تحقيقات

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

بعقوبة.. حلم مدينة تجتاز حقل الالغام
 

  • قائممقام بعقوبة: لم نحصل على تخصيصات مالية في السنة الماضية والذريعة دائما الوضع الأمني!

بعقوبة/ عمر الدليمي

المحامي خالد السنجري الذي جاء من منصة الدفاع عن الحقوق ليتسلم زمام الامور قائممقام بعقوبة في وقت عصيب ليس من السهل على المرء ان ينجح فيه لاداء ما يصبو اليه.
قلنا للمحامي السنجري ان مدينته تعاني فوضى أمنية وبنيتها التحتية مخربة، ناسها ينظرون الى الفتى (خريسان) الذي كان يتدفق عذوبات من صدر امه ديالى المشترك وحتى اطراف العزيزة بهرز، هذا الفتى صار ادرد والناس ينظرون اليه بألم كبير وهو لم يكد يصل لالتماعة عيني فاختة على غصن في بساتين بهرز..
قلنا لقائممقام بعقوبة الذي بدا واثقا وصلبا ومهموما وهو يتحدث عن مدينته- ان شوارعها مخربة وطافحة بالمياه الثقيلة وما قاله عنه الامريكان بانه مشاريع اعمار ما هي الا أكاذيب وما انجز منها ذات مستوى سيئ جدا من التنفيذ في احسن احواله.
قلنا له ان بيئتها تعاني وبساتينها تكاد تجف اعوادا تذروها الرياح وأكلت الحواجز الكونكريتية والاسلاك الشائكة خصرها الذي كان اغنية الشعراء ذات ذكرى.
مجلس المحافظة ودور الاحزاب
في حديث عرضي مع العميد سامان الطالباني قائد اللواء الثاني في بعقوبة قال لي رأي في الجانب الامني وانا أصر عليه وهو ان للاحزاب السياسية دورا في تردي الواقع الامني في المحافظة ويتحمل المواطن افرازات الصراع بين هذه الاحزاب.
هذا الكلام قاله الرجل في غرفة نائب المحافظ وبحضور معاون المحافظ والسيد خالد السنجري، ونحن نسوقه هنا استكمالا لجوانب موضوعنا هذا الذي جرى بعد يومين من كلام الطالباني حيث رفض السيد السنجري الخوض في الجانب الامني من حديثنا وراح يحدثنا في الجانب السياسي فقال:
يؤسفني ان اقول بأن الاحزاب السياسية في مدينتنا قد عملت انطلاقا من مراكزها الرئيسة ومصالح تلك المراكز وكنا نأمل ان يكون العمل انطلاقا من مصلحة ابناء ديالى وبعقوبة بوجه خاص ما دمنا في صدد الحديث عنها.
كنا نأمل ان تمارس هذه الاحزاب من خلال برامجها - دورها في الارتقاء بالخدمات وتأشير الخلل للمعالجة والايجابيات للتطوير والعمل على تقديم قاعدة شعبيبة للادارة لحثها نحو اداء افضل وليس حماية اخطائها.
اننا اذ نتحدث في هذا نشير الى ان قاعدتنا هي المواطن كوننا مستقلين عن الحزبية ونقول بأنه كان يجدر الاستفادة من تجربتين مرتا في ديالى وهما دورتا مجلس المحافظة الاولى والحالية مشخصين الايجابي والسلبي في هاتين التجربتين.
اننا نحاول ان نقرب وجهات النظر ما بين ابناء ديالى وكنا نأمل ان يبتعد اداء مجلس المحافظة عن التأثيرات السياسية وكذلك الادارة التي لا بد ان تتأثر بما يدور داخل المجلس، فالواجب الوطني يحتم على من يتصدى لمسؤولية مثل هذه ان يتعامل مع الناس دون تمييز وعليه ان ينسى وهو يؤدي عمله كل خلفياته السياسية ومعتقداته الخاصة، لكي يكون قراره كليا لمصلحة المحافظة كافة، وهذا بديهي في مبادئ العمل الوطني وقواعد السلوك المهني التي ينبغي التعاطي معها بشفافية وينبغي ان تنال الاحترام، كونها ميثاق عهد بين مواطني ديالى وبين من يتصدى لسلطة القرار فيها بغض النظر عن رأي الناخب لانه سيكون ممثلا للجميع وليس من انتخبه وحسب.
وتأسيسا على ذلك اجد ان مجلس المحافظة كان بعيداً جدا عن نبض الشارع والموطن.
لقد مرت المحافظة بوجه عام وبعقوبة بوجه خاص بأزمات عديدة خاصة في الجانب الامني ولم نجد لمجلس المحافظة من موقف واقرب الامثلة هي الاحداث التي مرت بمدينة بهرز وقرية (الكبة) حيث كان المجلس يتفرج من سطح القبة على الاحداث وكأنه غير معني بما يكابده الناس!
لا وجود للتواصل ما بين اعضاء المجلس ومن انتخبهم وقد بقي المجلس محاصرا بالاداء الرسمي الروتيني داخل المكتب ولم يلمس الشارع وجودا حقيقيا له في احداث وحلقات كان يجب على المجلس ان يكون حاضرا فيها متعللا بالجانب الامني تارة بما عزل المجلس خلف الاسلاك الشائكة، كما ان عدد ممثلي مدينة بعقوبة داخل المجلس قليل جدا مما ادى الى تراجع الاهتمام بهذه المدينة.
ونؤشر ايضا ان تعامل المجلس مع المجالس البلدية لم يكن بصيغة المشاركة، بل يمكننا القول بأنه لم يكن هناك أي تواصل على الاطلاق فكل كان في داره خلال السنة التي مضت.
رؤى مستقبلية
يواصل المحامي خالد السنجري حديثه في الجانب السياسي مؤشراً:
-لقد عانى المواطن خلال الانتخابات الاخيرة التي جرت للمجلس النيابي في منتصف كانون الاول الماضي من احتقان سياسي نتيجة من ضغط الفكرة الطائفية اذ كان الخطاب دينيا او قوميا مما ادى بالنتيجة الى غياب التوجه الوطني في اختيار الناخب، بل يمكننا القول ان كل من تعاقب على السلطة بعد 9/4/2003 لم يفكر في مصلحة المواطن العراقي، بل كان الاهتمام منصبا على المشروع السياسي والمناصب.
الناخب يريد فرصة عمل شريفة ويريد سكنا لائقا وشارعا نظيفا ومدرسة لأولاده، يريد احتراما من قبل اجهزة الدولة وان يذهب عنه هاجس الخوف من ان يعتقل في وقت خطأ ومكان خطأ، او ان يداهم في بيته ويسلب منه اطمئنانه.
هذه متطلبات حياة بسيطة.
لقد ذهب العراقي الى صندوق الاقتراع لعله يحظى بحكومة وطنية تعمل بعيدا عن الطائفية والمحاصصة ولكن الفترة التي اعقبت الانتخابات كانت خطوة اولى في الابتعاد عن الاستحقاق الدستوري، نأمل ان يكون المستقبل كفيلاً بتجاوز الامراض التي شخصها الجميع، ونــأمل ان تجري انتخابات مجلس المحافظة الجديد على وفق استحقاقات المناطق وعدد الناخبين وبعيدة عن التلاعب والتزوير وان يكون هاجسنا جميعا انتخاب من يكون مؤهلا لخدمة ديالى كلها استنادا الى الكفاءة والاخلاص الوطني.
كما ان على هذا المجلس ان يضع برنامج عمل معلناً يلتزم به خلال وجوده وان يضع في اعتباره معالجة اخفاقات المرحلة الماضية ويعيد التقييم على اساس النزاهة والابداع.
يجب ان نحصل على مجلس يعمل بروح الفريق الواحد.
آراء وتقييمات
ويعرج قائممقام مدينة بعقوبة متحدثا حول الشأن الخدمي والبنية التحتية للمدينة قائلا:
-لم تحصل ديالى على تخصيصات خلال السنة الماضية والذريعة دائما هو الوضع الامني مما جعلنا في بعد عن هموم المواطن في كل حلقات الاجتهاد في رسم اطر هذه العلاقة مفتوحا مما شكل ثغرة كبيرة في الاداء العام، وما زاد في تعقيد الامور هو الضعف الذي كان علامة فارقة في اداء الحكومة الانتقالية وتجاذبات الاطراف للبقاء كل في منصبه.
ويمكن ان نرجع ضعف الاداء الاداري الى الضعف في ميزانية الدولة العراقية المخصصة للخدمات التي لا تمثل 1% من حاجة مدينة بعقوبة والمحافظة كلها، فإذا ما كنا قادرين على تبليط كيلومتر أو اثنين من الشوارع فان التلف الذي يحدث من جراء عدم وجود شبكات المجاري للصرف الصحي والامطار هو عشرة اضعاف ذلك سنويا، ناهيك عن ان ما انجز من مشاريع هو دون المستوى المطلوب، كونه نفذ خارج ارادتنا وصلاحياتنا ورقابتنا.
لقد كان لنا اجراءات فيما يتعلق بشركة "هوزان" التي نفذت مشروع الصرف الصحي في جزء من مدينة بعقوبة "المشروع بدأ العمل به في عام 2001 ولم تنفذ الشركة التزاماتها برغم رفع قيمة العقد لاربعة اضعاف المتفق عليه واكثر وبقيت شوارع بعقوبة كما كانت عليه قبل الحفر وسنحاول الزام هذه الشركة باداء ما عليها من التزامات قانونيا وبالتعاون مع دائرة المهندس المقيم ومديرية مجاري المحافظة، فهذه الشركة قد توقفت لاكثر من مرة متذرعة بالوضع الامني.
ويواصل السنجري حديثه الذي تشعب في جوانب متعددة. فقال فيما يتعلق في حماية البيئة:
تقدمنا من خلال دوائرنا بعدة مشاريع الى مجلس اعمار المحافظة، ففي جوانب تحسين البيئة قدمنا مشروعا لتنفيذ وحدة لمعالجة المياه الثقيلة، وتم اعتماده ضمن مشاريع مجلس الاعمار ونحاول حماية مجاري الانهر خاصة خريسان وديالى، فهناك توجيهات بالقبض على من يقوم برمي الانقاض والمخلفات على اكتاف الانهر واي متجاوز على البيئة.
وهنا ننبه اصحاب المطاعم الذين ما برحوا يعتدون على مجرى نهر خريسان الذي يعد المصدر الرئيس للماء لسكان بعقوبة، كما ان بعض القصابين يقومون برمي مخلفات الجزر في المياه والسبب عدم وجود مجزرة صحية وقلة وعي هؤلاء الناس وان بلدية بعقوبة جادة باداء مهامها اذ قمنا بنصب خمسمائة حاوية صغيرة في احياء متعددة من بعقوبة اضافة الى اعمال التنظيف ورفع النفايات التي تجري بشكل يومي.
التجاوز على الاملاك
من جملة ما افرزته ظروف الحرب والحصارات والازمات التي مر بها المجتمع العراقي هي ظاهرة التجاوزات على الاملاك والاراضي العامة وكذلك الارصفة والشوراع حتى استحالت الاسواق الى فوضى وشاهدنا مدناً هامشية تنمو على اطراف المدن عن طريق التجاوز، وعن هذا الجانب يتحدث قائممقام بعقوبة قائلا:
في التجاوزات جانبان الاول قانوني والثاني هو الانساني، فمن الناحية القانونية يعد التجاوز مرفوضا ويقع تحت طائلة القانون والمحاسبة لانه يتعلق بالحقوق والاموال العامة ويحد من حرية المواطن وحقه في استخدام الشارع والرصيف اللذين يتعرضان للتجاوز من قبل اصحاب العربات والبسطيات والمحال التجارية اضافة لما ينتج عن ذلك من آثار سلبية على البيئة والنظافة والمظهر الحضاري للمدينة.
لدينا اكثر من دراسة وخطط لمعالجة هذه الحالات في بعقوبة الا ان تنفيذها تأخر لاكثر من سبب وهو خارج عن إرادتنا.
وهناك بعد آخر في المعالجة الا وهو البعد الانساني، حيث ان حالة التجاوز في الاسواق والارصفة والشوراع تمثل مصدر رزق المواطنين من اصحاب العربات والبسطيات مما يتطلب معالجة على مستوى الدولة العراقية نظرا لان هذه الحالة تشمل جميع المدن العراقية ولا تقتصر على مدينة واحدة، والمعالجة الحقيقية هي توفير فرص العمل بما يليق بانسانية المواطن العراقي وبذلك نجعل هؤلاء الكسبة يغادرون الارصفة والشوارع الى امكنة عمل افضل واكثر استقرارا حيث ان المواطن اذا ما وجد فرصة عمل فانه سوف يتجه اليها.
وفيما يخص مدينة بعقوبة فاننا نخطط لحل وسط ما بين حاجة هؤلاء المواطنين وبين الحقوق العامة فهي مسؤوليتنا اولا واخيرا وهذا الحل يتلخص في ايجاد امكنة مناسبة بدلا من الارصفة والشوراع والفوضى، وهناك جانب يتعلق بالمواطن الذي عليه ان يعرف ان التجاوز مرفوض وغير قانوني ولا يمكن الاستمرار بالسماح به بحيث يغدو مع مرور الوقت مشكلة للدولة التي تنوه الى انها قادرة في وقت معين على رفع التجاوز دون ان تلتفت لغير الجانب القانوني ولدينا مشكلة ايضا في بعض التجاوزات على الاراضي البلدية نتيجة الهجرة والتهجير التي رافقت واعقبت احداث 9/4/2003، وهي قيد النظر والمعالجة وهي تمثل مشكلة على مستوى الدولة العراقية ايضا.
وهناك مشكلة قريتي خليل الصالح والحاج ناصر هي في الاصل اراضٍ زراعية مصفرة من الحصة المائية قام المالكون بفرزها الى قطع اراض سكنية وبيعها للمواطنين الذين انشأوا عليها دورا واصبحت احياء لا يستهان بها وتتوسط الاحياء البلدية الموزعة رسميا.
لقد قمنا بدراسة هذه المشكلة مع البلدية والكهرباء والماء وعملنا على ايجاد مخرج لها من خلال مخاطبة الجهات الرسمية المركزية لاستصدار تشريع خاص وفق مقترحاتنا ويتمثل باستملاك هذه الاراضي وتسجيلها باسم البلدية ومن ثم تسجيلها باسماء من قاموا بالبناء او اصحاب الحق بالتملك واعداد تصاميم قطاعية تدخل ضمن التصميم الاساسي لمدينة بعقوبة ولكننا لم نحصل على اجابة حتى الان.
مياه الشرب والصيف
لقد شهدت مدينة بعقوبة والعديد من القرى والقصبات الملحقة بها خلال الصيف الماضي شحة شديدة في مياه الشرب، عن الاسباب والمعالجت يتحدث السيد خالد السنجري قائلا: سبب الشحة التي حدثت خلال الصيف الماضي هو التوقيت الخاطئ لتبطين نهر خريسان، فقد اشارت الفحوصات الى عدم صلاحية مياه نهر خريسان للاستهلاك البشري وقد تم معالجة الامر بفتح قناة لايصال الماء لناحية برز وهي التحرير.
نتوقع تقدما كبيرا في مسألة تجهيز الماء الصافي اذ انجزنا خلال هذه الفترة ثلاثة مشاريع الاول في التحرير الذي اثبتت الفحوصات ان مياهه مطابقة للمواصفات المطلوبة، كما اننا بصدد انشاء مشروع آخر في ذات المنطقة مخصص لناحية بهرز ومشروع مماثل قيد الانجاز في منطقة الكاطون، وسعة كل من هذه المشاريع هي مليون غالون في الساعة فضلا عما تنتجه مديرية ماء بعقوبة من مشاريعها القديمة كما اننا قدمنا مشروعين آخرين لمنطقة الكاطون الى مجلس اعمار المحافظة وفي حالة الموافقة عليها سنقضي وعلى الشحة تماما.
وفي هذا الصدد تبرز مسألة وعي المواطن بالتعاون مع مديرية الماء في ترشيد الاستهلاك والابلاغ السريع عن الكسورات في الاماكن العامة حيث ان العراق متميز بايصال هذه الخدمة وبسعر رمزي.
فوضى الاحتياجات
تعددت حاجات المواطن العراقي وتشعبت مشاكله ومعاناته الحياتية، ولذلك غابت حاجات اساسية تتعلق في البناء النفسي والحضري وتنمية الانسان، فمؤسسات الثقافة غائبة ومقصية في آخر الاهتمامات، عن ذلك تحدث قائممقام بعقوبة مختتما حديثه لـ(المدى) قائلا:
-بالنسبة لامكانات القضاء ومجلسه البلدي فانها لا تسمح في الوقت الحاضر بانشاء مشاريع تتعلق بالمسرح او منتديات وبيوت الثقافة والادب والفنون الاخرى، على الرغم من كونها امورا مهمة في تنمية وبناء الانسان لكنها تأتي في مرحلة متأخرة بالنسبة للاحتياجات العاجلة من الخدمات واصلاح البنية التحتية للمدينة التي لها انعكاسات اوسع على بناء الانسان بصورة عامة، فلو استطلعنا آراء المواطنين في ايهما اهم بناء مسرح ام تبليط شارع؟ ومن المنطقي ان يكون تبليط الشارع الاسبقية فما قيمة وجود مسرح من غير وجود شارع ليوصل الناس مرتاحين اليه؟
ومع ذلك نعمل على توفير مثل هذه الفرص حيثما تمكنا.
*وبعد هل ينتهي حديثنا عن مدن مهمومة موجعة؟
-هل تكفي الاحاديث لعلاج المشكلات ام انها مفتتح الوصول الى المعالجات؟ بعقوبة دمعه على خد العراق المدمى ولذلك سيبقى لدينا الكثير مما لم نقله في افق الحلم، ونحلم مع قائممقامها الذي يطمح الى بناء عمارات سكنية لحل ازمة السكن في المدينة وانشاء جسور في التقاطعات لفك الاختناقات ويحلم بانشاء بلدية اخرى للجزء الغربي من المدينة للنهوض بواقع الخدمات وتأمين شبكة مجار لعموم المدينة وانشاء مدارس لكل المستويات الدراسية بمواصفات حديثة وتفعيل دور القانون وفرض الغرامات على المتجاوزين وانشاء إذاعة وتلفزيون.
وفي الوقت الذي كان يقول: انني ضد غلق أي شارع مهما كانت الاسباب حضر احد الضباط الامنيين ومعه طلب غلق الشارع المقابل لمستشفى عام بعقوبة، وهنا اقنع القائممقام الضابط باقتراح فتح الممر الاخر الموازي له وليس غلق الشارع وعلى هذا الانفراج غادرنا قائممقام بعقوبة وهو يواصل يومه بلا حواجز..


أخطــاء الكبــار.. يدفــــع ثمنها الصغــار!
 

بغداد/ابراهيم الجوراني

ان كثيرا من الآباء المتعلمين يتخبطون في معالجة مشكلات اطفالهم السايكولوجية وحتى بعض المعلمين نراهم يتناسون دورهم التربوي بانغماسهم في واجبهم التعليمي فحسب، إذاً المشكلة ليست مشكلة اطفال بقدر ما هي مشكلة آباء ومعلمين.

