والكراسي ومهود الأطفال وسلال الخضر والفواكه وهكذا يظل التمر والنخل كريماً مع البصرة كما تظل البصرة كريمة حانية على نخيلها وتمرها الشهي.
الطنبورة
يشير الباحث العراقي الموسيقي صبحي أنور رشيد إلى أن الطنبورة البصرية هي التطوير الحقيقي للقيثارة السومرية القديمة ويقول أن الطنبورة هي الآلة الوترية الوحيدة التي يعزف عليها خلال القيام بأداء طقوس النوبان التي تجري في المكائد والمكيد هو عبارة عن ساحة بيت شرقي ترفع في أحدى زواياه سارية لرفع راية خضراء ومن يدخله ينبغي أن ينزع حذائه ويمتنع عن التدخين فيما تكون آلات النوبان الموسيقية في موضع يتجه إلى القبلة وعند إخراجها للعزف يتم ذبح دجاجة أو كسر بيضة وقراءة بعض الأدعية ومن أنواع المكايد التي بقيت حتى الآن مكيد ظاهر ومكيد الماس في محلة الدوب ومكيد أم ستار في العشار ومكيد رمضان في أبي الخصيب وترافق الطنبورة في عزف النوبان الآلات الإيقاعية الجلدية المختلفة التي يسمى بعضها بالمنجور ويلفها العازف حول وسطه قبل قيامه بالحركة والرقص وهو يتكئ على عصاه أثناء العزف.
وتظل البصرة حافلة بالكثير من الصور المميزة اجتماعياً وفنياً وزراعياً كما تميزت بطيبة أهلها وشجاعتهم وأدبهم وفنونهم المتعددة.


الطقس الشعبي الاحتفالي باستشهاد الامام الحسين (ع)
 

باسم عبد الحميد حمودي
ياخذ الطقس الشعبي الاحتفالي بذكرى استشهاد الامام الحسين بن علي بن ابي طالب (عليهما السلام) كل عام شكله الجماهيري في العاشر من محرم الحرام حيث يجتمع الناس في كل مدينة لاداء مراسم القتال بين السبعين مقاتلاً هم كل جماعة سيد الشهداء وجيش يزيد بن معاوية اداء تشبيهياً، أي انه اداء تشخيصي، حيث يختار القوم ممثلي كل جانب وتدور الحوارات بين فريقي الاداء بشكل مرسوم ومخطط للوصول إلى الغاية الكبرى وهي اظهار معنى استشهاد الامام عليه السلام وصحبة الكرام باعتباره غاية حق ودفاع عن مبادئ عليا لا اثر للدنيويات فيها في وقت يسعى فيه قادة جيش يزيد إلى التعامل مع اهل بيت النبوة الكريمة يمنتهى القسوة والظلم بحيث لم يوفروا حتى الاطفال حين قتلوا الطفل عبد الله الرضيع بسهم مسموم وهو يحاول شرب الماء من يد الامام الشهيد.
ان احتفالية الاستشهاد المعبرة عن المأساة التي يتكرر تجسيدها كل عام تدخل تفاصيلها النفوس المحبة لآل البيت وتستدر حواراتها الدموع والاحزان في وقت تستظهر فيه معاني البطولة الشامخة في سبيل عدالة القضية التي استشهد من اجلها الامام الشهيد وصحبه الاماجد مجسدين في بطولة الامام العباس وصحبه من امثال الشهداء سعيد بن عبد الله الحنفي وحبيب بن مظاهر وجون وبرير بن خضير ومسلم بن عوسجة وابو ثمامة وغيرهم اضافة إلى زهير بن القين الذي كان اول الامر من مبغضي الامام، ولكل بطل حكاية تجسد وقصة تقدم امام الجمع المحتشد الذي اعد ساحة الاداء التشبيهي قبل ايام ووقف واجف القلب يرى صورة لعرس القاسم بن الحسن (عليهما السلام)، ذلك العرس الذي لم يكتمل الا باستشهاده ويرى حيرة الحر الرياحي بداية وانخراطه الحاسم في سجل الشهداء بعد ان ايقن الحق.. وهكذا تتتالى الصور المجسدة وتظهر العقيلة زينب سيدة بيت النبوة يومذاك والذابة عن الحرم النبوي يوم فقد رجاله والحامية لزين العابدين الصبي الذي جسد استمرار السلالة الطاهرة بعد مقتل كرام الرجال.
وينتهي التشبيه بساعات (الوحشة) حيث تطفأ اضوية الدور في المدن الا من الضوء الاحمر المرادف للدم الطاهر المهدور من اجل الحق.
ان كل هذه التفصيلات الشعبية تعد نوعا من الانتماء للحق والاصرار عليه والامل بزمن قادم يعلو فيه ويكون وقد جسد الاحتفال الشعبي باستشهاد الامام عليه السلام وصحبه صورة هذا الانتماء في زمن شديد القسوة والجور.. وبانتظار يوم الرحمن والحق يستمر هذا الاحتفال.


مكتبة .. محمد القبانجي
 

آمال ابراهيم محمد
من اصدارات دائرة الفنون الموسيقية، وتزامنا مع مهرجان القبانجي الاول، صدر كتاب جديد بعنوان (محمد القبانجي،.. اعماله المسجلة والمؤلفة) وهو الكتاب الثاني الذي يتناول حياة وابداع القبانجي.
ضم الكتاب خمسة فصول.. تناول الفصل الاول حياة ونشأة القبانجي، اما الفصل الثاني فتطرق فيه المؤلف الى مدرسته ومقاماته، وجاء الفصل الثالث تحت عنوان (اسطواناته) تتبع فيها المؤلف بدايات دخول شركات التسجيل الاجنبية والعربية الى العراق.
وفي الفصل الرابع الذي توزع على عدة مداخل منها..
القبانجي شاعرا،... القبانجي وقصائد الشعراء.. زهيريات القبانجي.
وختم المؤلف كتابه بالفصل الخامس المعنون (تأليف وتلحين اغانيه) اذ تطرق المؤلف الى الاغاني التي كانت من نظم والحان الفنان محمد القبانجي.
واستطاع المؤلف حسب الجدول الذي وضعه احصاء (77) اغنية من نظم القبانجي في حين ضم الجدول (112) اغنية لمختلف الشعراء اذ كان القبانجي يضيف من نظمه بما يتناسب مع المقام او نوع المناسبة.
وللمؤلف جهد واضح في جمع المادة الخاصة بالقبانجي من اسطوانات واشرطة اذاعية وتلفزيونية وصحافة قديمة تعود لعام 1925 وما بعدها.
ان الباحث لم يتوقف عند حدود بحثه الذي قدمه "كمشروع تخرج" من معهد الدراسات النغمية عام 78 ـ 79 بل واصل نشاطه في جمع كل ما يخص القبانجي وبانحياز تام ، لا سيما ان المؤلف سعدي السعدي عاصر هذا الفنان الكبير والتقاه في عدة مناسبات.
ومن تصفح الكتاب الذي بلغت صفحاته 335 صفحة وجدنا بعض الملاحظات التي لا تقلل من قيمة وجهد الكاتب، بل يمكن ان تكون محفزا للعمل لاسيما ونحن نعرف ان لدى الزميل سعدي السعدي الكثير من المعلومات التي لم يتضمنها كتابه الاول هذا.
تحت عنوان (وللقبانجي الريادة..) يتحدث الكاتب عن القبانجي باعتباره اول قارئ في بغداد كتب ولحن، وغنى واقفاً وشارك في المنقبة البنوية.. ويهمنا ان يتوسع المؤلف في الاشارة الى ان القبانجي اول من شكل الفرقة الموسيقية الحديثة لمعرفة الاسباب التي دفعت القبانجي لهذا القرار الذي لم يصدر من فراغ من جهة ولم يكن الطريق خاليا من المعارضين والمحافظين والمتزمتين من جهة اخرى.
في صفحة (53) وتحت عنوان (ابرز ما تمتاز به مدرسة القبانجي) ثبت المؤلف خمس عشرة فقرة ـ لم تكن كلها موفقة في ان تكون من اسباب ظهور مدرسة جديدة للمقام اضافة الى ان بعض هذه الفقرات يشترك مع ما ورد في "ص35" مثل الفقرة "7" في "ص54" تخص تشكيل الفرقة الموسيقية الحديثة، والفقرة (98) في نفس الصفحة تتناول كتابة وتلحين القصائد.
ونجد ان مفهوم المدرسة في المقام في بعض معانيها اجتهاد القارئ في ايجاد صياغات جديدة دون الخروج على شكل المقام وهذا ما اشار اليه المؤلف في الفقرة الاخيرة، "صفحة 35" وفي البعض من اسباب وجود طرق جديدة هو الخروج على القراءة القديمة بالتحسين والتهذيب والاضافة وفي هذا اشار المؤلف ايضا في الفقرة (12 ، 15) وفي صفحة 54 و 55.
يزين المؤلف سعدي السعدي كتابه بالعديد من الجداول التي ساعدت في تنظيم المادة لتوضح اكبر قدر من المعلومات في اصغر مساحة.
وقد وردت في الصفحتين (78 و 79) وتحت عنوان جدول باسماء المقامات وهذا لم يكن دقيقا فقد كان قائمة باسماء المقامات.
والملاحظ ان المؤلف لم يتبع وضع الجداول حسب تسلسلها الزمني، اذ وجدنا ان الجداول الثلاثة للعام 1925، ثم ينتقل المؤلف الى عام 1932 ليعود الى عام 1930 ثم عام 1927 ثم شركة جقماقجي عام 1957 ويعود مرة ثانية لعام 1933 ليضع جدولا لشركة جرامفون.
ان حصيلة جهد المؤلف هي تثبيت (200) اسطوانة ضمت اكثر من (50) مقاما للقبانجي توزعت على هذه الجداول. كما فات المؤلف التزام التسلسل الابجدي لاسماء الشخصيات التي قدم لها الشكر في الصفحات (11-13).
وكذا الحال بالنسبة لقصائد الشعراء في الصفحات "170 ـ 177"، تحت عنوان القبانجي ورجال الادب والفن.
وكانت هناك بعض القصائد التي لم نجد سببا واضحا لنشرها كما في صفحة (285) وصفحة (287).
ختاما.. من المهم الاشارة الى ان المؤلف سعدي السعدي بتواصله ومثابرته في تتبع موضوع مقام اللامي.. يقطع الجدل الدائر حول نغم اللامي ومن ثم المقام المسمى بهذا الاسم ويحمل نفس النغم اذ يورد المؤلف ان القبانجي كان يسمع هذه النغمة من جدته منذ عام 1925.
عندما لم تكن الابوذية (علام الدهر) مقاما، والواضح ان القبانجي لم يتوفق بهذا النغم عند حدود الابوذية، بل استطاع عام 1956 ـ 1957 كما يشير المؤلف الى ان يجعل هذه النغمة مقاما قرأه بالشعر الفصيح، ويستمر اجتهاد القبانجي في استخدام هذه النغمة، عندما يدخلها كقطعة في مقام الحويزاوي.
ونستطيع ان ندعو المؤلف سعدي حميد السعدي الى تناول ما قام به القبانجي من تصرفات نغمية، وما وضعه من مقامات جديدة لم تسمع قبله، ووضع مقارنة بينه وبين عدد من القراء المجيدين ممن عاصروه لنتبين بوضوح سمات مدرسة القبانجي واسباب اختلافه وخلافه مع العديد من القراء والباحثين في هذه الشؤون الفنية.


الطريقة الملائية في التعليم وطقوسها
 

طه فرحان الربيعي
اكد علماء التربية والتعليم المعاصرون على اهمية التهيئة بنوعيها: الخاصة والعامة قبل ولوج الطفل (التلميذ) المدرسة. وهكذا كان الحال عند (الملة) في المسجد. ففي الايام الاولى يعلمهم:

1-السلام عند الدخول والخروج (السلام عليكم ورحمة الله.).
2-طاعة المعلم (الملة) والوالدين ولا يجوز مخالفتهم.
3-قول (بسم الله الرحمن الرحيم) قبل البدء بكل عمل.
3-نظافة الملابس عند الحضور للدرس.
5-كيفية الجلوس.
6-الهدوء وعدم الضوضاء بحيث لا تسمع أي همسة في المسجد.
وعادة ما يكون عمر الطفل من خمس سنوات فما فوق. والاطفال يختلفون في مستوياتهم، فمنهم من لا يعرف القراءة والكتابة ومنهم الذي يعرفها بشكل بسيط. و(للملة) مساعدون يطلق عليهم (الخلف) مفردها خلفه أي مساعد، وفي بعض المناطق يطلق على المساعد لفظة (صانع) ويختاره (الملة) عادة من بين التلاميذ ويكون اكثرهم وافضلهم تعليماً.
(ومدة الدراسة خمس سنوات تعادل بشكل عام الابتدائية يمتحن المعلم (الملة) الصبي لمعرفة مدى حفظه للقرآن الكريم ومدى قدرته على ضبط المحفوظات وبعض القواعد المهمة فيجتاز الامتحان باحتفال خاص يدعى (الختمة) (سنأتي إلى تفصيلها لاحقاً)... وكانت هنالك ثلاثة تقديرات للدرجة: ممتاز ووسط وضعيف:
والممتاز: يعني ان الطالب يستظهر القرآن من اوله إلى آخره مع ضبط الشكل والاعراب والفهم وحسن الخط.
المتوسط: من كان يقرأ القرآن نظراً في المصحف مع ضبط الشكل والهجاء.
اما الضعيف فهو الذي يقرأ بدون ضبط الحروف.(1)
في المرحلة الاولى يتعلم التلاميذ اسماء الحروف:
ا، ب، جـ، د.......: الف، باء (بيه)، جيم، دال..... (وهذه الحروف والحركات نلاحظها في بعض اجزاء (عمه) القديمة).
ثم يعلمهم اسماء الحركات:
الفتحة = زبر.
الكسرة = زير.
الضمة = بيش
الحرف الساكن يلفظ مع الحرف الذي يسبقه. (تماشياً مع الوزن وكيفية تقطيع البيت الشعري).
بعدها ينتقل إلى الحروف مع حروف المد:
با، تا........ (مقطع)
ثم مع الحركات:
بَ: تقرأ: باء زبر وهكذا مع بقية الحركات.
تطبيق: ألْحَمْدُ: الف لام = أل / حاء ميم زبر = حم /: الحم / دال بيش = دُ: الحمد.
قال: قاف الف = قا / لام زبر = ل: قال
كتاباً: كان زبر = ك / تاء الف = تا: كتا / بيه زبر بن
باً: كتاباً
وفي اثناء القراءة يستعمل التلميذ (التباعة) وهي عبارة عن قطعة من (الخوص) للتأشير على الكلمات المقروءة.
اما واجب التلميذ فعليه ان يحفظ (سورة) كل شهر، إلى ان يحين موعد تخرجه وتقدر درجته.
الختمة:
وعندما يختم الطفل القرآن الكريم، يقام له حفل: (الختمة) (التخرج) حيث يطاف بالطفل في اسواق المدينة وازقتها وخاصة محل او بيت ابيه وأقربائه يحصل (الملة) على بعض الهدايا، وتنثر الحلوى (الجكليت) على راس الطفل بعدها تعمل (وليمة) (للملة) والاطفال في بيت خاتم القرآن يصاحب هذا الطقس (الزفة): بان توضع امامهم قطعة قماش بيضاء (وصلة) كما في حفل (الختان) مصاحبة بأنشودة:
يا ام فلان قومي افرشي الحريرا
وهلهلي هلهولة وكبري تكبيرا
هذا الغلام القد قرأ وقد كتب
يستاهل الخلعات منكم والفضة والذهب
ما تنجلي إلا تجينه الذهب بطاسه مجليه ملتهبة
ما تنجلي الا تجينه الفضة بطاسه مجلية مفضضة..
واخيراً لا بد ان نذكر:
1-قد يكون مكان الدرس في بيت (الملة).
2-ان الطفل (التلميذ) المسيء يعاقب بالضرب بالعصا على (الألية) وفي الحالات الشديدة يضرب على القدمين بعد ان تربط وتدعى بوقتها (الفلقة).
3-اما الاجرة فكانت اسبوعية تتراوح بين عشرة فلوس او ثلاث عانات او اربع عانات أو (قران) (20 فلس) حسب امكانية العائلة. (العانة = 4 فلوس).
المصادر:
1-القياس والتقويم / مجموعة من الاساتذة / بغداد 1997.
2-مقابلات عديدة مع من تتلمذ على يد الملالي.
مقابلة خاصة مع الحاج (الملة) عليوي سعيد عوض / تولد 1910 الحلة.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة