ثلاث أساطير عن المشكلة
الإيرانية
بقلم : ميل ليفيني
وأليكس توركيلتيوب و أليكس غوربانسكي
ترجمة : فضيلة
يزل
عن:
الواشنطن بوست
هل
هناك شيء يمكن ان يفعله الغرب، الذي يحتاج الى خيار عسكري
خطير جداً، لمنع إيران من مواصلة برنامجها النووي؟ الجواب
بوضوح "نعم".
على الرغم من أطالة أمد التحفظ مع إيران حول برنامجها
النووي الذي سبب مشاكل خطيرة للدول الغربية، منها الأرتفاع
المحتمل لأسعار النفط، ومصلحتها في ان تمنع إيران من ان
تكون دولة نووية أثمن بوضوح من كل التكاليف المحتملة.
سنحاول هنا تبديد بعض الأساطير الشائعة عن الموضوع.
الأسطورة الأولى
: ستتسبب العقوبات الاقتصادية بالضرر للغرب أكثر مما
لإيران. فالمقدمة المنطقية لهذه المناقشة، ان أية عقوبات
تفرض على طهران ستؤدي الى أرتفاع خطير باسعار النفط، مما
يسبب ضرراً لاقتصاديات الدول الغربية ويضعف دعم الرأي
العام للعقوبات.
لكن بينما تستحوذ إيران على ثاني أكبر احتياطي للنفط
والغاز في العالم، وهي رابع أكبر منتج للنفط، فهي في
الواقع مستورد حقيقي لمنتجات النفط المصفاة وبضمنها
الغازولين. إذ ارتفع الاستهلاك المحلي لمنتجات النفط في
ايران الى 5.2 % سنوياً ، وهذا الارتفاع أسرع جداً من
قدرتها على زيادة طاقة التصفية. وهذا يعني ان معدلات
الاستيرادات الضرورية لتشكيل وظيفة الاقتصاد الإيراني
ستتنامى خلال الوقت. وبما ان العقوبات التي تمنع ايران من
الاستيراد ، تقول، ان استيراد المنتجات النفطية التي جرت
تصفيتها وبضمنها الغازولين، يمكن ان يعطل اقتصادها بشكل
مدمر. وقد يكون الأكثر اهمية من ذلك، النقص الذي سيحدث
فيما بعد، والذي قد يؤثر بشكل غير مناسب على القاعدة
السياسية للرئيس محمود احمدي نجاد، وقد يؤثر أيضاً على
الطبقة المعدمة المتمدنة والطبقة الاجتماعية الوسطى
والمنخفضة، وكذلك الطبقة العسكرية.
لا شك ان على الدول الغربية ان تدفع بعض الثمن إذا ارادت
ايران ان تثأر لنفسها من خلال أنخفاض أو توقف انتاجها
النفطي. لكن لا يمكن ان توقف إيران انتاج نفطها لفترة
طويلة ، لأنها تحت العقوبات الاقتصادية، وقد تعتمد أكثر من
السابق على عوائد النفط لتبقي قبضتها على السلطة. وعندما
ساء الموقف الاقتصادي في إيران كردة فعل للعقوبات، كان على
الحكومة ان تعتمد على الصدقات ومساعدات الدول للحفاظ على
استمرار الولاء والدعم من قبل الجيش والشعب عموماً.
فضلاً عن ان اللعب بورقة النفط سبب بطريقة ما ارتفاعاً
خطيراً في اسعار النفط التي تركت إيران معزولة عن دول
الشرق الاوسط ومنظمة أوبك. ان معظم الدول الأخرى المنتجة
للنفط، ومن ضمنها السعودية وفنزويلا وروسيا تعتقد ان
الزيادة الكبيرة جداً في الاسعار كانت بشكل محتمل لأضعاف
العائد النفطي بسبب انخفاض محتمل في استهلاك النفط في
الغرب. بشكل مفصل، ان أسفين السعر هذا، يمكن ان يشجع
الاستثمار في مجال الطاقة وتقنياتها الحديثة، كما حدث بعد
الازمات النفطية التي حدثت في السبعينات.
الأسطورة الثانية:
لن تتكيف روسيا والصين مع العقوبات. في حين يتطلب اقناعهما
بدعم العقوبات بعض الوقت والجهد، فمن غير المحتمل ان تثبت
هذه الدول انها حليف يمكن الاعتماد عليه بالنسبة للنظام
الإيراني. فروسيا لها مصالح ستراتيجية بسيطة في دعم القضية
الإيرانية. في حين يمكنها ان تجد في ايران أداة نافعة
لتوازنها مع قوة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط ،
ولديها الكثير مما يثير مخاوفها من البرنامج النووي
الإيراني على المدى البعيد أكثر مما يثير مخاوف الولايات
المتحدة وأوربا. فدعم إيران للإرهاب الأصولي الإسلامي في
الشرق الاوسط واسيا الوسطى، يُعد تحدياً مباشراً للمصالح
الروسية في المناطق التي كانت جزءاً من الامبراطورية
السوفيتية القديمة وما زالت موسكو تعدها ضمن حدود نفوذها.
بينما تلعب دور الوسيط المخلص بين إيران والغرب، الدور
الذي يتناسب، بالتأكيد، واهداف ادارة بوتين في رفع مكانة
ونفوذ روسيا، كان صانعو السياسة في موسكو أكثر واقعية بشأن
التحديات التي تظهرها إيران تجاه المصالح الروسية البعيدة
المدى. بينما تبحث روسيا عن تسوية تحفظ ماء وجهها، فمن غير
المحتمل انها تدعم إيران للوصول الى نهاية مريرة.
ومن غير المحتمل أيضاً ان يقف الصينيون في طريق نظام
عقوبات خطير، لاسيما إذا اجبرت الصين على فعل ذلك وحدها.
في حين تلتزم الصين باستثمارات حقيقية في قطاعي النفط
والغاز الإيراني، ومن غير المحتمل انها تعرض علاقتها مع
الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي الى الخطر من خلال هذه
القضية. كما تعتقد بكين ان عليها ان تدع وجهات نظرها
معروفة حول قضايا الجغرافية السياسية الهامة، فهي مازالت
غير مستعدة لأن تقاوم بيد واحدة الضغط الموحد من قبل الدول
الغربية على قضية تعد ذات اهمية ستراتيجية حيوية بالنسبة
لها.
الأسطورة الثالثة:
قد تكوت ردة فعل
إيران تجاه العقوبات غير عقلانية فتقوم بضرب اسرائيل ودول
أخرى حليفة للولايات المتحدة. ان أحد وجهات النظر الخطيرة
جداً حول إيران هي انها تتصرف بطريقة غير عقلانية أو انها
تقاد من قبل أُناس لا يحسبون امكانية الخسارة والربح في
تصرفاتهم. لكن في الحقيقة، في الوقت الذي يمكن ان يتحدى
المرء المنطق الذي يقود القيادة الإيرانية للسعي الى
أمتلاك الاسلحة النووية أولاً، يجد ان الإيرانيين يتصرفون
بعقلانية تامة في السعي لتحقيق أهدافهم.
على سبيل المثال، كانت إيران دقيقة جداً في تصعيد هذه
الأزمة على نحو بطيء خلال السنتين الماضيتين، منشغلة
بمحادثات مطولة مع "ثلاث دول من دول الاتحاد الأوربي".
ومؤخراً، عندما تزايدت احتمالية أحالة الملف الإيراني الى
مجلس الأمن في الأمم المتحدة، قام الإيرانيون بسبر اغوار
الحلفاء الغربيين بصبر من خلال عرضهم لبدء مفاوضات جديدة
مع الأوربيين. لقد سعت القيادة الإيرانية بعد ان دققت بأشد
التفاصيل، إلى ايجاد صداقات مع الحلفاء في الهند والصين من
خلال التوقيع على صفقات نفطية مربحة مع كلا البلدين، ووصلت
الى سوريا الدولة الثانية المعزولة في الشرق الاوسط. وحتى
في اختيارها لتوقيت حملة التصعيد الأخيرة، أختارت ايران
اللحظة التي ظهرت فيها اسرائيل، العدو الرئيس في المنطقة،
وهي تتزعم فوضى سياسية. لم تتخذ أية دولة من هذه الدول
اجراءات، ممثل غير عقلاني. فظهور ايران وهي تقدم على
مخاطرة ستراتيجية، ذات صلة، على سبيل المثال، بالأحداث في
كوريا الشمالية، القوة النووية الطموحة الاخرى، التي تنبع
ليس من اللاعقلانية بل من أحساس ان البلد لها قوة نفوذ
عالية جداً على الغرب بسبب ثروتها النفطية. مع كل
الإجراءات المتخذة في هذا السبيل، تحسب إيران بدقة ردة
الفعل المحتملة لأعدائها إزاء استفزازاتها الكثيرة ثم
تُفصل منهجها وفقاً لذلك.
كان حسم النزاع مع ايران حول الاسلحة النووية موقفاً صعباً،
وخيارات استئنافه قليلة جداً. لكن هناك إجراءات يمكن ان
تتخذ لتغيير الحسابات الإيرانية حول مصالحتها في برنامج
الاسلحة النووية. وبينما يوجد الكثير من الخيارات التي
يمكن ان يكون لها تأثير كبير على الاقتصاد العالمي، قد
تكون النتائج بالنسبة لإيران سيئة جداً.
ميل ليفيني : ممثل ديمقراطي سابق من كاليفورنيا، ويعمل
بمؤسسة قانونية دولية.
أليكس توركيلتيوب و أليكس غوربانسكي، مدران عامان في
مجموعة ستراتيجية الحدود، والهيئة الاستشارية للموارد
الطبيعية والصناعات.
|