ان الكبار سواء كانوا آباء او معلمين يعملون في كثير من الاحيان على الاساءة البالغة للاطفال خلال تبني جملة من الاوهام التي يظنون انها معالجات ناجعة لمشكلات الاطفال السلوكية، فنراهم يعتقدون جازمين بانهم يمتلكون المقدرة التامة على تنشئة اطفالهم تنشئة حسنة ويتعدون -احيانا- الى اسداء النصح والارشاد الى الاباء الاخرين في كيفية تنشئة ابنائهم ورعايتهم، ولكن ما عندهم من معلومات -في حقيقة الامر- لا يعدو كونه مجموعة من الانطباعات الفطرية البدائية والخبرات العرضية والمغالطات الساذجة التي تراكمت في اذهانهم -على خطأ- ما يجعلها وسائل ارباك للاطفال وليس تنشئتهم واصلاحهم البعض الاخر من الاباء والمعلمين نراه حريصا على استنساخ نفسه على اولاده او تلاميذه محاولا اشباعهم بما شب عليه وتربى متمسكا بالاساليب التربوية التي الفها في طفولته بغض النظر عما اذا كانت تلك الاساليب تلائم اطفالهم ام لا، والبعض الاخر منهم يحاول الافلات مما تربى عليه ويحاول تنشئة اطفاله تنشئة مغايرة، فالذي كانت طفولته يسودها القسر والحرمان يحاول تعويض ذلك تبديل اطفاله وتوفير ما يحتاجونه، ومن البديهي ان التشبث بتقليد الاباء او محاولة الافلات من قيودهم كلاهما لا يخدم الطفل ولا يعمل على نموه السايكولوجي نموا صحيحا.
مرح الاطفال.. حالة صحية
ان الغالب من الاباء والمعلمين يعتقد بأن التربية الصحيحة توجب الحد من نزعة الاطفال الى احداث الشغب والازعاج معتقدين بأن الطفل (رجل صغير) عليه ترويض نفسه على الهدوء والنظافة والسكينة والطاعة، وعدد ليس بالقليل من الامهات والاباء على وفق هذا الاعتقاد يلجمون اطفالهم عند اصطحابهم لزيارة الاقارب والاصدقاء او زيارة الاخرين لهم، ويتمنون لو ان يقيدوا ايديهم وارجلهم ويخيطوا افواههم خوفا وخجلا من مشاكساتهم ومعاتباتهم ونراهم يراقبون بطريقة هستيرية تجلب الشقاء لهم طوال مدة الزيارة. متناسين بأن هذه الحرب على الطفولة وبراءتها أن تدمر ذات الطفل في الصميم وتضعه في طريق الضياع.. فلا يبقى الطفل طفلا.. ولا يصبح رجلا -كما يريدون- وقد شكت لي احدى المعلمات من خمول احد تلاميذها خمولا اقرب الى النوم منه الى اليقظة علاوة على مستواه الدراسي المتدني وعدم مشاركته في الانشطة الصفية، حتى انه يبقى في رحلته عند خروج التلاميذ في الفرصة. وعندما استدعت المعلمة امه (المتعلمة) الى المدرسة وشرحت لها حالته في البيت يوميا وتلبي جميع احتياجاته.. وبعد الضغط عليها بأن حالته تستدعي عرضه على طبيب مختص اعترفت الام بأنها تناول طفلها كل ليلة (فاليوم) لانه يتأخر في اللعب ليلا ولا ينام مبكرا ويؤثر على والده بصوته وصوت العابه، فتصور الجريمة المقنعة التي اقترفتها تلك الام بحق طفلها!!.
ان القاعدة في سلوك الاطفال هو ان يلعبوا لا ان يسكنوا الى الهدوء وعدم الحركة.
الدلال والعقاب البدني... محنتان مزمنتان
ان معاملة الطفل بلين وميوعة ودلال وتركه ينال ما يشتهي ويتمنى متى ما شاء وتنفيذ رغباته بصورة فورية دون رد او تأجيل وتعويده على السلوك الاعتمادي تزرع في نفسه بذرة التواكل وتضعف مقاومته للحاجات والغرائز وتجعل دوافعه اقوى من موانعه، فنراه عند حجب الدلال والرعاية الزائدة عنه يتحول الى كائن آخر تحكم سلوكه نوازع العدوان وحب الاستحواذ، كما ان بعض الاباء نرى انه مستعد للتخلي عن سلطته كأب فيعمد الى تدليل طفله لمجرد سماعه بأن اساليب التربية الحديثة تدعو الى احترام ذات الطفل واشاعة الود بينه وبين ابويه كل ذلك رغبة منهم في ان يكونوا في عداد الاباء الديمقراطيين ليس الا.
ان معاملة الاطفال بالزجر والعنف والضرب والتوبيخ تعوده على المعاملة بالمثل في معاملة الآخرين ومنهم والداه.. وقد لوحظ ان كثيرا من الاحداث الجانحين اما كانت نشأتهم الاولى مبنية على الدلال المفرط او الظلم والعنف في البيت والمدرسة.
صراع الاجيال... محنة اخرى
ان صراع الاجيال يبدو جليا في العوائل الكبيرة الممتدة الذي يعد عامل اعاقة لنمو الطفل السايكولوجي من خلال تزاحم انماط وطرائق تربوية متنافرة بين الاباء والاجداد في العائلة الواحدة او بين عائلتي الاخوين الساكنين في بيت واحد.
فبعض العوائل تضم ثلاثة اجيال او اكثر تتصارع كلها في تربية الطفل كل حسب ما عنده، فنرى الجد في كثير من الاحيان يلقي محاضراته الارشادية على اولاده المتزوجين في بيت واحد وامام اطفالهم وزوجاتهم ملوحاً بعصاه في وجوههم بين آونة واخرى.. الحال الذي يضع الاطفال الصغار في شرود وحيرة لا يحسدون عليها تفقدهم استبصارهم ويبقون حائرين بين الامرين، فلا الجد على استعداد للتضحية بسلطته وطريقة تربيته ولا ابناؤه (الاباء) يتحملون تلك السلطة.. واذا تحملوها فليس لديهم الاستعداد لفرضها على اولادهم.

المشكلات الاسرية.. محنة المحن
ان المشكلات الاسرية اذا ما دخلت على خط حياة الطفل ستفتك بنفسه وتعمل على هدم شخصيته.. ومن امثلتها المشكلات التي تحدث بين الابوين نتيجة عدم الانسجام في الحياة الزوجية بسبب سوء الاختيار او التفاوت بينهما او الضائقة الاقتصادية او الغيرة المفرطة.
فتلك المشكلات اذا حدثت امام الاطفال ستكون عواقبها وخيمة وآثارها مدمرة على كيانهم.. اذ تجعلهم حائرين في الميل الى احد الابوين.. فهم يحبون الاثنين، والاثنان يحبونهم.. لذلك يدخلون في صراع نفسي مرير.. ويعمل خيالهم على رسم سيناريوهات وتصورات واوهام تسمم خيالهم بصورة بشعة تملأ قلوبهم بالمخاوف والوسائل لعل من ابشعها صورة افتراق الابوين الذي يعني خسارة احدهما.
لذا فمن واجب الابوين الاخلاقي والتربوي ان لا يعرضا مشاكلهما امام الاطفال قدر المستطاع وان يعالجا مشكلاتهما بعيدا عن انظار واسماع الاطفال لان في ذلك تطمين لهم وزرع للثقة في نفوسهم ومستقبلهم.
ومن واجب المعلمين في المدرسة الالتفات باستمرار الى اثر المشكلات الاسرية في الحصيل الدراسي لتلاميذهم بشقيه المعرفي والسلوكي ومعالجة مشكلاتهم السلوكية بالرجوع الى سجلهم العائلي لانه "لا يوجد اطفال مشكلون انما المشكلون هم الاباء والكبار".

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة