الاقتراع
ليس ديمقراطية ..
بوش يساوي الانتخابات
بالديمقراطية، والحركات الاسلامية المتطرفة في الشرق
الاوسط، تستغل صندوق الاقتراع
بقلم:
ايتان غيلبوا
ترجمة: فضيلة يزل
عن:
لوس انجلس تايميز
(*) ايتان غيلبوا: استاذ زائر لمادة الدبلوماسية العامة في
مدرسة اينبنيرغ للاتصالات في الولايات المتحدة.
لم
تستنتج الولايات المتحدة الدروس الصحيحة من فوز منظمة حماس
في الانتخابات الفلسطينية. وقد اعترف بوش ووزيرة خارجيته
كونداليزا رايس بانهما لم يقدرا قوة حماس حق قدرها، وكان
من الواضح، انهما كانا يأملان ان تتمخض الانتخابات عن
نتائج مختلفة. لكن ليست هذه القضية.
فالنقطة المهمة، هي فوز حماس الذي كشف عن عجز ستراتيجي
كبير في التخطيط الامريكي للديمقراطي في الشرق الاوسط. لقد
كانت ادارة بوش تنشد مراراً مساواة الانتخابات التي تجري
حول العالم بالديمقراطية، وقد كانت منشغلة جداً
بالانتخابات التي جرت في العراق ومصر والاراضي الفلسطينية.
لكن في الشرق الاوسط، يوجد تناقض: فالحركات الاسلامية
المتطرفة تستغل الانتخابات كي تحصل على السلطة وتحل محل
الانظمة العلمانية بحكومة اسلامية يديرها رجال الدين. هذه
الستراتيجية تحبط بشكل فاعل أي امل في ديمقراطية حقيقية في
المنطقة. ومن بين كل الامثلة الواضحة على ذلك كانت ايران
واستفتاؤها في عام 1979 الذي شكل الجمهورية الاسلامية؛
والجزائر في عام 1991، عندما انهت القوات العسكرية دورة
التصويت الثانية بعد مفاجأة نجاح الدورة الاولى لجبهة
الخلاص الاسلامية، والآن السلطة الفلسطينية.
ان السياسة الحالية للولايات المتحدة لن تؤدي إلى
الديمقراطية، لأن الديمقراطية اكثر بكثير من الانتخابات.
فالانتخابات تشجع مشاركة الشعب في اختيار القادة، لكن
الديمقراطية تستند إلى قيم، واعراف وقوانين - القوانين
التي من طبيعتها الديمقراطية الحقيقية، انها لا يمكن ان
تمنح السلطة لمنظمات ارهابية اذاً، يجب على كل الحركات
السياسية ان ترعى المبادئ الاساسية للديمقراطية، وان تلبي
ادنى شروطها فبل ان تتمكن من المشاركة في الانتخابات. ففي
اوربا يمنع القانون الحركات العرقية من المشاركة في
الانتخابات.
يجب ان تحرم منظمة حماس من المشاركة في الانتخابات
الفلسطينية، وذلك لخمسة اسباب: لانها تريد تأسيس حكم
اسلامي يقوده رجال الدين في الاراضي الفلسطينية؛ وما زالت
تحتفظ بميلشيات مسلحة مستقلة؛ وهذه المليشيات تتحدى غالباً
الحكومة الفلسطينية وتدير حملات ارهابية مكثفة غير مشروعة
ضد اسرائيل؛ وترفض اتفاقيات اوسلو التي وضعت قواعد تأسيس
السلطة الفلسطينية؛ واخيراً، تريد تدمير اسرائيل وتعارض
السلام ومفاوضاته.
ومع هذا، لم تحرم حماس من الانتخابات، واسرائيل تطالب
الولايات المتحدة باقناع رئيس السلطة الفلسطينية محمود
عباس بالاصرار على شروط الحد الادنى هذه (التي من المحتمل
جداً ان ترفض من قبل حماس)، وتحذر من نتائج السماح بمشاركة
غير مشروطة لها لسوء الحظ، اهمل بوش اسرائيل في هذه الحالة
وعوضاً عن ذلك قبل من عباس ضمانات مشكوكاً بها.
اوضح معلقو الاخبار ان الحركات الاسلامية المتطرفة تصبح
اكثر اعتدالاً وبراغماتية عندما تتولى السلطة. لكن التاريخ
الحديث لا يدعم هذا الادعاء، فبعد 25 عاماً، اظهر حكم رجال
الدين الاسلامي في ايران، انها ما زالت متطرفة، وان طالبان
اقامت نظاماً قمعياً في افغانستان؛ كما بقي حزب الله منظمة
ارهابية، وعلى الرغم من ذلك لها ممثلون في الحكومة
اللبنانية. وفي الشهر القادم، من المحتمل جداً ان تكون
لحماس علاقات ستراتيجية مع القوى الاسلامية المتطرفة مثل
ايران وحزب الله اكثر من تشكيلها روابط جادة مع الغرب.
ان معارضي الديمقراطية في الشرق الاوسط سيستغلون فوز حماس
ليعطلوا، على نحو سيء، الاصلاحات السياسية المطلوبة في
المنطقة. وهذا لن يكون الدرس الحقيقي من الاصلاح
الديمقراطي بل هو دافع لاجراء الانتخابات اولاً، وعلى
الولايات المتحدة واوروبا ان يشجعا مجتمعاتهما على اقامة
اعراف وقوانين متينة، تلتزم بالموافقة عليها جميع الحركات
قبل ان يسمح لها بالمشاركة في الانتخابات.
ان عملية ديمقرطة الشرق الاوسط ستستغرق سنين عدة، واجراء
انتخابات ثابتة تتصف بالنجاح والشرعية، سيبرهن على ان
البحث عن ديمقراطية حقيقية، امر غير كاف. |