الإعلاميون في الناصرية يمشون
بين حقول الألغام!
- شفلات دائرة ماء
الناصرية تقتحم التلفزيون، والشرطة تعتدي على مصور
العراقية، وتحطم أنف صحفي
الناصرية - حسين كريم العامل
هل
نغالي لو وصفنا الملتزمين بثوابتهم الانسانية (بالمحاربين)؟
وهل نجانب الحقيقية حينما نصف الاعلاميين منهم (بالباحثين
عن الحقيقة وسط حقول الالغام) ؟ لا اعتقد ذلك ما دمنا
نتحدث عن متاعب العمل الصحفي في العراق ، فالارهاب
والفلتان الامني والفساد والتخندق الطائفي والاستقواء
بسلاح المليشيات كل هذه المخاطر ليست اكثر رحمة من حقول
الالغام وجميعها تشكل متاعب اضافية للعاملين في مهنة
المتاعب .
(المدى) وبعد ان رصدت الكثير من حالات التجاوز التي طالت
عدداً غير قليل من اعلامي محافظة ذي قار ارتأت ان تفتح ملف
التجاوزات على صفحاتها وتضيف عدداً من الذين تعرضوا
للمخاطر ليحكوا حكاية بحثهم عن الحقيقة .
هجوم بالشفلات
الكاتب المسرحي علي عبد النبي الزيدي الذي يعمل (محرراً
سياسياً في تلفزيون الناصرية) تحدث عن الواقع الاعلامي في
المحافظة قائلا: حكاية الواقع الاعلامي الجديد مع المؤسسات
الحكومية حكاية لا يمكن ان نضعها ضمن الاشياء الغريبة التي
يمكن ان تحدث بل على العكس ، فمسؤولية اعلام الدولة بشكله
المتحرر هذا حتم حدوث صدامات بمعناها الحرفي، فتجاوزات
الشرطة مثلا باتت من القضايا المسلم بحدوثها يوميا مع
الاعلاميين وهي نتيجة طبيعية لهذه العلاقة المبنية اساسا
على اخطاء الاول ومراقبة الجهاز الاعلامي لهذه الاخطاء ،
ولكن ان تقوم احدى دوائر الدولة وهي (دائرة الماء) بالهجوم
على تلفزيون الناصرية بالاليات والشفلات هذا هو الشيء
الغريب، فضلا عن الكثير من التجاوزات التي حصلت من قبل بعض
الاحزاب والاتجاهات الدينية ومن هنا اعتقد ان علاقات
الاعلاميين مع الآخرين تحتاج الى فهم جديد ينسجم مع
اقرارنا بالحياة الديمقراطية التي بدأت تتحرك بشكل واسع
وتصبح أداة لتغيير كل ما هو ميت في واقعنا . وعليه ارى ان
على المؤسسات الحكومية ان تبني علاقة وضوح مع الحياة
الاعلامية اضافة الى علاقتها مع همها الاول ( البناء )
واعتقد ان التأسيس لهذه المسالة يحتاج الى زمن ليس بالقصير
.
انتهاكات
اما زميلنا الذي تصدى ذات يوم لفضح ما كان يدور في مقار
عدد من الحركات السياسية والدينية من انتهاكات وتجاوزات
على حقوق الانسان فقد وصف الواقع السياسي الحالي بالمزري
وتحدث عما تعرض له قبل عامين قائلا :
حينما شكوت للمحافظ السابق ما تعرضت له من مضايقات وما
طالني من اساءة ولم يتخذ ساعتها الاجراء المناسب بحق عناصر
تلك الحركات ولم يبادر لانصاف الضحايا تيقنت ان الحكومات
الضعيفة والاحزاب السياسية التي تستقوي بالمليشيات لا
يمكنها ان تحقق العدالة وتضمن الحريات حتى وان نص عليها
الدستور .
(فزعة شرطة)
ومن جانبها روت المذيعة اسيل عماد ما حدث لها ولزميلها
المصور التلفزيوني باسم محمد حسن من اعتداء على يد الشرطة
قبل بضعة اسابيع قائلة :
لقد بداوا بسحب زميلي امام المارة .. ومددوه على الارض ..
وقاموا بركله بالاقدام حتى انه فقد القدرة على التنفس
وتعرض للاختناق، وحين تدخل المواطنون الذين تجمعوا في محل
الحادث ( ساحة الحبوبي ) بادرتهم الشرطة بالشتائم والتهديد
باستخدام السلاح وحين حاول زملاؤه في فريق الفضائية
العراقية توضيح الامر وتعريف الشرطة بمهمة زميلهم واجهوهم
بالضرب ايضا والالفاظ النابية وفي النهاية حملوا زميلي
ورموه في احدى السيارات واتجهوا به الى مركز الشرطة
ليلفقوا له هناك تهمة جاهزة وهي الاعتداء على الشرطة لكن
تدخل زملائه وكبار مسؤولي المحافظة حال دون ذلك 0 وعبرت
اسيل عن ذهولها مما حصل قائلة :
صدقني للان لم ادرك الدوافع الحقيقية لتصرف الشرطة فقد
تعاملوا معنا بوحشية مفرطة ، حطموا الكاميرا وشهروا
مسدساتهم بوجهي وحاولوا الاعتداء عليّ لولا تدخل المواطنين
الذين استاءوا من تصرفاتهم وبداوا يهتفون ( كلا 00 كلا 00
للبعثية ) مستهجنين ما حدث من تجاوزات تذكرهم بوحشية
النظام السابق .
لا يقرأ ولا يكتب
اما زميلها باسم محمد حسن فقد وصف ما جرى له قائلا:
خلال تصويرنا احد المشاهد حضر احد افراد الشرطة ليسال عن
طبيعة عملنا، وعندما اخبرناه باننا من تلفزيون الناصرية
اكتفى بذلك وعاد الى دوريته التي كانت ترابط في موقع قريب
من مكان التصوير، لكن حين انهينا العمل وغادرنا المكان عاد
وناداني واشار لي بيده طالبا مني الحضور الى حيث الدورية
وحين توجهت نحوه استنفر غضبه وبادرني بالشتائم والكلمات
النابية، وحين طلبت منه الكف عن ذلك اعتدى علي بالضرب هو
وبقية زملائه مما ادى الى اصابتي بجروح في الانف والعينين،
وتسبب ايضا في تحطيم (اللوكه) والكاميرا وحين حاول زملائي
في العراقية الذين مرت سيارتهم بالمصادفة في محل الحادث
تعريف الشرطة بالجهة الاعلامية التي اعمل لحسابها وصفتي
الوظيفية انهالوا عليهم بالضرب والشتائم حتى انهم مزقوا
ملابس زميلي محمد عبد الجبار، وقد قامت قوات الشرطة التي
حضرت على عجل الى محل الحادث بناءا على طلب الدورية بضربه
واحتجازه واقتياده الى المركز ولم تكتف قوات الشرطة بذلك
بل قامت باحتجازي في مركز البلدة لبضع ساعات ، وقد ادعى
سائق الدورية باعتدائي عليه واعد تقريرا طبيا على عجل بذلك،
لكن تدخل زملائي والمسؤولين كان حاسما للتحقيق في الحادث
واطلاق سراحي حيث استجاب وكيل قائد الشرطة لطلبات زملائي
التي تضمنت معاقبة المسيئين وتقديم اعتذار رسمي بصدد ما
حصل ووضع حد للتجاوز على العاملين في وسائل الاعلام وقد
تقدمت قيادة الشرطة فعلا باعتذار رسمي في اليوم التالي
امام اعلاميي المحافظة الذين اعتصموا في مبنى التلفزيون
وعبروا عن استنكارهم لما حصل 0 وتابع حسن حديثه قائلا :
لقد اظهر التحقيق ان الشرطي الذي قام بالاعتداء لا يجيد
القراءة والكتابة وانه سائق في دورية الشرطة وليس شرطيا
مكلفاً بالواجب وان الضابط الذي يقوده كان حديث العهد في
سلك الشرطة ولم يقبل في سلك الشرطة الا قبل ستة ايام من
الحادث0 وطالب حسن بوضع ضوابط لحماية الاعلاميين قائلا :
لتجنب تجاوزات مثل هذه لا بد من وضع ضوابط صارمة لحماية
العاملين في مجال الاعلام والعمل على الارتقاء بوعي الشرطة
من خلال اقامة الندوات مع اتخاذ الاجراءات الرادعة بحق كل
من يتجاوز على الصحفيين.
ثمن الحقيقة
فيما روى محمد الهلالي مراسل العراقية وتلفزيون الناصرية
جانباً مما حدث له في عدد من الدوائر الحكومية قائلا :
للحقيقة ثمن، وخدمة الناس الحقة تتجلى في الحلقات الصعبة
والمعقدة من العمل الصحفي، فخلال عملي اليومي واجهت الكثير
من الضغوط من اجل الحؤول دون هدفي في كشف الحقيقة وقد
تجسدت تلك الضغوط ابتداءا بممانعة موظفي الاستعلامات
ومحاولاتهم تاخير دخولنا وتعقيد اجراءات حصولنا على
موافقات التصوير بحجة الوضع الامني، لكن الحقيقة هي الخشية
من توثيق السلبيات وتاشير الخلل في تلك الدوائر لقد حاولت
عناصر الـ F.P.S
المكلفة بحماية
المؤسسات الصحية ولعدة مرات منعي من التصوير وحجز الاجهزة
لحين الحصول على موافقة المدير بالرغم من حصولي على موافقة
كبار مسؤولي المحافظة الذين هم اعلى مرتبة في السلم
الوظيفي من مدير الدائرة الذي يطلبون موافقته كما تعرضت
للتهديد حينما قمت بكشف رداءة تنفيذ مشروع اعمار مستشفى
الناصرية العام ، إذ قام المقاولون بتهديدي بالقتل وتوعدوا
كادر تلفزيون الناصرية الذي اعمل لحسابه بسوء العاقبة. وفي
ختام حديثه اكد الهلالي على ضرورة تفهم المؤسسات الحكومية
لدور الاعلام في معالجة وتشخيص الظواهر السلبية بغية
الوصول الى الهدف الاسمى المتمثل بخدمة المصلحة الوطنية
كما طالب بنشر الوعي بين صفوف القائمين على حماية المؤسسات
والاجهزة الامنية من خلال شرح دور الاعلام وكيفية التعامل
مع الاعلاميين وتسهيل مهمتهم للحصول على المعلومة المطلوبة
لكشف الحقيقة .
في حين تحدث المصور التلفزيوني رافد عدنان عما جرى له
ولزميله علي عبد النبي الزيدي اثناء تغطية انتخابات
30/1/2005 قائلا :
بعد يوم متعب من التغطية التلفزيونية لمراكز الاقتراع
وحينما كنا في الطريق لمتابعة عمليات الفرز التي امتدت حتى
ساعات الليل فوجئنا باطلاق النار على سيارتنا من مفارز
الشرطة ومن اربع جهات وحين حاولنا الترجل وتعريفهم
بهوياتنا اشتدت كثافة النيران بالرغم من مناداتنا لهم
باعلى اصواتنا وتعريفنا بانفسنا لكن دون جدوى. وبعد اكثر
من نصف ساعة من الرمي المتواصل طلبوا منا الانبطاح على
الارض مستخدمين مكبرات الصوت وحين امتثلنا لاوامرهم تقرب
عدد منهم بحذر ولما تعرفوا على هوياتنا والباج الذي تحمله
السيارة ضحكوا واكتفوا بالاعتذار وغادروا المكان وكان شيئا
لم يكن 0 وتابع عدنان ليروي قصة اخرى قائلا :
لقد تعرضت في وقت لاحق للتجاوز من قبل مدير مستشقى
الناصرية الاسبق (ك 0 ض) الذي سلك سلوكا لا يتلاءم مع
موقعه الوظيفي و تصرف تصرف الشقاوات إذ اخذ يتهدد ويتوعد
ويتفلت من بين يدي زملائه ليحاول ضربي وذلك اثناء تصويري
بعض المشاهد في مكتب رئيس صحة ذي قار الذي استاء من تصرفه
ذاك وعدم احترامه وقد اتخذ قرارا بعزله بعد فترة قصيرة 0
واقترح عدنان تشكيل هيئة للدفاع عن حقوق الصحفيين قائلا :
للحد من الظواهر السلبية والعنف ضد الصحفيين لابد من تشكيل
هيئة للدفاع عن حقوق الاعلاميين تتبنى قضاياهم والدفاع
عنهم امام المحاكم وتفضح السلوكيات المنحرفة وتفعيل
الوسائل السلمية للمطالبة بحقوق الصحفيين من اعتصام واضراب
وتظاهر وغير ذلك من الوسائل التي يكفلها الدستور. |