مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

ثلاث أساطير عن المشكلة الإيرانية

بقلم : ميل ليفيني
وأليكس توركيلتيوب و أليكس غوربانسكي
ترجمة : فضيلة يزل

عن: الواشنطن بوست

هل هناك شيء يمكن ان يفعله الغرب، الذي يحتاج الى خيار عسكري خطير جداً، لمنع إيران من مواصلة برنامجها النووي؟ الجواب بوضوح "نعم".
على الرغم من أطالة أمد التحفظ مع إيران حول برنامجها النووي الذي سبب مشاكل خطيرة للدول الغربية، منها الأرتفاع المحتمل لأسعار النفط، ومصلحتها في ان تمنع إيران من ان تكون دولة نووية أثمن بوضوح من كل التكاليف المحتملة. سنحاول هنا تبديد بعض الأساطير الشائعة عن الموضوع.
الأسطورة الأولى : ستتسبب العقوبات الاقتصادية بالضرر للغرب أكثر مما لإيران. فالمقدمة المنطقية لهذه المناقشة، ان أية عقوبات تفرض على طهران ستؤدي الى أرتفاع خطير باسعار النفط، مما يسبب ضرراً لاقتصاديات الدول الغربية ويضعف دعم الرأي العام للعقوبات.
لكن بينما تستحوذ إيران على ثاني أكبر احتياطي للنفط والغاز في العالم، وهي رابع أكبر منتج للنفط، فهي في الواقع مستورد حقيقي لمنتجات النفط المصفاة وبضمنها الغازولين. إذ ارتفع الاستهلاك المحلي لمنتجات النفط في ايران الى 5.2 % سنوياً ، وهذا الارتفاع أسرع جداً من قدرتها على زيادة طاقة التصفية. وهذا يعني ان معدلات الاستيرادات الضرورية لتشكيل وظيفة الاقتصاد الإيراني ستتنامى خلال الوقت. وبما ان العقوبات التي تمنع ايران من الاستيراد ، تقول، ان استيراد المنتجات النفطية التي جرت تصفيتها وبضمنها الغازولين، يمكن ان يعطل اقتصادها بشكل مدمر. وقد يكون الأكثر اهمية من ذلك، النقص الذي سيحدث فيما بعد، والذي قد يؤثر بشكل غير مناسب على القاعدة السياسية للرئيس محمود احمدي نجاد، وقد يؤثر أيضاً على الطبقة المعدمة المتمدنة والطبقة الاجتماعية الوسطى والمنخفضة، وكذلك الطبقة العسكرية.
لا شك ان على الدول الغربية ان تدفع بعض الثمن إذا ارادت ايران ان تثأر لنفسها من خلال أنخفاض أو توقف انتاجها النفطي. لكن لا يمكن ان توقف إيران انتاج نفطها لفترة طويلة ، لأنها تحت العقوبات الاقتصادية، وقد تعتمد أكثر من السابق على عوائد النفط لتبقي قبضتها على السلطة. وعندما ساء الموقف الاقتصادي في إيران كردة فعل للعقوبات، كان على الحكومة ان تعتمد على الصدقات ومساعدات الدول للحفاظ على استمرار الولاء والدعم من قبل الجيش والشعب عموماً.
فضلاً عن ان اللعب بورقة النفط سبب بطريقة ما ارتفاعاً خطيراً في اسعار النفط التي تركت إيران معزولة عن دول الشرق الاوسط ومنظمة أوبك. ان معظم الدول الأخرى المنتجة للنفط، ومن ضمنها السعودية وفنزويلا وروسيا تعتقد ان الزيادة الكبيرة جداً في الاسعار كانت بشكل محتمل لأضعاف العائد النفطي بسبب انخفاض محتمل في استهلاك النفط في الغرب. بشكل مفصل، ان أسفين السعر هذا، يمكن ان يشجع الاستثمار في مجال الطاقة وتقنياتها الحديثة، كما حدث بعد الازمات النفطية التي حدثت في السبعينات.
الأسطورة الثانية:
لن تتكيف روسيا والصين مع العقوبات. في حين يتطلب اقناعهما بدعم العقوبات بعض الوقت والجهد، فمن غير المحتمل ان تثبت هذه الدول انها حليف يمكن الاعتماد عليه بالنسبة للنظام الإيراني. فروسيا لها مصالح ستراتيجية بسيطة في دعم القضية الإيرانية. في حين يمكنها ان تجد في ايران أداة نافعة لتوازنها مع قوة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط ، ولديها الكثير مما يثير مخاوفها من البرنامج النووي الإيراني على المدى البعيد أكثر مما يثير مخاوف الولايات المتحدة وأوربا. فدعم إيران للإرهاب الأصولي الإسلامي في الشرق الاوسط واسيا الوسطى، يُعد تحدياً مباشراً للمصالح الروسية في المناطق التي كانت جزءاً من الامبراطورية السوفيتية القديمة وما زالت موسكو تعدها ضمن حدود نفوذها. بينما تلعب دور الوسيط المخلص بين إيران والغرب، الدور الذي يتناسب، بالتأكيد، واهداف ادارة بوتين في رفع مكانة ونفوذ روسيا، كان صانعو السياسة في موسكو أكثر واقعية بشأن التحديات التي تظهرها إيران تجاه المصالح الروسية البعيدة المدى. بينما تبحث روسيا عن تسوية تحفظ ماء وجهها، فمن غير المحتمل انها تدعم إيران للوصول الى نهاية مريرة.
ومن غير المحتمل أيضاً ان يقف الصينيون في طريق نظام عقوبات خطير، لاسيما إذا اجبرت الصين على فعل ذلك وحدها. في حين تلتزم الصين باستثمارات حقيقية في قطاعي النفط والغاز الإيراني، ومن غير المحتمل انها تعرض علاقتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي الى الخطر من خلال هذه القضية. كما تعتقد بكين ان عليها ان تدع وجهات نظرها معروفة حول قضايا الجغرافية السياسية الهامة، فهي مازالت غير مستعدة لأن تقاوم بيد واحدة الضغط الموحد من قبل الدول الغربية على قضية تعد ذات اهمية ستراتيجية حيوية بالنسبة لها.
الأسطورة الثالثة:
قد تكوت ردة فعل إيران تجاه العقوبات غير عقلانية فتقوم بضرب اسرائيل ودول أخرى حليفة للولايات المتحدة. ان أحد وجهات النظر الخطيرة جداً حول إيران هي انها تتصرف بطريقة غير عقلانية أو انها تقاد من قبل أُناس لا يحسبون امكانية الخسارة والربح في تصرفاتهم. لكن في الحقيقة، في الوقت الذي يمكن ان يتحدى المرء المنطق الذي يقود القيادة الإيرانية للسعي الى أمتلاك الاسلحة النووية أولاً، يجد ان الإيرانيين يتصرفون بعقلانية تامة في السعي لتحقيق أهدافهم.
على سبيل المثال، كانت إيران دقيقة جداً في تصعيد هذه الأزمة على نحو بطيء خلال السنتين الماضيتين، منشغلة بمحادثات مطولة مع "ثلاث دول من دول الاتحاد الأوربي". ومؤخراً، عندما تزايدت احتمالية أحالة الملف الإيراني الى مجلس الأمن في الأمم المتحدة، قام الإيرانيون بسبر اغوار الحلفاء الغربيين بصبر من خلال عرضهم لبدء مفاوضات جديدة مع الأوربيين. لقد سعت القيادة الإيرانية بعد ان دققت بأشد التفاصيل، إلى ايجاد صداقات مع الحلفاء في الهند والصين من خلال التوقيع على صفقات نفطية مربحة مع كلا البلدين، ووصلت الى سوريا الدولة الثانية المعزولة في الشرق الاوسط. وحتى في اختيارها لتوقيت حملة التصعيد الأخيرة، أختارت ايران اللحظة التي ظهرت فيها اسرائيل، العدو الرئيس في المنطقة، وهي تتزعم فوضى سياسية. لم تتخذ أية دولة من هذه الدول اجراءات، ممثل غير عقلاني. فظهور ايران وهي تقدم على مخاطرة ستراتيجية، ذات صلة، على سبيل المثال، بالأحداث في كوريا الشمالية، القوة النووية الطموحة الاخرى، التي تنبع ليس من اللاعقلانية بل من أحساس ان البلد لها قوة نفوذ عالية جداً على الغرب بسبب ثروتها النفطية. مع كل الإجراءات المتخذة في هذا السبيل، تحسب إيران بدقة ردة الفعل المحتملة لأعدائها إزاء استفزازاتها الكثيرة ثم تُفصل منهجها وفقاً لذلك.
كان حسم النزاع مع ايران حول الاسلحة النووية موقفاً صعباً، وخيارات استئنافه قليلة جداً. لكن هناك إجراءات يمكن ان تتخذ لتغيير الحسابات الإيرانية حول مصالحتها في برنامج الاسلحة النووية. وبينما يوجد الكثير من الخيارات التي يمكن ان يكون لها تأثير كبير على الاقتصاد العالمي، قد تكون النتائج بالنسبة لإيران سيئة جداً.
ميل ليفيني : ممثل ديمقراطي سابق من كاليفورنيا، ويعمل بمؤسسة قانونية دولية.
أليكس توركيلتيوب و أليكس غوربانسكي، مدران عامان في مجموعة ستراتيجية الحدود، والهيئة الاستشارية للموارد الطبيعية والصناعات.


الجيش العراقي بحاجة الى أسلحة افضل
 

بقلم: ميخائيل هاستنغ
و سكوت جونسون

ترجمة: فاروق السعد
عن: النيوزويك
يرغب الجيش الامريكي بمساعدة الجنود العراقيين في السيطرة على بلادهم- و لكنها مهمة دقيقة، تتسم بعدم الثقة. يعرض المقال وجهة نظر العراقيين بالجهود الامريكية. فاذا كانت بقية أجزاء العراق هادئة بما فيه الكفاية، فان القوات الامريكية قد تكون جاهزة لرزم أمتعتها. " إننا نسيطر تماما على هذه المدينة" كما يقول العقيد سعدي صالح المالكي، و هو يقوم بجولاته في النجف في عصر يوم مشمس نصف شتوي. "ان المنطقة مستقرة و آمنة. يقوم جنود العقيد بتأدية التحية على عجل عندما تمر سيارته اللاندكروز بنقطة السيطرة أمام القبة الذهبية لضريح الإمام علي، و يرد مالكي، 45، التحية من خلال شبابيك المقعد الخلفي المفتوحة. هنالك خوف اقل كثيرا من نار القناصة و الزجاج المتطاير في النجف الان. وخلال الأشهر القليلة القادمة، اذا ما سارت الأمور جيدا، ستقوم قوات التحالف بتسليم المدينة الى الجيش العراقي. يبدو ان العقيد و لواءه جاهزان. فقد قاتلوا بجانب الامريكان للسيطرة على النجف في آب 2004، و يقول رجال المالكي بانه وقف معهم، حاملا رشاشته الكلاشنكوف. " لقد كانت معركة جيدة" كما يستذكر بابتسامة واسعة. ان لواءه، و هو الأفضل في الجيش العراقي، يعود الى الفرقة الثامنة، التي تسيطر عملياتها على ربع الأراضي العراقية. تشمل المنطقة محافظتين كاملتين في الجنوب، الكوت و الديوانية، و أجزاء من ثلاث أخريات." ان الانسحاب التدريجي لقوات التحالف قد بدأ" كما يقول قائد القوات الاميركية في العراق، الجنرال جورج كيسي، في احتفالية التسليم التي جرت في 26 كانون الثاني. و مع ذلك، يقول مالكي، تحتاج القوات الامريكية الى مواصلة الحذر" كما يقول." ان وجود الامريكان في العراق يعني وجود العراق... فالأمريكان يحافظون على استقرار العملية السياسية". تشير الاستطلاعات الأخيرة الى ان الغالبية العظمى من العراقيين توافق- رغم ان العديد منهم يكرهون الوجود الامريكي و القلة ترغب ببقاء الامريكان الى وقت غير محدد. و هذا هو التوتر في لب العلاقة: لا يثق الامريكان و العراقيون ببعضهما البعض. " نحن لا نقوم بتعليمهم كل شيء نعرفه" كما يقول ضابط أمريكي، طالبا عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع. و هو يقلق من ان حلفاء اليوم قد يصبحون أعداء الغد:" قد تنقلب الأمور لنجد أنفسنا في حالة قتال معهم خلال بضع سنوات". يبدو ان سياسة الامريكان لا ترغب في بناء جيش عراقي قوي بما يكفي للدفاع عن نفسه ضد جيرانه. لذلك فليس من المهم درجة تدريب الجيش العراقي، فسيبقى معتمدا على القوة و الدعم الامريكي لعدة سنوات في المستقبل. كما ان مخاوف الامريكان من نوايا بعض القادة العراقيين قد تعمقت بعد عمليات كشف النقاب الأخيرة التي تشير الى ان وزارة الداخلية كانت تحتفظ بسجون سرية يمارس فيها التعذيب ضد السجناء. فبعد كل الدمار و التضحيات، ليس هنالك من يرغب في رؤية دكتاتورية صدام و قد تم استبدالها بنظام آخر لا يرحم. و مع ذلك فقبل ان تتمكن معظم القوات الامريكية من العودة الى بلادها، هم بحاجة الى تجنيد، وتدريب و تسليح قوة عراقية لمقاومة اسوأ ضربات التمرد. وتلك هي مهمة عسيرة، خصوصا ان كنت تحجب بعضا من افضل معداتك و طرقك. اشتهر عن القوات العراقية عمليات التجنيد المتقطعة، الفشل في كتابة التقارير عن الواجب و أحيانا الأهلية المرعبة. يهز الجنود الامريكان رؤوسهم بسبب ظاهرة يطلقون عليها"زهرة الموت": فتحت نار مفاجئة، يبدأ الجنود العراقيون بإطلاق النار في جميع الاتجاهات، مثل تويجات الزهرة القاتلة. ورغم ان التدريب الجيد قد يمنع مثل هذه الحوادث، الا ان المتمردين يبذلون ما في وسعهم لتخريب عملية التسليم بتصعيد الهجمات على المجندين الجدد في الجيش العراقي. يعطي إستراتيجيو قوات التحالف للقوات العراقية تقييما من واحد الى أربعة. فمن مجموع أفواج الجيش العراقي البالغة 130، لم يعط الجيش الامريكي الا الى واحد منها "المستوى رقم واحد"- مستقل تماما عن أية مساعدة من جانب قوات التحالف، بضمنها المساعدات الطبية غير العراقية، والدعم الجوي وحتى الوقود. يركز المدربون الامريكان جهودهم على قوات المستوى رقم 2 مثل لواء العقيد مالك: وحدات بامكانها تخطيط و تنفيذ عملياتها الخاصة بها في مكافحة التمرد. و تلك هي القوات التي كانت في السابق مسؤولة عن الكوت و الديوانية و مناطق اخرى. لقد ارتفع عدد القوات العراقية التي تمسك بالأرض بشكل حاد في الأشهر الأخيرة، من اقل من 13000 في ايلول الى ما يقارب 30000 الشهر الماضي. وطبقا لمتحدث باسم قوات متعددة الجنسية الجنرال ريك لينج، يمتلك العراق قوات امن قامت بتخطيط و تنفيذ اكثر من ربع جميع العمليات المضادة للتمرد في العراق خلال كانون الثاني، ما مجموعه 490 دورية بقيادة عراقية، بزيادة تقارب 50% اكثر من رقم ايلول. كان لواء المالكي يمثل مفاجأة مفرحة بالنسبة الى الفريق الامريكي العسكري الانتقالي (
MiTT) الذي انظم اليه في ايلول. " كنا نقول، ان هؤلاء الرجال جيدون جدا!" كما يقول عضو الفريق النقيب ريان باس، 25. ينسب قائد الفريق العقيد جون مكارثي، خريج ويست بوينت عام 1985 ، القسم الأكبر لضبط اللواء و مهارته الى قيادة المالكي. "انه محارب" كما يقول مكارثي." أحب العمل مع المحاربين". ان القلة من العراقيين يفوقون ولع المالكي بالولايات المتحدة. فكشيعي أمضى خمسة أعوام ونصف العام في سجن ابو غريب في أواخر التسعينات، و قام بالالتحاق بالجيش العراقي الفتي مباشرة بعد الاحتلال. ان ازالة الامريكان لصدام- دكتاتورية البعث تبدو أنها استجابة لادعيته." لا نستطيع ابدا ان نسدد الدين، مهما فعلنا" كما يقول. " و هذا ما أقوله لرجالي". إنهم يعرفون ما يعنيه. هنالك شيء واحد يغضب و يحبط الجنود العراقيين هذه الايام: افتقادهم للقوة النارية. "نحن نريد أسلحة افضل" كما يقول العقيد محمود واصف، قائد اللواء الخامس في بغداد." فما هو الجيش بدون الأسلحة؟". و حتى العقيد المالكي يتذمر." يمتلك المتمردون أسلحة افضل او على الاقل مساوية". وهو يلقي باللوم على المسؤولين الفاسدين في وزارة الدفاع كونهم وراء القسم الأعظم من المشكلة؛ فقد أضاعوا العام الماضي 1.3 مليار دولار كانت مخصصة لتسليح القطعات. و لكنه يريد أيضا من الامريكان ان يقوموا بتجهيز الأسلحة الثقيلة لسحق التمرد. قام المالكي بتسليح مقاتليه عن طريق شراء الأسلحة من الأسواق المحلية والدفع من جيبه الخاص، كما يقول. وحتى هذه الأيام، لا يمتلك اللواء سوى بنادق الكلاشنكوف، وبضعة رشاشات و حفنة من ار بي جي. تستخدم معظم الوحدات العراقية البيكب فقط، في حين يتنقل الامريكان بواسطة العجلات المصفحة- وهذا احد أسباب كون خسائر الجيش العراقي خمسة أضعاف خسائر القوات الامريكية تقريبا. يمتلك رجال المالكي ناقلة أشخاص مدرعة واحدة من العهد السوفيتي، التي يحاولون إعادة تأهيلها لتصبح مركز قيادة متنقل. فهل يتمكن العرقيون من أمثال المالكي من دحر التمرد؟ نعم، كما يقول الجنرال مارتن ديمبسي، الضابط المسؤول عن تدريب القوات العراقية- و لكن في حالة بقاء الامريكان صبورين فقط." عليك اللعب في جميع الأقسام الأربعة في لعبة كرة القدم لكي تفوز" كما يقول. " نحن بشكل ما نقترب من الربع الثالث". لكن استراتيجيين آخرين ليسوا متأكدين هكذا. فالمحلل العسكري ستيفن بيدل يقول في العدد القادم من "الشؤون الدولية" بان القوات الامريكية تجد الأمور أكثر سوءاً في العراق عن طريق تكرار حرب فيتنام هناك. " كلما أصبحت القوات العراقية اكبر، وافضل تدريبا وافضل تسليحا، كلما ازدادت التوترات المعبرة عن النزاع بمجمله" كما يكتب بيدل. ان النزاع هو أكثر سوءاً حيث يقاتل الجنود المتمردين. ليس لدى المالكي مثل هذا العائق- و ليس لديه من شك بان قواته ستربح." لقد قاتلنا المليشيات" كما يقول." و سوف نقاتل كل من يقلق العراق".


من الرابح ومن الخاسر في هذه القضية؟ .. اميركا تهيئ لمرحلة (ما بعد البترول)..

ترجمة: المدى

عن : لوفيغارو

في منعطفات التاريخ الكبرى، تمر احيانا بعض الاحداث بشكل لا يفطن اليه احد مثل توقيع ميثاق الاطلنطي من قبل روزفلت وتشرشل قبل ثلاثة اشهر فقط من قصف بيرل هاربور من قبل اليابانيين.. كانت تلك اللحظة قد اشرت بداية دخول الولايات المتحدة في حرب ظاهرها رغبتها في حماية مستقبل الاتحاد السوفيتي، لكن ادراك الوكالة السوفيتية لهذا الامر في زمن الحرب ومحاولة اميركا بعدم تخويف الرأي العام الذي بقي منعزلا إلى حد ما، اسبغت الكثير من الحذر والتحفظ على هذا الامر، لكن ذلك لم يدم طويلا إذ اختلفت الحال بالقاء بوش خطابا حول حال الاتحاد في مطلع الشهر الحالي يتضمن تفصيلات أكثر وضوحا في هذا الشان..
في الحقيقة، اقترن تراجع شعبية الرئيس الاميركي بالشك والارتياب من قبل الاميركان تجاه مشروع الشرق الاوسط الذي يزداد عنفا وغموضا وهو ما يؤدي إلى التقليل من شأن واهمية ما ورد على لسان بوش حيث ادرك الجميع ان اميركا ماضية في مسيرتها حتى النهاية أي إلى (ما بعد البترول)!!
ونظرا لما يعرف عن صراحة الرئيس وغياب الديبلوماسية غالبا من احاديثه، فقد يمكن تصديقه اذا ما نفذّ مهمته بنجاح مستندا على آرائه الاساسية.. مع ذلك، احبط الخطاب الكثيرين وآلمهم لان بوش اهمل تماما ذكر الموازنات المالية والضريبية الضرورية في اميركا وركز حديثه حول سياسية "بقاء الطاقة" التي حصلت على مباركة الكثيرين.
مع ذلك، يمكن احتمال ذلك حتى حلول موعد انتخابات مجلس النواب ومجلس الشيوخ بعد ستة اشهر.. من جانبه، اعتمد الحزب الجمهوري على آراء اكبر اتباعه حول قضية البترول وصناعة السيارات، ويبقى محور الخطاب هو اعلان عن حرب طويلة الامد، لا أكثر ولا اقل، على دول الاوبك عموما وعلى المملكة العربية السعودية خصوصا رغم قوة علاقتها بالولايات المتحدة..
ويبقى الهدف المنشود في حقيقة الامر هو العمل على تقليص حجم التزود النفطي للولايات المتحدة من الشرق الاوسط في الخمس عشرة سنة القادمة وتطوير كل الصيغ المناسبة لانتاج الطاقة.. اذن فالرئيس يسخر هنا من كل الاراء التي اعترضت مسيرته من قبل.
منذ بضع سنوات، تحدث زميلنا توماس فريدمان، كاتب المقالات الافتتاحية في صحيفة نيويورك تايمز عن مشروع جديد للاستقلال في الطاقة يدعى مشروع مانهاتن رقم (2)، إشارة إلى مشروع مانهاتن رقم (1) الذي يرمي إلى السيطرة على الطاقة الذرية والذي اطلقه فرانكلين روزفلت ردا على قسوة آراء البرت انشتاين في عام 1941.
لنحاول اذن في الوقت الحاضر ان نختبر النتائج الجيوسياسية الاكثر تاكيدا للشروع بتنفيذ مثل هذا المشروع إذ سيكون هناك الكثير من الخاسرين اولهم دول الخليج العربي التي ستشهد تناقص حصصها في سوق النفط تدريجيا رغم نضوب حقول كثيرة في دول لا تنتمي للشرق الاوسط.. الخاسرون الاخرون سيكونون ارباب صناعة السيارات الاميركية، فاذا غزت اليابان السوق الاميركية غدا بسياراتها ذات الخصائص الجيدة والتقنيات المتطورة فسيكون هذا من سوء حظ مدينة ديترويت مثلا، اما الخاسر الثالث فهو اللوبي الذي يقوم بالضغط والحماية التجارية والانكليز القدماء في الولايات المتحدة.
ستتضمن السياسة الجديدة باختصار حلول اجل قيام جمعية السوق المشتركة بجمع المنتجين لمصادر الطاقة لكل القارة الاميركية وكانت فنزويلا قد ادركت ذلك جداً، وصار على الولايات المتحدة لكي تصل إلى ذلك ان تعمل على تحقيق التكامل الاقتصادي بالنسبة لاقتصادها ولاميركا الوسطى وان تقيم شراكة ستراتيجية حقيقية مع اميركا الجنوبية التي يمثل شافيز محورها..
وهذا يعني بان العوائق الحالية من اميركا اللاتينية وحتى الشمالية ستصبح مزعزعة إلى حد ما وسيظهر لنا ثلاثة منتصرين مقابل الخاسرين الثلاثة وسيكون بامكانهم اعادة توزيع الاوراق فالرابح الاول سيكون بالتاكيد روسيا التي تديرها سياسة جيدة والتي سيمكنها ضمان التزود بالغاز الطبيعي بشكل خاص ، ليس من اوروبا فقط ولكن من اليابان ايضا، اما الرابح الثاني فلا بد ان يكون الصين فيما لو حظيت بقيادة جيدة، ذلك ان العملاق الصيني بقابليته المتزايدة للانتاج واقتباس القيم الغربية قد يعمل على "شفط" كل مصادر العناصر الاولية لكوكبنا وهناك رابح ثالث ايضا لا يحتاج إلى ذكاء كبير لمعرفته وهو فرنسا التي نجحت رغم كل الاعاصير في الحفاظ على برنامجها الخاص بالكهرباء النووية وهو الاول في العالم حيث تم اعداده ليلعب دور المفتاح في المشروع الجديد مانهاتن ..
فقد حظي مشروع آريفا ذو الخصائص الجيدة في هذا الحال بعقود جديدة في الولايات المتحدة ومنذ الآن..

 
 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة