اراء وافكار

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

تداعيات الرسوم المسيئة للإسلام في الدنمارك .. الدنمارك تمر بأكبر أزمـــــــة منــــــــذ الحرب الثانية.. ومثقفون يرون في الرسوم لعب أطفـــــال

الدكتور زهير ياسين شليبه*

*كاتب عراقي مقيم في الدنمارك

يبدو أن تداعيات الرسوم الكاريكاتيرية عن شخص الرسول الأكرم آخذة بالاستمرار والتشعب على الصعيدين الخارجي والدانماركي الداخلي، لاسيما بعد سعي الإيرانيين إلى نشر رسوم ساخرة عن الهوليكوست متحدين الإعلام الأوروبي في إعادة طبعها في صحفه مما قد يعمق الخلاف الثقافي والحضاري بين المسلمين والغرب. ولم تمر فترة منذ الحرب العالمية الثانية حتى وقتنا الحاضر شعر فيها الدانماركيون بالخوف على مستقبلهم وعزلتهم عن العالم العربي والإسلامي، وضرورة الحوار مع الاخرين مثل الأيام الحالية. من ناحية أخرى تقبل الدانماركيون بالإرتياح يوم الجمعة الماضي نبأي زيارة كوفي عنان إلى واشنطن لبحث قضية الرسوم مع الرئيس الأميركي بوش وإرسال وزير خارجيتهم مبعوثه الشخصي للإلتقاء بمفتي الأقصى متمنين ألا تقع أحداث عنف وإحتجاجات ضدهم بعد صلاة الجمعة.
هذا وقد صرح المحرر الثقافي فليمينج روس يوم الأربعاء لمحطة سي أن أن بانه سيتصل بالإيرانيين ليعيد طبع رسومهم في جريدته إلا أن رئيس تحرير الصحيفة كارستين يوسته الذي ظهر على شاشة التلفاز الدانماركي حزينا ومتأثرا للغاية قائلا لو كنت اعرف أن الرسوم ستسبب هذه المضار "لما ضغطت على الزر" إشارة لعدم موافقته على نشرها. هذا واكد المحرر الثقافي فليمينج روس يوم الخميس صباحا على عدم إعادة نشر كاريكاتيرات الهوليكوست وسحب تصريحه السابق. وفي تطور مفاجيء قرر رئيس التحرير يوم الخميس إرسال فليمينج في إجازة غير محدودة نظرا للمتاعب التي واجهته جراء قضية الرسوم.
وتهللت أسارير الساسة الدانماركيين والمواطنين الإعتياديين على الدعم المعنوي الذي حصلوا عليه من الأوروبيين والأميركيين مثل إعادة نشرالرسوم في الصحف الأوروبية وتصريحات مسؤولي الأتحاد الأوروبي والسفير الأميركي في الدانمارك كي تصبح المشكلة عامة لها علاقة بحرية الرأي ولكي لا ينفرد بهم العرب والمسلمون ويصبحوا كبش فداء لصراع العرب مع الآخرين.
هنا في الدانمارك يتزايد النقاش والحوار بشكل لا مثيل له في الثلاثين سنة الأخيرة كما يؤكد ذلك اغلب الصحفيين، ويتعمق يوما بعد يوم بين مختلف الأطراف والأحزاب والجماعات والمفكرين حول مفهوم حرية التعبير عن الرأي وكونه محدودا أو غير محدود ومن يمتلك الصلاحيات لوضع هذه الضوابط. ويبدو أن الدانماركيين منقسمون اليوم حول هذا الأمر وتلقوا درسا كبيرا واصبحوا بحاجة أكثر من أي وقت للحوار مع الثقافات الأخرى وتعلمها لكن هذا لا يعني وضع الحدود والعراقيل امام حرية الصحافة حسب الإستطلاعات الأخيرة. بل بالعكس هناك العديد من الإعلاميين والكتاب والمفكرين الدانماركيين ممن لا يزالون يصرون على ممارسة حق حرية الراي وعدم فرض المحرمات، التي قد تتزايد يوما بعد يوم بسبب تعدد الجماعات العرقية والدينية وكثرتها. ويطمح بعض الصحفيين الدانماركيين إلى توسيع دائرة النقاش حول حريةالرأي هذه كي تشمل الغربيين كلهم وبعض الشرقيين المتفتحين بإعتباره من أهم مباديء الديمقراطية. ويأتي في هذا السياق تسليط الإعلام الدانماركي الأضواء على مؤتمر عقدته يوم الخميس الممثلة والكاتبة الصومالية آيان هيرسي علي في برلين، التي تهجمت على الإسلام ودافعت عن رئيس الوزراء الدانماركي أندَرس فوج راسموسين مطالبة إياه بعدم التراجع أمام الإسلاميين.
من الجدير بالذكر أن المخرج الإستفزازي ينس يورجين ثورسن لم يتمكن في السبعينات من إخراج فيلم عن المسيح بسبب تصويره إياه بطريقة جنسية، ولهذا جوبه بالرفض والإحتجاجات من قبل الجماعات الدينية المسيحية في الدانمارك ولهذا فالحديث عن عدم إدراك الدانماركيين لحقيقة المشاعر الدينية امر يفتقر إلى الدقة.
نذكر أن وزير الخارجية الدنماركي الأسبق أوفه إليمان يَنسن ومن نفس حزب رئيس الوزراء الحالي اليسار (تسمية قديمة للحزب وهو لا يملك من اليسار اي شيء) أخذ باللائمة على رئيس تحرير صحيفة يولاند بوستن وطلب منه الإستقالة ورفض هذه الرسوم رفضا قاطعا لكنه قوبل بإنتقاد شديد من رئيس الوزراء الدانماركي ورئيسة الحزب الدانماركي الشعب (معاد للمسلمين) بيّا كييسكاو، بينما إنتقد أكثر من ممثل لليساريين الأخيرة على التصريحات المتشددة تجاه المسلمين الدانماركيين والانتقادات اللاذعة لهم وبالذات أئمتهم مثل المهندس الشيخ أبولبن الفلسطيني الأصل بسبب تحريضهم حكومات العالمين العربي والإسلامي وإعلامهما ضد الدانمارك حسب زعمها.
واشار إستطلاع ظهرت نتائجه الخميس الماضي إلى أن تسعة من كل عشرة دانماركيين لا يثقون بدور أئمة المسلمين في عملية الدمج الإجتماعي للمسلمين المقيمين في الدانمارك.
هذا وقد سلط الإعلام الدانماركي اضواءه على المأزق الذي وقع فيه الإمام الشاب أحمد العكار،الذي يبدو في العشرينات من عمره والذي إدعى في زيارته الى الشرق الأوسط أن إحدى الصور التي يظهر فيها رأس خنزير هي ايضا من الرسوم الإثني عشر وأنه كان المفترض به أن يتحقق منها قبل الإدعاء بذلك.
ورغم محاولاته في التهرب من التعليق على ذلك في الإعلام الدانماركي إلا أنه أُضطر يوم الأربعاء إلى الظهور وتبرير غلطته بأنه تسلم الصورة جنبا الى جنب مع صور أخرى في صندوق بريده من قبل مجهول مما يؤكد أنه لم يقرأ عدد الثلاثين من أيلول من جريدة يولاند بوستن التي نشرت الرسوم. يتساءل الناس هنا كيف يمكن ان يتحمل شاب مثل أحمد العكار مهمة الإمامة وكيف يحرض قادة المسلمين بدون ان يطلع على الصحيفة.
وقبل ذلك وقع الشيخ ابو لبن في ازمة حقيقية كونه أدلى بتصريحات إيجابية للإعلام الدانماركي وبآخرى معاكسة في الجزيرة مما أثار فضيحة كبيرة في الإعلام الدانماركي أساءت إلى سمعة المسلمين المقيمين في هذا البلد.
كل هذا أدى إلى تزايد الدعوات لإعداد الأئمة المسلمين إعدادا أكاديميا في الدانمارك كي يفهموا المجتمع الدانماركي وقوانينه ولا يسمحوا لأي كائن من كان أن يصبح إماما.
في تطور آخر كان النائب الدانماركي البرلماني والكاتب الفلسطيني الأصل ناصر خضر قد دعا المسلمين الدانماركيين من مختلف الإنتماءات العرقية الى إجتماع للتحرك وتأسيس جمعية او اتحاد او شبكة تقوم بنشاطات مخالفة للمتشددين مثل حزب التحرير المتهم بالتحريض ضد الدانمارك.
وأشار اغلب المشاركين في هذا الإجتماع وفي نشاطات أخرى إلى أن كل هذا يجعل المسلمين حذرين اكثر من اي وقت مضى في إتخاذ القرارات فلم تعد الإحتجاجات والبيانات تكفي لوحدها، بل عليهم ان يبدأوا بتكوين صورة جديدة عن دينهم وتراثهم وتقاليدهم الجيدة ونبذ التعصب الديني والطائفي والعرقي والرواسب البالية وبناء مجتمعاتهم التي هي بأمس الحاجة الى الديمقراطية.
وشدد عدد غير قليل من المواطنين الدنماركيين المسلمين على أن الدستور الدنماركي يكفل حرية التعبير لكل افراد المجتمع بمن فيهم المسلمون المقيمون فيه فعليهم التوجه للقضاء ورفع دعاوى ضد اية صحيفة تسيء الى دينهم ورفض العنف والتهديدات التي تدخل ضمن الإرهاب.
سرد مختصر لبداية الأحداث
- نشرت صحيفة "يولاند بوستن" في 30 أيلول 12 رسما كاريكاتوريا أثارت غضب المسلمين في العالم.
- أعربَ وزراء الخارجية العرب عن "استيائهم" من موقف الحكومة الدانماركية حول نشر الرسوم واستغرابهم لعدم تقديم "اعتذار عن هذه الإساءة البالغة للإسلام".
وأشاروا إلى أن موقف حكومة كوبنهاجن "أثار ردود فعل العديد من الأوساط العربية الداعية إلى اتخاذ إجراءات إزاء الدنمارك في حال عدم تجاوبها بتقديم اعتذار عن هذه الإساءة البالغة لنبي الإسلام محمد".
- استنكرت هيئة وعاظ الأزهر الشريف، رسوم يولاندبوستن واعتبرت الهيئة في بيان لها، أن هذه الهجمة على رسول الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام بمثابة "تعصب" و"إرهاب" موجه ضد المسلمين، و"افتعال معركة صراع حضاري ضد الحضارة الإسلامية".
- رفض رئيس الوزراء الدنماركي اندرس فوغ راسموسن في تشرين الأول الماضي الموافقة على اجتماع طالب به سفراء 11 دولة إسلامية معتمدون في بلاده لمناقشة الرسوم.
- قاطعت منظمة المؤتمر الاسلامي تظاهرة ثقافية دنماركية حول الشرق الاوسط احتجاجا على الاساءة الى الرسول الكريم.
- ألقى أندَرس فوج راسموسين كلمة بمناسبة العام الجديد شجبَ فيها شخصيا "أي تصريح او فعل يحاول الإساءة إلى الآخرين على خلفياتهم الدينية او العرقية. هذا النوع غير موجود في مجتمعنا الذي يُبنى على حرية كل فرد" كما يقول.
- أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه في كوبنهاجن أن قرابة 72 في المائة ممن شملهم الاستطلاع من 1500 دانماركي تعرب عن تنديدها بوجود المسلمين في البلاد وقد تكوّنت صورة سلبية عن المسلمين في الدانمارك بعد إكتشاف مجموعة متهمين بالتخطيط لعمليات إرهابية.
- أعلن وزير الخارجية الدانمركي بير ستي مولر، أنّ تشكيل هذا النوع من الرقابة سيفسح المجال للجهات المتضررة لللتأكد من صحته، على المستوى الدولي والأوروبي أيضاً، حيث يفتقر الاتحاد الأوروبي لهذا النوع من الأجهزة.
مواجهة الحقيقة المُرّة، وهي أنه ما زالت هناك عناصر خارجة على القانون لم يتم تحديدها بعد، ليس داخل المجتمع الدانماركي فحسب بل داخل المجتمعات العالمية كافة"، على حد تعبيره.
أهم مظاهر اصطدام الغرب بالإسلام
1989
آية الله الخميني يصدر فتوى قتل الكاتب الهندي المولد البريطاني الجنسية سلمان رشدي بسبب تأليفه كتاب " آيات شيطانية".
1994
حكم بالموت على الطبيبة البنغالية تسليمه نسرين من قبل هيئة جنود الإسلام بسبب إصدارها عدة كتب منها " العار" ولم ينفذ الحكم بها وهي الان لاجئة في السويد.
1995
الدكتور نصر حامد أبو زيد، أستاذ التاريخ، حُكم عليه بفصله عن زوجته بسبب سقوطه. يقيم الآن مع زوجته في هولنده.
2002
الصحفي النيجيري إسيومادانيل، صدرت بحقه فتوى بسبب مقاله عن ملكة جمال العالم، يقيم إسيومادانيل الآن في لندن.
2004
المخرج الهولندي ثيو فان جوخ يُقتل على يد مغربي مغترب مقيم في هولنده.
2005
الممثلة والكاتبة الصومالية آيان هيرسي علي
تهجمت على الرسول الأكرم محمد ص في كتابها "أوجه الإتهام". أستقبلت من قبل اكثر المؤسسات الإعلامية والرسمية الأوروبية.
آراء بعض الدنماركيين حول الرسوم والأحداث
توجهنا بسؤال : ما هو رايك برسوم صحيفة يولاند بوستن وتداعياتها لمجموعة من الكتاب والمواطنين الدانماركيين نقدم هنا
اهمها:
الشاعر والكاتب وعازف البيانو الدنماركي الشهير بني اندرسن
رسوم يولاند بوستن: إستفزاز ولِعب أطفال
لا يختلف رأيي عن وجهة نظر صديقي نيلس بارفويد التي نشرها في صحيفة إنفورماشيون في يوم الجمعة الماضية والتي اكد بها على حرية الرأي ضمن المسؤولية،أي ليست بلا حدود كما يدعي بعض الفارغين. كما هو في الدستور وفي القانون الدنماركي العادي و فقرات عدم التعرض للأديان. والتي لها علاقة بالإحترام والأخلاق.
رسوم يولاند بوستن إستفزاز ولِعب أطفال لم يُفكر بها جيدا وبدون هدف آخر غير رج ماء بحيرة البط، التي اصبحت بحر العالم. أنا اعتقد أنهم حتى الآن لم يتصوروا أنهم خدموا بفعلهم هذا الحزب الدنماركي الشعبي (حزب قومي متعصب ضد المسلمين. ز. ش.).
لقد سُنت حرية الرأي في الدستور الدانماركي في ذلك الوقت كي يعطوا المواطنين حرية التعبير عن آرائهم بالحكام بدون ان يتعرضوا إلى العقوبات فيما بعد أو الطرد من البلاد كما حدث مع ب. أ. هيبيرج أثناء الحكم المطلق.
قانون حرية الرأي سُنَّ من أجل ألا يقدر الحكام وفي هذه الحالة الحزب الدنماركي الشعبي ، أن يحط من شأن اية مجموعة من فئات الشعب.
يورجين بيك سيمونسِن : الرسوم استمرار لخط الصحيفة في استفزاز المسلمين
أستاذ في جامعة كوبنهاجن. اكبر متخصص بقضايا الإسلام في الدانمارك. صدرت له مؤلفات عديدة عن الإسلام.
رئيس البيت الدنماركي في دمشق حتى أكتوبر 2005
صورت صحيفة يولاند بوستن في الخمس عشرة سنة الأخيرة المسلمين على أنهم خطر، وبرأيي أن هذه الرسوم تأتي ضمن هذا السياق. وأعتقد أنها قررت نشر الرسوم كنوع من الإستفزاز محملة بقناعة بأن رد فعل مجموعات من المسلمين بمن فيهم المقيمون في
الدانمارك سيكون عنيفا وبهذا ستثبت لقرائها وللسياسيين صحة فكرتها عن عدوانية الإسلام وخطورته.
بالتأكيد قدرت الصحيفة عواقب نشر الرسوم إلا أنها أساءت التقديرولم تتوقع أن تكون الإحتجاجات ضدها بهذا الحجم. أما بالنسبة لمسألة أنهم قدموا هدية للإسلاميين بعملهم هذا فهم قد يكونون فكروا بهذا الأمر إلا أن أكثر ما كان يشغلهم هو إثبات شكهم بالمغتربين المسلمين ولهذا ارادت ان تبرزه كي تثير ضجة.
أنا لا أنظر إلى هذه الرسوم كتعبير عن العنصرية، بل أعتقد أنها بلا طعم وتعبر عن عدم فهم الصحيفة بأننا نعيش في عالم لا يمكن للمرء أبدا أن يضايق فيه الآخرين، وبينت بأنها صحيفة دانماركية محلية لم تفهم أن العالم لم يعد كما كان سابقا.
انا اعتقد أن نشر الرسوم في هذه الفترة مرتبط بالنقاش الدائرعن الإسلام، الذي اصبح اكثر حدة، فإذا قارنا بين العشر سنوات الأخيرة والفترة الحالية فإننا نلاحظه أكثر قسوة وحدة وهذا ما جرى ايضا في فترة الإنتخابات في الخريف الماضي وفي أيلول وتشرين الأول والنقاش الدائر حول المغتربين الذي قامت به لويسه فريفيرت (من الحزب الداناركي الشعبي)، التي دعت إلى إرسال الدانماركيين من خلفيات عرقية أخرى إلى السجون الروسية لقلة تكاليفها.
في هذه الإنتخابات سمعنا تعليقات سياسية قاسية عن المسلمين، الذين شبهوا بالخلايا السرطانية إن لم تزحها فستقتلك.
وهذا تعبير يصدر من قبل أناس ليس لديهم قيم واحترام في حديثهم عن الآخرين في نبرة يظن المرء أن نفسه بأنها صارت اكبر واكبر وبدون حدود بدون أن يرد عليهم احد. ونلاحظ ايضا انهم يستخدمون نفس المفاهيم في نقاشهم عن المغتربين والمسلمين لكن المفردات اصبحت اقسى وأكثر خشونة وعدوانية ووقاحة.
الدنمارك كانت حتى السبعينات منسجمة للغاية بحيث ان كل المقيمين فيها هم دنماركيون ولكن الأمر لم يعد كذلك حيث يمكنك ان تشاهد المغتربين والمواطنين من خلفيات عرقية أخرى في كل المدن بينما كان الأمر مقتصرا على كوبنهاجن وأوغوس وأوذنسه.
طبعا لو حدث ونشرت هذه الصحيفة الرسوم في حكومة إشتراكية لتم معالجة الأمر بالتأكيد بسهولة أكثر وأفضل من الحكومة الحالية، فمثلا كانت ستلتقي بالسفراء المسلمين ولو عمل رئيس الوزراء الحالي ذلك والتقى السفراء في وقتها لكان حل المشكلة اسهل بكثير، إلا أنه رفض اللقاء بهم بسبب ضغط الحزب الدانماركي الشعبي. حاولنا من البداية ان نشرح له إذا لم تفكر من الآن فإن زمام الأمور يمكن أن يفلت ولن يمكن السيطرة عليها. وهذا ما حدث.
البروفيسور كارل ج. براّسه
أستاذ جامعي متخصص بالعربية والبربرية/ جامعة كوبنهاجن
رسوم ليس لها معنى ولا طعم
لقد اتعبني هذا النقاش عن المغتربين، الذي لم تعد نبرته تطاق والذي لا يميز بين المسلمين الإعتياديين المسالمين والمتشددين.
رسوم محمد (ص) حلقة في هذا النقاش، الذي يبدو لي كإستفزاز ليس له طعم ولا اساس فكري ولا معنى إطلاقا. ماهي الأهداف الحقيقية وراءها؟
عندما تمكنت صحيفة يولاند بوستن من نشر هذه الرسوم فهذا يرتبط بثقافتنا التي تفصل الدين عن الدولة.
بإستثناء عدد قليل من الدنماركيين المسيحيين المتدينين لا يمكن للشعب الدانماركي ان يفهم أن احدا ما يمكن ان يمتلك مشاعر دينية بهذا العمق.
إن الدين مجرد خيال، تفكير يرغب به الإنسان ولهذا السبب لم تتوقع الصحيفة كم يمكن ان تكون هذه الرسوم مؤلمة بالنسبة للمؤمنين المسلمين.
تقول يولاند بوستن إنها نشرت الرسوم كي تؤكد حرية الرأي المطلقة. إلا أن حرية الرأي لم تكن إطلاقا بلا حدود. هناك دائما إعتبار لا بد أن يؤخذ بالنظر، فإذا لم يتفكك المجتمع فإنه ستحدث مشاحنات ومضايقات. لنفكر بحرية الرأي التي يتمتع بها الموظفون الرسميون والباحثون. إذا لم يلتزم هؤلاء بأيديولوجيا الحكم المسيطرة ( بكسر الطاء) فإنهم قد يتعرضون للملاحقة والطرد.
دعونا نتمنى بأن يعود الهدوء. في الوقت الحاضر يديرُ المتشددون من المعسكرين الأحداثَ. مثلما يحدث في المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية. من المعلوم أن الغالبية العظمى من الناس من المعسكرين تريد العيش بسلم. وهذا هو بالتأكيد نفس الأمر بالنسبة للمشكلة بين العالم العربي واوروبا، إلا أن المتشددين يقررون مجرى الأحداث لعدة سنوات.
البروفيسور سفين سوندورغورد
أستاذ اللغة العربية والعلوم السامية/ جامعة كوبنهاجن
التوجه إلى القضاء
من الواضح أن قضايا دمج المسلمين في المجتمع الدانماركي قد عولجت في السنوات الأخيرة من قبل السياسيين والإعلام بطريقة أدت ألى تكوّن مشاعر عدم الإطمئنان والأمان لدى العديد من المسلمين وعدد غير قليل من الدنماركيين العِرقيين (الدنماركيين الأصليين. ز. ش.).
في مثل هذا الجو لا يحتاج المرء للكثير كي تحدث الإضطرابات. هذه الرسوم الأثنا عشر رسما للرسول هي بمثابة عود ثقاب (الشرارة) في غابة يابسة.
لقد نظرت الى هذه الرسوم كحلقة جاءت بالصدفة في سلسلة هذه التعليقات غير المجدية في العملية الجارية، طريقة دانماركية سطحية ووقحة الى حد ما في التعبير عن النفس.
ونرى الآن حريقاً لا يمكن السيطرة عليه يسري في الغابة، ودخل العلم الدنماركي على الخط فتم حرقه، وبدأت مقاطعة البضائع الدانماركية. طبعا هذا يؤدي الى ردود أفعال. ردود الأفعال الغاضبة هي احد اعراض عدم رضا المسلمين من الغرب وثقافته وسياسته. وعدم إرتياحه من العالم المتحضر الذي يهدد القيم التقليدية والحياتية، إضافة إلى عدم قناعتهم بالعديد من أنظمة العالم الإسلامي.
سيُنسى الإحتجاج على الدانمارك بالتدريج لكن لن يكون من السهل إزالة المشاكل الأساسية. وسيمكن فيما بعد أن نرى نبتات جديدة وجيدة بحيث يتوقع المرء نتائج ايجابية في شكل افكار أفضل لحياتنا المشتركة وإرادة حسنة من اجل ان نتعايش بسلام.
يولاند بوستن وكل الصحف والناس من الطبيعي يجب ان يكون لهم الحق في التعبير عن آرائهم بحرية (وعلى سبيل المثال الرسوم)، التي يمكن ان تصطدم مع بعض المجموعات. إذا كان الأمر قاسيا على بعضهم فما عليهم إلا التوجه إلى القضاء. على المسلمين وغيرهم التعود على الديمقراطية وحرية التعبير هي قيم اساسية في اوروبا لكننا جميعا علينا ان نقوم بكل ما بوسعنا من أجل إحترام الآخرين الذين نلتقيهم.


مفوضية الانتخابات وتقرير الرقابة المالية

ماجد زيدان الربيعي

حسناً، فعلت جريدة (المدى) حين نشرت في الثامن شباط الجاري تقرير ديوان الرقابة المالية الموجه إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لتنوير الرأي العام وكشف الفساد بشأن كيفية انفاق الأموال العامة لإجراء العملية الانتخابية وإهدارها. وبذلك تؤدي الجريدة دورها كجهة إعلامية من مهماتها الدفاع عن الصالح العام وتقديم المعلومات وفضح الفساد.. الخ.
تحظى تقارير ديوان الرقابة المالية باهتمام واسع بين الجمهور لحرفيتها ومهنيتها العالية ومصداقيتها، كما إنها تتسم بالحيادية والموضوعية والنزاهة. والديوان جهاز رقابي رادع في الظروف الراهنة التي تشهد انتشاراً سرطانياً للفساد.
يشير تقرير الديوان بصريح العبارة إلى مخالفات محاسبية وعمليات تلاعب وتزوير واختلاس، وصرف مبالغ طائلة دون أصول محاسبية نظامية متعارف عليها ليس لدى منشأة الدولة، وإنما حتى في شركات القطاع الخاص أو أي مشروع تجاري أو اجتماعي.
ويبين التقرير فقدان أجهزة حاسوب وهواتف نقالة وطابعات ليزرية ومواد أخرى بالعشرات والمئات. والأغرب من ذلك فقدان أسلحة للحماية!!
كما إن المفوضية أبرمت عقوداً يشم منها رائحة كريهة، رائحة الفساد المالي، لا يمكن تفسيرها إلا بالتواطؤ.. وغير ذلك الكثير الكثير.
لابد للمهتم والمتابع من الإطلاع على التقرير لكي يتصور حجم الفساد أو بالحقيقة أنه "فرهود" حدث في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. وهو فضيحة من العيار الثقيل، ينبغي تقديم المتورطين فيها إلى القضاء.
الواضح أن عاصفة الفساد التي تضرب البلاد اخترقت رياحها المفوضية، وهي جهاز يجب أن لا يقاربه أو يلامسه الطعن في النزاهة أو الفساد لحساسية المهمة التي يتولى النهوض بها.
ولكنها غارقة في البلاوي المالية، لم يترك المتورطون نوعاً من الفساد أو شكلاً إلا ومارسوه. فحسب التقرير يكاد أن يطرق كل أبواب الصرف، وليس هناك من تفريق في العمليات الحسابية بين المال العام والمال الشخصي.
لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار ما حدث إهمالاً أو قلة خبرة أو إنها حالات فردية، إنها عملية سطو منظمة شارك في البعض منها موظفون من خارج المفوضية. ولا يخشى مرتكبوها أحداً، فهم توغلوا بعيداً في الفساد، يفرضون الأتاوة ويبزون علناً في وضح النهار، حتى إنهم استقطعوا من رواتب الذين عملوا في الانتخابات، فأية صورة يعكسون عن المؤسسة.
الأخطر أن الأمور تركت دون رقيب أو حسيب، خلافاً للنظام المحاسبي والإداري، وقديماً قيل إن المال السائب يعلم على الحرام"، فالخلل في التنظيم والإشراف الإداري والبناء. وذلك لغياب أو ربما تغيب الرقابة المسبقة والآنية واللاحقة على أوامر الصرف في العمليات الحسابية والمخزنية. لولا الرقابة الخارجية "ديوان الرقابة المالية" لبقيت القضية طي الكتمان.
الفضيحة هطلت على رأس المفوضية، مما يشكل لطخة سوداء في أدائها، خاصة إنها لم تعلن للرأي العام عن إحالة المفسدين إلى لجان تحقيقية أو إلى هيئة النزاهة، كما فعلت بقية وزارات الدولة والمؤسسات.
إن هذا التقرير هز الثقة بمقام المفوضية وسمعتها وقدرتها على أداء المهمات المكلفة بها. فالمبادئ التي ترتكز عليها في عملها، المصداقية والشفافية والمصارحة وغيرها تصدعت نتيجة للفساد المستشري فيها. فالضالع والمتواطئ والمتكتم حكمهم شركاء في الاعتداء على حقوق شعبنا، حتى الغافل يطاله شيء من المسؤولية.
صحيح إنه جرى التحقيق في بعض القضايا إلا أنه لم تظهر النتائج برغم مرور فترة طويلة على وقوع التلاعب.. وهو أقل بكثير مما موجود من فساد وما أوصى به تقرير الديوان وكشفه.
الفساد إذا ما تفشى في مؤسسة ما يتنافى مع السلوك السوي لعملها، وهو أمر بدأ يثير القلق والشكوك لدى الحلفاء والأصدقاء والمانحين في قدرة الدولة على إعادة البناء والإعمار واعادة الأمن والاستقرار. بل إنهم اعتبروه تحدياً أولياً، كما يراه الناس كذلك. نحن أحوج ما نكون إلى المساعدات والشراكة في استنهاض الاقتصاد الوطني على أسس سليمة تخدم تطلعات شعبنا، وبوجود فساد واسع الانتشار تحيق بهذه المسألة الأساسية المخاطر، بل تصبح من المستحيلات.
من المفيد والضروري أن يفتح ملف الفساد في الإعلام على مصراعيه بشأن هذه القضية، وإنما في جميع الدوائر وجريدة (المدى) تستطيع أن تبادر إلى ذلك بل إنه من واجبها ورسالتها العمل على الحد منه وتنوير المواطن بالعمق الذي وصل إليه.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة