جريمة
استهداف الاماكن الدينية
شاكر
الأنباري
ما
يبعث على الألم في النفوس، هذا الاصرار الغريب على استهداف
الارث العراقي، الذي كان دائما مبعث احترام واجلال لكل
فرد، سواء كان من هذا الدين او ذاك، هذا المذهب أو غيره.
ولعل استهداف ضريح الامام علي الهادي في سامراء جزء من هذا
المسلسل العبثي والظلامي.
مسلسل لا يمكن ان يقال عنه الا انه غريب وشاذ تماما على
روح الانسان العراقي الذي تعايش لمئات السنين مع تلك
الرموز والأضرحة والأسماء المبجلة.
ومن يعتقد ان مثل هذه الأعمال الاجرامية ستشعل حربا طائفية
في المجتمع فهو واهم، ويجهل نسيج الوطن الذي تشابك على مر
الزمن. لأن القصد من وراء هكذا افعال شائنة مكشوف، ولا
يمكن تبريره لا اخلاقيا ولا دينيا ولا انسانيا.
ونحن نتذكر قبل هذا افعالا شائنة اخرى، حدثت لرموز عراقية
منها اغتيالات لعشرات العلماء والمبدعين، وتخريب المكتبات
والمتاحف، وتشويه الفن الجاد ومن ذلك تفجير رأس الشاعر
المتنبي، وتفجير تمثال( ابو جعفر المنصور)، وكل ذلك لا
ينفصل عما جرى في المناطق الغربية من تفجيرات لأضرحة رجال
دين، وزهاد، ومتصوفة، قدسهم الناس مئات السنين. يفجرون
ويذبحون ويستبيحون لا لشيء الا لتأكيد تكفير وهيمنة وتسلط
عبر القوة والاستزلام والوقيعة.
ان الاعتداء على مقدسات البشر يعتبر اهانة للبشر ذاتهم،
ولهذا فتفجير ضريح الامام علي الهادي اهانة لكل العراقيين.
ولا يمكن فصل هكذا اعمال عن استهداف العمال في الفجر،
والمتسوقين في الأسواق، والركاب في الحافلات، والأطفال
الذاهبين الى مدارسهم.
اليد واحدة
اليد
التي تحاول اعاقة البناء والاستقرار والتطور.
بل هي اليد ذاتها التي لا تريد للقوات الأجنبية مغادرة
العراق. وصار من البديهي انه كلما شاع الاستقرار، وبنيت
مؤسسات الدولة، وعم النظام، صار وجود القوات الأجنبية غير
ذي فائدة، وليس مرغوبا فيه. هذه الحقائق لا يريد مكفرو
الجميع، ومفجرو المقدسات والانسان رؤيتها، ببساطة لأن خير
الانسان العراقي ليس واردا في قاموسهم، وتطور البلد لا
يعنيهم شروى نقير.
ان ما يريدونه هو الخراب والدمار والانفجارات والحروب
المذهبية والتشنجات العرقية، لكي تتحول أرض الرافدين الى
ساحة حرب، يصفّي كل من هب ودب حساباته فيها.
لنقل ان الرد على هكذا جرائم وانتهاكات ينبغي ان يكون هدفا
للجميع، خاصة القوى السياسية.
فلسان حال المواطن يقول: اختصروا قليلا من ذواتكم
المتضخمة، وكونوا اكثر وضوحا في مشروعكم الوطني... ولو
دامت السلطة لغيركم لما وصلت اليكم. |